المنبر الاعلامي الحر

أعوام جحيم العدوان (2016 ـ 2019).. المعارك الكبرى.. الصمود والصعود (1-2)

أعوام جحيم العدوان (2016 ـ 2019).. المعارك الكبرى.. الصمود والصعود (1-2)

يمني برس:

 

كان العام الأول من العدوان هو عام صعود المد العدواني الهجومي على الوطن إلى أعلى منسوباته ومستوياته، عام معارك عدن والجنوب واحتلاله من قبل العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، وبلوغه الأوج الاستراتيجي في اندفاعته إلى الساحل اليمني الجنوبي الشرقي وسيطرته على مساحات واسعة من الصحاري اليمنية، مراكز النفط والغاز والثـروات الأخرى وموانئها وجزرها وممراتها باعتبارها مناط رجاء الاحتلال وغايته الكبرى وساحته النموذجية المفترضة للاشتباك مع قوات الجيش واللجان الشعبية بعيدا عن معاقلها وعرائنها المركزية الكبرى، وبعيدا عن الجبال والمرتفعات وعن الحواضن الشعبية الوطنية قوية البأس، وجعلها في موقف المكشوف تحت رحمة طيران العدوان وبوارجه الحربية وجحافل مرتزقته ومدافعها وصواريخها ومكائدها.

 

كانت معارك الجنوب (عدن ـ لحج ـ أبين ـ شبوة ـ تعز) خلال العام الأول للعدوان هي أقسى معارك العدوان الأجنبي ضد الجيش ولجانه الشعبية، وفيها استشهد الكثير من رفاق السلاح ظلما وخيانة وخداعاً من قبل من كانوا يتظاهرون بالوطنية الزائفة ويضمرون الشر للوطن وأهله، وقد كشفهم الله وفضحهم في الدنيا والآخرة.

 

 طوابير سوداء

 

كانت تلك معارك فخاخ وخداع وعفونة وضربات من الجو والبحر ومن الخلف ومن تحت الإبط، ليس فيها عدو شريف أو صديق شريف دائم، كل منهم يتوقع منه الغدر والخداع والبيع أمام أموال النفط والخليج، وكانت حاضنة عبثت فيها أموال وتضليل ودعايات وعقائد وتكفير وإفساد للضمائر وأخلاق التوحش والعنصرية البغيضة واللااستقرار أو ثبات على مبدأ أو موقف أو فكرة أو مشروع. وحتى ما كان يعتقد أنه مشروع سرعان ما يعتريه التبديل والتغيير والتراجع والنكوص. كانت كأنها ملعب أعده الاستعمار الجديد والقديم جيدا لمصالحه وألاعيبه ومناوراته، وصاغه من مياه الأطماع والأحقاد والثارات والأراجيف والشهوات وتصفية الحسابات الذاتية الجماعية والأكاذيب ملعبا وساحة للحروب الجديدة من كل الأنواع ومن كل الأصناف، إقليم بكامله ما عدا القليل من أبنائه المقهورين على أنفسهم، أما البقية فإما مستسلم للأجنبي أو خانع له يلهث خلف فتاته، أو خادم أجير يعمل في إحدى مليشياته المسلحة أو إدارته. أما النخبة فأقلية صغيرة جدا التحقت بالوطن ورحلت بدينها وموقفها، أما البقية فهم إما قادة عصابات للأجنبي ومخابراته أو جواسيس وعسس له أو موجهون لسياساته وأحزابه ومنظماته أو منظرون لتبرير مخططاته وجرائمه ونافخون في أكيرته وأبواقه أو ماسحو أحذيته وسفرائه والناطقين باسمه.

 

زعماء الأحزاب والجبهات الوطنية والقومية والتحريرية والناصرية والاشتراكية والتقدمية والوحدوية والشعبية واليسارية المزيفة كلهم تحولوا منذ زمن بعيد إلى خدم سريين وعلنيين مموهين وعراة إلى مومسات وقوادين سياسيين لصالح العدوان، أحقر البشر وأكثرهم خسة ونذالة وسفالة، وهم يحملون كل يوم راية أو علما أو بيرقا مختلفا عن الأمس وبما يتطابق وأوامر سيدهم الإمبريالي الأعلى ونزواته وأطماعه الجشعة التي لا يمكن إرواؤها إلا بالموت.

