المنبر الاعلامي الحر

طهران تفرض معادلة ردع جديدة والكيان وامريكا يتهاويان تحت وطأة الخسائر!!

طهران تفرض معادلة ردع جديدة والكيان وامريكا يتهاويان تحت وطأة الخسائر!!

في تحوّل استراتيجي لافت في موازين القوى الإقليمية، أثبتت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال ردها الحاسم والمدبّر في عملية “الوعد الصادق” قدرتها الفائقة على قلب الطاولة في غرب آسيا، مكلّفة كيان الاحتلال ثمناً باهظاً تجاوز كل التوقعات، ومجبرة إياه على الرضوخ لوقف إطلاق النار. لم تكن هذه المواجهة مجرد تبادل لإطلاق النار، بل كانت ضربة استراتيجية كشفت هشاشة منظومات الاحتلال الدفاعية والاقتصادية، وأكدت أن من يوقد نار العدوان يكتوي بسعيرها. إنها قصةٌ أُسدل الستار فيها على مرحلة سادت فيها غطرسة الاحتلال، لتُفتح صفحة جديدة عنوانها الردع الإيراني الذي أعاد صياغة قواعد الاشتباك.

يمني برس | يحيى الربيعي

مدينة أشباح وخسائر تتجاوز الحسابات

لم يكن العدوان الأخير على إيران سوى مغامرة غير محسوبة العواقب على كيان الاحتلال، الذي وجد مستوطناته تحت وابل من الصواريخ الإيرانية الدقيقة، محولاً مدناً كانت تضج بالحياة إلى ما يشبه بمدن الأشباح. الأرقام الصادرة عن كيان الاحتلال نفسه تروي فصول الكارثة.

بحسب موقع “كالكاليست الإسرائيلي”، قُدمت 38,700 دعوى إلى صندوق التعويضات التابع لسلطة الضرائب، قبل حتى احتساب صليات الصواريخ الأخيرة على بئر السبع. من هذه الدعاوى، 31 ألف تتعلق بأضرار في المباني. وتشير التقديرات إلى أن آلاف المباني الأخرى تضررت ولم تُقدم دعاوى بشأنها بعد. تركزت الخسائر في مركز “تل أبيب” حيث سُجلت نحو 25 ألف دعوى (65% من الإجمالي)، بينما سجلت “عسقلان” 10,800 دعوى. هذه الأرقام، التي تعادل أكثر من نصف عدد الدعاوى المقدمة خلال سنة وثمانية أشهر من حرب غزة، تؤكد الكثافة غير المسبوقة للخسائر في هذه المواجهة القصيرة.

وفي مشهد مأساوي، كشف “جيش” الاحتلال عن مقتل جندي برتبة عريف إثر القصف الصاروخي الإيراني الذي استهدف بئر السبع، لترتفع حصيلة القتلى من جراء الهجوم الصاروخي الإيراني على مبنى في بئر السبع إلى 9 أشخاص. وأفادت “نجمة داود الحمراء” بأن طواقمها تعاملت مع 28 قتيلاً و1319 مصاباً خلال الاستهدافات الإيرانية عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الأكثر إثارة للقلق في كيان الاحتلال هو نزوح المستوطنين. موقع “غلوبس” الصهيوني أكد أن الهجمات الصاروخية من إيران أدت إلى إجلاء نحو 18 ألف إسرائيلي خلال 10 أيام، انتقل 12 ألفاً منهم إلى الفنادق، فيما يعيش الباقون في مساكن مستأجرة. مدير مصلحة الضرائب الإسرائيلية شاي أهارونوفيتش وصف الحدث بـ”غير المسبوق”، مؤكداً أن “حجم الأضرار خلال الأسبوع والنصف الماضيين هائل، وكل صاروخ يسقط يُثير 4 آلاف مطالبة”. هذا النزوح الجماعي والدمار الواسع غيّر وجه المدن في كيان الاحتلال، فـ”تل أبيب” التي لا تهدأ، بدت فجأة خاوية، كما وصفت القناة “12” الإسرائيلية. حتى أن طيران “العال” الإسرائيلي تلقى 25 ألف طلب لرحلات إلى الخارج في يوم واحد، هروباً من الصواريخ الإيرانية.

