اليمن وتوازنات الردع الإقليمي .. بين الشهادة الغربية ووضوح الموقف القيادي
في مرحلة بالغة التعقيد، ومع تصاعد الموقف اليمني في استهداف العدو الإسرائيلي وخصوصاً في البحر الأحمر ، يبرز اليمن كلاعب محوري أعاد رسم موازين القوى التقليدية، هذا التقرير يتناول تطور القدرات اليمنية وتحوّل اليمن في موقعه من ساحة مستهدفة إلى مركز لصناعة القرار العسكري، مستندًا إلى خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) كمحدد استراتيجي لرؤية اليمن لمعادلة الردع، مع التوقف عند بعض الإشارات الدولية مثل تصريح المحلل الاستخباراتي سكوت ريتر، لا باعتباره الأساس، بل شاهدًا إضافيًا على واقع أصبحت ملامحه واضحة ومخيفة للخصوم.
يمني برس / تقرير / طارق الحمامي
شهادة سكوت ريتر .. تأكيد لا مفاجأة
تصريح الضابط والمحلل الاستخباراتي الأمريكي السابق سكوت ريتر، خلال حواره مع السياسي البريطاني جورج غالاوي، جاء كاعتراف صريح يقول فيه: اليمنيون يملكون أكفأ الخبراء التكنولوجيين في صناعة الصواريخ، وهم مقاتلون يُعتدّ بهم، أما السعوديون فلطالما قالوا لنا، نحن نخشى أن يعبر اليمنيون فيحتلّوا الرياض.
ورغم الضجة التي أثارها هذا التصريح في الإعلام الغربي والخليجي، إلا أن مضمونه لا يشكّل جديدًا في الرؤية اليمنية، بل يمثل إقرارًا متأخرًا بحقائق ترسخت في الميدان، أن اليمن بات يمتلك قاعدة تكنولوجية عسكرية مستقلة، وأن السعودية، رغم امتلاكها ترسانة كبرى، تشعر بالخطر الحقيقي من العمق اليمني، وأن اليمنيين أثبتوا، لا بالقول بل بالفعل، قدرتهم على الرد، والوصول، والدقة.
ولكن الأهم من ذلك، أن هذا التصريح ليس سوى شاهد ضمني على واقع ترسمه القيادة اليمنية بعقيدة وسيادة، وليس باعترافات غربية فقط.
خطاب السيد القائد .. صياغة معادلة الردع بأبعادها العقائدية والسيادية
في ظل تصاعد الصلف الصهيوني ودخول دول خليجية وعلى رأسها السعودية في إطار الدعم اللوجستي والعسكري للعدو الإسرائيلي، برز خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) كمحور أساسي لفهم موقع اليمن في معادلة المواجهة مع العدو، وتحديدًا تجاه السعودية والكيان الصهيوني.
أبرز ما تضمّنه الخطاب، التحذير المباشر للسعودية من أي انخراط في مسارات تصب في خدمة العدو الصهيوني، وأنه سيتم التعامل معها في سياق التعامل مع العدو الإسرائيلي نفسه، وكذلك التأكيد على استمرار العمليات البحرية ضد السفن المرتبطة بالكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر والمحيط الهندي، والتحذير من أن السعودية ستكون هدفاً واضحاً في حال تورطها في العدوان أو التآمر على اليمن أو فلسطين، وكذلك إبراز سيادة القرار اليمني العسكري، المبني على بوصلة عقائدية واستراتيجية، غير خاضعة للإملاءات.
الخطاب رسم خريطة واضحة لنطاق المعركة مع العدو وكل المتآمرين والداعمين لجرائمه، وتربط الأمن القومي اليمني بالقضية الفلسطينية، ووضع فيه السيد القائد يحفظه الله ضوابط اشتباك صريحة، أن من يتواطأ مع العدو الصهيوني سيُعامل كطرف في العدوان، كما أعاد التأكيد على أن الردع اليمني لا تحكمه الجغرافيا بل الموقف، وأن المياه الإقليمية والدولية مفتوحة أمام القوة اليمنية إذا اقتضى الأمر، وفي دلالة هامة فإن السيد القائد منح السعودية فرصة واضحة للخروج من موقع الخصم الصامت إلى الحياد على الأقل، وإلا فإن ثمن التورط لن يكون محصورًا في التصريحات، واضعًا السعودية أمام خيار استراتيجي واضح، إما الابتعاد عن خط النار، أو تحمّل عواقب الالتحاق بالعدو.
إعادة تعريف التهديد .. من الدفاع إلى الردع الاستباقي
القدرات اليمنية التي أشار إليها الغرب، وأكّدتها تجارب ميدانية، ليست مجرد “مفاجآت تكتيكية”، بل هي نتاج رؤية متكاملة تقوم على، الاكتفاء الذاتي العسكري، لا سيما في صناعة الصواريخ والطائرات المسيّرة، وامتلاك زمام المبادرة الميدانية، من البحر إلى الجو، وربط المصالح الاقتصادية والعسكرية للعدو بمستوى التورط في المواجهة الميدانية، وما نعيشه اليوم هو تحول اليمن من موقع التلقي إلى موقع المبادرة، حيث أصبح الردع فعّالًا ومؤلمًا، وباتت الخيارات اليمنية أبعد من الجغرافيا وأقرب إلى مراكز القرار الإقليمي، وتحوّلت الرياض، التي لطالما استقوت بالدعم الخارجي، إلى طرف حذر لا يملك اليقين في قدرته على الصد.
اليمن يكتب معادلة القوة .. والسيادة لا تُستورد
ما بين الاعتراف الغربي بالقوة المتنامية لليمن، وتحذيرات السيد القائد، تتضح معالم مرحلة جديدة ، أن اليمن لا ينتظر شهادات غربية ليبرر قدرته، بل يفرضها ميدانيًا، والسعودية أمام مفترق طرق حقيقي، إما مراجعة تموضعها، أو الدخول في مواجهة شاملة لم تعد تمتلك أدواتها، وأن اليمن، بقيادته وعقيدته، يتحوّل من دولة محاصرة إلى دولة مرجِّحة في معادلات الإقليم، وكذلك القرار العسكري في صنعاء بات قرارًا سياديًا كاملًا، لا يُصنع في العواصم، بل في الجبهات وداخل العقول اليمنية المؤمنة بقضيتها.
ومؤكداً لهذه المعادلة قال السيد القائد حفظه الله: مهما فعل الآخرون، فإن استهداف السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها سيستمر.
نقلا عن يمانيون