المنبر الاعلامي الحر

أعاصير اليمن إنطلقت.. فهل تصمد الإمارات؟ وما سبب إستهداف قاعدة الظفرة الجويّة؟

أعاصير اليمن إنطلقت.. فهل تصمد الإمارات؟ وما سبب إستهداف قاعدة الظفرة الجويّة؟

يمني برس:

 

لم تتاخر كثيراً وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية عن تنفيذ ما وعدت به من استهداف للعمق الاماراتي بالتزامن أيضاً مع استهداف للعمق السعودي، فالأمر كان منتظراً ومؤكداً لأسباب كثيرة، ذكرها أكثر من مرة ويذكّر بها دائما القادة اليمنيون، بأن الاستهداف النوعي داخل عمق دول العدوان سوف يستمر ويتصاعد، ما دام العدوان مستمراً في حصاره ومسلسله الاجرامي من القتل والتدمير داخل اليمن.

 

اعصار اليمن الثانية، هو العملية النوعية التي جاءت بعد عملية اعصار اليمن الأولى، ونفذتها وحدات صاروخية وجوية يمنية، أوضحها كالعادة المتحدث العسكري اليمني العميد يحيى سريع بتفاصيلها: “القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر نفذا عمليةً واسعةً في العمقيْن السعودي والإماراتي، حيث جرى استهداف قاعدة الظفرة الجوية وأهداف حساسة أخرى في العاصمة الاماراتية أبو ظبي بعددٍ كبيرٍ من صواريخ ذو الفقار الباليستية، واستُهدفت مواقع حيوية وهامة في دبي بعدد كبير من الطائرات المسيرة نوع “صماد3″ بالاضافة الى أنَّ القوات المسلحة دكَّت عددًا من القواعد العسكرية في العمق السعودي في منطقة شرورة ومناطق أخرى بعدد كبير من الطائرات المسيرة من نوع قاصف (تو كيه) و(صماد 1)، كما جرى استهداف مواقع حيوية وحساسة أخرى داخل السعودية، في جيزان وعسير بعددٍ كبيرٍ من الصواريخ الباليستية”.

 

بالنسبة للسعودية، ربما قد تعودت على هذا النوع من الاستهدافات النوعية، ومسلسل عمليات توازن الردع داخل عمقها، وصل الى العملية التاسعة منه، وهي حتى الآن تكابر وتعيش نكراناً أمام التعامل مع  هذه المواجهة العبثية في حربها التي ناهزت السبع سنوات دون نتيجية.

 

أما بالنسبة للامارات، فهي بدأت تعتبر بعد عملية إعصار اليمن الثانية (العملية الأخيرة)، أنها دخلت – وهي الدولة الثانية الأساسية من دول العدوان على اليمن – في مسلسل مشابه لمسلسل توازن الردع في السعودية، فهل تستطيع التغاضي عن التعامل بجدية ودقة وحذر ومسؤولية مع هذا المسلسل الحساس والخطر الذي انطلق؟ أم أنها سوف تُجبَر على اعادة النظر في مشاركتها في العدوان على اليمن والانسحاب؟ وما هي النقاط التي يمكن أن تحدد لها قرارها، انسحاباً أو متابعة في عدوانها على اليمن؟

 

أولاً: التأثيرات العسكرية لا يمكن للإمارات تجاهلها، فبين عملية إعصار اليمن الأولى والثانية وصلت وبنجاح كوكبة غير بسيطة من الصواريخ الباليستية والمجنحة ومن الطائرات المسيرة الانتحارية الى أكثر مواقعها حساسية وأهمية، أهمها اليوم قاعدة الظفرة العسكرية، والتي تنتشر وتتمركز فيها وحدات أميركية، بالاضافة للوحدات الاماراتية – وكان من المفترض، نظراً لأهميتها العسكرية أن تكون محمية بشكل أكبر وأكثر فعالية من الأجسام الطائرة (الصواريخ والمسيرات) – بالإضافة لاستهداف عدة مواقع حيوية غير عسكرية، كمطار دبي ومنشآت المصفح النفطية المهمة.

 

ثانياً: الجدية الواضحة لوحدات الجيش واللجان اليمنية في تنفيذ انذاراتها وتهديداتها المرتبطة بعدم انسحاب الامارات من العدوان، وهذه الجدية لم تكن بحاجة لعمليتي اعصار اليمن، الأولى والثانية لكي تتثبت وتتأكد، لأن مسار المواجهة الذي تدير فيه الوحدات اليمنية خلال العدوان أثبت نفسه خلال سبع سنوات بما يملك من مصداقية ومن التزام  فعلي في المواجهة وفي الرد النوعي الردعي.

 

ثالثاً: كما يبدو، حتى لو كانت الإمارات قد دُفِعَت دفعاً نحو الانخراط  بالعدوان والاستمرار في هذا الانخراط، أو فيما لو كان قرارها في ذلك من تلقاء نفسها، فبمطلق الأحوال، لم تستطع بقواها الذاتية الدفاع عن أجوائها، رغم ما تملك من قدرات دفاعية وصاروخية وجوية، هي من الأفضل والأكثر تطورًا والأغلى ثمنًا في المنطقة، ولم تستطع (أو لم تَرِد) الوحدات الأميريكة المتمركزة داخل الإمارات، أن تدافع عن المواقع والنقاط الحيوية التي تم استهدافها بنجاح.