 

نزيف مالي لا يتوقف واستنزاف “الأسهم” الدفاعية

الضربة الإيرانية لم تكن فقط على الجبهة البشرية والعمرانية، بل اخترقت عمق الاقتصاد الإسرائيلي. تُقدر التقارير الإسرائيلية بتكبد كيان الاحتلال قرابة 5 مليارات دولار، أي نحو 725 مليون دولار يومياً، للإنفاق على العمليات الهجومية وتكاليف الدفاع. وبحسب “كالكاليست”، فإن الإنفاق لتغطية احتياجات صندوق تعويضات الأضرار وحده قُدر بنحو 1.44 مليار دولار.

“يديعوت أحرونوت” كشفت أن تكلفة اعتراض الصواريخ الباليستية بلغت نحو 5 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار أمريكي) في الأسبوع الأول من الحرب. كل صاروخ اعتراضي يطلق من المنظومات الإسرائيلية يحمل ثمناً باهظاً: “حيتس آرو 2″ بنحو 3 ملايين دولار، و”حيتس آرو 3″ بـ2.5 مليون دولار، و”مقلاع داود” بـ700 ألف دولار، فيما تبلغ تكلفة صاروخ “القبة الحديدية” 70 ألف دولار. هذه الأرقام وحدها تكشف حجم الاستنزاف اليومي.

الأمر يتجاوز تكلفة الاعتراض. منذ أكتوبر 2023، بلغت كلفة القتال الإجمالية نحو 180 مليار شيكل (51.5 مليار دولار أمريكي). ومع اتساع رقعة الصراع، ارتفع مستوى الإنفاق اليومي إلى 1.7 مليار شيكل (490 مليون دولار أمريكي)، إضافة إلى أضرار تجاوزت ملياري شيكل (571 مليون دولار أمريكي) نتيجة للهجمات الصاروخية. يحذر خبراء الاقتصاد من اقتراب عتبة الضرر الاقتصادي الشامل من حاجز التريليون شيكل (250 مليار دولار أمريكي).

الأخطر هو أن التقارير الأمريكية تشير إلى أن كيان الاحتلال قد يصمد ما بين 10 إلى 12 يوماً فقط دون دعم مباشر من واشنطن، قبل أن يضطر إلى تقنين استخدام الذخائر. ورغم نفي جيش الاحتلال لتراجع المخزون، فإن واقع الحال يشير إلى تحديات غير مسبوقة. اللواء احتياط رام أميناخ، الخبير في اقتصاديات الأمن، أكد أن تكلفة الأسبوع الأول من الحرب بلغت نحو 12 مليار شيكل (3.5 مليارات دولار أمريكي)، منها 5 مليارات للدفاع و3 مليارات للهجوم. ورغم هذه النفقات الهائلة، “فلم تستطع المنظومات الدفاعية منع سقوط صواريخ على أهدافها، مما أدى إلى مقتل 25 شخصاً ومئات الجرحى”.

 

إيران تعلن النصر وتفرض واقعاً جديداً

في المقابل، جاء إعلان النصر الإيراني مدوّياً وواثقاً. أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن إيران حققت نصراً، وأجبرت “الأعداء على طلب وقف إطلاق النار”. وقال المجلس الأعلى: “بوعي شعبنا وصمود قواتنا وقيادتنا الحكيمة انتصرنا”، مؤكداً أن القوات المسلحة “يدها على الزناد، ولا تثق بكلام الأعداء، وهي مستعدة للرد الحاسم في حال أي اعتداء”.

وقد أقر وزير الأمن الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، أن “خاتمة الحرب على إيران نشاز، ومُرّة على إسرائيل”، قائلاً: “بدلاً من فرض استسلام غير مشروط على إيران، يدخل العالم في مفاوضات صعبة ومضنية”. كما أقر اللواء في الاحتياط الإسرائيلي يوم توف ساميا بأن إيران هي التي تحكمت وحددت توقيت وقف إطلاق النار مع كيان الاحتلال، وشكّك في تدمير البرنامج النووي الإيراني. واعترفت صحيفة “معاريف” بأن “إيران خرجت من الحرب أقوى”.

