المنبر الاعلامي الحر

العقوبات على اليمن .. القرار الذي فضح النظام الدولي وكشف الوجه الحقيقي لمجلس الأمن

العقوبات على اليمن .. القرار الذي فضح النظام الدولي وكشف الوجه الحقيقي لمجلس الأمن

يمني برس | تقرير | طارق الحمامي
في خطوة وُصفت بأنها امتدادٌ لنهج الانحياز الغربي داخل مجلس الأمن، أعاد المجلس فرض العقوبات على اليمن، في وقتٍ تُباد فيه غزة تحت القصف لأكثر من عامين، ويُحاصر الشعب اليمني منذ عقد كامل دون أن يرفّ للمجتمع الدولي جفن، القرار لم يأتِ خارج سياقٍ دولي مضطرب، بل كحلقة جديدة في سلسلة من السياسات التي تكشف انحيازًا فاضحًا، وتثبت أن المنظومة الأممية باتت تعمل تحت سقف واحد: سقف الهيمنة الأمريكية والغربية.

مجلس الأمن .. منصة نفوذ غربي لا مرجع عدالة دولية

يرى محللون أن مجلس الأمن لم يعد جهةً لردع الجرائم أو حماية الشعوب، بل أصبح شريكًا صامتًا في المأساة، فسنوات من المجازر في غزة لم تستدعِ منه حتى بيان إدانة واضح، في حين يغطي صمته المستمر على حصار اليمن وعدوانه، وكأن ميثاق الأمم المتحدة وُضع ليُطبّق على البعض دون البعض الآخر.

ويشير المحللون إلى أن المجلس تحوّل إلى منصة لإعادة تعريف حقوق الإنسان بما يتناسب مع الهوية والمصالح الغربية، فيما تُختزل المصلحة الدولية في الإرادة الأمريكية، دون اكتراث لما يتعرض له ملايين البشر تحت الحصار والجوع والقصف.

قرار العقوبات .. أداة ضغط

يعتبر خبراء سياسيون أن إعادة فرض العقوبات على اليمن يأتي مكملًا لسياسة استخدمت الفصل السابع لتبرير الحصار والعمليات العسكرية، رغم أن نص القرار كان محصورًا في منع توريد الأسلحة، أما اليوم، فقرار تجديد العقوبات يكشف وفق مراقبين أن الهدف إبقاء اليمن تحت ضغط مستمر، ومعاقبة الشعب اليمني على خياراته السياسية ومواقفه تجاه قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وقبل أن يصدر مجلس الأمن قراره، كان المشهد في المنطقة محمّلًا بصور لا تحتاج إلى تفسير، فغزة تُقصف بلا توقف منذ عامين، بأسلحة أمريكية وغربية، فيما يموت الأطفال تحت الركام بلا قدرة للمجلس حتى على إصدار إدانة شكلية.
وفي اليمن، يعيش المدنيون عشر سنوات من الحصار والجوع وانهيار الاقتصاد، وسط عجز دولي عن اتخاذ موقف أخلاقي لإنهاء المأساة الإنسانية.

وسط هذه الوقائع، جاء القرار الأممي، ليضيف عبئًا جديدًا، ويؤكد أن المعايير التي تحكم المجلس لم تعد إنسانية ولا قانونية، بل سياسية بالكامل.

وتذهب بعض الآراء إلى التحذير من انحراف بعض المنظمات الدولية العاملة في اليمن نحو أدوار تتجاوز العمل الإنساني، وصولًا إلى ممارسات استخبارية واختراقات أمنية لمصلحة دول العدوان وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل والسعودية، تحت غطاء الدعم الإغاثي، ويرى سياسيون أن ما يحدث يكشف مدى قدرة دول الاستكبار العالمي وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا وكيان إسرائيل على توظيف المؤسسات الأممية في مسارات تخدم مصالحها الأمنية والسياسية.

الموقف اليمني .. رفضٌ للهيمنة وتأكيدٌ لثبات المواقف

من جهة صنعاء، يأتي الرد على القرار بلهجة واضحة، أن العقوبات ليست إلا محاولة لمعاقبة اليمن على صموده واستقلال قراره ودعمه لغزة، ويؤكد الموقف اليمني أن ما تفعله الولايات المتحدة والغرب من دعم غير محدود لكيان العدو الإسرائيلي بالسلاح والمال والغطاء السياسي، يجعل القرار الأممي جزءًا من مشروع أكبر يستهدف الشعوب الرافضة للهيمنة.

وتشدد صنعاء على أنها ثابتة في موقفها المساند لغزة ولكل الشعوب المظلومة، وأنها ستتعامل بالمثل مع أي قوة تمسّ سيادة اليمن أو تحاول الإضرار بمصالحه، مؤكدة أنها لن تتردد في حماية حقوقها بكل الوسائل المشروعة.

روسيا والصين .. امتناع يحمل رسالة

ورغم أن كلا من روسيا والصين امتنعتا عن التصويت، إلا أن الموقف اليمني اعتبر هذا الامتناع خطوة إيجابية تعبّر عن صحوة أخلاقية ووعي بخطورة استخدام العقوبات كأداة إخضاع للشعوب، غير أن أصواتًا يمنية كانت تأمل أن يصل موقف موسكو وبكين إلى حدّ إسقاط القرار ورفضه نهائيًا بوصفه غير متوازن وغير عادل، ويرى محللون أن الموقف يحمل رسائل سياسية ضد التوسع الأمريكي في استخدام العقوبات، لكنه يبقى محكومًا بحسابات تتعلق بالعلاقات مع السعودية والإمارات، وهكذا تتضح الصورة، لا أحد يتحرك خارج مصالحه، حتى عندما يتعلق الأمر بقضية إنسانية معقدة كالملف اليمني.

البحر الأحمر على صفيح ساخن

يتزامن القرار مع ارتفاع منسوب التوتر في البحر الأحمر، حيث يتوقع محللون أن يؤدي فرض العقوبات إلى تصعيد أكبر، خصوصًا مع تزايد التحركات العسكرية الدولية في الممرات المائية، ويحذر خبراء من أن تداعيات التصعيد قد تطال الجميع، بما في ذلك القوى الكبرى ذات المصالح الاقتصادية الحيوية في المنطقة.

ختاماً

قرار العقوبات الأخير ليس مجرد إجراء أممي، بل هو فصل جديد من فصول الهيمنة التي تُمارس على حساب الشعوب الضعيفة، ومع استمرار الصمت الدولي على مأساة غزة، وتجاهل المعاناة المستمرة في اليمن، تتسع الفجوة بين ما تدّعيه الأمم المتحدة من قيم، وما يُمارَس فعليًا على الأرض من سياسات انتقائية.

وبينما يُستخدم مجلس الأمن لتجريم طرف وتبرئة آخر، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة أكثر توترًا، وأن اليمن رغم الحصار والقرارات يعلن بوضوح أنه لن يتراجع عن خيار الدفاع عن سيادته ودعم قضايا الأمة مهما اشتدت الضغوط.

Comments are closed.