المنبر الاعلامي الحر

الفُقـــراء الجـُــدد.. حصاد الحقد…!

بـَـدّدَ العدوان الأمريكي- السعودي فرص اليمنيين في النجاة من الفقر حيث يواصل العدوان سياسة التجويع للشعب اليمني في حرب اقتصادية وصراع نقدي وحصار خانق أضاف قائمة فقراء جدد إلى عائلة الجوع هم (الموظفين) الذين ارتدوا قميص من نار يدعى (الفقر)..

حسم البنك الدولي الصراع النقدي من خلال الموافقة على نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن و تجميد رواتب مليون ومائتين موظف في الجهاز الإداري للدولة والتي تقدر رواتبهم 75مليار ريال ما يعادل 30مليون دولار, ليعاني الموظفين ويلات الفقر بعد أن عجزوا عن دفع إيجارات منازلهم وتكاليف العلاج لمرضاهم وثمن ابسط الأشياء التي تسير حياتهم اليومية باعتبار الراتب هو الدخل الوحيد للشريحة العظمى من الموظفين. 

وفي حين يتجاهل العالم تساقط المدنيين في مجازر يومية يرتكبها العدوان يعتبر المجتمع الدولي الحرب الاقتصادية هي بوابة المجاعة ولعنه العدوان الكبرى وحصاد الحقد (الأشرس), الذي تسبب وفق تقرير البنك الدولي عن الآفاق الاقتصادية في اليمن، في ارتفاع معدل الفقر إلى 75% في 2018م,وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانیة تسبب “الصراع العسكري” كما يسميه في تدهور خطير للأحوال الاقتصادیة والاجتماعیة في البلاد، وأدى إلى تراجع حاد في الإنتاج ومستویات دخل الأسر وارتفعت معدلات الفقر ارتفاعا كبیرا حیث یعیش ما یقرب من 80% من السكان على أقل من 3.2 دولار للفرد في الیوم وفقا للقوة الشرائیة. 
وأظهرت تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن 22 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، منهم تسعه ملايين بحاجة ملحة إلى مساعدات للحفاظ على حياتهم وتجنب المجاعة.. 
ولفت التقرير إلى زيادة معدل التضخم والضغوط على سعر الصرف وهو ما تسبب في مزيد من التآكل لدخل الأسر التي تفقد مصدر دخلها حيث البحث عن مشاريع اقتصادية بسيطة السبيل الوحيد للحصول على فرص مربحة. 
وتحتل محافظة الحديدة أولى محافظات الجمهورية بحاجة للمساعدات الإنسانية تليها محافظة تعز وتقبع أمانة العاصمة المركز الثالث وفقا لتقديرات البنك الدولي.

ذكــريات…

يتابع ( عبد الرزاق ) موظف حكومي يعيل أربعة أبناء وزوجته إعلانات التوظيف بشغف يسارع بقبول أي عمل (تسويق-علاقات عامة -موظف استقبال-حارس أمن)ومع ذلك لم يتم قبوله في أي منها كون شروط التقديم لا تتناسب مع مؤهلاته فأتجه إلى الأعمال العظلية وقرر أن يعمل (حَمال ) في جمرك المهرة واتفق هو وصديقه السفر ولكنه تفاجأ إن تكلفة النقل إلى المهرة تبلغ 15000ألف ريال ولا يتوفر المبلغ معه فقرر صديقه أن يسبقه ويخوض التجربة وإذا تيسرت أموره سيرسل له مبلغ يعينه للحاق به . مر شهر وعاد صديقه لصنعاء يحمل بعض ذكريات السفر ومعاناة الصيف الحار.

عنف اقتصادي….