هذه الاعترافات الإسرائيلية تعكس عمق الإخفاق الاستراتيجي الذي مُني به كيان الاحتلال. المنصات الإعلامية الإسرائيلية أقرت بأن “اللحظة التي يوجّه فيها عدو كاره لإسرائيل الضربة الأخيرة لا يكون ذلك فشلاً استراتيجياً فقط… بل كأن شعب الأبدية يرفع الراية البيضاء”. هذه المواجهة لم تكن مجرد جولة عسكرية، بل كانت تحولاً مفصلياً أعاد رسم الخرائط الجيوسياسية في المنطقة، وأثبت قدرة محور المقاومة على فرض معادلات ردع جديدة تحمي سيادته وتثبت قوته في وجه العدوان.

 

عاصفة اقتصادية تضرب العالم وسماء تتغير

في ظل تصاعد غير مسبوق للتوترات الجيوسياسية في غرب آسيا، تتكشف فصول جديدة من حرب تتجاوز حدود الجغرافيا العسكرية، لتلقي بظلالها الثقيلة على عصب الاقتصاد العالمي. إنها معركة لا تُحسم بالصواريخ فحسب، بل بتكاليفها الباهظة على الخزائن، وبما تفرضه من تحديات على سلاسل الإمداد العالمية، وتحديداً قطاع الطاقة والنقل الجوي. إن من أشعل النيران لابد أن يكتوي بسعيرها، فكيان الاحتلال والولايات المتحدة اللذان دقا طبول العدوان الهمجي غير المبرر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يواجهان اليوم تبعات أفعالهما التي امتدت آثارها لتشمل الأسواق العالمية.

 

ساحة مواجهة وأعباء على الملاحة العالمية

تحولت أجواء المنطقة إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين واشنطن وكيان الاحتلال والقوات المسلحة الايرانية، مما أحدث اضطراباً عميقاً في قطاع الطيران العالمي. لقد دفعت هذه التطورات الخطيرة كبرى شركات الطيران العالمية إلى إعادة توجيه رحلاتها بعيداً عن مساحات واسعة من المجال الجوي في غرب آسيا، الذي بات يصنف “نقاط خطر حمراء”. ولأول مرة منذ سنوات، تشهد خرائط الملاحة الجوية تحولات مفاجئة ومكلفة، مع زيادة في زمن الرحلات وتكاليف التشغيل، مما يثقل كاهل شركات الطيران والمسافرين.

تجنب الممرات الجوية الرئيسية في المنطقة بات واضحاً، وفقاً لبيانات موقع “فلايت رادار24” (FlightRadar24). وقد حذرت منظمة “المجال الجوي الآمن” (safe airspace) من أن الهجمات قد تزيد المخاطر على المشغلين في المنطقة. وأظهرت بيانات التتبع غياباً واضحاً للرحلات الجوية التجارية فوق إيران والعراق وسوريا ولبنان وكيان الاحتلال والكويت والأردن، حيث اختارت الشركات مسارات بديلة شمالاً عبر بحر قزوين أو جنوباً عبر مصر والمملكة العربية السعودية.

العدوان تسبب في خسائر فادحة لشركات الطيران المحلية والعالمية. فعلى سبيل المثال، تأثرت رحلات قطر وطيران الإمارات التي كانت تعبر المجالين الجويين العراقي والإيراني، مما أدى إلى تعطل هذين المسارين الحيويين. وقد فقدت شركة “فلاي دبي” إمكانية عبور المجال الجوي الإيراني، مما زاد أوقات رحلاتها بشكل ملحوظ، مثل رحلاتها من دبي إلى موسكو التي زادت مدتها من 5 إلى 7 ساعات.

بحثاً عن مسارات بديلة، زادت الرحلات الجوية فوق أفغانستان بنسبة 500% خلال الأسبوع الماضي، بمتوسط 280 رحلة يومياً، مقارنة بـ50 رحلة شهرياً. كما تضاعفت الرحلات اليومية فوق المملكة العربية السعودية، التي تقع جنوب المجال الجوي المغلق مباشرة، لتصل إلى 1400 رحلة. هذه التحولات تعكس أزمة الملاحة الجوية التي خلقتها التوترات، وتكشف عن الخسائر الاقتصادية المباشرة التي يتكبدها قطاع الطيران.

