المنبر الاعلامي الحر

المعاقون في اليمن… مأساة إنسانية ورسالة إلى أحرار العالم!

المعاقون في اليمن… مأساة إنسانية ورسالة إلى أحرار العالم!

يمني برس:

 

لم تتوقف جرائم العدوان الغاشم على اليمن يوماً واحداً ولم تستثنِ صواريخ وطائرات وقنابل هذا التحالف الإجرامي منطقة ما أو فئة أو شريحة اجتماعية بعينها بل طالت يد الإجرام الصهيوسعوأمريكي كل أبناء الشعب اليمني بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم وشرائحهم دون تمييز.

 

إن كثرة المجازر التي ارتكبها تحالف العدوان بحق المدنيين الأبرياء مستخدماً فيها كافة الأسلحة الفتاكة والمدمرة رغم تحريمها وتجريمها دوليا، قد جعلت اليمنيين يعرفون حقيقة العدوان أكثر، ودفعتهم إلى الإيمان بعدالة قضيتهم، وحقهم في الدفاع عن أنفسهم بكافة الوسائل المشروعة، ضمن إطار الحق القانوني المكفول في كل الشرائع والقوانين والدساتير، خاصة وقد اعتاد المجتمع اليمني أن يصحو على مجزرة نتيجة استهداف سوق شعبي أو عرس أو مأتم في منطقة ما، وأن ينام على تفاصيل جريمة بشعة بحق أطفال في مدرستهم أو على متن حافلتهم أو مزارعين في حقولهم، في ظل صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة خاصة التي تدعي تبنيها لحقوق الإنسان وحمايتها للمدنيين الأبرياء وقوانين الحروب التي تقضي بضرورة تجنيب المدنيين مخاطر الحروب وويلات الصراعات، ولكن الأدهى من ذلك والأشد مرارة هو صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان والمنظمات ذات العلاقة، عن استهداف تحالف العدوان لشريحة المعاقين في اليمن استهدافاً مباشراً من خلال قصف مقراتهم ومراكز إيوائهم وأماكن رعايتهم، تماماً كما حدث حين استهدف طيران العدوان بالقصف المباشر مركز النور للمكفوفين، مما خلَّف عشرات الضحايا من الجرحى، إضافة إلى إعاقاتهم السابقة والآثار النفسية التي نتجت عن ذلك الاستهداف الاجرامي الغادر في ظل صمت الأمم المتحدة ومنظماتها التي طالما تشدقت بحماية حقوق الإنسان وحماية حقوق المعاقين التي أقرتها الأمم المتحدة رسمياً في 13 ديسمبر 2007م وكانت اليمن من أوائل الدول الموقعة على تلك الاتفاقية في 30 مارس 2007م لكنها بقيت حبراً على ورق وكأن ما يهم الامم المتحدة ومنظماتها من تلك الاتفاقية هو الاحتفال باليوم العالمي للمعاق، في الثاني من إبريل من كل عام.

 

تؤكد التقارير الصادرة عن الاتحاد الوطني لجمعيات رعاية المعاقين أن نسبة المعاقين في اليمن تتراوح بين 10% إلى 13% من إجمالي عدد السكان أي ما يساوي 3 ملايين معاق تقريباً إضافة إلى أن نسبة 90% من أولئك المعاقين يعيشون تحت خط الفقر لكن تلك الأعداد المهولة والنسب المخيفة لم تتوقف عند ذلك الحد ولم يكن ارتفاعها طبيعياً كما تقضي التوقعات، بل تجاوزت كل التوقعات بسبب العدوان على اليمن، الذي فاقم المعاناة لدى المعاقين السابقين وأضاف معاقين جدد من المدنيين العزل بأعداد مهولة نتيجة لجرائمه التي خلفت أبشع المجازر وأكثرها دموية ووحشية.