 

هذا الطابور الخامس والطويل من أدعياء الوطنية والجمهورية والاتحادية والاستقلالية والليبرالية والجنوبية والعروبية يأتي في صدارة قوام اللجنة المخابراتية السعودية والإماراتية والقطرية والأمريكية الصهيونية وغيرها.

 

الاستنزاف في الجنوب والهجوم في الشمال

 

كانت خطة العدو تكمن في استدراج قوات الجيش واللجان إلى معارك استنزافية طويلة على أرض الجنوب الصحراوية المكشوفة والساحلية الواقعة تحت السيطرة النارية للأساطيل الأمريكية ـ البريطانية ـ الصهيونية بمحاذاة الساحل اليمني، والتي تتموضع على مداخل خليج عدن وسواحل أبين ولحج والمهرة وحضرموت وشبوة والجزر اليمنية، التي حولتها إلى قواعد ونقاط ارتكاز ووثوب وهجوم والتفاف وتقطع، تشرف منها على المحاور البرية القادمة من الشمال والمفترض استخدامها من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية التي كان يحاول استدراجها للتوغل جنوبا حسب المخطط العدواني.

 

وكانت قوات الجيش واللجان قد وقعت بداية الحرب في فخ الاستدراج الجنوبي من قبل عفاش ومنظوماته العسكرية التي تظاهرت بالوطنية، حيث وضعت نفسها بصورة المحاصر بالتفاهم مع العدو الإماراتي ـ السعودي الذي منحها صفقة تضمن خروجها الآمن من الجنوب خلال 40 ساعة على أن تمكن العدو من طعن الجيش واللجان في ظهره وقطع خطوطه ومنعه من التراجع الآمن وكشف إحداثياته. 

 

غير أن قوات الجيش واللجان عندما أدركت أبعاد المؤامرة بادرت إلى التراجع نحو المناطق الجبلية وقررت مغادرة الجنوب مؤقتا، بعد أن رأت كل ذلك الخداع والخيانات. تمكنت من الخروج وإن كان بتضحيات كثيرة، واستطاعت العودة إلى معاقلها ومراكزها الجبلية على كامل السلاسل الجبلية بدءا من بيحان ومكيراس إلى كرش وكهبوب في أقصى الغرب، واستعادت المبادرة مجددا.

 

أوهام العدو في سحق الجيش واللجان

 

تخيل العدو وقيادته أن أفضل طريقة لسحق قوات الجيش واللجان هي أن يسحبها بعيدا عن الجبهة الرئيسية على الحدود السعودية، حيث تتركز قوات العدو الرئيسية، وحين تتجه قوات الجيش واللجان جنوبا تصبح قوات العدو خلفها وعلى جانبيها الشرقي والأمامي فيطوقها من كل الجوانب، وتصبح في وضع لا يمكنها فيه من التراجع إلى الخلف عندما تتعرض العاصمة للهجوم من الشرق ويتم اجتياحها، بينما قوات الجيش واللجان تكون غارقة في المناطق الجنوبية وفي الساحل الغربي والمناطق الشرقية التي استدرجت إليها.

 

عشية العدوان كان العدو قد أعلن عن عقد اجتماعات عسكرية لقياداته وبإشراف أمريكي في كل من الرياض والدوحة، وأعلن عن خطة عسكرية للتدخل في اليمن سمّاها “المشروع البحري الصديق”، وتعمد العدو في تصريحاته الإشارة والتلميح إلى أن الهجوم الرئيسي ضد اليمن سيكون عبر البحر ونحو المناطق الساحلية، وكان يهدف من ذلك إخفاء الاتجاه الرئيسي لتمركز قواته الكبرى على الحدود الشمالية، ودفع قوات الجيش واللجان إلى التحرك بعيدا عن المراكز الداخلية الشمالية حول العاصمة، والتموضع على السواحل والمناطق الصحرواية المكشوفة. 

 

معارك استدراج استنزافية

 

صحيح أن معارك الجنوب والساحل الغربي كانت معارك كبرى حقيقية، لكنها كانت أيضاً تعمل في خدمة المعركة الرئيسية التي كان يستعد العدو لها في الشمال، ولكن رب سائل يقول: مادامت المعارك الساحلية كانت مجرد خادمة للمعركة الرئيسية في الشمال، فلماذا لا يتم استثمارها في الشمال حيث المحور الرئيسي للحرب؟

 

والجواب سبق الإشارة إليه، ومفاده بأن قوات الجيش واللجان من المستحيل هزيمتها وهي في معاقلها الجبلية بكامل قوتها وبين حاضنتها الشعبية، لذلك أراد العدو تقسيمها وتشتيتها في معارك جانبية كبرى تبعدها عن ميدان الجهاد الرئيسي لتكون ضعيفة على المحور الرئيسي أمام حشد عسكري ضخم على الجانب السعودي من الجبهة الشمالية، فحينها يمكن للقوات المعتدية الغازية من جبهة الشمال أن تحقق أهدافها الأساسية والوصول إلى العاصمة واجتياح المراكز الوطنية الواقعة شمالا.

