المنبر الاعلامي الحر

إيران تلوح بورقة الطاقة والتضخم كأوراق ضغط استراتيجية!!

يمني برس | يحيى الربيعي
شهدت الساحة الاقتصادية والسياسية العالمية تطورات متسارعة، كشفت عن ترابط وثيق بين القرارات العسكرية والتحولات في الأسواق المالية، لا سيما بعد الضربات الأخيرة التي استهدفت مواقع في إيران. وتبرز في هذا المشهد قوة الحضور الإيراني، الذي يمتلك خيارات رد قوية قد تُحدث صدمات في أسواق النفط العالمية وتزيد من مخاطر التضخم، ما يمنح طهران أوراق ضغط استراتيجية في أي مواجهة محتملة.

التوقيت العسكري والارتفاع المتوقع لأسعار النفط
في تحليل لافت، اتسمت الضربات التي نفذها الاحتلال الأمريكي على منشآت إيران النووية، والضربة التي شنها الاحتلال على إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري، بتوقيت دقيق خارج ساعات التداول في البورصات العالمية. هذا التوقيت، الذي أشار إليه محللون مثل مارك سبيندل، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة “بوتوماك ريفر كابيتال”، يهدف إلى إتاحة الفرصة للأسواق لامتصاص الصدمة ومنح البنوك المركزية وصناع القرار الاقتصادي فسحة زمنية للاستعداد، مؤكدًا أن “الحسابات العسكرية باتت تأخذ بعين الاعتبار إيقاع الأسواق المالية العالمية، خشية أن يؤدي التوقيت الخاطئ إلى فوضى اقتصادية غير مرغوبة”.
ومع ذلك، لم يمنع هذا التوقيت من قفزة عقود برنت الآجلة بنسبة 11% منذ الضربة التي شنها الاحتلال على إيران في 13 من الشهر الجاري. ويتوقع عاصم منصور، رئيس أبحاث السوق لدى “أو دبليو ماركتس”، أن ترتفع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل أو أكثر، وذلك “حسب شدة ردة فعل إيران”، خاصة مع تزايد المخاوف من احتمال إغلاق إيران مضيق هرمز ردًا على الضربات الأمريكية. هذا السيناريو، بحسب محللي “أوكسفورد إيكونوميكس”، قد يدفع أسعار النفط العالمية إلى 130 دولارًا للبرميل، مما يرفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 6% بحلول نهاية هذا العام، و”يدمر أي فرصة لخفض أسعار الفائدة الأمريكية هذا العام”.

ورقة ضغط اقتصادية عالمية
يُعد مضيق هرمز شريانًا حيويًا للتجارة النفطية العالمية، حيث يمر عبره حوالي خُمس إمدادات النفط العالمية اليومية. وفي هذا السياق، تلوح إيران بورقة إغلاق المضيق كخيار استراتيجي للرد، وهو ما أكده سول كافونيك، محلل الطاقة في شركة إم إس تي ماركي، قائلاً إن سعر البرميل قد يرتفع إلى 100 دولار “إذا ردت إيران كما هددت سابقًا”، بما في ذلك “مضايقة المرور عبر مضيق هرمز”.
هذا التهديد ليس محصورًا بتأثيره على النفط فحسب، بل يمتد ليشمل سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي. فبحسب “بلومبيرغ إيكونوميكس”، فإن أي انقطاع في الشحن عبر مضيق هرمز سيخفض من المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال، مما يؤدي إلى رفع أسعار الغاز في أوروبا بصورة كبيرة، نظرًا لاعتماد قطر، المصدر الرئيسي للغاز المسال، على هذا المسار.

التضخم وتأثيره على النمو الاقتصادي العالمي
تشكل المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، وارتفاع أسعار النفط الناجم عنها، ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من تباطؤ في النمو. فقد خفض البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد الدولي توقعاتهم للنمو العالمي في الأشهر الأخيرة. ويؤكد محللون اقتصاديون في “بلومبيرغ” أن “بالنسبة للاقتصاد العالمي، يُفاقم اتساع الصراع خطر ارتفاع أسعار النفط وارتفاع التضخم”.
ويُحذر الاقتصاديون من أن ارتفاعًا كبيرًا في أسعار النفط قد يضر بالاقتصاد العالمي. فارتفاع التضخم قد يضعف ثقة المستهلكين ويقلل من فرصة خفض أسعار الفائدة على المدى القريب، وهو ما يعتبره بن ماي، مدير أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في أكسفورد إيكونوميكس، “مشكلة كبيرة للبنوك المركزية”.
في المحصلة، تظهر قدرة إيران على التأثير في ديناميكيات أسواق الطاقة العالمية، وتهديدها برفع مستويات التضخم، كأوراق قوة لا يمكن تجاهلها في المشهد الجيوسياسي الراهن، مما يضع صناع القرار في مواجهة حسابات معقدة تتجاوز ساحات المعارك لتشمل أروقة المال والاقتصاد العالمي.

قد يعجبك ايضا