المنبر الاعلامي الحر

نص خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي في ذكرى يوم الغدير

يمني برس

وجه قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي خطابا مساء أمس بمناسبة ذكرى الولاية ” يوم الغدير ” فيما يلي نصه :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.

أيها الإخوة والأخوات، شعبنا اليمني المسلم العزيز..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

اليوم احتفل شعبنا العزيز بمناسبة إسلامية عظيمة ومهمة، ويحتفل كثير من المسلمين بها في أقطار كثيرة من العالم سواء من كانوا سيحتفلون اليوم أو من سيحتفلون الغد بحسب اختلاف التواريخ، وهذه المناسبة العزيزة والمهمة هي مناسبة يوم الغدير، ذكرى يوم الولاية، يوم الغدير تلك المناسبة عظيمة الشأن وبالغة الأهمية والتي عندما نتأمل فيما يتعلق بها ويتصل بها من نصوص قرآنية ونتأمل في ذلك البلاغ الذي أعلنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك اليوم العظيم ندرك جيدا أهمية هذه المناسبة وعلاقتنا بهذه المناسبة من واقع انتمائنا الديني وهويتنا الإسلامية والإيمانية، وشعبنا العزيز اعتاد على مر التأريخ وعبر الأجيال أن يحتفل بهذه المناسبة وليست مناسبة طارئة في واقعه، لا، هي مناسبة كان يحتفل بها أسلافنا وأجدادنا على مر التاريخ كشعب يمني بحكم هويته الإيمانية وأصالته في تمسكه بقيم الإسلام ومبادئ الإسلام واستيعابه لمفاهيم عظيمة في هذا الإسلام العظيم.

ونتحدث الآن عن هذه المناسبة أولا في طبيعة البلاغ، والنصوص القرآنية المتصلة بها، وندخل ضمن ذلك على كثير من المفاهيم الرئيسية ذات الأهمية القصوى في الإسلام والتي لا بد لنا كمسلمين من التركيز عليها والسعي لاستيعابها، والسعي للالتزام بها كمبادئ ومفاهيم قرآنية وإسلامية، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وسلم وهو عائد من حجة الوداع والتي سميت بهذا الاسم لأن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله عندما تحدث فيها أشعر أمته الإسلامية ومن خلال تحدثه إلى المجاميع الكبيرة، عشرات الآلاف من الحجاج أنه على وشك الرحيل من هذه الحياة، وبالتالي كان هناك أهمية قصوى لكل ما يركز على تقدميه إلى أمته وعلى تبليغه للناس، لأنه وهو في المرحلة الأخيرة من حياته وقبل رحيله من هذه الحياة يركز على أهم المسائل ويركز على استكمال ما تبقى مما ينبغي التأكيد عليه أو تقديمه إلى الأمة بما له صلة أساسية بدينها.

الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وأثناء عودته من حجة الوداع وعندما بلغ إلى وادي يسمى خم، وهو ما بين مكة والمدينة، وهو إلى مكة كما يقال أقرب منه إلى المدينة، نزل عليه قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)، كان ذلك في يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة.

هذه الآية العجيبة المضمون والمهمة المضمون والساخنة المضمون تأكيد على رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بأن يبلغ ما أنزل إليه من ربه، موضوع معين له أهمية قصوى بلغت أهميته لدرجة أن الله قال له في ذات الآية (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)، بأدنى تأمل مع التجرد من الأهواء والعصبيات ومع التوجه الصادق نحو الله سبحانه وتعالى وطلب الهداية يتجلى لنا كم هي أهمية موضوع يخاطب الله نبيه بشأنه بهذا الخطاب ويقول له بهذا النص، وإن لم تفعل، يعني لم تبلغ هذا الموضوع فما بلغت رسالته، غياب هذا المبدأ الذي مطلوب منك وأنت مأمور من الله أن تبلغه، غيابه أو كذلك تجاهله يمثل مشكلة كبيرة تمتد آثارها السلبية والسيئة على واقع الدين بكله، حتى يبقى ما بقي من الدين بكله في كل تشريعاته في كل توجيهاته، في كل قيمه، في بقية محتواه وكأنه لم يُبلَغ، يكون عديم الجدوى، يكون عديم التأثير، تتعطل آثاره وفوائده وثماره التي هي مفترضة من دين الله سبحانه وتعالى حتى كأنه لا شيء منه في واقع الحياة.

