هادي في مواجهة الثعابين ! هل نتركه وحيداً ؟
يمني برس | بقلم- علي البخيتي:
إذا أردنا تقييم أداء شخص معين علينا أن نضع أنفسنا في مكانه , في الظروف المحيطة به , في الأعباء الموكلة عليه , لنستطيع مدحه أو نقده بتجرد قدر الإمكان .
الرئيس هادي وصل الرئاسة في أصعب الأوقات , استلمها من الراقص على رؤوس الثعابين , الراقص الذي مزق النسيج الاجتماعي اليمني , صنع المشاكل بيده , ابدع في الفساد بجهده , أنشأ القاعدة بتخبطه , أوجد الحوثيين بظلمه , قتل الوحدة الطوعية بحربه وإقصائه , تبنى التخلف منهجاً , فأعاد اليمن في شتى المجالات الى الوراء , اعاد الثأر الى الجنوب , صنع المشيخ والبلطجة حتى في عدن .
الرئيس هادي لم يأت بمنة من أحد , أتت به الظروف , كان حلاً وسطاً , كان حاجة للجميع , فلا يمنن أحداً عليه , قبل المسؤولية على مخاطرها , فالفرقة من يساره والحرس من يمينه والقبائل من أمامه وحمران العيون من خلفه والمفسدون من حوله .
استلم بلاداً تحت الوصاية الدولية , لم يأت هو بها , عليه اخراجنا منها , لاكن لا يجوز أن نحمله مسؤوليتها .
أظهر حنكة غير عادية , فقد ضنه صالح بيده , أعتقد حميد ومحسن أنه في الجيب , تعامل معهم بمرونة دون تفريط , تحمل فجاجتهم وبلطجة حراستهم , بدأ بسحب الأوراق من أيديهم بالتدريج وبوسائل مشروعة , تعرض للهجوم من الطرفين , فلم يسلم حتى سكرتيره الصحفي الاستاذ / يحي العراسي بسبب برقية روتينية , يريدون جر هادي والعراسي الى معركتهم الخاصة . أعلن الرئيس موقفاً واضحاً ضد القاعدة , فحرض الظواهري على قتله , الجميع ضده , لا يريدونه , يعارضونه علناً ومن تحت الطاولة , يرفض المؤتمريون قراراته , امتعض بعض من في المشترك علناً وفي الخفاء من تشكيله لجنة التواصل للحوار الوطني , أثبت أنه غير تابع لطرف , وإن كان جاء بموافقة من الطرفين على مضض , ليس حباً فيه , لكن لأن الشعب مَلَهُم , كرههم , يتحسس حتى من القابهم , قبلوا بهادي لعلمهم أنه الحل الوحيد للكثير من القضايا , والمقبول محلياً واقليمياً ودولياً .
انتقدنا هادي عندما وافق على تجنيد عشرين ألف جندي مناصفة بين طرفي الأزمة , خطوة ستؤدي الى ترسيخ مراكز القوى التقليدية وزيادة نفوذهم , حيث يتم استخدام التجنيد كوسيلة لكسب ولاء الكثير من مشايخ وأعيان القبائل عبر تجنيد ابنائهم وأتباعهم , كان خطأ استراتيجي منه ومن رئيس الوزراء , خصوصاً أن بعض تلك الوحدات تُجَند على أسس مذهبية .
لكن وبالمقابل عندما يقوم هادي ببعض الخطوات والقرارات الإيجابية يجب علينا مدحه , دعمه , مناصرته , مع خلافنا السياسي معه , لا يجب أن نكون سلبيين باتجاهه , نكيل له الاتهامات , نحمله ما لا طاقة له ولا لغيره به .
من يعارض طرفي الأزمة ومراكز القوى المناطقية التي حكمت اليمن لعقود عليه أن يدعم هادي في كل خطوة ايجابية يقوم بها , في كل قرار يحد فيه من سلطة تلك المراكز , لأن الهجوم على هادي بمناسبة وبغيرها يدعم تلك المراكز ويقوي نفوذها , يجب أن لا نقع في ذلك الفخ , لأنهم يحاولون افشاله , عبر تعطيل المصالح , التقطعات , قطع الخدمات , تفجير الأنابيب , ترك بعض المناطق للقاعدة , يريدون أن يرسلوا للمواطن رسالة بسيطة , مفادها أنه لا استقرار ولا خدمات في اليمن الا بوجودنا , لا يجب أن نمنحهم تلك الفرصة دون أن نشعر .
أظهر هادي تماسكاً بعد حادث السبعين الإرهابي , عزماً على التغيير , حكمة وسرعة في القرارات التي أعقبت الحادث , عزل بعض أقارب المخلوع والمحسوبين عليه , عين اللواء / فضل القوسي قائداً للأمن المركزي فضرب عصفورين بحجر واحد , عزل الطيب بشكل مباشر وعزل يحي محمد بشكل غير مباشر , فالقوسي ليس الطيب , هو رجل عسكري محنك وصارم سيمارس القيادة بكل صلاحياتها , لن يقبل أن يكون تابعاً , فقد رفض توجيهات صالح في عز الأزمة بأن يستقدم بعض أصحابه ليمارسوا البلطجة على شباب الثورة .
على الرئيس هادي ولكي ينجح في مشواره أن يرفض مبدأ المحاصصة في الوظيفة العامة , يكفيهم تقاسم الحقائب الوزارية , فكما هي العادة في الدول الديمقراطية عند فوز حزب معين بالأغلبية يكلف بتشكيل الحكومة , أي يتغير الوزراء فقط , وليس تغيير كل شاغلي الوظيفة العامة حتى على مستوى المدراء , فلا يجب أن يمكنهم من تقاسم بقية المناصب من محافظين ومدراء عموم وغيرها , اذا مكنهم من ذلك فعلى الدنيا السلام , لن يستطيع بعدها التغيير , لأنه سيثبت نفوذهم أكثر , ويوسع قاعدتهم الشعبية , ويزيد من الموالين لهم , بحيث سيصعب عليه مستقبلاً التمرد عليهم .
عليه أن يُرسي مبدأ جديد في التعيينات , مبدأ الأكفأ والأصلح ونظيف اليد بغض النظر عن الولاء السياسي , عندما يصدر الرئيس قراراً بتعيين شخص معين في جهة معينة معروف بكفاءته ونزاهته وولائه للوطن أولاً , فلن يلومه أحد وسيدعمه الجميع , داخل تلك الجهة وخارجها , بذلك سيؤسس لمرحلة جديدة , مرحلة فصل الوظيفة العامة عن الصراع السياسي والولاء لمراكز القوى , مما يزيد من كفاءة وانتاجية وحيادية ووطنية أعمال تلك الجهات , ويضعف من سيطرة تلك المراكز على مفاصل الدولة وتجييرها لمصلحتهم في العملية السياسية والانتخابية .
ننتظر من الرئيس هادي المزيد من القرارات الجريئة .