تقول الدكتورة/ إلهام محمد الرضاء باحثة اقتصادية بالمركز اليمني لحقوق المرأة والتنمية لوكالة سبأ: أن ما يعانيه اليمنيين عامة والموظفين خاصة اليوم يمكن تعريفه بـ “العنف الاقتصادي” الذي تسبب في تفاقم الأوضاع المعيشية للموظفين اللذين يعيشون أوضاع صعبه كون الوظيفة هي المصدر الاقتصادي والدخل الوحيد لأغلبهم وانقطاع الراتب يؤثر على يومياتهم في توفير حاجاتهم الأساسية ويفقدون مع استمرار انقطاعها قدرتهم على تلبيه الحد الأدنى من المتطلبات وتتدهور أوضاعهم من طبقة متوسطة تستطيع إلى حد مقنع تدبير احتياجاتها إلى طبقة الفقراء المعتمدة على المعونات وتنتظر المساعدات التي تقدم لها من المؤسسات والمنظمات الإنسانية .. 
عواصـف الفقر…
اقتحم شبح الفقر بوحشية الاستقرار المعيشي للموظفين في اليمن (المنسي ) من نافذة نقل البنك المركزي الذي يقدر عدد أفراد أسرهم بتسعة ملايين نسمه وراهنت دول العدوان على انهيار الصمود اليمني في غضون ستة أشهر, ففاجأ اليمنيين العالم بأسطورة الصبر عامين بدون رواتب …
هكذا يسرد موظف حكومي (تربوي) حكاية الرواتب ويصف زيارة الفقر الأولى إلى منزله الجائع حيث غادرت أطفاله الخمسة حاله (الشبع) منذ عامين فالوجبات الفقيرة لم تعد كافية لسد جوع أبنائه ويختصر يوميات التدبير المعيشي بأنها تساؤلات تبدأ من المساء (ماذا سنصرف غداً؟) وبعدها حصر ما يمكن بيعه في المنزل من أدوات كهربائية وأثاث منزلي والاتصال بصديق لطلب سلفه تقتصر على ثمن وجبات ثلاث ليوم فقط …
وانتظار سلة غذائية تجود بها جمعية أو منظمة لبيعها والاستفادة من ثمنها للصمود بضعة أيام أمام عواصف الفقر القادمة .
ويقول التربوي القدير ” أتفقد كل يوم دفتر الديون المحشور في درج الملابس وأتأمل ديوني التي تجاوزت مليون وخمسمائة ألف ريال وبعدها أبدء بالجلد الذاتي لأني موظف مسرف أنفقت في العام الأول للعدوان مليون ريال كانت حصيلة جمعية دفعتها ثلاث سنوات لشراء سيارة فانتهى بي الأمر موظف مندفع مسرف ومد يون .”

أم مسئــولة..؟ !

(أم السلال ) يلازمها ارتفاع الضغط بشكل دائم أضيف له نوبات من الآم الرأس ودوار بعد أن ترك لها أبنائها الأربعة مسئوليه تدبير المصروف اليومي لأبنائهم السبعة وزوجاتهم مستغلين عطف أخوهم المغترب عليها في التكفل بالصرف عليهم جميعا. حيث توضح (الأم المسئولة) أنها تعذر تجاهل أبنائها لواجباتهم لأن رواتبهم متوقفة لكنها تكره استغلالهم لأخيهم الصغير وترك المسئولية عليها والاكتفاء بالخروج من المنزل والعودة إليه بصمت.
وتقول “اشعر بالحزن عندما يتجمع أحفادي حول مائدة الطعام متسائلين عن غياب اللحم والفاكهة فانهرهم عادة بصوت مرتفع “الحــااااصل”.
فصادقت هذه العبارة حتى اقمع حاجتهم الطبيعية لمأكولات معدومة من مائدتنا منذ شهور … 
خذلان….
آمال مدرسة كيمياء طرقت جميع الأبواب بحثا عن دائن يقرضها مبلغ 100ألف ريال ثمن علاج زوجها المصاب بسرطان بالأمعاء حيث كان راتبها يؤمن لها جزء من سعر الدواء الذي يصنف (منقذ للحياة) والباقي يسجله صاحب الصيدلية ديون متراكمة تدفعها مع أول جمعية تستلمها من الراتب لكن بعد انقطاع الراتب تدهورت حالته وتأخرت مواعيد الفحوصات ومات في الشهر الخامس من انقطاع الراتب .

(اعمال التوسعة لمبادرة اخوات حق معلوم للسائل والمحروم بمركز الاورام بالجمهوري)

الدور المجتمعي…

أنتج تدهور الوضع المعيشي جمعيات ومنظمات إنسانية تنشط في المجال الاجتماعي وتعزز التكافل حيث تقول عائشة زيد/ من مؤسسات مبادرة (أخوات حق معلوم للسائل والمحروم )أن المبادرة تسهم في التخفيف عن الأسر المعدمة والفقيرة نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة و تقوم المبادرة بتوزيع سلال غذائية ومساعدة المعسرين والمحتاجين حيث تلخص عائشة فكرة المبادرة بمجموعة تواصل إجتماعية تطورت إلى مبادرة مجتمعية لمساعدة الفقراء أول أعمالها دعم أسرة فقيرة بماكينة خياطة تلتها مشاريع خيرية خاصة بشراء خزانات مياه في (صنعاء وإب وتعز) ومساعدات حالات مرضيه وفتح مشاريع صغيرة للأسر الفقيرة إضافة إلى مشروع بقاله حق معلوم الذي تعود عائداته لصالح المرضى والحالات الطارئة..
كما تعمل المبادرة على توسيع مركز الأورام بالمستشفى الجمهوري في إطار الخدمات الصحية التي تقدمها.