هذا النص القرآني يدلل على أهمية هذا المبدأ، هذا الموضوع الذي له أهمية قصوى في فاعلية الدين بكله، في حيوية الدين بكله، في أن تتحقق آثار هذا الدين في مجمل وتفاصيل تشريعاته وتوجيهاته وتعليماته، فما هو هذا الموضوع؟ هذا النص الإلهي وهذا الأمر الإلهي وهذا التوجيه الإلهي أتى إلى النبي صلوات الله عليه وعلى آله وأنزل عليه في آخر أيام حياته ما قبل وفاته بأقل من ثلاثة أشهر، إذا جئنا للنظرة إلى الدين وإلى تعليمات هذا الدين وإلى مبادئ هذا الدين وإلى أسس هذا الدين وإلى شرائع هذا الدين وإلى أحكام هذا الدين نجد أنها في هذا الزمن كانت قد نزلت، أكثرها كان قد نزل، كل ما يتصل بمسألة التوحيد قد نزل، ومن أول ما نزل مسألة التوحيد ومحاربة الشرك وما يتصل بمعرفة الله سبحانه وتعالى والجوانب الإيمانية ذات الصلة بهذا الموضوع، أبرز الأحكام الشرعية والإسلامية كانت قد نزلت، مثلا أركان الإسلام الخمسة كلها قد قدمت إلى الأمة، مبدأ التوحيد، مسألة الصلاة، مسألة الزكاة، مسألة الصيام، مسالة الحج، كلها كانت قد نزلت، المواقف ذات الأهمية الكبرى من كل كيانات الطاغوت وقوى الشر والباطل، الموقف المتعلق بالكافرين من اليهود والنصارى وكل الفئات الحاضرة في الساحة المحلية والعالمية آنذاك كانت قد نزلت وبشكل حاسم بما في ذلك المواقف ذات الصلة باليهود أو بالنصارى، كلها كانت قد نزلت والنبي صلوات الله عليه وعلى آله قد قطع شوطا عظيما ومهما في هذا الجانب حتى على المستوى العملي، مثلا فيما يتعلق بالصراع مع اليهود تحدد الموقف منهم واتخذ عمليا الموقف اللازم منهم وهزموا وطرد أكثرهم من الجزيرة العربية، البعض منهم قتلوا في ظل الحروب معهم والبعض منهم أرغموا على دفع الجزية واستسلموا للدولة الإسلامية، خلاص تجاوز المشكلة معهم يعني، لم يبق هناك شيء إضافي يمكن أن يمثل حساسية كبيرة في تبليغه للناس أو في تقديمه للناس مما يتصل بالمواقف من كل تلك الفئات التي هي خارج إطار الإسلام والأمة الإسلامية والتي لها مواقف أو هناك صراعات معها في الساحة العالمية، لا، الروم غيرهم، المسألة هذه خلاص استكملت من الأساس.