 

القتال على جبهات رئيسية عديدة في آن واحد 

 

أراد العدو الكوني بقيادة الأمريكي أن يوقع قوات الجيش واللجان في أخطر فخاخه المتمثلة في اضطراره إلى القتال على جبهات رئيسية عدة، متباعدة الجهات والاتجاهات في وقت واحد، وفي الواقع هذه الجبهات الكبرى جعلت منها جبهة رئيسية مهددة ومحتلة لقطاعات واسعة من المساحات اليمنية الهامة.

 

بعد فشل العدو في هجوماته الجوية الأولى وعجزه عن تحقيق أي من أهدافه الرئيسية، أدرك استحالة الفوز بالحرب العدوانية الخاطفة وفي وقت قصير نسبيا، والسبب أن قوات الجيش واللجان التي صبرت خمسين يوما عن الرد، فاجأته بتوجيه ضرباتها الصاروخية المزلزلة والرادعة إلى عمق العدو السعودي الأمريكي، ونقلت المعارك إلى أراضيه وحطمت خطوط دفاعاته الأولى والثانية واخترقت ستارتها الإلكترونية الأمنية المتطورة واستطاعت أن تغدو على بعد أميال من مراكز العدو الحيوية في نجران وعسير وجيزان، بعد أن كسرت عظام قوات العدو التي بادرت إلى الفرار من مواقعها ومراكزها في أكبر نكسة عسكرية لم تحدث من قبل.

 

العدوان يعيد ترتيب أولوياته 

 

أصبح الشغل الشاغل لقيادة العدوان هو وقف تقدم قوات الجيش واللجان الشعبية على الحدود الجنوبية للسعودية وكسب وقت كافٍ لإعادة بناء قواتها ومرتزقتها وإعادة تسليحها وتعويضها ما خسرته جراء ما تعرضت له من انكسارات وتدمير واختراقات وخراب.

 

بعد هذا الفشل رسم العدو لنفسه عدة سياسات جديدة وخطوات استراتيجية ميدانية رئيسية، منها:

 

1 ـ الانتقال من سياسة التعويل الكبير على الحملات الجوية إلى الاعتماد على الجيوش البرية الكبيرة العدد، أي أنه انتقل من التعويل على قواته النظامية المسنودة بأسطول كبير من الطيران الحربي البالغ أكثر من 2000 طائرة ومقاتلة حربية متنوعة المهام لأكثر من ثلاثين دولة متحالفة في العدوان، عدا الطائرات الأمريكية المنتشرة في قواعدها الخليجية والبحرية المحيطة بالمنطقة، وعلى أسطولها البحري المرابط على مداخل خليج عدن ومعه بقية الأساطيل الغربية الصهيونية التي تضرب حصارا شديدا على بلادنا وسواحلنا وموانئنا ومدننا وتصليها بالصواريخ وحمم النيران ليل نهار من البحر ومن الجو ومن البر، وقرر التحول إلى استراتيجية التعويل على حشد الطاقات الحربية القبلية الكثيفة لمناطق السيطرة العدوانية جنوبا وشرقا، وتحويل نسبة كبيرة من السكان إلى جيوش مرتزقة لقاء الأموال السعودية استغلالا لحالة الإفقار الاقتصادي والسياسي والعسكري للناس نتيجة العدوان.

 

2 ـ فتح جبهات حربية كبرى عديدة متباعدة على مسارح الحرب اليمنية في الاتجاهات المختلفة.

 

3 ـ إجراء التفاوضات والمشاورات السياسية لكسب المزيد من الوقت، فقد كانت السعودية في أشد الحاجة لتأجيل المعارك الكبرى على حدودها وإبقاء المواجهات داخل المحيط اليمني ـ اليمني، من أجل أن تحشد المزيد والمزيد من الجيوش والأسلحة والقوات والخبراء والمرتزقة الأجانب والمحليين.

 

(تقرير – علي نعمان المقطري)

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com