الإمارات تجر جنوب اليمن إلى الحضن الصهيوني.. تفاصيل دقيقة !
يمني برس || تقرير_ منصور البكالي:
تتكشف مخططات العدو الصهيوني وأدواته على الساحة اليمنية، أمام تنامي الموقف اليمني الثابت في مساندة غزة، من يومٍ لآخر.
فالتصريحات الأخيرة لرئيس ما يُسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعو “عيدروس الزبيدي” حول إقامة دولة جنوبية مستقلة، لم تكن مجرد حديث عابر، بل جزء من خطاب متكامل يرتبط بمشاريع أكبر تهدف إلى إدخال كيان العدو الصهيوني في معادلة البحر الأحمر وخليج عدن.
هذه التصريحات جاءت متزامنة مع تحركات سياسية وإعلامية مكثفة، ما يعكس أن ما يجري ليس مبادرات فردية أو اجتهادات محلية، وإنما تنفيذ لأجندة خارجية مدروسة، تخشى من العمليات اليمنية التي كسرت كبرياء الصهيونية في المنطقة، ومخططاته التوسعية.
والحديث عن الاتصالات السابقة للخائن العميل الزبيدي مع العدو الصهيوني، والإعلان عن الاستعداد للانخراط في مسار تطبيع علني، يعكس وضوحاً غير مسبوق في النوايا، ويشير إلى أن المناطق والمحافظات المحتلة يُراد لها أن تُطرح سلعة في سوق الاعتراف الدولي مقابل ربطها بمشاريع لا علاقة لها بمصالح اليمنيين.
أما الدور الأبرز في دفع هذا المشروع، فيظهر جلياً في تحركات الإمارات، التي سخرت أدواتها السياسية والإعلامية والعسكرية والمالية، وضخت دعماً مباشراً لما يسمى بـ “المجلس الانتقالي”، خدمةً لاستراتيجيتها القائمة على تثبيت نفوذ طويل الأمد في الممرات البحرية الاستراتيجية، من باب المندب حتى خليج عدن.
وبذلك، تسعى إلى جعل المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة برمتها منصة نفوذ تحاول من خلالها أن تتحكم في أمن البحر الأحمر، وتجيره لحماية كيان العدو الصهيوني.
هذه الأجندة تتجاوز البعد اليمني المحلي لتصب في إطار ترتيبات إقليمية أوسع، تُستخدم فيها الأدوات المحلية، كما هو واضح من مليشيات المدعو “طارق عفاش” في الساحل الغربي، وإعادة تدوير النفايات القديمة، كالخائن العميل “أحمد علي عفاش”، لتقليل الكلفة على الكيان المؤقت ومن ورائه أمريكا وبريطانيا ودول الاستكبار العالمي التي هزمت في المعركة البحرية أمام اليمن، خلال معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.
مدير مركز المعلومات بدائرة التوجيه المعنوي، الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، زكريا الشرعبي، وصف كلمة المدعو “الزبيدي” ومشاريعه الانفصالية بأنها مجرد واجهة لمخططات إقليمية ودولية تستهدف اليمن بأكمله.
وأكد أن الدعوة إلى إقامة دولة جنوبية مستقلة وإقامة علاقات مع كيان العدو الصهيوني تمثل جزءاً من صفقة أوسع تعمل الإمارات على إدارتها بما يضمن لها موقعاً استراتيجياً متقدماً في المنطقة.
واعتبر الشرعبي في حديثه لبرنامج “ملفات” على قناة “المسيرة” أمس، أن مثل هذه المشاريع تستند إلى تحويل الهوية الوطنية الجامعة إلى فسيفساء هشة، وتحويل الجنوب إلى ساحة اختبار لأجندات أجنبية تتجاهل معاناة اليمنيين واحتياجاتهم الأساسية.
وأوضح أن وعي الشعب وتجربته في مواجهة الاحتلال قادران على إفشال مثل هذه المخططات مهما كان حجم الدعم الخارجي.
أما الباحث والكاتب الفلسطيني علي مراد اعتبر أن الحديث المتكرر عن التطبيع والاتصالات مع كيان العدو الصهيوني يكشف حقيقة المشروع وأبعاده.
وقال مراد في حديثة لقناة “المسيرة” أمس، إن التوجه لا يعبر عن خيار شعبي وإنما يعكس أجندة مفروضة من الخارج ضمن استراتيجية لإعادة هندسة الجغرافيا السياسية في المنطقة بما يخدم العدو الصهيوني وحلفاءه.
وأكد أن أي محاولة للحصول على اعتراف خارجي عبر التطبيع ستفشل، لأن التجارب في المنطقة أظهرت أن أي سلطة تراهن على العدو تفقد شرعيتها سريعاً وتواجه عزلة شعبية خانقة.
