المنبر الاعلامي الحر

السيد عبدالملك الحوثي في الدرس الثالث من القصص القرآني: نبي الله إبراهيم عليه السلام نموذج راسخ في الثبات والبراءة والحجة أمام الطغيان

يمني برس | تقرير خاص

ألقى السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في إطار سلسلة دروس القصص القرآني، درسه الثالث الذي سلط فيه الضوء على إحدى أعظم مشاهد النبوة والتوحيد في قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، والتي تجلت فيها ملامح الصراع بين الحق والباطل، والإيمان والعناد، والاستقامة والانحراف، في لوحة قرآنية عظيمة ومعبِّرة.

دعوة إبراهيم لقومه إلى عبادة الله والتقوى

استهل السيد القائد حديثه بتسليط الضوء على الآية الكريمة:
{وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}، مشيراً إلى أن عبادة الله وحده هي الحق، وهو وحده من يستحق العبادة، لكونه الخالق، المالك، الرازق، المربِّي، المنعم، وإليه المرجع والمصير.

وأكد أن دعوة إبراهيم تمحورت حول إخراج قومه من عبودية الأصنام إلى عبودية الله، وهو ما يعني الاستقامة وفق هداه وتعليماته، وأن الخير كله في أن يعبد الإنسان ربه، ويتقيه، ويلتزم بطاعته ونهيه.

حجج دامغة وإفلاس الباطل

أبرز السيد القائد كيف واجه إبراهيم عليه السلام قومه بالحجة والبرهان، فقال لهم:
{قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ}، متسائلاً عن عبثية عبادة أصنام يصنعها الإنسان بيده من حجر خلقه الله!

وذكر أن هذه الحجة وصلت بقومه إلى حالة من الانهيار الداخلي، فـ {فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ}، أي أنهم استوعبوا بوضوح بطلان ما هم عليه، وأقرّوا في أنفسهم بأنهم يسيرون وراء الظلم والضلال.

ورغم وضوح الحجة وبطلان الموقف، أصر القوم على عنادهم، واستكبروا، وواجهوا هذه الحقيقة الواضحة باتهامات وعدوان:
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ}.

مشهد النار العظيم: تجريم وإرهاب جماعي

في مشهد فريد، تطرّق السيد القائد إلى المحاولة الجماعية لإحراق إبراهيم، فقال إنهم أرادوا أن تكون عملية الإحراق ذات طابع مختلف تماماً:
{قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ}.

فقد جمعوا الحطب من كل شرائح المجتمع، حتى النساء والفقراء، وشارك الجميع في مؤامرة إحراق نبي الله، في تعبير عن مدى العداء والكراهية للحق، ومحاولة لإرهاب من قد يتأثر برسالة إبراهيم.

لكنه، عليه السلام، بقي مطمئناً، متوكلاً على الله، مسلِّماً أمره إلى ربه، لم يتزلزل، ولم يتراجع، حتى أمام منظر النار المتأججة، والجمهور الحاشد الذي جاء ليشهد إحراقه.

المفاجأة الكبرى: معجزة النجاة وصدمة القوم

كانت المفاجأة الكبرى والآية العجيبة في قول الله تعالى:
{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}، حيث تحوَّلت النار إلى سلامٍ عليه، فلم تصبه بأي أذى، رغم ضخامة الحطب وتأجج النيران.

وقال السيد القائد إن هذا المشهد العظيم غيَّر الواقع تماماً، وأبطل كيد الأعداء، وكان ينبغي أن يكون كافياً لإقناعهم جميعاً، لكنه لم يزحزح أكثرهم عن باطلهم، بسبب روابطهم الاجتماعية والسياسية مع المضلين والمستكبرين.

البراءة من الباطل والهجرة إلى الله

وتناول السيد القائد مقام البراءة في موقف نبي الله إبراهيم عليه السلام من أبيه وقومه، إذ بعد أن تبين له أن أباه عدوٌ لله تبرأ منه، كما في قوله تعالى:
{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ}، و{بَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا}، مؤكداً أن هذا الموقف هو قدوة وأسوة للمؤمنين في البراءة من أعداء الله، وفي الثبات على المبادئ.

واختتم بتأكيد أن إبراهيم لم يكن هو الخاسر، بل قومه الذين تركوا من يحمل النور والرشد، وتمسكوا بالطاغوت الظالم المجرم، أما هو فهاجر، وقال:
{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}، ففتح الله له آفاقاً واسعة، وأيَّده في مهمته الرسالية العظيمة.

خلاصة الدرس:

قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، كما قدمها السيد القائد، تمثل درساً عظيماً في الثبات، والتوكل، والبراءة من الباطل، وفي قوة الحجة أمام الاستكبار، وتُظهر كيف أن الروابط مع المضلين قد تمنع الكثير من الناس من قبول الحق، رغم وضوحه وسطوعه، وتثبت في الوقت نفسه أن النصر والعزة لمن يثبت على الإيمان، ويسلم أمره لله، كما فعل إبراهيم عليه السلام.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com