المنبر الاعلامي الحر

وهم “احتلال غزة” ..  حكاية مأزق الاحتلال وملاحم صمود المقاومة!

في مسعى يائس لتزيين هزيمته المتكررة، يواصل زعيم كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو، نسج أوهام جديدة في سرديته عن الحرب على غزة. في آخر تصريحاته، ألقى نتنياهو بخطته لما بعد القضاء المزعوم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، معلناً أن “هدفنا ليس احتلال غزة، هدفنا تحرير غزة”. هكذا، يلبس الاحتلال ثوب محرر الأرض من أهلها الأصليين، بينما يمعن في تدمير الأرض والإنسان، مقدماً رؤية مستقبلية تهدف إلى محو المقاومة، وإنشاء منطقة عازلة على الحدود لمنع تكرار الهجمات، ووضع يده على الإدارة المدنية عبر مناطق لتوزيع الغذاء.

يمني برس | يحيى الربيعي

تلك هي رواية الاحتلال الاعلامية، لكن على الأرض، تتكشف حقيقة أخرى. المقاومة الفلسطينية، التي خاضت معركة بطولية صمدت فيها صموداً أسطورياً، لا تزال تستنزف كيان الاحتلال وتكبده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. فصائل المقاومة، رغم الحصار المطبق الذي تفرضه قوى العدوان، ورغم استخدامها لأسلحة قد تبدو بدائية في مواجهة جيش يصنف من الأقوى عالمياً، أثبتت قدرتها على مواصلة المواجهة وكسر إرادة العدو.

 

واقع الميدان ومأزق نتنياهو السياسي والعسكري

إن التصريحات المتناقضة التي يطلقها نتنياهو لا تعدو كونها محاولات للتغطية على الفشل الذريع الذي يواجهه على أكثر من صعيد. فمن جهة، يشدد على أن “70 إلى 75% من غزة تحت السيطرة”، لكنه يعترف في الوقت ذاته بوجود “معقلين متبقيين” في مدينة غزة والمخيم الرئيسي في المواصي، وهما يمثلان تحدياً كبيراً لقواته. كما أن حديثه عن “تحرير” الأسرى بالقوة العسكرية يواجه حقيقة مرة، حيث تؤكد فصائل المقاومة أن الأسرى لن يخرجوا إلا من بوابة المفاوضات وبأثمان باهظة، وهذا ما يدفع نتنياهو إلى حافة الهاوية السياسية داخلياً وخارجياً.

لقد بات نتنياهو أسيراً لوعوده الزائفة، فخطة احتلال رفح التي روج لها سابقاً لم تؤد إلى إنهاء الحرب، بل زادت من تعقيداتها وكشفت عن هشاشة قوة الاحتلال. والآن، يطرح فكرة جديدة لاحتلال مدينة غزة، متجاهلاً أن “غزة لن تُدار من تل أبيب ولا من أي عاصمة أجنبية، بل بإرادة شعبها المقاوم”. هذا الرفض القاطع من المقاومة، إلى جانب الضغوط الدولية المتزايدة، يجعل من خطة نتنياهو مجرد حبر على ورق، خصوصاً مع تحول المفاوضات إلى خلفية الأحداث.

 

تأثيرات الحرب على كيان الاحتلال.. كلفة لا يمكن إخفاؤها

إن كلفة هذه الحرب لم تعد عسكرية فقط، بل باتت سياسية واقتصادية كذلك. جيش الاحتلال، الذي يراهن على عامل الوقت، يواجه تحديات لوجستية وعملياتية ضخمة، حيث قد يستغرق إخلاء غزة شهوراً، وهو ما يغذي حالة من السخط الشعبي الصهيوني ضد حكومة نتنياهو. أما المدن الإنسانية التي روج لها الاحتلال، فلم تر النور بعد، ما يكشف زيف ادعاءاته الإنسانية.