 

أصبح وضع المعاقين في اليمن مأساوياً ومستقبلهم مخيفا بتيحة لذلك العدوان الوحشي، الذي نالهم منه النصيب الأكبر سواء بالقصف المباشر أو بالاستهداف غير المباشر من خلال الحصار وقصف المنشآت الحيوية ومراكز علاجهم وتأهيلهم، ويمكن إجمال طبيعة الوضع الراهن الذي يعيشه المعاقون في اليمن في أبعاده المأساوية في النقاط الآتية :-

 

– خلَّفت جرائم ومجازر العدوان بحق المدنيين أكثر من عشرة آلاف معاق معظمهم تعرضوا لحالات بتر أطرافهم.

 

2- تعرض المعاقون لأضرار بالغة نتيجة الاستهداف المباشر وغير المباشر من قبل طيران العدوان ولكن لم يتم تسليط الضوء عليهم بالشكل الكافي.

 

3- تعرضهم للقصف المباشر وعجزهم عن النزوح، جعلهم عرصة للموت أكثر من غيرهم.

 

4- حرمان ما نسبته 40% من المعاقين من تلقي العلاج المستمر وهذا جعلهم عرضة لانتكاسة صحية خطيرة بسبب الحصار الذي فرضه العدوان على استيراد الأدوية مما جعل صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، يعاني من حالة من الشلل والعجز عن استيراد أو شراء الأدوية المطلوبة خاصة بعد استهداف معظم موارد الصندوق بالقصف المباشر.

 

5- عظم تمكن المعاقين من السفر رغم حرج معظم الحالات مما أدى إلى حدوث مضاعفات خطيرة لدى الكثير منهم.

 

إن الحديث عن معاناة شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن يعني الحديث عن سلسلة من المأساة والمعاناة التي لا تنتهي إلا بنهاية هذا العدوان الإجرامي الظالم رغم أن آثارها وانعكاساتها وتداعياتها السلبية ستظل عالقة على الحالة النفسية للمعاقين وسيبقى ذلك الاستهداف الممنهج عاكسا لطبيعة العدوان، وإفلاسه وتخبطه وعحزه، بعد أن مُني بالهزائم النكراء في ميدان المواجهة العسكرية فعاد ليصب جام غضبه على أبناء الشعب اليمني العزل وفي مقدمتهم شريحة المعاقين، وكل المنشأت والبنى التحتية والأعيان المدنية التي تتعلق بسير حياتهم.

 

وفي ظل تلك الانتهاكات الجسيمة والصمت الدولي والتواطؤ الأممي، يبقى صوت الأحرار والشرفاء في هذا العالم صارخا مستنكرا، ويبقى الأحرار والشرفاء المخلصون من أبناء هذا الوطن عامة وقيادة الصندوق خاصة ليمثلوا بارقة الأمل الأخيرة في حياة المعاقين، ليقدموا من خلال صندوق رعاية وتأهيل المعاقين دورهم الوطني والديني والإنساني مؤكدين استمرار العطاء في ظل انعدام الموارد وتوحش الأعداء.

 

صندوق رعاية وتأهيل المعاقين.. استمرار العطاء رغم انعدام الموارد وتوحش الأعداء

 

لا يمكن بأي حال من الأحوال إيجاد التوصيف المناسب لطبيعة الحرب الكونية على اليمن اعتماداً على الأنساق التقليدية أو البحث عن الأشباه والنظائر في تاريخ الحروب البشرية ذلك لأن من المعلوم والمتعارف عليه أن أي حرب لابد أن تكون بين طرفين رئيسين، متكافئين أو شبه متكافئين في الحضور السياسي والتسليح العسكري ويتمتع كل طرف منهما بتحالفاته الاستراتيجية، التي يكون لها الدور البارز في تحديد مسار الحرب ووضع نهايتها، لكن ما حصل في اليمن كان مغايراً للمألوف، ومتجاوزاً للسائد، فقد وقف ثلة من الأحرار الشرفاء من أبناء الشعب اليمني في كفة المقاومة والدفاع عن النفس، بينما وقف العالم بأكمله في صف تحالف العدوان الإجرامي أما بالمشاركة العلنية المباشرة أو التواطؤ بانتظار الحسم واقتسام المصالح، أو الصمت خوفاً وطمعاً، وذلك هو ما جعل قور العدوان بزعامة السعودية وأمريكا، ترتكب أبشع المجازر وتنفذ أسوأ الانتهاكات بحق أبناء الشعب اليمني دون خوف من حسيب أو رقيب إلَّا من نعيق بعض الحلفاء الصامتين بين الحين والآخر، طمعاً في حلب مزيد من الأموال والنفط السعودي الذي سرعان ما كان يملأ أفواههم.

