المنبر الاعلامي الحر

إبنة الشهيد الدكتورجدبان في رسالة إلى روح أبيها الطاهرة ” هنيئاً لك يا أبتاه ” .

يمني برس _ أقلام حرة :

بقلم / (زينب عبدالكريم جدبان)

الشهيد الدكتور جدبان
الشهيد الدكتور جدبان

هنيئاً لك يا أبتاه.. حائرة أنا يا أبتاه.. بم أهنئك؟ .. بالشهادةالتي منحك الله إياها، بعد رحلة طويلة من الجهاد والنضال وأنت تبحث عنها في كل مكان ، وفي كل زمان، لكنك فزت ورب الكعبة بما كنت تتمناه.

هل أهنئك يا أبتاه لأنك عشت مرفوع الرأس في حياتك وعند استشهادك؟ هل أهنئك لأن الله اختارك من بيننا شهيداً؟ هل أهنئك لأنك الأنقى والأصدق، والأعظم فينا، والأكثر شوقاً للقاء؟ هل أهنئك لأنك معجزة في صمودك وفي صبرك وفي عبادتك؟

هل أهنئك لأنك وفيت بالعهد الذي قطعته على نفسك أن ترعى وتدافع عن شعبك وعن هذا الوطن الحبيب الذي اختارك لتكون ممثله في مجلس النواب، فكتبت بقلمك وخطبت بلسانك وفضحت بوثائقك كل فاسد في هذا البلد، وقد كنتَ والله تدرك أن الثمن غال وكبير، ولكنك استرخصته في سبيل الحق والعدل والحرية؟

هل أهنئك لأنك العالم والأديب والمثقف والسياسي والمناضل الصادق والمخلص؟

هل أهنئك لأنك باحثٌ عن العلم ومجالسٌ ومناقشٌ للعلماء منذ نعومة أظفارك؟ هل أهنئك لأنه لم يخل بيت إلا وبكى على فراقك، ولعن قاتليك؟ هل أهنئك لأنك جعلت من دمك الطاهر الزكي وقوداً لأحرار العالم في كل زمان ومكان؟ هل أهنئك لأن قاتليك أرادوا أن يسكتوا صوتك، ولكنهم تفاجأوا بالملايين يصرخون في وجوههم؟..

لا والله يا أبتاه.. لم يردوك على الأرض قتيلاً، ولكنهم رفعوك إلى السماء شهيداً. لا والله لم يكن قاتلوك أكثر قوة وذكاء منك، ولكنهم كانوا الأكثر غدراً والأكثر إجراماً، وكنت أنت الأولى بلقاء الحبيب، وهم الأولى أن يتلطخوا بعار دمك الزكي الطاهر المظلوم.

ستظل دماؤك الطاهرة تلاحق ضمائرهم التي تلطخت بالعار والغدر والخيانة. لم يفجعونا فيك، بل والله زادتنا شهادتك حباً وشوقاً وصموداً لأن نسير على الدرب الذي سرت عليه.

أبتاه لقد قال الحبيب محمد صلى الله عليه وآله” إن الشهيد يشفع في سبعين من أهله” فنحن نهديها إلى محبيك الذين فجعوا فيك أكثر منا، وبكوك أكثر منا، فهم الأهل وهم الأولاد وهم الأحبة.

أبتاه والله لو عرف قاتلوك بأنهم رفعوك وحققوا لك أغلى ما تتمناه لما قدموا على ما أقدموا عليه.

أبتاه لم يقدروا على مواجهتك لأنهم يعرفون شجاعتك وإقدامك، ولم يكن أمامهم لكي ينالوا منك إلا الغدر بك.

وأقول لمن لم يعرفك : أقسم بالله لو أمكنك الله من قاتلك قبل موتك لعفوت عنه، ولما أغمضت عينيك حتى تقول له ” أنت حر لوجه الله”.

هذه هي أخلاقك التي يعرفها كل من عرفك، أباً وأخاً وصديقاً ومعلماً ورفيقاً.

لم تكن شهادتك يا أبتاه صدمة لنا، بل هذا والله ما كنا نتوقعه كل لحظة، بل كان موجعاً لنا أن تموت على فراشك بعد كل هذا الجهاد الطويل، في كل الميادين.

لم يكن غريباً أن يبكيك كل حر وشريف في هذا العالم؛ لأنك بحق من رسمت لهم الطريق نحو الحرية والكرامة، وما كانت شهادتك إلا ثمناً لهذه الحرية التي نشأت عليها منذ نعومة أظفارك.

لم أعرفك أبتاه إلا مُؤثِرا غيرك على نفسك، لم أعرفك إلا باحثاً عن سعادة الآخرين إلا في هذا الموقف لقد والله آثرت نفسك شهيداً إلى الجنان وتركتنا. للمرة الأولى يا أبتاه أعرفك تقدم مصلحتك وترحل إلى دار السعادة وتترك محبيك يشقون بالبكاء عليك.

وفي الأخير أشهد يا أبتاه أنا لم نكن وحدنا للعزاء برحيلك، فقد كان البلد كله مفجوعاً برحيلك، وموجعاً بغيابك، وقد كنا والله من نسلي محبيك ونواسيهم في مصابهم.

رحمة الله عليك يا أبتاه يوم عرفناك طالباً ومشتاقاً للشهادة، وسلام الله عليك يوم عرفناك قوَّالاً بالحق في وجه كل ظالم، وسلام الله عليك يوم قدمت روحك فداء ووفاء للحق والعدل والحرية. ابنتك/ زينب عبد الكريم جدبان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com