المنبر الاعلامي الحر

في اليمن ..بلاك ووتر بترخيص من التحالف الدولي

يمني برس : عبد الحليم سعود

 

على الرغم من أن شهرة الشركات الأمنية المشكلة من مرتزقة وقتلة مأجورين من جنسيات مختلفة كشركة بلاك ووتر الأميركية ذات السمعة السيئة وغيرها ارتبطت بحرب العراق منذ عام 2003 إلا أن هذه الشركات قد اضطلعت بدور قذر في الحرب العدوانية على اليمن، وفيما يحلو لبعض الإعلام المضلل أن يطلق على دول العدوان على الشعب اليمني اسم «التحالف العربي» إلا أن الكثير من التقارير والوقائع التي سجلتها الحرب منذ نحو أربع سنوات قد أكدت بما لا يرقى إليه الشك أن مقاتلين أجانب ومرتزقة موظفين في هذه الشركات يقاتلون ضمن هذا التحالف.

تقول تقارير أوردتها صحف أجنبية ومواقع إلكترونية أن السعودية والإمارات استعانتا منذ آذار عام 2015 بآلاف المرتزقة العاملين في الشركات الأمنية بعد أن تعاظمت خسائرهما في الحرب، وبينما كان التوقع لديهما أن الحرب ستكون خاطفة، إلا أن المقاومة اليمنية كانت شرسة وأرهقتهما ماديا وبشريا، فاضطرتا للاستعانة بجهود المرتزقة الأجانب العاملين في شركة بلاك ووتر الأميركية وشركة غلوبال انتربرايزس الكولومبية وغيرهما.

وأشار موقع «لوبلوغ» -المعني بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة- إلى أن الإمارات والسعودية يستعملان «جيشا خاصا من المتعاقدين» في حرب اليمن، وأن الإمارات نشطت منذ بداية الحرب في توظيف «مقاولين عسكريين» في اليمن وليبيا، نظرا لضعف قدراتها العسكرية الذاتية.

مرتزقة بالآلاف وعقود بمليارات الدولارات

ففي تشرين الأول عام 2015 كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن إرسال الإمارات – عن طريق إيريك برنس مؤسس بلاك ووتر – 450 مرتزقا من أميركا اللاتينية (بنما والسلفادور وتشيلي وكولومبيا) قبل أن يزداد العدد لاحقا إلى أكثر من 1500.

من جهتها، كشفت صحيفة تايمز البريطانية في تقرير لها عن استئجار أبو ظبي مئات المرتزقة من كولومبيا كجزء من جيش خاص وفرته «بلاك ووتر» كما أشار موقع «كاونتر بانتش الأميركي» أيضا إلى أن المئات من العناصر من كولومبيا وبنما والمكسيك وتشيلي يقاتلون إلى جانب الإمارات في اليمن.

وأكدت الصحيفة أن «بلاك ووتر» حصلت عام 2010 – قبل حرب اليمن بخمس سنوات – على عقد من أبو ظبي بقيمة خمسمئة مليون دولار تتولى بمقتضاه حماية أنابيب النفط والأبراج المهمة، وتوفير الدعم اللوجستي للجيش الإماراتي واحتواء الاحتجاجات الداخلية.

وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد ذكرت في تقرير لها بتاريخ 15 أيار 2011 أن برنس وقع اتفاقا مع الإمارات بقيمة 529 مليون دولار استقدمت شركته بموجبه ودربت 800 عنصر – معظمهم من كولومبيا وجنوب أفريقيا- للقتال تحت قيادة القوات الإماراتية.

من جهته، أشار موقع «لوبلوغ» الأميركي إلى أن الإمارات وظفت برنس لأغراض دفاعية في ظاهرها، لكن الأحداث التالية خصوصاً في حربي اليمن وليبيا أظهرت أن اعتماد الإمارات على المتعاقدين الأجانب لأغراض عسكرية واستخبارية ذهب أبعد مما كان يعتقد.

كما تحدثت تقارير إخبارية عن قيام «إس سي إل» الشركة الأم لكامبريدج أناليتيكا -التي تتخذ من بريطانيا مقرا- بعملية مراقبة في اليمن لجمع معلومات من السكان المحليين لفائدة الإمارات.

وكان مكتب المحاماة «أنسيل» في بريطانيا قد تقدم أواخر تشرين الثاني 2017 بشكوى لدى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بشأن استخدام الإمارات مرتزقة ساهموا في جرائم الحرب التي ارتكبها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في حرب اليمن.

بعد الخسائر الجسيمة التي تلقتها الامارات في عدوانها على اليمن، وبعد مقتل 67 من العسكريين الإماراتيين بينهم «أمراء» في ضربة توشكا صافر بمأرب في 4 أيلول 2015 قررت أبو ظبي الاستعانة بمرتزقة بلاك ووتر للقتال عنهم في اليمن، وعقدت الإمارات والشركة صفقة بتوريد مئات المرتزقة من عصابات أمريكا الجنوبية مقابل مبالغ خيالية، وبحسب موقع «ديلي ماسنجر» فإن مقاتلي بلاك ووتر يتقاضون ألف دولار أسبوعياً كراتب معتمد لقتالهم في اليمن.