 

كما أسلفنا سابقاً لم يكن المعاقون في اليمن بمنأى عن تلك الجرائم والمجازر ولم يسلم طلاب مركز النور المكفوفون من صواريخ تحالف العدوان، التي جعلتهم يعيشون حالة من الرعب اللامتناهي حين حملهم دوي انفجار الصواريخ فوق رؤوسهم على الهرب من مسكنهم، الذي أصبح عرضة للاستهداف المباشر، ولكن.. إلى أين يهربون وقد كُفَّتْ أبصارهم، وليس سوى حواسهم المرتجفة يتلمسون بها طريقهم نحو النجاة وليس سوى غريزة البقاء تحمل أقدامهم بين شظايا ملتهبة ونيران متصاعدة، تلتهم المكان والزمان، وترسم أمامهم ملامح الإجرام، وعناوين التوحش الإنساني في أقبح تجلياته.

 

إضافة إلى ذلك فقد خلفت المجازر المتتابعة بحق المدنيين، عشرات الآلاف من المعاقين الجدد، وكان لذلك الأمر انعكاساته وتداعياته الخطيرة على شريحة المعاقين عموما، وهنا تكمن أهمية دور صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، الذي لم يتوانَ عن تقديم العون والمساعدة والمساندة بمختلف أشكالها، لأولئك المعاقين، من أجل التخفيف من معاناتهم، والحد من الأخطار والتداعيات السلبية على حالتهم الصحية والنفسية، الناتجة عن معاناتهم المضاعفة، وشعورهم بخطر القصف الذي يترصدهم، بينما هم لا حول لهم ولا قوة.

 

علاوة على ذلك فقد تعمدت قوى العدوان الصهيوسعوأمريكي النيل من شريحة المعاقين من خلال تعطيل صندوقهم وشل حركته حيث استهدفت بالقصف المباشر المؤسسات والمصانع والشركات والجهات الإيرادية للصندوق، التي كان يتحصل منها نسبة معينة بحسب القانون لتغطية نفقات واحتياجات المعاقين.

 

وفي ظل ذلك الوضع المالي المتردي وما أصيب به الصندوق من خسائر وحجم الضرر المتزايد على الإيرادات ازداد في المقابل عدد المعاقين وازدادت طلباتهم واحتياجاتهم، حيث توقفت ما يزيد عن 53% من إيرادات الصندوق الأمر الذي أدى إلى توقف الصندوق عن دعم معظم الجمعيات العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة بعد أن كان الصندوق يدعم أكثر من 125 جمعية من مختلف المحافظات، وكذلك توقفت عدد من الجمعيات ومراكز العلاج الطبيعي، خاصة في المناطق المشتعلة، ففي تعز مثلا توقفت نحو 32 جمعية ومركز علاج طبيعي، بسبب العدوان، ونحو 12 جمعية ومركز علاج في شبوة، ونحو 9 جمعيات ومراكز للعلاج الطبيعي في أبين.

 

والأسوأ من ذلك هو وصول الصندوق إلى مرحلة العجز عن شراء أو استيراد الأدوية، بسبب شحة الإيرادات، وبسبب الحصار المفروض على اليمن وصعوبة إدخال الأدوية حيث يتعمد تحالف العدوان تركها في عرض البحر، على متن السفن، أسابيع حتى يمنحها الإذن بالدخول، الأمر الذي يجعلها عرضة للتلف وغير صالحة للاستخدام وما زاد الطين بلة هو أن عدد من الشركات قد قامت بإلغاء عقود توريد الأدوية للصندوق وتنصلت عن التزاماتها والمناقصات التي أُقرت سلفا، بحجة الحصار وارتفاع كلفة النقل والتأمين.