البحث عن مسئول في (بنك الطعام) مهمة صعبة فتوصيف مسئول لا يمكن في التخاطب مع الجهات الإعلامية ويتم التخاطب باسم البنك فقط ؟؟؟ “.
تركت مهمة البحث عن اسم المسئول والاستفسار عن الإنجاز حيث يؤكد البنك أن رؤيته هي مكافحة الجوع في اليمن عبر مشاريع تنفيذية بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني والمبادرات والمتطوعين في مختلف الأحياء والأماكن من خلال المخبز الخيري ومشاريع خيرية متنوعة.
منها مشروع التغذية المدرسية والمخابز التي توفر سبعة ألآف رغيف و (كدمة ) توزع لخمسة ألف وخمسمائة أسرة يومياً ,إضافة إلى مشروع وجوه سمراء…قلوب بيضاء .. لإيواء ومساندة نازحي الحديدة..

مستأجر متهور ….

صمت المؤجر دهراً ونطق تهديداً للمستأجر الجريء الذي اعتبر تراكم الإيجارات لعامين أمر طبيعي والمؤجر (مجبر)على تحمل تدهور أوضاعه وتوقف راتبه فبادره صاحب البيت بتهديد شرطي موثق بيمين (مغلظة) إما أن يدفع عشرة ألف ريال من الإيجار أو يغادر المنزل بعد صلاة المغرب ..
احتارت زوجة المؤجر كون المستأجرين كما تصفهم (طيبين) والصبر عليهم(أجر وثواب ) يقـي مصارع الزمن, فقررت بصمت أن تدفع العشرة الألف نيابة عنهم سراً ,وتطفئ غضب زوجها (العنيد) وتبقي على المستأجر (المتهور) شفقة على أبنائه وزوجته ومع آذان المغرب أعطى المستأجر المبلغ لصاحب البيت سبقه الاعتذار والتأكيد أنه ليس ممن يقابلون الإحسان بالنكران.. 

سلوك انطوائي…
خلفت أزمة الرواتب سلوك (انطوائي) غريب كما يصفه حسام الشرعبي، و يقول أن أزمة انقطاع الرواتب كشفت معادن الناس (أصدقاء –أهل –إخوة ) حيث تنصل الكثير من واجباتهم الأخلاقية أمام الآخر و يتذكر كيف سارع صديقة الميسور بشرح تدهور وضعة المادي وانه أصلح سيارته ب200ألف ريال خوفا من أن يسارع حسام في الاقتراض منه ..
ويقول حسام”عندها قررت أن اقطع علاقتي به لأني اعلم انه ميسور خاصة وانه يعمل في بنك ..؟”
توجز منى ناصر تفاجئها حين حاولت الإقتراض من أختها ولكن أختها اعتذرت منها بلطف ولم تشفع لها علاقتها الأسرية في سداد 30ألف ريال قسط جمعية أصرت صاحبتها استلامها رغم الظروف الاقتصادية الصعبة و تقول “بعد يومين تفاجئت بأبنة أختي تتباهي بتلفون قيمته 20ألف ريال أدركت حينها إني بدأت تواً اكتشاف الناس ..”

فيما تقول أم محمد أنها أجهشت بالبكاء فرحاً عندما علمت أن خالها قرر أن يعطيها من زكاة ماله كون مبلغ الزكاة سيعفيها من هم مصاريف العيد لها ولابنيها وتحولت دموع الفرح إلى حزن عندما تفاجئت أن نصيبها من زكاة خالها الميسور جدا أربعة ألف ريال فقط…

حيث توضح النظرية النفسية للمال وما تسمى (بنظرية لي ) السلوك المالي في الإقتراض أو (الدين الفردي ) انه مظهر من مظاهر الضعف المالي ويؤدي بصاحبه (المديون) إلى الإرهاق والخجل والإحساس بالدونية فيما يبرر عزوف الدائن (صاحب المال ) عن إعطاء الآخرين بعوامل نفسية أهمها الخوف من تفاقم الأزمات وطول أمدها في حالات الكوارث والحروب و( فوبيا) الخوف من الحسد عند الإنفاق وإقراض الآخرين وهو ما يطلق عليه ( الحسد المالي ) حيث تعتبر(نظرية لي) أن تعامل المقرضين يعتمد على سلوك وتراكمات نفسية وانفعالية تجاه الطالبين للقرض من الأصدقاء والأقرباء حيث يمثل المال للميسورين العديد من المعاني والرموز السيكولوجية المتصلة بالإحساس بالأمان والقوة والحرية في ظل سلسلة الصراع الدائم المستمر الذي يخلو من الإحساس بالأمن.

انتهك العدوان الأمريكي –السعودي قوانين الحرب الدولية وأقحم القضية الاقتصادية من منطقتها المحايدة إلى ساحات المعارك العسكرية والأمنية والسياسية “وترك للفقر مهمة التسكع في أرجاء الخارطة اليمنية باحثاً عن فريسة ( جوع) يعتبره العالم جريمة حرب .. ويراه العدوان وَهــم انتصار ..

سبأ: تحقيق – نسيم الرضاء

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com