المنبر الاعلامي الحر

كيف انتصر اليمنيون على أمريكا رغم خذلان الأمة لغزة؟

كيف انتصر اليمنيون على أمريكا رغم خذلان الأمة لغزة؟

يمني برس ـ إبراهيم يحيى الديلمي
أمامَ الخِذلانِ العربي والإسلامي الكارثي والمرير، وتقاعُسِ معظم المسلمين عن أداء واجبهم الإيماني والجهادي في مؤازرة كُـلِّ من حملوا على عواتقهم واجبَ الجهاد في سبيل الله في قطاع غزة، منذ ما يقارب العام ونصف العام.

يواصلُ المجاهدون الفلسطينيون تصويبَ أسلحتهم وكل إمْكَانياتهم البسيطة؛ لمواجهة أقذر عدوٍّ عرفه التأريخ الإنساني؛ دفاعًا عن حقوقهم وأرضهم، ونيابةً عن أمتهم الوَسْنَى، التي تغرَقُ في نوم عميق أنساها نفسَها ومَن تكون وكيف يجب أن تكون؟

لن ينكر عليَّ أحدٌ لو قلت إننا بِتنا نعاصِرُ أمام ما يجري خِذلانًا مأساويًّا لا نظير له في تأريخ الأُمَّــة، خذلانٌ بمثابة الجريمة المكتملة الأركان التي لا اختلافَ بينها وبين وحشيةِ كُـلّ جرائم العدوّ الصهيوني التي نفذها وما زال ينفذها بحق أكثر من مليونَي فلسطيني مظلوم ومكلوم، محشورين في منطقة جغرافية ضيقة تحيط بها وحوش الصهيونية القذرة من كُـلّ جانب وتقع في إطار أوسع يسمى للأسف العالم العربي والإسلامي.

أهذا معقول؟؟ وهل هذا هو عالم الأمس الذي كان في الماضي يحمل كُـلّ معاني وتعاليم الإسلام السمحة، وكانت صرخة استغاثة واحدة من امرأة مسلمة فيه، تكفي لاستنفار الأُمَّــة عن بكرة أبيها، والزحف على العدوّ وغزوه وتلقينه أقسى الدروس فقط للأخذ بثأر تلك المرأة، واليوم ها هو قد أضحى شريكًا أصيلًا بصمته وخنوعه وذله في كُـلّ جريمة شنعاء تنفذ بحق مواطني وفلسطيني غزة المظلومين.

لكن برغم كثافة العتمة وكآبة الظلمة التي باتت تهيمن على منطقتنا، ما زال هناك بصيصُ ضوءٍ شع من وطن الحكمة والإيمان فطمس الظلام، وأضاء طريق الحق من جديدٍ لسالكيه، وكان بمثابة الأمل والإشراقة الجديدة التي أعادت للأُمَّـة عنفوانها وكبرياءها المذبوح.

طبيعة الموقف اليمني لإسناد غزة:

أوضح السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في كلمته الأسبوعية التي ألقاها عصر الخميس الموافق 8/5/2025م، لتناول آخر المستجدات على الساحة الإقليمية، أن الموقف اليمني المساند لغزة وسكانها تجاه ما جرى ويجري بحقهم من جرائم إبادة جماعية وحصار وتجويع صهيوني متعمد، قد جاء من منطلق إيماني بحت، منبثق من دافع مرضاة الله تعالى أولًا، ونصرةً لدينه وللمجاهدين في سبيله، والمظلومين من عباده.

وبالتالي فقد كانت عاقبة هذا الموقف هي تحقيق النصر على أمريكا، والمضي قدمًا في إسناد قطاع غزة وتلقين العدوّ الإسرائيلي دروسًا قاسية دون الالتفات إلى شيء اسمُه أمريكا.

وهنا نجد أننا أمام موقف إيماني صادق ومستمد من تعاليم الله التي تحث المسلمين كافة على ضرورة القيام بنصر إخوانهم المظلومين أينما كانوا، ومهما بلغت قوة عدوهم عدة وعتادًا. قال تعالى: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر)؛ ما يعني أن هذا الموقف الشجاع لم يكن بإملاء المصالح والأطماع التي أصبحت هي القانون السائد الذي يحكم مواقف وعلاقات دول العالم مع بعضها البعض.

لأنه لو كان كذلك؛ لما ثبت اليمنيون في معركة إسنادهم لغزة ولما استطاعوا بإمْكَانياتهم المحدودة الصمود لشهر واحد وهزيمة البحرية الأمريكية؛ ولأن من يعتمد على الله ويحمل العقيدة الجهادية الصادقة والبعيدة عن حسابات المصالح والأطماع لا يمكن لأية قوة في العالم مهما بلغت، أن تهزمه.

السيد القائد في تبيينه لقيمة موقفنا الصحيح والثابت، بيّن لنا أَيْـضًا أن هذا الموقف لا يمكن أن يتغير نتيجةَ ما قد نخسره مستقبلًا؛ بسَببِه؛ لأَنَّ ثمراتِه ستكون عظيمة في الدنيا والآخرة، حَيثُ قال: “أن تبقى لنا كرامتُنا الإنسانية وأن نصونَ حريتنا وعزتنا الإيمانية وإرادتنا، فهذا أكبر وأهم من أية منشأة تستهدف ثم ستبنى فيما بعد بشكل أكبر”.

