المنبر الاعلامي الحر

“توازن الردع” مجرد تسمية عسكرية أم مقدمة لمرحلة جديدة؟

“توازن الردع” مجرد تسمية عسكرية أم مقدمة لمرحلة جديدة؟

 

يمني برس- بقلم/ أحمد عبدالرحمن قحطان

 

تقول إحدى نظريات السياسة الدولية بأن الأسلحة النووية هي أكثر من يحفظ بل ويضمن السلام في العالم المعاصر، فمعرفة كل دولة نووية بقدرة أي من نظيراتها على امتصاص الضربة الأولى وردها بأخرى مماثلة أوقف تِلك الدول الكبرى في أكثر من مناسبة (إحداها خلال الحرب الباردة) عن توجيه ضربة نووية استباقية، لأن ذلك سيؤدي إلى حرب شاملة ليس فيها أي منتصر.

 

لربما قد تنطبق هذه القاعدة على أسلحة قوية أخرى – غير النووية – فإدراك أي معتدى بأنه سيتلقى ضربة معاكسة له في الإتجاه ومساوية في القوة لتلك التي ابتدأ بها عدوانه سيردعه حقاً عن المبادرة بالحرب، وهنا نعود إلى عمليتي حقل الشيبة النفطي، وبقيق وخريص التي استهدفت أكبر معامل تكرير النفط في العالم وكذلك الضربة الأخيرة في مدينة ينبع أكبر مدن السعودية الصناعية، ونعود تحديداً إلى التسمية التي أطلقها القائد على العملية وهي “توازن الردع” … هذه التسمية كانت تحمل من الدلالات العميقة الشيء الوفير، فتوازن الردع في الأصل مشتق من نظرية “توازن الرعب” وهي النظرية التي ذكرتها في الأعلى.

 

ما يجب الإلتفات إليه هُنا هو تدرج هذه العمليات، من حيث العمق الاستراتيجي للمواقع المستهدفة ونوعية الأهداف وحجم ونوع الأسلحة المستخدمة في كل عملية، فإذا كانت العملية الثانية استهدفت عصب إنتاج النفط السعودي الذي يغطي نسبة كبيرة من الاحتياج العالمي للنفط، وضربت العملية الثالثة قلب الصناعات في المملكة فأين ستكون الرابعة والخامسة وما يليها؟ فالجميع يعرف الرجل الذي وعد بأن تلك العمليات ستستمر طالما استمرت هذه الحرب الكونية على اليمن، يعرفون صدقه، وقدرته على تنفيذ ما يقوله، فحتى إن نسي أنصاره، وسخر منه بعض السُذج ممن ناصبوه الِعداء الأعمى فقط لأن ولي النعمة أمرهم بذلك، إلا أن أصحاب الرأي والقرار في الأعلى لن تمر عليهم تلك التصريحات مرور الكرام، وسيسعون جاهدين لمنع وقوع كارثة أخرى قد تحل برؤوس أموالهم، خصوصاً بعد أن مزق التحالف مقترح الهدنة وداس عليه وأغرقه بدماء الكثير والكثير من اليمنيين .

 

ومخطئ من يظن بأن صاروخاً واحداً على معسكر سعودي هو الرد على قصف سوق يعج بالمدنيين، كلا، دِماؤنا غالية، وثقتنا بقائدنا عالية، ونعلم حقاً بأن الضربة الكبرى التالية ستكون من الكبر بمكان يتجاوز كثيراً ما تلقاه من استباحوا أرضنا في خماسية الدم من السنين الماضية.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com