فاجأ الرئيس عبدربه منصور هادي الوسط السياسي، أمس الأول، بقرار تغيير وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، واستبداله بمندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة خالد اليماني. وقضى القرار بتعيين المخلافي مستشاراً للرئيس هادي، لينضم إلى قطار المستشارين الطويل، القطار الذي يعيد إلى الأذهان ما كان يعرف باسم «المجلس الاستشاري» في حقبة صالح، وكان يرأسه عبد العزيز عبد الغني، وفق تقديرات سياسية.
أطاح هادي بالمخلافي، وهي خطوة لم تكن متوقعة ربما كثيراً، بحكم الصورة التي تدور في أذهان يمنيين عن أن المخلافي سياسي بارز ويحمل كاريزما مناسبة، وأنه يملأ المكان الذي كان فيه. ويأتي قرار تغيير المخلافي، في هذا السياق نوعا ما، من خلال الرواية التي حصل عليها «العربي».
مصادر سياسية في مكتب الرئيس هادي كشفت لـ«العربي»، أن «قرار تغيير المخلافي اتخذ قبل ثلاثة أشهر، وتحديداً عقب تغيير المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد، وعلى الرغم من محاولة المخلافي ردم الفجوة بينه وبين الرئيس هادي إلا أنه لم يتمكن».
وقالت المصادر السياسية، إن «العلاقة بين المخلافي والرئيس هادي، تدهورت كثيراً خلال الفترة الأخيرة، وأن الرئيس هادي اكتشف بأن الوزير المخلافي كان يعمل لنفسه مع المجتمع الدولي أكثر مما يعمل للشرعية، وأن الرجل بدأ يفكر ويمهد لتسويق نفسه ليكون رجل المرحلة القادمة»، خصوصاً وأن المؤكد، وما سيكون في المرحلة القادمة، هي تسوية سياسية بين أطراف الصراع، وسيكون لا بد من وجود شخصية تتولى قيادة المرحلة المقبلة.
وأكدت أن «المخلافي بدأ يفكر في هذا الاتجاه، وبدأ العمل من خلف الكواليس وبعيدا عن هادي وعن القضية التي يريد تسويقها حالياً هادي وشرعيته، خصوصا وأنه في مرحلة دفاع مستميت عن نفسه وعن الشرعية التي يجري ضربها من تحت الحزام وتواجه سيناريوهات متعددة، تعمل على إيصالها إلى الفشل».
عوامل عدة جعلت هادي، يتوصل إلى قرار الاطاحة، فكان يرى أن صوت المخلافي «مرتفعاً وحاداً، بحكم أنه يمثل اليمن ويمثل الشرعية» في غير المكان الذي يريد الرئيس، «خصوصاً كلما ارتفع سقف الحديث عن الشرعية، وتطور الصراع والمواجهة مع دولة الامارات، التي عطلت مهام الشرعية وحولتها إلى أسير». كان المخلافي يصمت، ولم يواكب خطاب «الشرعية» ولم يكن في صف التصعيد الذي لجات إليه «الشرعية» في الفترة الأخيرة. ربما مرحلة المواجهة الأخيرة التي جرت بين «الشرعية» وبين ابو ظبي في جزيرة سقطرى، كانت بمثابة المبرر الأخير في اتخاذ قرار إقالة المخلافي من منصبه في الخارجية. ففي هذه الجولة، بحسب المصادر السياسية المقربة من مكتب الرئيس هادي، «لاحظ هادي الموقف الملفت والقوي الذي ظهر به مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة خالد اليماني، بشأن ما يتعلق باحتلال ابو ظبي لجزيرة سقطرى، واستطاع أن يمثل موقف الشرعية في المحافل الدولية وفي أروقة مجلس الأمن الدولي، ولدى الأمم المتحدة؛ وعلى إثره استطاع أن ينتزع موقفا قويا مساندا للشرعية وموقفها في سقطرى»، في حين لم يكن للمخلافي أي صوت في هذا الاتجاه، واتضح لدى الرئيس ما يدور في ذهن المخلافي، وأنه يقدم حزب «الناصري» وعلاقته مع الامارات على «الشرعية» وعلى مواقفها.
من جهة ثانية، تفيد مصادر مقربة من المخلافي، أن إقالته تأتي في الأساس «لاستبعاده من فريق المشاورات عن الشرعية، خاصة وأن جولة مشاورات قادمة ستعقد عقب شهر رمضان، بعد أن يقدم غريفيث لمجلس الأمن رؤيته لإطار المشاورات قبل عيد الفطر».
هذا يعني بحسب المصادر المقربة من المخلافي، أن «الإصلاح يستفرد بقائمة أعضاء المشاورات إذا بقت على ما هي عليه سابقاً بعد أن استثني المخلافي، ويضاف عضو جديد للفريق وهو الوحيد تقريباً المحسوب فعلاً على هادي وزير الخارجية الجديد خالد اليماني».
وتتابع أن قرار إقالة المخلافي، متعلق أيضاً بالفجوة بين الرئيس هادي و«التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري إثر بعض التباينات بين الطرفين، نتيجة الموقف من دولة الإمارات وما حدث ويحدث في تعز وجزيرة سقطرى»، لدرجة قرر فيها المخلافي «الاقتراب أكثر من هادي على حساب التنظيم، وهو ما سبب بعض التحفظات من قبل الأمين العام عبدالله نعمان، إلا أن هادي والإصلاح ربما عزما على قرارهما إبعاد المخلافي، ليس لشخصه على الأرجح بل كواحدة من نتائج الصراع الخفي بين الإخوان والناصريين من جهة على عدة قضايا من بينها الموقف من الإمارات وقطر داخل الشرعية التي تتجاذبها عدة مكونات متباينة يزداد البون بين الأهداف الاستراتيجية لها مع حالة الاستقطاب الحادة نتيجة الأزمة الخليجية مع الدوحة».
مصدر سياسي في الرياض، كشف لـ «العربي»، أنه التقى خالد اليماني قبل شهرين في الرياض، وأنه أخبره «بعرض الرئيس هادي عليه تولي الخارجية اليمنية، وأنه حتى تلك اللحظة لم يرد عليه بشأن ذلك».
كان المخلافي أحد الوجوه الناصرية داخل حكومة «الشرعية». من هنا، يتساءل سياسيون عما إذا كان خروجه سيعزز من فرص نقد «التنظيم» لأداء «الحكومة» وفق الرؤية التي أعلنها أخيراً، والتي ترى وجود خلل في الرئاسة و«الحكومة»؟