المنبر الاعلامي الحر

غزة تموت جوعاً وخيرات العرب يأكلها اليهود

غزة تموت جوعاً وخيرات العرب يأكلها اليهود

يمني برس | تقارير
بينما تتصاعد نيران العدوان الصهيوني لتلتهم غزة، محولة بيوتها إلى ركام وأهلها إلى نازحين جوعى، تكشف أرقام صادمة عن شراكة اقتصادية متنامية للدول العربية مع الكيان الصهيوني.

إعلام العدو أكد اليوم الأربعاء أن الدول العربية المطبّعة صدّرت لـ”إسرائيل” منتجات بقيمة 116.4 مليون دولار، بينها 8.16 مليون دولار منتجات غذائية تحت 18 فئة. موضحا أن مصر تتصدر قائمة الدول العربية المصدرة للمنتجات الغذائية، بإجمالي 3.8 مليون دولار . مضيفا أن الأردن صدّر 791 طناً من الخضروات لـ”إسرائيل” بين يونيو ويوليو، منها 695 طناً طماطم و96.5 طناً فلفل، رغم إعلان وقف التصدير رسميًا منذ أغسطس 2024.

هذه الأرقام -التي قد تبدو إحصائياتٍ باردةً على جداول التبادل السلعي- هي في جوهرها شهادة إدانة صارخة، ووصمة عار على جبين من تواطأوا على دماء الأبرياء.

بيانات ما يسمى “الجهاز المركزي الإسرائيلي للإحصاء” أكدت أنه وخلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2023، بالتزامن مع اشتداد وتيرة الإبادة الجماعية في غزة، وحتى فبراير 2025، تجاوز حجم هذا التبادل التجاري 6.1 مليار دولار. هذا الرقم المهول لم يكن سوى دعم مباشر لآلة الحرب الصهيونية، حيث استحوذت الإمارات وحدها على 4.3 مليار دولار، أي ما يقارب ثلثي إجمالي التجارة العربية مع الكيان، بينما بلغت قيمة الواردات الصهيونية من بقية الدول العربية 1.57 مليار دولار.

الإمارات شريك فاعل في التجويع والحصار

تأتي الإمارات في طليعة هذه الأنظمة، بأرقام تجارية قياسية مع الكيان الغاصب. فبينما كانت صور الأطفال الجياع في غزة تملأ شاشات العالم، كانت أبوظبي تُصدر للكيان 1377 صنفاً من المنتجات، بما في ذلك الألماس والمجوهرات والمعادن النفيسة والآلات الكهربائية والمواد الغذائية. وفي المقابل، استوردت الإمارات 763 صنفاً صهيونياً، ليصل إجمالي التبادل التجاري بينهما إلى ملياري دولار، محققة أعلى حصة بين الدول العربية.

ففي سلوك يكشف عن مدى الانفصال بين هذه الأنظمة وبين أبسط القيم الإنسانية، وتجاهل متعمد لحقيقة أن العدو الصهيوني يستخدم التجويع كسلاح حرب، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من التواطؤ، ليصل إلى مستوى التمويل المباشر لحرب الإبادة. فقد بلغت صادرات اللؤلؤ والأحجار الكريمة والمعادن النفيسة من الدول العربية المطبِّعة، ومعظمها يأتي من الإمارات، 584.8 مليون دولار. وتلتها منتجات الآلات والمعدات الكهربائية بـ 278.5 مليون دولار، ثم مواد البناء كالإسمنت والجبس بـ 533 مليون دولار. والأكثر قسوة، أن هذه الصادرات شملت أصنافاً غذائية وملابس وأسمدة، بقيمة 52.6 مليون دولار.

مسار طويل من التنازلات

لم يأتِ هذا المستوى من التطبيع الاقتصادي من فراغ، وإنما جاء تتويجاً لمسار طويل من التنازلات، بدأ يتجلى بوضوح بعد “اتفاقيات أبراهام” في سبتمبر 2020. كانت هذه الاتفاقيات بمثابة بوابة عبور للتطبيع الاقتصادي إلى مستويات غير مسبوقة. وفقًا لمعهد التصدير الصهيوني، بلغ نطاق التبادل التجاري مع الإمارات في عام 2021 ما يقارب 1.2 مليار دولار. وفي النصف الأول من عام 2022، وصل حجم التجارة 1.4 مليار دولار. وبلغ إجمالي الصادرات من الكيان إلى الإمارات في عام 2021 ككل 385 مليون دولار، أي خمسة أضعاف ما كان عليه في عام 2020. وقد أكد سفير العدو الإسرائيلي في الإمارات أمير حايك، في سبتمبر 2022، أن التبادل التجاري بين الكيان والإمارات شهد ارتفاعاً بلغ 1.4 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من سنة 2022، في حين كان معدل التبادل التجاري في سنة 2021 كلها 1.2 مليار دولار.

ثم جاءت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في أواخر مايو 2022، التي هدفت إلى رفع العلاقات التجارية والاستثمارية إلى 10 مليارات دولار سنوياً خلال خمسة أعوام لاحقة، وتضمنت إلغاء الرسوم الجمركية على 96% من البضائع. هذه الأرقام، التي كانت تُعلن بفخر، هي اليوم دليل دامغ على خيانة جسيمة، لأنها تُظهر كيف أن هذه الدول كانت تبني جسوراً اقتصادية مع كيان يواصل عدوانه المدمر على غزة.

تكمن المأساة الكبرى في أن هذا الحجم الهائل من التبادل التجاري العربي-الصهيوني يحدث في ظل صمت مُطبق وتجاهل كامل للمحنة التي يعيشها أبناء غزة. فبينما كانت كاميرات العالم ترصد المجازر اليومية، كانت هذه الصفقات المليارية تُبرم، وتُرسل السلع التي تُغذي اقتصاد الكيان الصهيوني. هذا السلوك لا يمكن تبريره بأي منطق، فليس هناك أي عذر لأي نظام يتجاهل صرخات شعب يُباد جماعياً. إن هذا الصمت المطبق وتجاهل الجرائم هو بحد ذاته تواطؤ، لا يشرعن فقط الإجرام الصهيوني، بل يساهم بشكل مباشر في قتل الفلسطينيين وتجويعهم وتهجيرهم، ويعكس انحطاطاً غير مسبوق في سلّم القيم والأولويات.

إن الأهداف الخفية للكيان الصهيوني من هذا التطبيع الاقتصادي تتجاوز الربح المالي البحت. فـ”إسرائيل” -بدعم من الدول المطبِّعة- تسعى إلى التغلغل في الأسواق العربية والإسلامية بطرق ملتوية، كإعادة تصدير المنتجات الصهيونية تحت مسميات عربية. هذا التغلغل الاقتصادي الممنهج هو جزء لا يتجزأ من المخطط الأكبر للكيان الصهيوني في المنطقة، وهو تحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”. فكل صفقة تجارية تُبرم، وكل دولار يُدفع، وكل سلعة تُستورد من الكيان، هي وقود إضافي لآلة العدو الإسرائيلي، وعامل مساعد في تحقيق أهدافه التوسعية التي لا تهدد فلسطين وأبناءها وحدهم، وإنما تهدد وجود الأمة ومقدراتها.
نقلا عن موقع أنصار الله

قد يعجبك ايضا