 

“فوربس” تدق ناقوس الخطر في الأفق الأمريكي

يتجه الاقتصاد العالمي نحو دوامة غير مسبوقة، فيما يرتفع صوت التحذيرات من عاصفة تضخمية قد تضرب صلب الاقتصاد الأمريكي. فبينما تتجه الأنظار إلى واشنطن وكيان الاحتلال، يتجلى المشهد الاقتصادي المعقد الذي يحمل في طياته بذور أزمة قد تعصف بالأسواق العالمية، مؤكدة أن من أشعل النيران لابد أن يكتوي بسعيرها. مجلة “فوربس” الأمريكية المرموقة، تستعرض أبرز المؤشرات التي تدفع بالولايات المتحدة إلى حافة الهاوية الاقتصادية، والتي قد تعيد إلى الأذهان ذكريات مؤلمة من ركود تضخمي سابق.

وفقًا لتقرير تحليلي عميق نشرته مجلة “فوربس”، فإن الاقتصاد الأمريكي يواجه مجموعة من المؤشرات الخطيرة التي تنذر بعاصفة اقتصادية وشيكة، قد تفوق في شدتها تداعيات جائحة كورونا. هذه المؤشرات تشير إلى احتمال عودة الولايات المتحدة إلى حقبة الركود التضخمي، الذي كلّف الأسواق الكثير في السبعينيات.

تُبرز “فوربس” جملة من النقاط التي تدعو للقلق الشديد، حيث تحذر المجلة من أن أي خفض مفاجئ وغير مدروس لأسعار الفائدة قبل السيطرة الكاملة على التضخم يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع سريع وغير منضبط في الأسعار، مما سيجبر الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ إجراءات أكثر قسوة ورفع الفائدة بشكل أوسع وأعنف في المستقبل القريب.

وتشير تقرير لها إلى خطر كبير يتمثل في احتمال انهيار مؤشر الأسهم القيادي، ستاندرد آند بورز 500، بنسبة قد تصل إلى 50%. هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان ما حدث بين عامي 1972 و1974، خلال فترة التضخم المفرط التي شهدت تدهورًا كبيرًا في قيمة الأصول.

وتُعتبر المجلة السياسات الاقتصادية التي اتبعها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مثل فرض الرسوم الجمركية الواسعة، وترحيل العمالة غير النظامية، والتخفيضات الضريبية الشاملة، بمثابة “العاصفة المثالية” التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع حاد في معدلات التضخم. هذه السياسات، في حال عودتها، ستقيد العرض وترفع تكاليف الإنتاج والخدمات، مما يدفع الأسعار إلى مستويات قياسية.

كما يكشف التقرير عن ارتفاع عجز الميزانية الأمريكية إلى أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي، مع تجاوز فوائد الدين العام حاجز تريليون دولار سنويًا. هذا العبء المالي الهائل يزيد من الضغوط على الاقتصاد ويقلل من قدرة الحكومة على المناورة في مواجهة الأزمات.

وأكدت المجلة في تقريرها أن فقدان الثقة في استقرار السياسة النقدية يمكن أن يدفع المستثمرين إلى التحول بشكل جماعي من الأسهم إلى السندات والحسابات الادخارية، مما يؤدي إلى تدهور حاد في أسواق رأس المال ويعمق الأزمة الاقتصادية.

وتحذر “فوربس” من أن هذه المعطيات تشبه إلى حد كبير تلك التي سبقت الانهيار الكبير في السوق خلال السبعينيات، عندما أدت سياسات تأخير المعالجة إلى ركود عميق وأسفر عن تراجع حاد في السوق. وفي ظل سياق دولي يزداد تعقيدًا جراء النزاعات الجيوسياسية، فإن استمرار هذه السياسات قد يقود إلى بيئة اقتصادية متقلبة، تُعقد بها الأوضاع الدولية.

هذه التحذيرات تثير تساؤلات عميقة حول قدرة الإدارة الأمريكية على احتواء تداعيات هذه العاصفة الاقتصادية المحتملة. فهل ستنجح الولايات المتحدة في تجنب الأزمة الأعمق، أم أن نيران الصراع السياسي والاقتصادي ستعود لتلتهم الجميع، ويدفع الجميع الثمن باهظًا على جميع المستويات؟

 

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com