ضمن استراتيجية مواجهة الحصار والمقاطعة.. ثورة صناعية يمنية وشيكة
في ظل الحصار الاقتصادي الشامل المفروض على اليمن منذ العام 2015، وتفاقم تداعيات الحرب والحصار على القطاع الإنتاجي، تمضي حكومة التغيير والبناء، بتوجيه مباشر من القيادة الثورية والسياسية، في خطوات استراتيجية جريئة لإحياء الصناعة الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، بالتزامن مع حملة المقاطعة للمنتجات الأمريكية والداعمة للكيان الصهيوني، وتنامي الوعي الشعبي بأهمية دعم المنتج المحلي.
يمني برس | ماجد محمد الخزان
السياسات الاقتصادية الجديدة التي بدأت تتبلور على شكل قرارات تنفيذية حازمة، تؤسس لمرحلة مفصلية في تاريخ الاقتصاد اليمني، عنوانها: “الصناعة أولا.. الاستقلال الاقتصادي خيار لا بديل عنه”.
قرارات حكومية حازمة لتحفيز الإنتاج المحلي ووقف الاستيراد
أصدر رئيس مجلس الوزراء في حكومة التغيير حزمة قرارات اقتصادية غير مسبوقة، تهدف إلى إلزام الجهات الحكومية كافة باعتماد المنتجات الوطنية بدلاً من المستورد، وذلك في عدة قطاعات حيوية:
الحديد والبُترات (المنشآت المعدنية):
وفق القرار رقم (11) لسنة 1446هـ – 2025م، تم حظر استيراد الحديد المستخدم في مشاريع البناء، وإلزام الجهات الحكومية بشرائه من المصانع المحلية.
الصناعات البلاستيكية:
القرار رقم (12) ألزم الحكومة والموردين باستخدام الأنابيب والمواد البلاستيكية المحلية في مشاريع المياه والصرف الصحي والزراعة، وفرض استخدامها في العقود الحكومية كافة.
الأثاث المدرسي والمكتبي:
القرار رقم (13) فرض على وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة تلبية احتياجاتها من المنتجات الخشبية والمكتبية من المصانع المحلية فقط، مع حظر الاستيراد.
الزي الرسمي (اليونيفورم):
القرار رقم (15) شمل الجهات الصحية والصناعية والأمنية والنظافة وغيرها، وألزمها بتأمين الأطقم والملبوسات من السوق المحلية فقط.
الغرفة التجارية والصناعية.. ذراع الشراكة مع الدولة
انطلاقًا من دورها الريادي، أطلقت الغرفة التجارية الصناعية في صنعاء سلسلة من الإجراءات والتوجهات لتفعيل دور القطاع الخاص، ومن أبرز خطواتها:
إعداد قاعدة بيانات تفصيلية للمصانع اليمنية ومنتجاتها وقدراتها الإنتاجية.
تشكيل لجنة تشجيع الصناعات المحلية من رجال المال والأعمال، تعمل على:
- دراسة معوّقات الإنتاج الصناعي والعمل على معالجتها.
- بناء عقود تصنيع مشترك بين المستوردين والمصنعين.
- تقديم خريطة فرص استثمارية صناعية جديدة بناء على فجوات السوق.
- تسهيل تبادل المعلومات والبيانات حول المواد الخام والأسعار والمواصفات.
كما بدأت الغرفة بعقد لقاءات شبه يومية مع أصحاب المصانع لبحث التحديات والفرص، بالإضافة إلى عقد اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء أحمد الرهوي، تم خلاله بحث حلول لتعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، ومعالجة آثار الحرب والحصار.
اليمن يصنع ويكتفي.. من الطائرة المسيّرة إلى الصناعات المدنية
ليست هذه أول مرة يطرق فيها اليمن أبواب الاكتفاء الذاتي، فمن صناعة الأسلحة الخفيفة والثقيلة، والطائرات المسيّرة، والصواريخ الفرط صوتية، أثبتت البلاد قدرتها على التصنيع رغم الحرب والحصار، فما بالك بصناعة الأثاث، أو الحديد، أو المنتجات الغذائية والبلاستيكية؟
الخطوات الأخيرة للحكومة وشركاؤها في الجانب الاقتصادي تضع اللبنات الأولى لـ”ثورة صناعية مدنية” حقيقية، قد تكون بوابة اليمن نحو نهضة اقتصادية وطنية شاملة، تُخرج البلاد من التبعية، وتحول المقاطعة من وسيلة ضغط إلى فرصة للاستقلال.
خاتمة:
من الواضح أن اليمن أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة اقتصاده من جديد، على أساس الاعتماد على الذات، وتنمية قواه الإنتاجية، وتحرير قراره الاقتصادي، عبر خطوات عملية ومدروسة تتكامل فيها جهود الحكومة والقطاع الخاص، في مواجهة تحديات الخارج وصناعة المستقبل.