عفاش ومسار التطبيع: شبكة خفية تهدد اليمن
منذ عقود، نسج علي عفاش شبكة سرية من العلاقات السياسية والاستخباراتية مع العدو الإسرائيلي، لم تكشف عن نفسها إلا جزئيًا، لكنها تركت أثرًا عميقًا على المشهد اليمني، هذا المشروع لم يكن مجرد حيلة سياسية، بل خطة ممنهجة لإخضاع مؤسسات الدولة لمصالح خارجية، تجاوزت السياسة إلى الاقتصاد والأمن والثقافة.
اليوم، بعد وفاة عفاش، يظهر أثر هذه الشبكة من خلال تحركات ورثته وأتباعه، الذين يسعون لإعادة تفعيل مشروع التطبيع الصامت. هذا التقرير يسلط الضوء على أبعاد هذا المسار، أدواته، ووراثته المستمرة، مسجلاً تحذيرًا واضحًا من خطورة استمرار هذه السياسات على سيادة واستقلال اليمن.
يمني برس | فهمي حسين
شبكة التطبيع العفاشية: من صالح إلى الورثة
شكل التطبيع الصامت مع العدو الإسرائيلي أحد أخطر المسارات التي انتهجها الهالك عفاش خلال حكمه، لم يكن هذا المشروع يعكس إرادة الشعب اليمني أو مصالح الدولة، بل كان استراتيجية شخصية للهالك لتعزيز نفوذه واستغلال مؤسسات الدولة لصالح أجندات خارجية، امتدت من السياسة إلى الأمن والثقافة، مع شبكة استخباراتية تجاوزت أي إطار رسمي.
بعد وفاة عفاش، واصل أبناء العائلة وأتباعه المسار ذاته، مستفيدين من البنية الاستخباراتية والسياسية التي أسسها، في حين ظل الشعب اليمني خارج هذا الإطار، متمسكًا بخيار المقاومة والاستقلال الوطني.
جذور وأبعاد التطبيع العفاشي
كان التطبيع الصامت مشروعًا شخصيًا للهالك عفاش، بدأ منذ ارتباطه المبكر بأجهزة استخبارات صهيونية، وتحديدًا بعد لقائه بضباط الموساد في أسمرة عام 1972. ومنذ ذلك الحين، عمل على بناء شبكة نفوذ سرية وظف فيها السياسة والاقتصاد والقوانين لخدمة مصالح العدو، وهي شبكة انتقلت بسلاسة إلى الورثة والأتباع بعد وفاته.
علي عبدالله صالح: مهندس التطبيع الخفي
منذ صعوده السياسي، أصبح صالح الشخصية المحورية لمسار التطبيع في اليمن، لم يكن هذا المشروع يعكس مصالح اليمنيين، بل كان وسيلة لتوسيع نفوذه، بما يشمل التعاون مع الموساد لضمان موقعه السياسي، والتلاعب بالقوانين والصفقات الدولية لمصلحة إسرائيل، مثل تعديل قانون الهجرة عام 1991، وقمع المظاهرات الشعبية المؤيدة لفلسطين، وإطلاق مشاريع ثقافية تحت غطاء الفن والتراث اليهودي.
كما عقد صالح لقاءات مباشرة مع قيادات صهيونية، وحصل على صفقات أسلحة، وسمح باتفاقيات تمكّن إسرائيل من النفوذ العسكري على أراضٍ استراتيجية في اليمن، مؤكّدًا دوره كمهندس خفي لمسار التطبيع الذي استمر بعد وفاته.
إعادة تشغيل شبكة التطبيع
بعد وفاة صالح، واصل أبناؤه وأتباعه العفافيش مسار التطبيع، مستفيدين من إرث سياسي واستخباراتي وثقافي متين، وبرزت محاولات لإعادة نجل صالح، أحمد علي عبدالله صالح، إلى المشهد السياسي بواجهة إعلامية مزيفة، ضمن مخطط أمريكي-إسرائيلي لتفكيك الجبهة الداخلية في صنعاء وإضعاف قرارها الوطني، إلا أن المحاولات وُوجهت برفض وفضح مبكر.
آل عفاش: ورثة المشروع الصهيوني
طور ورثة عفاش المشروع ليصبح أكثر دقة وفاعلية، لعب أحمد علي دورًا محوريًا في تنشيط قنوات التطبيع، بينما تورط أتباع العائلة في إدارة مشاريع اقتصادية وثقافية وإعلامية تعمل على تهيئة الأرضية لاستمرار النفوذ الصهيوني.
برز الخائن طارق عفاش، نجل شقيق الهالك، في إظهار استعداده للتقارب مع الكيان الصهيوني، بما يشمل حماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وإنشاء مناطق عازلة في باب المندب والمخا، وإتاحة انتشار قواعد عسكرية في جزر استراتيجية مثل ميون وسقطرى، ما يشكل خطرًا وجوديًا على سيادة اليمن.
النشاط الاستخباراتي وأدوات التنفيذ
استفاد الورثة والأتباع من الأجهزة الأمنية والعسكرية التي أسسها صالح لتجنيد عملاء محليين، ورصد مواقع استراتيجية، وتسهيل مصالح إسرائيلية. شملت هذه التحركات إنشاء قواعد استخباراتية في المخا والجزر اليمنية، واستقبال شخصيات مرتبطة بمصالح إسرائيلية تحت غطاء مشاريع سياحية واستثمارية، إضافة إلى تدريب ضباط على التعامل مع الكيان الصهيوني، مما يجعل شبكة التطبيع أكثر فاعلية بعد وفاة الهالك.
خيانة ممنهجة وإرث مستمر
مسار التطبيع الصامت مع إسرائيل، الذي أرساه علي عبدالله صالح وواصلته ذريته وأتباعه، يمثل خيانة عظمى لإرادة الشعب اليمني ومصالحه الوطنية. هذا المشروع لم يكن مجرد سياسات فردية، بل استراتيجية تهدف لتمكين الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اليمنية، وتفكيك الهوية الوطنية.
ومع ذلك، ظل الشعب اليمني صامدًا في مواجهة هذا المشروع، متمسكًا بوحدة الوطن وسيادته، داعيًا الأجيال القادمة للوعي بهذه المؤامرات وتعزيز المقاومة الوطنية والحفاظ على استقلال اليمن.