المنبر الاعلامي الحر

عيد الغدير درب الولاء والإيمان

عيد الغدير درب الولاء والإيمان

يمني برس – بقلم – إلهام الأبيض

في أروقِ ليالي الذكرى، تتراقص الأرواح على أنغام الحق، وتتوهج القلوب بنور الوفاء، حين يُنادى صوتُ الإله في سماوات الزمان: “مَن كنتُ مولاهُ فهذا عليٌّ وليٌّ”، فتنهمرُ من أعماق الوجدان إلهاماتٌ من أُنس العزيز، وتستنيرُ النفوس بأضواء هدايته القدسية.
في هذا اليوم المبارك، الذي يتكرر عبر صفحات التاريخ كحقٍ من نور لا ينطفئ، يقف النبي العظيم على منبر الوحي ليعلن للعالم أن خليفة الله في عباده، وصِدر الأمة الطاهر، هو الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام). إعلانٌ يحمل في طيّاته سرّ الهدى، وحقيقة التوحيد، ويكمن في ثناياه أن الدين يكتمل بحُبِّ أهل البيت، وبتوليهم، والانتصار لهم، لأنه طريقُ الصلاح ودربُ الرشاد.
عيد الغدير ليس مجرد مناسبة ذات أيام محدودة، بل هو عيدٌ متجددٌ يستنهض ضمائر الأمة، ويُشعل نار الإيمان في قلبها، ليشدّ أزرَ الولاء المطلق لأولياء الله، الذين اختارهم الرب وسيدُ الأنبياء ليكونوا حُماة الحق وسُدنة دينه. فحبُّهم وطاعتُهم عبادةٌ من نوعٍ خاص، وشهادةٌ على صدق الإيمان، يرفرف في سماء القلوب كعلم من نورٍ يتلألأ في ظلام الجهل والضياع.

إن الولاء لأولياء الله هو ولاؤُ للحق، وهو دربُ الهدى، وصلَةُ الوصل بين العبد وربّه، وبين القلب ومِيزان العدل، بين الحق والمبطل. فبهذا الولاء، يترابطُ أفرادُ الأمة، وتتهاوى قيودُ الانشقاق، وتتجدد عراهم، وتنمو روابطُ المحبة والوفاء، كي تظل الوحدةُ عنوانًا، والعدلُ نصب العين، والخيرُ شعارًا ينشدُ الأملَ والارتقاء.
وفي قلبِ هذه النعمة الإلهية، يكمن سرُّ القرب من الله، ووسيلةُ النجاة، فحبُّ أهل البيت، والطاعة لهم، هو جسرُ العبور إلى رضوان الله، وهو طريقُ السعادة في الدنيا والآخرة. إنهم نورُ الهدى، ومصابيحُ الدجى، وسُعاةُ الخير، الذين أذن الله في محبتهم أن تتعطر أرواحنا بنفحاتٍ من رضاه ورضا رسوله الأكرم.
يظلُّ عيد الغدير يوصلنا إلى قمة الوعي، ويذكرُنا بأن الله اصطفى أولياءه، ونذر لهم أمانة الإيمان، فليكن ولاؤنا لهم، وحُبُّنا لهم، واتباعُنا أوامرهم، شمعة تضيء دربنا، وعهدُ إيمانٍ لا ينقصي، يكفل لنا عزَّةً وكرامةً، ونجاةً أبدية.
إن أهمية الولاء المطلق لمن اختارهم الله لأمته لا تقتصر على مجرد المحبة الشخصية، بل تمتدُّ لتشمل الالتزام بأوامرهم، والاقتداء بأفعالهم، والتسليم لله ولوليّه المختار. ففي ذلك قوةٌ تدفع الأمة للثبات على الحق، والاستعانة بالله في مواجهة التحديات، والتمسك بالقيم التي جاء بها نبينا الكريم.
إن عيد الغدير ويوم الولاية يُذكراننا بأن الله اختار لنا أولياءً طاهرين، يحملون مواصفات الإيمان، والتقوى، والعدل، ويؤمنون بربهم ويعملون على إعلاء كلمة الحق. فحبُّهم وولاؤنا لهم هو أسمى درجات القرب من الله العزّ وجل.

فإن إحياء ذكرى عيد الغدير والعمل بمقتضاه هو السبيل الأوحَد لبقاء الأمة على صراط مستقيم، يضمن لها عزتها وكرامتها، ويحقق لها الهدى والنجاة في الدنيا والآخرة. فحبُّ أولياء الله والولاء لهم هو مفتاحُ الفلاح، وكلُّ خيرٍ في الالتزام بهذا النهج الرباني العظيم.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com