في الساحة العربية محاربة الشرك، محاربة الظواهر السيئة جدا على المستوى الأخلاقي على المستوى الحياتي على مستوى العادات والتقاليد، في الحلال والحرام والشرائع والأحكام قد نزلت وقد قدمت وقد سادت في الواقع العربي وقد فرضت نفسها في واقع الحياة بسعي حثيث من رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وجهد عظيم في التبليغ والسعي في التطبيق وبتأييد من الله سبحانه وتعالى، فما هي هذه المسألة بالغة الأهمية، ما هو هذا الموضوع؟ الرسول صلوات الله عليه وعلى آله هو الذي يعلمنا ومنه نعرف ما هو هذا الموضوع المهم وما الذي فعله بعد نزول هذه الآية المباركة في ذات اليوم نفسه، بل في بعض الآثار في تلك الساعة نفسها، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله جمع الحجيج، أبلغ من قد تقدم منهم أن يعود، قلة أو البعض منهم كانوا قد تجاوزوا قليلا أو يسيرا ممن كانوا قبله في القافلة، والمنطقة نفسها هي لا زالت منطقة يتواجد فيها كل الحجاج قبل أن يتفرقوا إلى الآفاق ويتجهوا إلى بلدانهم، وانتظر للمتأخرين حتى اجتمعوا الكل جمعوا في صعيد واحد، في مكان واحد في ساحة واحدة، وفي منتصف النهار، كل الإجراءات التي عملها الرسول صلوات الله عليه وعلى آله تتناسب تماما مع طبيعة النص القرآني، مع سخونة هذا النص القرآني، مع قوة هذا النص وهذا التعبير القرآني، (بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)، اهتمام كبير وتصرف يعطي أهمية كبرى لما سيقدم، ذلك الاستدعاء وعملية التجميع في تلك الساحة في تلك اللحظة بالتحديد، في وسط النهار في منتصف النهار في أشد وقت من الحرارة والقيظ، الجميع جمع في نداء عاجل وتجميع بطريقة تعطي أهمية لموضوع في بالغ الأهمية سيقدم، جمعوا بكلهم، وجلسوا، واتجهت أنظارهم إلى الرسول صلوات الله عليه وعلى آله، وقد أعد له مكان مرتفع ليكون قائما مقام المنبر، وجمع من أقتاب الإبل ولكثرة الناس وكثرة الحجاج أصبح ذلك المكان الذي أصلا بني أو رصت فيه أقتاب الإبل أصبح مكانا مرتفعا، صعد عليه ومعه شخص ذلك الشخص هو علي بن أبي طالب، وعلي شخصية معروفة لدى المجتمع الإسلامي آنذاك، ليس شخصا غريبا عليهم، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله صعد ووجه خطابه الهام جدا في ذلك الجو الذي كله يقدم صورة عن أهمية الموضوع إلى أقصى حد، إلى أقصى حد، اتجهت أنظار عشرات الآلاف من المسلمين إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بانتظار ما سيقدمه وما سيعلنه، فهناك بلاغ تاريخي هام وفي مرحلة مهمة.