وكشف موقع «كاونتر بانتش الأميركي» في تقرير له أن قوات وصفها بالمرتزقة يغادرون صفوف جيوشهم الوطنية للقتال في صحراء اليمن، وارتداء الزي الرسمي لجيش دولة الإمارات.

وقال الموقع ان عدداً منهم تم التعاقد معه من قبل شركات أميركية خاصة، كشركة بلاك ووتر، وتم تدريبهم في الإمارات قبل أشهر، ويصل عددهم إلى 450 عنصراً من الجنسيات المختلفة مثل كولومبيا وبنما وسالفادور وتشيلي.

وأضاف الموقع أن الولايات المتحدة دربت أكثر من 30 ألف عسكري من أربع جنسيات للمشاركة في حرب اليمن.

المرتزقة ارتبطوا بصعود بن سلمان

تقول تقارير أخرى ان السعودية بدأت بنسج علاقات وطيدة مع بلاك ووتر، مع صعود ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان.

وأشارت تقارير إعلامية واستخباراتية عدة إلى أن الرياض استعانت ببرنس وشركاته الأمنية لتوفير مقاتلين من أجل حربها في اليمن، في محاولة لحسم الحرب.

وأكدت صحيفة «إل تمبو» الكولومبية في تشرين الأول 2016 أن 400 عنصر من «بلاك ووتر» – بينهم كولومبيون وأميركيون ومكسيكيون- يقاتلون في بعض الجبهات باليمن لمصلحة القوات السعودية، وأن بعضهم قتل بالمعارك خاصة في تعز. وكان موقع «العهد الجديد» الإخباري السعودي قد كشف في تموز 2017 أن 150 مرتزقا من شركة «أكاديمي» ـ وهو اسم مضلل لبلاك ووتر ـ وصلوا كمجموعة أولى إلى المملكة بموجب عقد بلغت قيمته نحو مليار دولار، بعد أسبوع واحد من عزل ولي العهد السابق محمد بن نايف في حزيران وتولي بن سلمان مكانه، ليصل العدد لاحقا إلى نحو ألف شخص.

كما ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية -في تقرير أواخر تموز 2018- أن المملكة تستعين بمرتزقة من أميركا الجنوبية وجنوب أفريقيا في حرب اليمن، وأنها تنفق نحو خمسة مليارات دولار على هؤلاء المرتزقة ضمن نفقات أخرى.

ولإسرائيل حصة..

من جهتها، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن نحو عشر شركات أمنية إسرائيلية خاصة وأخرى تابعة لوزارة الأمن وجدت طريقها إلى السوق الإماراتي وأسواق عربية أخرى لكن بأسماء غربية. ورغم توسع اعتماد كل من أبو ظبي والرياض على الشركات الأمنية الخاصة وخصوصا «بلاك ووتر» في حربهما باليمن، ومليارات الدولارات التي صرفت، فإن حسم الحرب عسكريا يبدو بعيد المنال – وفقا لمعظم المحللين- في وقت يتواصل نزيف الدم اليمني ببنادق المرتزقة أو بغيرها.

خسائر كبيرة وقرار بالانسحاب

تلقت الشركات الأمنية المقاتلة في اليمن خسائر كبيرة لم تكن بالحسبان حيث استطاع الجيش اليمني وعناصر اللجان الشعبية تمريغ أنفهم بالتراب اليمني، وهو ما اضطر شركة بلاك ووتر لإعلان انسحابها عام 2016، في حين مازال الآلاف من عناصر شركات أخرى يرتكبون الجرائم ضد الشعب اليمني ضمن تحالف العدوان السعودي.

وتؤكد المعلومات أن عشرات من كبار ضباط وجنود شركة بلاك ووتر قتلوا في مواجهات مع المقاتلين اليمنيين في مناطق عدة أبرزها العمري وذباب القريبة من باب المندب ومناطق أخرى بين لحج وتعز جنوب اليمن.

ففي شباط عام 2016 سحبت شركة «بلاك ووتر» الأمريكية مرتزقتها من الأرض اليمنية، رغم الإغراءات المالية الكبيرة المعروضة عليها، لتؤكد حجم الخسائر التي تلقتها الشركة خلال المواجهات.

وكشف موقع «نوفاروسيا» ان مجموعة بلاك ووتر الأمريكية قد تخلت عن جبهة تعز في غرب اليمن بعد معاناة وخسائر فادحة وقعت في صفوف عناصرها.

وأكد الموقع مقتل أكثر من 100 جندي من مرتزقة بلاك ووتر في جبهة تعز، من اثنتي عشرة جنسية، من بينها الجنسية الكولومبية والأرجنتينية، ومع ذلك، كانت هناك أيضا خسائر من الولايات المتحدة، وأستراليا، وفرنسا وبريطانيا.

كما خسرت «بلاك ووتر» سمعتها أمام قوة وصلابة المقاتل في الجيش اليمني واللجان الشعبية حيث ثبت للجمیع أن الیمن لیس كغيره من البلدان، وأن المقاتل الیمني یمتلك من الخبرة والكفاءة العسكرية والشجاعة ما يؤهله لدحر قوات الغزو مهما اقتنت من معدات حربية متطورة ومهما استعانت بمرتزقة ومأجورين.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com