إن المقاومة، برفضها أي تسوية تنهي سيطرتها أو سلاحها، تراهن على أن استمرار المعاناة سيكسبها نقاطاً سياسية ويزيد الضغط الدولي على الاحتلال، وهو ما يحدث بالفعل. ففي الوقت الذي يجتمع فيه مجلس الأمن لمناقشة خطة احتلال غزة، تواجه قوات الاحتلال على الأرض تحديات تفوق الشعارات الجوفاء. هذه الديناميكية الدراماتيكية بين تصريحات نتنياهو المليئة بالأوهام وواقع الميدان الذي يسطر فيه رجال المقاومة ملاحم بطولية، تؤكد أن النصر حليف الإرادة الحرة والصمود، وأن كلفة الهزيمة أكبر بكثير من قدرة الاحتلال على تحملها.

 

نتنياهو يهرب من المأزق ويسعى لشرعنة النازية

في حلقة جديدة من مسلسل التخبط الصهيوني، يواصل بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة اليمين المتطرف، نسج الأكاذيب وتزيين أهدافه الحقيقية تحت ستار “تحرير غزة”. بينما تتضاءل فرص المناورة السياسية لحكومته المهترئة، يلجأ نتنياهو إلى تصوير خطته العدوانية كمسار واضح نحو السلام، محاولاً إيهام العالم بأن من يعرقل هذا “السلام” المزعوم هي المقاومة الفلسطينية. إنه يبحث عن شرعية دولية لحربه واحتلاله، مستندًا إلى ذريعة السابع من أكتوبر والأسرى، التي يرى فيها المحلل الصهيوني مندي سفدي “شرعية” لاستمرار العدوان.

لكن واقع الحال يكشف أن هذه الذرائع ما هي إلا قناع لإخفاء فشل ذريع. فبعد ما يزيد عن عام ونصف من العدوان، لم يتمكن جيش الاحتلال من تحقيق أهدافه المعلنة، لا بالقضاء على المقاومة ولا بفرض إلقاء سلاحها. هذا الفشل العسكري يدفع نتنياهو وحكومته إلى حالة من التيه، حيث يصرون على المضي قدمًا في مخططات التهجير والاستيطان، رغم كل الإنذارات الدولية والمخاوف الإقليمية.

 

أهداف خفية ومأزق التهجير.. عندما يلتقي الحلم النازي بالواقع

ما يجري على الأرض يؤكد أن إطالة أمد المعركة ليست لـ”تحرير” الأسرى، فلو كان هذا هو الهدف، لذهب نتنياهو إلى صفقة شاملة توقف الحرب. إن الهدف الحقيقي، كما يشير المحللون، هو كسب الوقت حتى الانتخابات القادمة في عام 2026م، والتمسك بالسلطة، مع الاستمرار في تنفيذ الأجندة النازية لحكومته. تتضح هذه الأجندة في محاولات الدفع بالفلسطينيين نحو البحر، وتجميعهم في مناطق لا تتجاوز 5% من مساحة القطاع، تمهيدًا لتهجيرهم الكامل.

ورغم أن المحلل الصهيوني مندي سفدي يحاول تبرير هذه الممارسات بالقول إنها “لمصلحة الشعب في غزة”، إلا أن تصريحات وزراء الحكومة، مثل سموتريتش، تكشف النية المبيتة للتهجير والاستيطان. هذا التناقض الصارخ يضر بالرواية الصهيونية نفسها، ويجعل من ذريعة “القضاء على حماس” مجرد غطاء لفشل عسكري ذريع ومخطط تهجيري نازي.

 

هل ينجح نتنياهو في جر المنطقة إلى الهاوية؟

في ظل هذه المعطيات، يظهر نتنياهو في حالة من التخبط، فهو يرفض الحلول السياسية، ويحاول إقناع الإدارة الأمريكية بمنحه الضوء الأخضر لفرض “السيادة الصهيونية” على الضفة الغربية مقابل وقف الحرب في غزة. هذا التوجه لا يعكس رؤية سياسية، بل هو محاولة يائسة للهروب من الفشل العسكري والمأزق السياسي الذي أوقعه فيه صمود المقاومة الأسطوري. فهل ستنجح ضغوط المقاومة والتحذيرات الإقليمية في إجبار نتنياهو على التوقف عن خططه العبثية، أم أنه سيستمر في جر المنطقة نحو مزيد من الفوضى والدمار؟

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com