وأشار مراد إلى أن الشعب اليمني، بتاريخه وتجربته في مواجهة الغزو والحصار، لن يسمح بتمرير مشروع يبيع الأرض والسيادة مقابل وعود زائفة.
انعكاسات هذه التحركات على الداخل الجنوبي تبدو خطيرة، فالتركيز على ملفات خارجية كالتطبيع والاعتراف الدولي يأتي على حساب الخدمات الأساسية التي يعاني منها المواطن يومياً، ما يفاقم الاستقطاب الداخلي ويُعمق حالة الرفض الشعبي.
تبنّي مثل هذا المسار لا يضعف فقط الروابط الوطنية، بل يخلق أيضاً بيئة صراعية مرشحة للانفجار مع كل خطوة إضافية باتجاه الانفصال أو الارتهان للخارج، وهذا خيار نتائجه عكسية تماماً.
في المقابل، لا تزال الجبهات الوطنية في اليمن تحتفظ بقدرة كبيرة على المواجهة والصمود، أثبتت التجربة العسكرية والسياسية والميدانية، والإعلامية المساندة لغزة، والمتصدية لقوى العدوان منذ عشرة أعوام، وهزيمة تحالفات بحرية دولية بقيادة أمريكية بريطانية صهيونية، أن القوى الوطنية ممثلة بحكومة التغيير والبناء، قادرة على إفشال المشاريع والأطماع الخارجية.
ويبقى التحدي الأكبر أمام الشعب اليمني، ليس الأدوات العميلة المحلية، بل استيعاب الدول الوظيفية في المنطقة لخطورة المرحلة، ومدى تبعات عمالتها للكيان الصهيوني، ومشروع الاستباحة المستهدف للجميع، ومراجعة حساباتها قبل أن يجبر اليمن على تأديبها، بعمليات لا يمكن تخيل حجم أثارها وتداعياتها على مستقبل تلك العروش المهترئة، ومقدراتها الاقتصادية والسياسية.
وحسب المحللين فالسيناريوهات المحتملة أمام المشهد اليمني متعددة، الأول يتمثل في إعلان انفصال مفاجئ يقترن بمحاولة الحصول على اعتراف خارجي سريع، ما قد يقود إلى اندلاع صراع داخلي جديد، في كيانات المناطق المحتلة واجندتها المتصارعة، وهذا سيقود اليمن وقيادة في صنعاء، الى ضرورة تأديب كلاً من الأمارات والسعودية، وتوسيع خيارات الردع الاستراتيجية في أسناد غزة، لأفشال مخططات العدو الصهيوني في اليمن.
والثاني يقوم على التدرج في فرض أمر واقع ببطء مع إغراء بعض الفئات بمكاسب آنية، وهذا ما يستبعده المحللون، أما السيناريو الثالث فيبقى قائماً وهو فشل المشروع بفعل المقاومة الشعبية والميدانية، داخل المناطق والمحافظات المحتلة، ونشوب ثورة شعبية تدفن العملاء والخونة ومشاريعهم إلى الأبد ما يؤدي إلى خروج القواعد الأجنبية والعربية في اليمن تراجع الدعم الخارجي أو إعادة ضبطه، ورمي العملاء، والقرارات الدولية، في مزبلة التاريخ.
أمام هذه الاحتمالات، تبدو الحاجة ملحة إلى خطوات عملية واضحة، أبرزها توحيد الموقف الوطني على قاعدة حماية السيادة ووحدة التراب، وتقاوم مشاريع التمزيق.
كما يظل الضغط الشعبي من أجل حماية الخدمات العامة وتحسين الوضع المعيشي عاملاً أساسياً لمنع استغلال الأزمات المعيشية في تمرير أجندات خارجية.
وفي مواجهة ذلك، فإن الشعب اليمني يملك من الوعي والتجربة ما يكفي لإدراك حجم المؤامرة ورفضها.
فما تحتاجه المرحلة هو تكثيف العمل الوطني الجامع، والاستمرار في فضح هذه المخططات وتعزيز التماسك الداخلي، وتصعيد المواجهة ضد أئمة الكفر والنفاق، بعمليات بحرية وتوسيع خياراتها الرادعة للكيانات والدول والشركات المستمرة في تشجيع جرائم الحرب والإبادة في غزة، وتوسيع بنك الأهداف للعمليات اليمنية الدقيقة في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأمام هذه السيناريوهات، سيدرك العالم أجمع أن اليمن بحضارته وتاريخه التليد ليس سلعة تُباع في سوق الأطماع الاستعمارية ومشاريع الاستباحة الأمريكية الصهيونية في المنطقة، بل هو مقبرة للغزاة والمحتلين وأدواتهم الرخيصة، كان وسيظل إلى الأبد.
وإن غزة وإسناد القضية الفلسطينية قضية دينية وإيمانية ووجودية لشعب الإيمان والحكمة، ولا يمكن المساومة أو التفريط بها، مهما كانت التضحيات.