خطب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله خطابا تاريخيا وعظيما ومهما وهيأ في مقدمة حديثه الذهنية العامة لذلك الموضوع الرئيسي حتى وصل إلى صلب الموضوع ثم قال لهم: “يا أيها الناس، إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه” وكان قد مسك بيد عليه، ثم رفع يده ويد علي عليه السلام إلى الأعلى، يقول الرواة حتى رُؤي بياض أبطيهما، ارتفاع يديهما، “فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله”، هذا البلاغ الذي قدمه الرسول صلوات الله عليه وعلى آله استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى في قوله: (بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ والله يعصمك من الناس)، يدل أو يحمل مضمونا مهما ومبدأ عظيما، وليس من المنطق نهائيا أن تأتي الآية المباركة بهذه اللغة القوية، بهذا المنطق القوي بهذا التعبير الذي له مضمون يدل على أهمية كبيرة لما سيُؤمر أو لما أُمر بتبليغه، ويتخذ الرسول صلوات الله عليه وعلى آله تلك الإجراءات التي هي إجراءات استنفار وإجراءات فعالة تقدم بذاتها عن موضوع في غاية الأهمية، ثم يقول هذا الكلام ويقدمه بهذا التسلسل، ثم تكون المسألة لا موضوع طبيعي جدا وليس له أي مضمون أو مدلول مهم، هذا ليس منطقيا أبدا، كما قلنا هذا المبدأ العظيم وهذا الموضوع المهم يحتاج إلى أن يتعامل معه الإنسان بإيمان وتقوى وتجرد من الأهواء والعصبيات، تجرد تام، أن تقوموا لله ثم تتفكروا، أن يتجرد الإنسان من كل الأهواء والعصبيات لأن المسألة مهمة ومحسوب أهميتها بالنص القرآني نفسه، بالبلاغ النبوي ذاته، بالطريقة التي قدم فيها الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ذلك البلاغ، ثم نأتي أيضا إلى نص قرآني آخر له علاقة مهمة أيضا، ندخل إلى ذلك النص ثم نأتي أيضا لحديث أوسع ثم نعود من جديد إن شاء الله في آخر الحديث إلى نفس البلاغ النبوي، هناك نص قرآني آخر من المأثور عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، أنه أيضا نزل في نفس اليوم وله علاقة مباشرة وصلة تامة بذلك البلاغ، هو قول الله سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، هذه الفقرة القرآنية هذا النص القرآني العظيم أيضا له دلالة مهمة جدا، اليوم، هي تحكي عن مرحلة معينة، عن مناسبة واضحة، (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، هذا النص القرآني يدل بكل وضوح على أن الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم وبماذا؟ بمجرد يوم هكذا دخل كان الإسلام عبارة عن مرحلة زمنية معينة يحتاج إلى يوم إضافي واكتمل، لا، اكتمال هذا الدين بشمولية ما تناوله من شؤون حياتنا كبشر، حياة الإنسان كإنسان حياة المجتمع كمجتمع، كمال هذا الدين أن يكتمل فيما يشمله ويتناوله من كل ما له صلة بحياة هذا الإنسان مما تتعلق به مسؤوليات هذا الإنسان، مما يترتب عليه فلاح هذا الإنسان أو خسرانه، هذا هو كمال الدين، كمال يتصل بواقع حياته بشؤون حياته، بمسؤولياته، بمستقبله، وعندما نأتي إلى هذا يعني أن الدين لم يترك شيئا ذا أهمية من شؤون هذا الإنسان إلا تناوله من كبير الأمور وصغيرها، كل شيء مهم من واقع هذا الإنسان يحتاج فيه هذا الإنسان إلى هداية يحتاج إلى توجيهات إلى تعليمات من الله سبحانه وتعالى إلا وتناوله، وأتممت عليكم نعمتي، وما أعظم نعمة الإسلام، ما أعظم نعمة الإسلام، لأنه دين الله، توجيهات الله وتشريعاته وتعليماته التي أتت من منطلق رحمته وهو أرحم الراحمين، من منطلق حكمته وهو أحكم الحاكمين، من منطلق علمه وهو المحيط بكل شيء علما، والعليم الخبير بمصلحة هذا الإنسان وما يسعد هذا الإنسان وما يصلح حياة هذا الإنسان، وهو الذي يريد السعادة والخير والفلاح لهذا الإنسان، هو ربنا الرحيم بنا الكريم العظيم العلي الحكيم، هو جل شأنه من لا يمكن لأي طرف ولا لأي جهة أن يقدم لنا في واقع حياتنا لا تعليمات ولا تشريعات ولا توجيهات أهدى أو أرحم أو أحكم أو أنسب أو أفضل أو أرقى مما يأتينا من الله سبحانه وتعالى، وهو ربنا الذي له حق الربوبية علينا وعلينا حق العبودية له، نحن عبيده، يجب أن نكون في حياتنا هذه متجهين على أساس توجيهاته وتعليماته وإرشاداته وشرعه وأمره وحكمه، هذا هو أساس الدين أصلا، فالدين يمثل نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى وهو ينقذ هذا الإنسان من الارتباط بالمصادر الأخرى التي هي الطاغوت الذي يستعبد هذا الإنسان ويستغل هذا الإنسان، والإنسان في واقع هذه الحياة إما أن يكون له علاقة وارتباط تام وتوجه على أساس دين الله وتعليماته وتوجيهاته فيكون عبدا لله متجها على أساس هديه ونوره ومرتبطا بمصادر الهداية من الله سبحانه وتعالى وإما أن يكون في حالة أخرى هي ارتباط بمصادر أخرى تؤثر عليه، توجهه تتحكم به تستغله تستعبده، لا فكاك للإنسان بين أن يكون في اتجاه من هذين الاتجاهين أبدا أبدا، وعندما نأتي إلى هذا الإسلام العظيم بنبيه وقرآنه فإن النعمة هي هذه النعمة، ارتباطنا بمصادر الهداية الإلهية القرآن كتاب الله، وحيه كلماته نوره، تعليماته توجيهاته، كلماته التامة بالعدل والحق والخير والرحمة والحقائق، ونبيه رسوله خاتم أنبيائه، محمد صلوات الله عليه وعلى آله الذي هو أيضا صلة بيننا وبين الله، تلقى هذا النور وأتى بهذا الوحي، أتى بهذا الهدى، بلغ هذه الرسالة، ثم كان هو أول المسلمين وأول المصدقين بهذا الحق وأول وأعظم المتمسكين بهذا الهدى، وأعظم الخلق عبودية لله والتزاما بنهج الله سبحانه وتعالى، والقدوة والقائد الذي يتحرك بنا بناءً على أساس هذا الهدى، يربي على أساسه يهدي على أساسه، يقيم واقع الحياة بناءً على أساس هذا النور وهذا الهدى.

