المنبر الاعلامي الحر

الرد اليمني بعد العدوان الإسرائيلي.. استراتيجية الحصار والتصعيد اليمني

الرد اليمني بعد العدوان الإسرائيلي.. استراتيجية الحصار والتصعيد اليمني

يمني برس- بقلم- عبدالحكيم عامر

في سابقة خطيرة كشفت هشاشة الكيان الإسرائيلي وارتباك داعمه الأمريكي، شنّت طائرات العدو الصهيوني غارات جوية استهدفت منشاءات مدمية في اليمن، لتعلن بذلك دخولها المباشر في العدوان على اليمن، بعد فشل أدواتها السابقة في كسر الموقف اليمني المتقدّم في دعم فلسطين وفرض الحصار على “الكيان الإسرائيلي”.
لكنّ الضربة، بدل أن تحقّق هدفها في كسر العزيمة، أطلقت مرحلة جديدة من المواجهة، فيها الاستراتيجية اليمنية على قاعدة الصبر الهجومي والتصعيد الذكي، وعلى مراكمة المنجزات التي أربكت واشنطن وتل أبيب معًا.
العدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة ومنشآت مدنية في العاصمه وغيرها من المحافظات كان تعبيرًا عن عجز استخباري وهزيمة استراتيجية، فطوال أشهر، فشلت واشنطن في إيقاف العمليات اليمنية التي عطلت الملاحة الإسرائيلية، وألحقت بالاقتصاد الصهيوني خسائر بملايين الدولارات يوميًا، من خلال استهداف السفن في البحر الأحمر ومنع الطيران من التحليق.
وحين عجزت أمريكا عن الحسم، دفعت “إسرائيل” نحو التصعيد المباشر، لتقع الأخيرة في فخ التورط، دون أفق للنجاح.
إن الاستراتيجية اليمنية اليوم تقوم على مبدأ ردعٍ ثلاثي الأبعاد:
تعميق الحصار البحري عبر تكثيف الهجمات على السفن المرتبطة بالكيان في البحر الأحمر وبحر العرب.
تثبيت الحظر الجوي عبر منع شركات الطيران من التحليق في سماء الكيان، وتهديد استقرار مطاراته.
الردع الصاروخي والطيراني الذي لم يُستخدم بعد بكامل طاقته، لكنّه جاهز لخيارات “مزلزلة” كما أعلنت القوات المسلحة اليمنية.
هذا التدرّج في استخدام الأدوات يعكس وعياً استراتيجياً، بأن المواجهة طويلة، وأن التفوق لا يُقاس بعدد الضربات، بل بنوعية الأثر وتوقيت الفعل.
فإلى جانب المعركة العسكرية، تخوض صنعاء معركة وعي لا تقل أهمية، فكلما ظنّ العدو أن الضغط العسكري سيُثني الشعب اليمني، فُوجئ بحشود مليونية تهتف لفلسطين وتفوض قيادتها للاستمرار في المواجهة.
وهذا الزخم الشعبي، المتجذّر في العقيدة القرآنية والثقافة الجهادية، يُعتبر جزءاً من القوة الاستراتيجية التي تحمي القرار اليمني من أية مساومة.
ويراهن العدو الإسرائيلي – ومعه الغرب – على أن الاستهداف المدني قد يخلق تململاً داخليًا أو يخلخل القرار السياسي في صنعاء، لكن الوقائع تكذّب ذلك.
فاليمن لا يعرف التراجع والخضوع، ولذلك فإن الأولوية اليوم هي مضاعفة الردع، وإثبات أن العدوان على اليمن لن يمر دون ثمن باهظ.
فليس من قبيل المصادفة أن يكون العدوان الصهيوني على اليمن مكملًا للعدوان الأمريكي، لكن ما أظهرته الأشهر الماضية هو التالي:
فشل أمريكي في احتواء اليمن.
فشل صهيوني في وقف التأثير اليمني على الجبهة الفلسطينية.
عجز استخباراتي عن تحديد الأهداف الفعلية داخل اليمن.
بل إن التحالف بين الطرفين بات نقطة ضعف مشتركة، حيث يُنظر إليه في الإقليم والعالم باعتباره تحالف القتلة والفاشلين، مقابل محور مقاومة تزداد شعبيته ومصداقيته.
ولم تكن اليمن يومًا ساحة ثانوية، واليوم تثبت أنها لاعبٌ مركزي في معركة الأمة الكبرى مع العدو الصهيوني والأمريكي.
عدوان الحديدة ليس نقطة ضعف، بل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة عنوانها: “لن يكون هناك أمنٌ للعدو طالما لا أمن لغزة”.
والشعب اليمني، بقيادته الإيمانية، يدرك تمامًا أن هذه المرحلة تستدعي صبرًا وثباتًا وتضحية، لكنه في ذات الوقت يدرك أن النصر آت، وأن مشروع الصهيونية إلى زوال، طالما أن في هذه الأمة شعبًا لا يساوم… ويقاتل.
فرسالة صنعاء واضحة:
لا حديث عن وقف الحظر البحري والجوي إلا بوقف العدوان على غزة.
لا تراجع عن دعم فلسطين، ولو اشتد القصف.
لا نية للخضوع أمام “غارات فارغة” تعجز عن المساس بجوهر القوة اليمنية.
إنها معركة وعي، ومعركة إرادة، ومعركة على هوية المنطقة.
وفي زمن الانبطاح العربي، يبرز اليمن كصوت نقيّ، لا يُمكن إسكاته بالغارات، ولا احتواؤه بالضغوط.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com