المنبر الاعلامي الحر

حبر المصالحة لم يجفّ بعد والخلافات غطّت الأجواء.. هل ستغيّر قطر سياستها الخارجية؟

حبر المصالحة لم يجفّ بعد والخلافات غطّت الأجواء.. هل ستغيّر قطر سياستها الخارجية؟

يمني برس:

 

يبدو أن الأزمة التي دامت ثلاث سنوات في مجلس التعاون قد انتهت مع الاجتماع الأخير لقمة مجلس التعاون في السعودية بحضور أمير قطر، ما أدى إلى إنهاء الحصار من قبل ثلاثة أعضاء آخرين في المجلس ومصر.

 

ويأتي ذلك في الوقت الذي كان للصراع الشامل غير المسبوق علی الدوحة على مدى السنوات الثلاث والنصف الماضية، تأثير لا يمكن إنكاره على نهج السياسة الخارجية لقطر. وعمليًا، فقد أدى ذلك إلى تفاقم الانقسامات والخلافات السابقة في الرأي، حول العلاقات الثنائية والإجراءات الموجودة في مجلس التعاون والقضايا الإقليمية والدولية.

 

وقد أصبح هذا عقبةً وتحدياً رئيساً أمام تحقيق المصالحة بشکل حقيقي، بعد اجتماع المصالحة الأسبوع الماضي، بحيث إن تواقيع قادة هذه الدول علی البيان الختامي لقمة العلا لم تجف بعد، وإذا بالإمارات تتحدث عن الحاجة إلى تغيير قطر مسار سياستها الخارجية.

 

وفي هذا الصدد، قال “أنور قرقاش” وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، في مقابلة مع شبكة “سي بي إس” يوم الجمعة إنه “سيستغرق الأمر بعض الوقت لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل مع قطر، ويعتمد ذلك على علاقات قطر المستقبلية مع إيران وتركيا والجماعات الإسلامية المتطرفة“.

 

لكن السؤال المهم الآن هو، إلى أي مدى ستؤدي المصالحة إلی تغيير سلوك قطر ونهجها في السياسة الخارجية، وخاصةً في المجالات المتنازع عليها مثل العلاقات مع إيران، والتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين، والأنشطة الإعلامية القطرية في العالم العربي، والرضوخ لدور السعودية الشقية الكبری في مجلس التعاون؟

 

قطر تسعى لتحقيق توازن إقليمي ضد السعودية والإمارات

 

من أهم الأسباب التي يمكن ذكرها لعدم رغبة قطر في تغيير علاقاتها الإقليمية مع إيران وترکيا الإخوانية، هو الموقع الجيوسياسي لقطر واللغز الأمني ​​في مجلس التعاون.

 

قطر دولة ذات عمق ومساحة جغرافية صغيرين ولديها الكثير من موارد الطاقة، وكان وجود خلافات تاريخية وإقليمية وأيديولوجية مع دول الجوار، وتحديداً السعودية والإمارات والبحرين، مصدر قلق أمني دائم للدوحة.

 

من ناحية أخرى، فإن الاعتماد الاقتصادي القوي لهذه الدولة على الحفاظ على أمن صادرات الطاقة من الخليج الفارسي إلى الأسواق الدولية، هو عنصر جيوسياسي مهم آخر في بناء الاستراتيجية الأمنية لدولة قطر.

 

في العقود الأخيرة، سعت الدوحة لسد هذه الثغرات الأمنية، من خلال الانضمام إلى مجلس التعاون والتحالف مع القوة الدولية العظمی، أي أمريكا.

 

 

إلا أن حصيلة ما حدث في السنوات الأخيرة، ولا سيما أثناء الحصار، أظهر للقادة القطريين أن مجلس التعاون أولاً فشل في حل الخلافات مع دول الجوار وتشكيل تقارب ومظلة أمنية مشتركة، وستبقى المعضلة الأمنية في الخليج الفارسي دون حل رغم الجهود السعودية للسيطرة على هذا المجلس ولعب دور الشقيقة الکبری.

 

وثانيًا، إن الاعتماد على أمريكا وحدها ليس ضامناً ويحمل مخاطره الخاصة؛ مثل التوترات التي تثيرها أمريكا ضد إيران، أو الضغط الأمريكي لتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني.

 

لذلك، ستواصل قطر بالتأكيد الحفاظ على علاقاتها مع إيران، التي كانت إحدى نقاط الهروب لتجاوز ضغوط العقوبات، كعامل في خلق التوازن مع القطب المعادي في مجلس التعاون، أي الإمارات والسعودية والبحرين.

 

يمكن ملاحظة ذلك حتى في سلوك الدولتين الصغيرتين الأخريين من دول مجلس التعاون، أي الكويت وسلطنة عمان، اللتين تشعران بالقلق من تكرار السيناريو القطري ضدهما.

 

وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية القطري “محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني” في مقابلة مع صحيفة “فاينانشيال تايمز”، الجمعة، إن “العلاقات الثنائية (لقطر) تقوم على قرارات مستقلة ومصالح وطنية للبلاد. ولذلك فإن(هذه الاتفاقات) لن تؤثر في علاقاتنا مع أي دولة أخری“.

 

يد قطر العليا في المصالحة

 

لكن المسألة الرئيسة الأخرى التي يمكن أخذها في الاعتبار عند فهم آثار المصالحة على نهج السياسة الخارجية لقطر، هي كيف وبأي طريقة حدثت المصالحة الأخيرة؟

 

ما ذكره أنور قرقاش بلغة ولهجة مختلفتين عن ضرورة إعادة النظر في العلاقات القطرية مع إيران وتركيا (الإخوان المسلمين) وأنشطة قناة الجزيرة، هو أساس الشروط المعلنة منذ بداية الأزمة عام 2017.

 

في الواقع، لو امتثلت قطر في البداية لمطالب الدول المقاطعة بشأن هذه القضايا الثلاث، لكانت الأزمة تنتهي بلا شك في وقت أقرب بكثير، وبالطبع مع هزيمة الدوحة.

 

إلا أن المصالحة الأخيرة تقوم على غلبة قطر علی ضغط العقوبات، وعجز دول الحصار عن كسر مقاومة الدوحة، ويجب على هذه الدول التراجع عن مواقفها التدخلية في الشؤون القطرية.

 

من جهة أخرى، أظهرت تجربة تقليص تأثُّر السياسة الإقليمية لدولة قطر بالقيود السعودية المفروضة في مجلس التعاون، تعزيز مكانة الدوحة الإقليمية والدولية وتوسيع نفوذها في العالم العربي لقادة هذا البلد؛ بوصلةٌ يبدو أنه من غير المحتمل إزالتها من مسار المدعي الجديد لأقاليم الخليج الفارسي الستة في وقت قريب.

 

(الوقت)

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com