مصادر الهداية الرسل والأنبياء صلة تصلنا بالله سبحانه وتعالى صلة موثوقة صلة سليمة صلة صادقة يصل من خلالها إلينا نور الله هديه تعليماته نوره فنزكوا بهذا الهدى ونعتز بهذا الهدى ونتخلص بهذا الهدى من كل أشكال الاستعباد والاستغلال من كل قوى الطاغوت وأدواتها المضلة، ولذلك نحن نلحظ وضعية ما قبل الإسلام كيف هي ما قبل مجيء رسول الله ومجيء القرآن كيف هو الوضع كيف هي الحالة السائدة في واقع البشر، الحالة الخطيرة جدا الحالة الجاهلية هي حالة انفصال عن مصادر الهداية هذه حالة الجاهلية حالة الجاهلية حالة انفصال عن مصادر الهداية ثم يخضع الإنسان في ضل هذه الحالة من الانفصال عن مصادر الهداية يخضع في توجهاته في الحياة وانطلاقته في واقع الحياة لما يأتيه من قبل آخرين غير مصادر الهداية قوى الطاغوت القرآن يسمي الجهات الأخرى التي يرتبط بها الإنسان كبدائل عن مصادر الهداية يسميها القرآن بالطاغوت، الطاغوت كل تلك الكيانات أو الأشخاص إما كيان وإما شخص وإما منهج يرتبط به الإنسان كبديل عن مصادر الهداية ثم يتأثر به يسير في هذه الحياة على ضوء ما يقدم إليه منه على أساس ما يقدم إليه منه، تلك البدائل التي هي الطاغوت ارتبط بها البشر وارتبطت بها المجتمعات البشرية تأثرت بها تلقت منها المفاهيم التصورات الأفكار وبنت على ذلك حياتها بنت على أساس ذلك الحياة المواقف السلوكيات التصرفات التوجهات ومن خلال ذلك يستغل هذا الإنسان ويستعبد هذا الإنسان مع أن قوى الطاغوت وهي تسعى للتأثير على هذا الإنسان التأثير عليه في تفكيره في أفكاره في تصوراته في عقائده في المفاهيم التي ينطلق على أساسها في هذه الحياة فيما يعمل فيما يترك وفي مواقفه وفي ولاءاته وفي عداواته وفي مختلف تصرفاته في هذه الحياة أحيانا حتى قد تتخاطب مع هذا الإنسان حتى باسم الدين وقد تنطق عن الله افتراءً على الله وزورا على الله لكي تقنع هذا الإنسان لأن قوى الطاغوت هي تدرك أن هذا الإنسان هو مفطور من الأساس على التدين على التدين على معرفة أو استشعار أن عليه أن يعبد الله أن يطيع الله أن يلتزم بأمر الله على أن يعيش عبدا لله فتأتي قوى الطاغوت حتى في كثير بل في أكثر الأحوال وفي أكثر المجتمعات وفي أكثر مراحل التاريخ لتخدع هذا الإنسان وتضل هذا الإنسان وتستغل هذا الإنسان وتقنع هذا الإنسان بعقائد وأفكار وتصورات معينة ومفاهيم معينة يبني عليها أعماله واتجاهاته في الحياة وتحسبها على الله سبحانه وتعالى وتعترف بالله.

