اليمن وموقفها الصلب في مواجهة الاحتلال الصهيوني: من نصرة غزة إلى إعلان دعم إيران والتصدي للتدخل الأمريكي
منذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، شكّلت الجمهورية اليمنية، بقيادة شعبها الواعي وقواتها المسلحة المجاهدة، أحد أبرز أركان محور المقاومة التي ناصرت القضية الفلسطينية ووقفت موقفًا مبدئيًا ضد المشروع الصهيوني – الأمريكي في المنطقة. اتخذ اليمن موقفًا تصعيديًا في وجه الاحتلال، لم يقتصر على المظاهرات والوقفات والبيانات والمواقف السياسية، بل تعدّاها إلى عمليات عسكرية مباشرة أربكت حسابات العدو، وجعلت اليمن لاعبًا فاعلًا ومؤثرًا في المعركة المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي.
يمني برس | ماجد محمد
واليوم، في ظل تصاعد وتيرة العدوان الصهيوني وتوسعه نحو الجمهورية الإسلامية في إيران، أعلنت القوات المسلحة اليمنية في بيان تاريخي أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تورطت أمريكا بدعم مباشر للعدو الصهيوني ضد إيران، مؤكدة أن السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر ستكون هدفًا مشروعًا لأي عدوان من هذا النوع.
اليمن ونصرة غزة… من التضامن إلى الفعل العسكري
منذ الساعات الأولى لمعركة طوفان الأقصى، كان موقف صنعاء واضحًا وثابتًا، عبّرت عنه القيادة السياسية والعسكرية العليا، لا سيما في كلمات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، التي أكدت التزام اليمن بمبدأ نصرة المستضعفين، واستعدادها لتقديم التضحيات في سبيل الدفاع عن الشعب الفلسطيني.
وعلى الأرض، نفذت القوات المسلحة اليمنية حسب تقديرات وسائل إعلام بأكثر من 130 عملية عسكرية بحرية وجوية استهدفت السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها، وشملت عمليات مشتركة بطائرات مسيرة وصواريخ مجنحة وباليستية طالت موانئ أم الرشراش ويافا وأهدافًا استراتيجية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة كسرت لأول مرة الحصار الجغرافي المفروض من العدو.
وتحملت صنعاء نتيجة هذا الموقف ضربات أمريكية وبريطانية وإسرائيلية مباشرة، ومع ذلك لم تُثنِها تلك الاعتداءات عن مواصلة موقفها، بل زادتها إصرارًا على تصعيد ردها العسكري بما ينسجم مع وعودها وخياراتها الاستراتيجية.
عدوان متعدد الوجوه.. اليمن هدف دائم للمشروع الصهيوني الأمريكي
إن استهداف اليمن سواء عبر الهجمات الجوية الأمريكية والبريطانية، أو عبر المؤامرات الاقتصادية والإعلامية لا ينفصل عن المشروع الصهيوني الشامل الذي يسعى إلى “تغيير وجه ما يسمى الشرق الأوسط”، كما جاء في بيان القوات المسلحة، فاليمن بات نموذجًا مزعجًا بالنسبة لقوى الهيمنة، لأنه يقدم تجربة تحررية تؤمن بالجهاد، وترفض التطبيع، وتتبنّى خيار المواجهة.
وما يلفت في بيان الأمس أن اليمن وضع العدوان الإسرائيلي على إيران في سياق العدوان ذاته الذي استهدف غزة ولبنان وسوريا واليمن نفسه، بما يعني أن اليمن يدرك تمامًا أن المعركة واحدة، وأن الأعداء هم أنفسهم، وإن اختلفت الأدوات والساحات.
البيان العسكري اليمني وتحوّل قواعد الاشتباك الإقليمي
إن بيان القوات المسلحة اليمنية الأخير لا يمثل مجرد تضامن رمزي مع إيران، بل هو إعلان صريح لتحوّل نوعي في قواعد الاشتباك الإقليمي، ففي حال أي تدخل أمريكي داعم للعدوان الإسرائيلي على إيران، فإن اليمن سيباشر الهجوم على السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر.
إن هذه المعادلة، التي تضع واشنطن في مرمى النيران اليمنية، تؤكد أن صنعاء باتت تعتبر أي اعتداء أمريكي على حلفائها في محور المقاومة اعتداءً مباشرًا عليها، يستوجب الرد الحتمي.
الأساس الإيماني والسياسي للموقف اليمني
يستند الموقف اليمني إلى عقيدة قرآنية وسياسية واضحة، تنبع من فهم ديني لقضية الأمة وهو ما يظهر بجلاء في استخدام الآيات القرآنية في البيان العسكري، وربط المعركة بالدفاع عن الحرية، والكرامة، والاستقلال، ومقدسات الأمة، ما يجعل الموقف اليمني أكثر عمقًا وتجذرًا من كونه مجرد موقف عابر.
بل هو تجسيد لرؤية استراتيجية ترى أن تحرير فلسطين لا يكون إلا بكسر المشروع الصهيوني الأمريكي برمته، وأن حماية دول محور المقاومة، ومنها إيران، ضرورة استراتيجية لحفظ توازن الردع وضمان استمرارية المعركة حتى زوال الاحتلال.
اليمن قلب جبهة المقاومة… المعركة واحدة والمصير واحد
لقد أثبتت اليمن، قيادةً وجيشًا وشعبًا، أنها تمثل جزءًا حيويًا في جبهة المقاومة الشاملة ضد الاحتلال الصهيوني والمشروع الأمريكي في المنطقة وبيان الأمس لا يضع خطوطًا حمراء فحسب، بل يرسم معادلة ردع إقليمي جديدة، تؤسس لتحالف مقاوم قادر على مواجهة محور الشر الأمريكي الصهيوني.
فكما وقفت اليمن بثبات مع غزة، وأدارت معركة استراتيجية ضد العدو من البحر الأحمر، فإنها اليوم تعلن أن استهداف إيران لن يمر دون رد وهو ما يضع أمريكا ووكيان الاحتلال أمام استحقاقات غير مسبوقة، ويفتح الباب على مرحلة جديدة من المواجهة لن تكون كسابقاتها، عنوانها: وحدة الجبهة… وحدة الدم والمصير.