فاعلية الموقف اليمني:

وكما أوضح السيد القائد -يحفظه الله- أن طبيعة موقفنا الإيماني الصحيح المتمثل في خوضنا لمعركة إسناد غزة دون خوف أَو خشية من العدوَّين الأمريكي والإسرائيلي، فقد بيّن لنا أَيْـضًا أن هذا الموقف كانت له فاعلية غير مسبوقة في حظر الملاحة البحرية لكل سفن العدوّ الصهيوني أَو المرتبطة به، ونجاحها في ضرب معنوياته واقتصاده وإلحاق خسائرَ فادحة به.

ولو لم يكن لهذا الموقف فاعلية كبيرة في إيلام العدوّ الإسرائيلي؛ لما حدث التدخل العسكري الأمريكي في الأصل، ولما زج الأمريكي بحاملاته ومدمّـراته ومقاتلاته وتقنياته العسكرية المتطورة في معركة مع اليمنيين؛ بهَدفِ إسناد العدوّ الصهيوني المجرم المتمثل في ضرورة إيقاف عمليات الإسناد اليمني لغزة، ما كبَّد العدوّ الأمريكي خسائرَ فادحة تم تقديرها بحسب الغربي والعبري بمليار دولار، ليعلن بعدها المجرم ترامب عن استسلام الولايات المتحدة معترفًا بفشله وعجزه عن تحقيق الهدف المنشود.

وتتجلى فاعلية الموقف اليمني -كما قال السيد القائد- في نجاح القوة الصاروخية اليمنية في ضرب مطار اللُّد الذي يعد واحدًا من أبرز مواقع العدوّ الصهيوني الحساسة والمحصنة بعدة طبقات من أنظمة الدفاع الجوي (القبة الحديدة) يستحيل اختراقها، والتي نجح الصاروخ اليمني في اختراقها وكشف هشاشة هذا العدوّ ولتسارع معظم دول العالم إلى وقف رحلاتها الجوية إليه.

كما تتجلى تلك الفاعلية أَيْـضًا في نجاح القوات المسلحة اليمنية في تحجيم أُسطورة القوة العظمى الأمريكية لتصبح قوة عادية بالإمْكَان هزيمتها، إضافة إلى القضاء على سيطرة البحرية الأمريكية على البحر الأحمر، ناهيك عن فرض إرادَة وسيادة البحرية اليمنية على البحر الأحمر دون منازع.

سبب إعلان أمريكا وقف إطلاق النار هو الخوف:

لم يأتِ إعلان العدوّ الأمريكي بوقف هجماته الإجرامية على اليمن، من فراغ وإنما جاء بدافع الخوف والخشية مما هو قادم من مفاجآت القوات المسلحة اليمنية، لا سِـيَّـما أن هذا الإعلان جاء عقب ضرب مطار اللُّد المسمى احتلاليًّا (بن غوريون) بصاروخ فرط صوتي، استطاع وبكفاءة تجاوز وتخطي كُـلّ طبقات أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية ونشر حالة ذعر غير مسبوقة، وفرض معادلة جديدة على العدوّ.

ووصول مثل هذه الصواريخ إلى مطار اللُّد الأشدِّ تحصينًا يعني أنها قادرة على الوصول إلى أية أهداف أُخرى منها حاملات الطائرات الأمريكية، وهو الأمر الذي يشكل خطرًا على العدوّ الصهيوني والأمريكي معًا ويتطلب منهما العمل على إيجاد حلول سريعة لتحاشي هذا النوع من الصواريخ في وقتٍ قياسي، وهذا صعب للغاية.

وإن عدتم عدنا وكان الله معنا:

المعلوم أن الأمريكي عندما جاء بقضه وقضيضه للقضاء على عمليات الإسناد اليمنية لم يضع في حسبانه احتمالَ هزيمته ولو بنسبة 1 % ولكنه اليوم اعترف بالهزيمة، فبعد الإعلان الأمريكي المفاجئ بالتوقف عن قصف اليمن مقابل عدم التعرض لسفنه، بات من الواضح أن معركة إسناد القوات المسلحة اليمنية لغزة سوف تستمر رغمًا عن الأمريكي نفسه، وقد تصل إلى أوجِها، حتى يتوقفَ العدوان على غزة ويتمَّ فَكُّ الحصار عنها.

وبالتالي فَــإنَّ عودة الأمريكي إلى إقحام نفسِه من جديد في المعركة؛ بُغيةَ إسناد العدوّ الإسرائيلي وإيقاف عمليات إسناد غزة اليمنية، ستقابله عودة يمنيه لا شك فيها في ملاحقة حاملاته بل وإغراقها في البحر الأحمر لو تطلب الأمر ذلك، وسنكون بذلك أمام مواجهة جديدة وفصل جديد من فصول هزيمة أمريكية جديدة في اليمن ستقذف بالأمريكي وبكل قواته إلى مزبلة الزوال دون رجعة، مصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى: (وكان حقًّا علينا نصرُ المؤمنين).

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com