المولد النبوي.. الحديدة تعانق الفرح وتستعد لملحمة الوفاء المحمدي
المولد النبوي.. الحديدة تعانق الفرح وتستعد لملحمة الوفاء المحمدي
يمني برس | جميل القشم
مع اقتراب الثاني عشر من ربيع الأول، تتلألأ محافظة الحديدة بأجواء إيمانية مبهجة، حيث تتزين الشوارع والأحياء والمرافق العامة بألوان الخضرة وأضواء المحبة، في لوحة روحانية تعبر عن عمق الانتماء لرسول الإنسانية وتجسد الهوية الإيمانية الأصيلة لأبناء تهامة.
منذ مطلع شهر صفر، انطلقت في عموم المديريات حملات تزيين واسعة، تشمل إضاءة مداخل المدن، وتجميل الحدائق والجزر الوسطية، وتعليق اللافتات القماشية والضوئية التي تمجد مولد خاتم الأنبياء وتبث رسائل الحب والوفاء لسيرته العطرة، وسط تفاعل شعبي ورسمي لافت.
في الشوارع الرئيسة، ترفرف الأعلام الخضراء، وتنتشر العبارات التي تحيي القيم المحمدية، بينما تصدح المساجد والمجالس العامة بالتهليل والمدائح، في مشهد يعلن اقتراب اليوم العظيم الذي تحتشد فيه الحديدة بفعالية مركزية كبرى.
وفي قلب المدينة وضواحيها، تواصل اللجان الميدانية عملها في تنظيم الفعاليات التحضيرية، من ندوات ثقافية ولقاءات توعوية وأمسيات إنشادية، تهدف إلى تعزيز الحشد الجماهيري وغرس معاني الاقتداء بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في نفوس المجتمع.
الأحياء السكنية بدأت تتحول إلى ساحات احتفال يومية، حيث يجتمع الأهالي في حلقات الذكر والمجالس العامة، ويتناوب المنشدون والشعراء على تقديم المدائح النبوية والقصائد التي تستحضر مواقف النبل والعطاء المحمدي في الذاكرة الشعبية.
القطاع التربوي يضفي بُعدا تعليميا على المناسبة، إذ تنظم المدارس إذاعات صباحية وفقرات ثقافية تحفز الطلاب على حفظ الأحاديث النبوية واستيعاب السيرة العطرة، بما يسهم في تحصينهم من الثقافات الدخيلة.
وفي الجامعات والمعاهد، تتواصل الفعاليات الأكاديمية التي تتناول السيرة النبوية بالبحث والتحليل، وتشدد على أهمية استلهام القيم المحمدية في مواجهة تحديات العصر، وربط الجانب المعرفي بالبعد الإيماني في حياة الأجيال.
القطاع النسائي يشارك بزخم لافت، حيث تقام مجالس ذكر خاصة بالنساء، تُعطرها الأهازيج والمدائح النبوية، وتتخللها محاضرات تسلط الضوء على دور المرأة في نصرة الرسالة المحمدية وبناء المجتمع المتماسك.
المبادرات المجتمعية تعمل بالتوازي على تنظيم حملات نظافة وتحسين للأحياء والميادين، وتوزيع الهدايا على المشاركين في الفعاليات الرسمية، بما يعكس روح التضامن والتعاون، ويجعل الاحتفال بالمولد مناسبة للعمل الخدمي والإنساني أيضاً.
في مختلف مناطق الحديدة، تسود أجواء احتفالية مميزة، حيث تكتسي الشوارع والمرافق العامة بحلة خضراء، وتزداد وتيرة التحضيرات مع اقتراب الموعد، في مشهد يعكس حالة التفاعل الشعبي والحرص على إظهار الفرح بالمولد النبوي الشريف.
زينة هذا العام تبدو أكثر كثافة وإبهاراً من الأعوام السابقة، إذ تتنافس المؤسسات والمتاجر والمنازل على إبراز مظاهر الفرح، لتؤكد أن استقبال مولد الرسول الأعظم يمثل أولوية وجدانية وروحية لأبناء المحافظة.
الاحتفالات لا تقتصر على بُعدها الجمالي، بل تحمل رسالة سياسية وروحية متجددة، إذ تتزامن مع مواقف النصرة التي يقفها اليمن دعماً للشعب الفلسطيني، لتبعث من الحديدة رسائل العزة والوفاء إلى ساحات المقاومة في كل مكان.
الفعاليات المركزية والمحلية تشهد زخما كبيرا بما تتضمنه من كلمات ووصايا تحث على التمسك بالنهج القرآني والسيرة المحمدية، باعتبارهما الضمانة لمواجهة مشاريع الهيمنة والفساد، ولحماية هوية الأمة من التشويه والطمس.
وفي قاعات وساحات الاحتفال، تتعانق الأناشيد والموشحات الشعبية مع فعاليات الأمسيات الثقافية والإنشادية، لتصنع مشهداً يربط التراث الحي بروح الاحتفال المعاصر، ويستحضر أصالة الأنصار الذين نصروا الرسول واحتضنوا دعوته منذ فجر الإسلام.
الجميع في محافظة حارس البحر الأحمر يعتبرون المولد النبوي محطة سنوية لتجديد العهد بالسير على خطى النبي الكريم، وترسيخ القيم المحمدية في تفاصيل حياتهم اليومية، وجعلها نبراساً يهتدون به في تعاملهم ومعاملاتهم.
المشاركون في الفعاليات يرون أن حضورهم الكثيف امتداد لموقف اليمن التاريخي من قضايا الأمة، وخاصة القضية الفلسطينية، وتجسيد عملي لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً”.
سنوات العدوان والحصار لم تضعف حماسة اليمنيين لإحياء هذه المناسبة، بل زادتها اشتعالاً، لتتحول الاحتفالات إلى رسالة صمود وإصرار على التمسك بالهوية الإيمانية مهما كانت التحديات.
من شاطئ البحر الأحمر إلى عمق الريف التهامي، تمتد مظاهر الاحتفال في لوحة واحدة متكاملة، تؤكد أن المولد النبوي مصدر إلهام واستمداد للعزم والقوة في مواجهة أعباء الحاضر وصناعة مستقبل كريم.
هكذا تتألق الحديدة، من موانئها إلى قراها، بأنوار المحبة المحمدية، وتستعد لاستقبال يوم المولد في أبهى حلة، مجسدة قول الرسول: “الإيمان يمان والحكمة يمانية”، ومؤكدة أن اليمن سيبقى حصناً للهوية الإيمانية ورايةً لنصرة قضايا الأمة.