نحو 3 سنوات مرَّت على تولي عادل الجبير وزارة الخارجية السعودية، خلفاً للأمير الراحل سعود الفيصل، الرجل المخضرم الذي كان يُنظر إليه على أنه كنز دبلوماسي خسرت الرياض بمماته الكثير.
فالفيصل كان رائداً في انفتاح الدبلوماسية السعودية على العالم، وصاحب بصمة دبلوماسية عُرف بها طيلة العقود الثلاثة التي عمل بها وزيراً للخارجية.
في المقابل، فإن عادل الجبير، الدبلوماسي سابقاً بالولايات المتحدة، كانت سنوات وزارته الثلاث مليئة بعواصف وعثرات خارجية شهدتها المملكة، من حرب اليمن إلى القطيعة مع إيران فالفشل في الملف السوري، ثم السقوط المدوي بإقرار قانون جاستا الأمريكي لمحاكمة بلاده، مروراً بحصار قطر، ثم انتهاءً بفضيحة مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وهي الفضيحة التي هزت علاقة الرياض مع المجتمع الدولي.
موظف تنفيذي
وكشف تعامل الجبير مع تداعيات قضية مقتل خاشقجي، التي لم يعلق عليها سوى مرة أو مرتين بتصريحات خالية المحتوى رغم منصبه الحساس، ضعفه في إدارة وزارته، كما وصف ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد صمت الرجل نحو 18 يوماً على الفضيحة التي هزت العالم، ثم خرج متحدثاً بـ”خجل”، علماً أن الجريمة مرتكَبة على أرض تحت سلطته الدبلوماسية.
معلومات أكدها مصدر مطّلع لـ”عربي 24″، تتحدث عن نية الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، إجراء سلسلة تغييرات كبيرة تشمل تعيين نجله، خالد بن سلمان، وزيراً للخارجية مع احتمال تعيينه ولياً لولي العهد أيضاً.
الخطوة السعودية تأتي بدعم أمريكي؛ حيث ترغب واشنطن في إعادة الزخم لوزارة الخارجية لتعود إلى ما كانت عليه أيام الوزير الراحل الأمير سعود الفيصل.
فقد لوحظ في عهد الجبير بقوة، تقلُّص مساحة الدور الذي تؤديه خارجية دولة ذات تأثير كبير في المنطقة كالسعودية، وبات يظهر بدور الموظف التنفيذي، عكس سلفه “الفيصل” الذي كان صاحب رأي وموقف في أي خطوة دبلوماسية تخطوها المملكة، في حين اقتصر دور الجبير على ترداد الخطابات الرسمية وإجراء الحوارات الإعلامية.
وأهم سبب لضعف أداء الجبير -كما يرى كثيرون- أنه من خارج الأسرة الحاكمة؛ ومن ثم فإن التعامل معه ليس بحجم التعامل مع أمير يمثل رأي دولة، فموقف الجبير مقيَّد ويسير وفق أوامر الملك، وفي ظل الأحداث الحالية وفق أوامر ولي العهد محمد بن سلمان.
ويقول خليل جهشان، مدير المركز العربي في واشنطن، إن الخارجية السعودية مسؤولة عن إعادة المصداقية التي فقدتها بسبب قضية مقتل خاشقجي، وهي بحاجة لاتخاذ خطوة شجاعة جداً في سياق ذلك.
ويرى جهشان في حديث لـ”عربي 24″، أن “أداء المملكة الدبلوماسي تراجع بشكل ملحوظ، وكانت هناك مؤشرات سابقة على استياء داخلي وخارجي بسبب إدارة الجبير حقيبة الخارجية”، موضحاً أنه “في سياق ما جرى خلال الفترة الماضية، فإن التغيير بات ضرورياً”.
سمعته تضررت
وفي ظل فضيحة مقتل خاشقجي التي تهز المملكة، فإن ضمن التغييرات التي ربما يجري العمل عليها، تعيين الأمير خالد بن سلمان وزيراً للخارجية، وسط توقعات بأن يصبح ولياً لولي العهد.
والأمير خالد هو الشقيق الأصغر لولي العهد الحالي محمد بن سلمان، ويشغل حالياً منصب سفير المملكة لدى الولايات المتحدة منذ عام 2016.
وما عزز من هذه الفرضية حديث صحيفة “نيويورك تايمز” عن أن الأمير خالد لن يعود سفيراً لدى الولايات المتحدة، وذلك في أعقاب عودته إلى الرياض بعد مقتل خاشقجي، دون أن توضح من سيخلفه وأين سيتم تعيينه.
لكن خليل جهشان يقول عن الأمير خالد إنَّ سمعته تضررت بشكل كبير بسبب جريمة اغتيال خاشقجي، خاصة وسط تساؤلات عن دوره فيها.
ولفت إلى أن “هذه التساؤلات تضر بمستقبله، وهو بحاجة للإجابة بشفافية، حتى يمكن قبوله كوجه جديد في السياسة السعودية”.
وليس لابن سلمان الصغير أي خلفية دبلوماسية عدا منصبه (سفير الرياض في واشنطن)، تؤهله لقيادة السياسة الخارجية للمملكة، الأمر الذي يضع تكهنات عدة حول ما سيكون عليه الوضع مستقبلاً إذا ما تولى حقيبة الخارجية.
لكن مراقبين يرون أنه من المرجح أن يدور في فلك السياسة الأمريكية؛ لكونه درس بمدارسها العسكرية، وعمل طياراً ضمن التحالف الذي أسسته واشنطن عام 2014 لقتال “داعش”.