 

رابعاً: وقد تكون هذه النقطة هي الأخطر على الامارات والأهم من بين النقاط المذكورة، وهي أن تصاعد مستوى الاستهداف هو حتمي وأكيد، استناداً لتجارب سابقة مؤكدة من أغلب الاستهدافات الاستراتيجية التي نفذتها القوى الصاروخية أو المسيّرة اليمنية، الأمر الذي يجعل أغلب المتابعين يستنتجون أن كل عملية اعصار مستقبلية داخل العمق الاماراتي، ستكون أكثر ايلاماً من سابقاتها، لناحية نوعية الأهداف أو لناحية العدد وقدرة التأثير التفجيرية، للصواريخ وللمسيرات التي سوف يتم اطلاقها.

 

أما لناحية ما تملك الإمارات من نقاط أو عناصر، تعتبر أنها قد تساعدها على الاستمرار بنجاح في هذه المواجهة، فيمكن حصرها في نقطتين فقط، وهما متابعة الضغط في الميدان، وخاصة في معركتي شبوة ومارب، علَّ ذلك يدفع اليمنيين للتراجع او لوقف الاعصارات التي بدا مسلسلها داخل الامارات، والنقطة الثانية هي متابعة القصف الجوي للمنشآت المدنية والحياتية  وللتجمعات السكانية في اليمن، ولكن عمليًا، برهنت الأحداث والمواجهات والاستهدافات، أن النقطتين هما دون جدوى بتاتاً، فلا الجيش واللجان اليمنية تراخت في أي معركة ميدانية، وأيضًا لم تستطع أي ضغوط جوية واستهدافات لمنشآتها المدنية أو لمواطنيها، مهما كانت ضخمة ومؤلمة، أن تجعلها تستسلم أو توهن من عزيمتها في المواجهة، وهي أثبتت أنها قادرة على الاستمرار في أية مواجهة عسكرية مباشرة، مهما كانت الصعوبات ومهما كانت التضحيات.

 

انطلاقاً من كل ذلك، لناحية ما تملك وحدات الجيش واللجان اليمنية من نقاط ايجابية لمصلحتها في المواجهة الاستراتيجية التي أطلقتها ضد الامارات ضمن مسلسل عمليات اعصار اليمن، أو لناحية نقاط الضعف المتعددة التي تحيط بمستوى المواجهة لدى الامارات أمام هذا المسلسل، لا بد للاخيرة من ان تعيد حساباتها سريعاً وتأخذ درساً واضحاً، بأن الانسحاب من العدوان على اليمن هو الحل الوحيد لهذه الورطة التي ادخلت نفسها فيها.

 

لماذا قاعدة الظفرة الجوية؟؟

 

استهدفت القوات المسلحة اليمنية قاعدة الظفرة الإماراتية الجوية التي تقع على بعد حوالي 32 كلم جنوب أبو ظبي. البحث عمّا تعنيه القاعدة يُحيلنا سريعاً إلى ما تحتويه من أهداف حسّاسة، فما الذي يجب أن يُعرف عنها؟

 

تُشكّل قاعدة الظفرة المشغلة من قبل الطيران الإماراتي المقرّ الرئيسي للقوات الأميركية في المنطقة، وتُعتبر اليوم واحدة من أكثر قواعد طائرات التجسُّس الأميركية نشاطاً حول العالم بعد أن كان دورها مقتصراً على إعادة تزويد المقاتلات الأمريكية بالوقود، وذلك بسبب زيادة عمليات القوات الجوية الأمريكية ضدّ تنظيم “داعش” الارهابي في العراق وسوريا.

 

القاعدة تحتضن اليوم الفرقة الجوية الأميركية 380، وسرب الاستطلاع 99 المسؤول عن توفير المعلومات الاستخبارية الحرجة لأعلى مستويات القيادة الأميركية، وما يقدر بـ 3500 -3800 جندي أميركي.

 

كما تضمَّ أكثر من 60 طائرة، بينها طائرات استطلاع من طراز “لوكهيد يو-2″، وطائرات “أواكس”، وطائرات إعادة تزود بالوقود مختلفة الطرز، وسرب من مقاتلات الـ “إف-15″، وطائرات من طراز “إف-22″، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية التي تضمّ هذا النوع المتطور من الطائرات الحربية.

 

ويُخصّص ثلث الطائرات في القاعدة لعمليات التجسّس والمراقبة في العراق وسوريا وأفغانستان، وتضمّ مستودعات متعدّدة لأغراض الدعم اللوجيستي.

 

وبحسب المعلومات، شاركت القاعدة في عمليات الإجلاء الأخيرة من أفغانستان، ولم يجرِ الاعتراف علناً بوجود الولايات المتحدة في هذه القاعدة حتى عام 2017.

 

تجدر الإشارة إلى أنَّ قاعدة الظفرة الجوية مُصمّمة على شكل مستطيلٍ هائل الحجم نصفه على شكل سهم مزدوج، أو كما أسماها الصحافي في “واشنطن بوست” راجيف تشاندراسيكاران في مقاله الشهير عام 2014 “أسبارطة الصغيرة”.

 

*شارل أبي نادر – خبير عسكري وإستراتيجي لبناني

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com