المجتمع الجاهلي يتصور البعض أنه كان مجتمعا ينكر وجود الله هذه صورة منتشرة في ذهنية الكثير من الناس ويتوقع عندما يسمع بالكافرين عندما يتحدث القرآن الكريم عن الكافرين في المجتمع الجاهلي عن المشركين في المجتمع الجاهلي أنه كان مجتمعا منكرا لله من الأساس مجتمعا لا يعترف بوجود شيء اسمه الله، لا المسألة ليست كذلك إذا جئنا لما يحدثنا به القرآن عن المجتمع الجاهلي الكافر والمشرك والمرتبط بالطاغوت والجاحد للرسالة الإلهية والمنكر للنبوة والرافض تماما للرسول والقرآن هذا المجتمع يقول الله عنه في القرآن الكريم [وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ] فهم معترفون بالله ومعترفون بأنه الخالق أكثر من ذلك [وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ] وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ هذا العالم بسماواته وأرضه من هو الخالق له[لَيَقُولُنَّ اللَّهُ] أكثر من ذلك [قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ] (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) فهم كانوا يعترفون بالله أنه موجود أنه الخالق أنه الرازق أنه مدبر شؤون السماوات والأرض أنه من يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي أنه من يملك السمع والأبصار هم يقرون بهذا كله ويعترفون بهذا كله وفي نفس الوقت يحاولون أن يحسبوا بقية العقائد التي هي خروج عن هذا الإقرار وتنكر لهذا الإقرار يحاولون أن يحسبوها على الله سبحانه وتعالى يقول الله عنهم [سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ] يحاولون أن يحسبوا حتى عقيدة الشرك وهي أسوء عقيدة وأفظع عقيدة يتنكر الإنسان فيها لأعظم مبدأ وهو مبدأ التوحيد حتى في هذه الحالة يحاولون أن يحسبوا هذه العقيدة على دين الله وأن يشرعنوها ويحسبوها كعقيدة مقرة ومعتبرة في الدين الإلهي يحاولون أن يخدعوا الناس بهذا، وإلا لو جئنا مثلا إلى حكاية من أعجب الحكايات من أغرب الحكايات في الواقع البشري وهي حكاية عبادة الأصنام الحجرية والخشبية وأي أصنام مصنوعة من أي مواد أخرى تلك الأصنام التي كانت تصنع من مادة معينة من الحجار نحتت من الصخور أو من الأخشاب أو من مواد أخرى، ثم إما تشترى وإما تقدم هدية بعد إكمال عملية الصناعة لها ثم تقدم على أنها آلهة ويطلب من الناس أن يعبدوها وأن يعتبروها آلة مع الله وأن يجعلوها شريكا لله في الملك وشريكا لله في الأمر ويطلبون منها النصر والرزق والخير ووو إلى آخره، ويتقربون إليها بالعبادة بشكل صريح وليس إلزاميا هل كانت تلك الأصنام الحجرية في نفسها وفي ذاتها ذات جاذبية ذات تأثير؟ تستطيع أن تصنع قناعة في الذهنية البشرية في فكر الناس في قلوبهم وأن تجعلهم يعتقدون عقيدة أنها آلهة مع الله لا، كان هناك من يأتي من واقع البشر من يصنع عقيدة كهذا هو الصنم الحقيقي الذي يصنع عقيدة كتلك العقيدة من يتمكن من خداع البشر وتضليلهم من يصل به الحد في سعيه لإقناعهم أن يقدم عقيدة كهذا على أنها عقيدة أتت بمشيئة الله وبإذنه وأنها من الله وأن الله يريد منكم هكذا وينطق عن الله بالزور والافتراء على الله والكذب على الله ثم تأتي تبريرات كهذه [لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ] ليس على المستوى العقائدي فحسب تأتي المسألة أيضا إلى بقية التفاصيل إلى الحلال والحرام فتصنف أشياء معينة على أنها حلال وتصنف أشياء محرمة أو أشياء معينة على أنها حرام هذا في المجتمع الجاهلي في المجتمع الجاهلي نفسه و أشياء مهمة هي من الحلال تحرم وأشياء محرمة في واقع الحال في دين الله يقدمونها في قائمة الحلال كل هذا يحسب على من وكيف يقدم للناس وكيف تتمكن قوى الطاغوت التي تضل الناس وتؤثر عليهم وتحول ما تقدمه لهم كالتزامات دينية كالتزامات دينية يلتزمون بها تدينا وتصبح جزءا أساسيا في التزامات الناس وممارساتهم الحياتية وقناعاتهم التي يتشبثون بها ويتعصبون لها ويغضبون لأجلها بل ويقاتلون في كثير من الأحيان من أجلها ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى [وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ] لتفتروا على الله الكذب يكذبون على الله فيحرمون شيءً ما وعلى أساس أن يحسب هذا التحريم باسم أنه تحريم من الله وفي شرع الله وفي دين الله وأشياء تقدم على أنها حلال ويحسب هذا على ماذا على دين الله وبسم دين الله وبسم شرع الله يقال ذاك حلال وذاك حرام، يقول الله سبحانه وتعالى [أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ] فقوى الطاغوت كانت تتخاطب مع الناس حتى باسم الدين وكانت تأتي إلى كثير من العقائد والأفكار والتصورات فترسخها في أذهان الناس وتتحول إلى عقائد يعتقد بها الناس ويتعصب لها الناس وبناء على أنها دين يمثل دين الله محسوبة على الله سبحانه وتعالى وهي افتراء على الله سبحانه وتعالى، ثم في الحلال والحرام كذلك أشياء معينة يستحلها الناس بناء على أنها من حلال الله وأشياء معينة يحرمها للناس بناء على أن الله حرمها والمسألة هناك وهناك في العقائد وفيما قدم بصفة الحلال وبصفة %

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com