 

وتجدر الإشارة إلى أن عدد المعاقين الذين يتلقون أدوية بصورة مستمرة من الصندوق حوالي 54 ألف معاق، وقد حُرم ما نسبته 40% منهم من تلقي العلاج المستمر بسبب العدوان الذي يمعن في وضع العراقيل عند إدخال الأدوية، وذلك بدوره جعلهم عرضة لانتكاسات صحية خطيرة وبدد جهود الصندوق التي بذلها خلال السنوات الماضية، في التزامه بتوفير الأدوية وفق برنامج علاجي منظم، وبأسعار باهضة للغاية.

 

رغم كل ذلك ما زال الصندوق يعمل جاهدا على تقديم خدماته ويفي بالتزاماته تجاه المعاقين قدر الإمكان وفي حدود الممكن والمتوفر من الموارد والإمكانات وتبعاً لدرجة الاحتياج القصوى حيث تتوالى الانجازات رغم محدودية الإمكانات خاصة في ظل الإدارة الجديدة للصندوق حيث اعتمد المدير التنفيذي الدكتور علي مغلي حزمة من الاستراتيجيات للارتقاء بالعمل المؤسسي في الصندوق وتفعيله إلى أقصى الحدود الممكنة على صعيدين:-

 

– على الصعيد الداخلي: نفذ الدكتور علي مغلي عدداً من الخطوات الهامة التي كان لها بالغ الأثر في تنشيط الصندوق منها:-

 

1- الاجتماعات المستمرة مع المسئولين والشخصيات والوجاهات واطلاعهم على وضع الصندوق سير العمل فيه والبحث معهم عن السبل والحلول لتجاوز تلك المعوقات على قاعدة العمل المشترك والمسئولية الجمعية.

2- بناء مقر للصندوق من موارده الخاصة.

 

3- الدفع نحو مأسسة العمل في الصندوق.

 

4- التوسع في البنى التحتية.

 

5- توفير المزيد من الموارد المالية التي كانت تذهب للإيجار.

 

6- البحث عن موارد مالية بديلة.

 

7- الارتقاء بالخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة.

 

وعلى الصعيد الخارجي: قام المدير التنفيذي للصندوق بإعادة فتح قنوات اتصال وتعاون مع الجهات ذات العلاقة على النحو التالي:-

 

1- التشبيك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتحديد آلية التعاون مع المنظمات الدولية ذات الصلة في إطار حقوق الإنسان وحقوق المعاقين والالتزامات الدولية.

 

2- تفعيل الجانب الحقوقي من خلال إدانة جرائم العدوان المستمرة والمطالبة بفتح تحقيق عادل وشامل ونزيه في الإطار القانوني والقانون الدولي كون تلك الجرائم هي جرائم حرب بامتياز.

 

3- تفعيل دور الجهات والمنظمات العاملة مع ذوي الإعاقة داخلياً وخارجياً على قاعدة الشراكة مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات ذات العلاقة، في إطار التنسيق العالي، والعمل المؤسسي المنظم.

 

بالإضافة إلى الكثير من الخطوات الهامة التي لا يتسع المجال لذكرها التي اعتمدتها الإدارة الجديدة وكان لها أثرها الواضح في سير العمل في الصندوق وتقديم الخدمات على أرقى المستويات هذا ومازال المعاقون ينتظرون من صندوقهم وإدارته الحكيمة المزيد من الجهود لمساعدتهم وتلبية احتياجاتهم، وتوفير الأدوية لهم فقد أصبح الصندوق بالنسبة لهم بارقة الأمل الوحيدة في ظلام وتوحش العدوان العالمي ووطأة الحرمان والخذلان والتواطؤ الدولي.

 

قراءة: أ . إبراهيم محمد الهمداني

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com