المولد النبوي الشريف.. في المنظور التكفيري والجحود العفاشي
المولد النبوي الشريف.. في المنظور التكفيري والجحود العفاشي
يمني برس – بقلم – إبراهيم محمد الهمداني
يقول الرسول الأعظم، محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “بعثت بين جاهليتين أخراهما أشد من أولاهما”، وما أشبه جاهلية اليوم بجاهلية الأمس، فها هي قوى الشر والطاغوت، تطبق بظلمها وظلامها وجهلها وجاهليتها، وتحكم قبضتها على المجتمعات البشرية اليوم، وتعيد سيرة الضلال والشقاء والانحراف والمفاسد، التي كانت سائدة في نظيرتها الأولى، بل وتزيد على ظلماتها ظلاما، وعلى إجرامها وعنجهيتها، جنونا وطيشا وسفها وتوحشا، وها هي قوى الاستكبار العالمي، ممثلة بأئمة الكفر، من اليهود والنصارى وأوليائهم وحلفائهم، تمارس أبشع الجرائم وعمليات الإبادة الجماعية، بحق المستضعفين من أبناء قطاع غزة، وها هو المجرم نتنياهو يعلن عن مشروعه الشيطاني الإجرامي التوحشي، المتوجه نحو إضلال وإفساد واستعباد العرب والمسلمين أولا، ثم بقية المجتمعات البشرية ثانيا، دون استثناء، من خلال عدة استراتيجيات، في مقدمتها فضل الأمة عن ربها ودينها ونبيها، ويعد استهداف ذكرى المولد النبوي الشريف، عبر أبواق صهيونية الهوى عربية اللسان، أهم وسائله لإبعاد الأمة عن نبيها العظيم، وعن إحياء ذكراه والاقتداء به، وها هو المجرم نتنياهو، يجاهر بمشروعه الإجرامي الشيطاني الهدام، على مرأى ومسمع من العالم، والأخزى من ذلك الصمت والخنوع، هو تواطؤ معظم الأنظمة العربية والإسلامية معه، رغم أنها وشعوبها المستهدفة بالإبادة قبل غيرها، وذلك لا يعفي الشعوب من القيام بمهمتها، في إحياء فريضة الجهاد، والانتصار لنفسها ودينها، ودفع شر ومكر وخطر أعدائها عنها، كما أمرها الله تعالى بذلك، في أكثر من موضع في القرآن الكريم، الذي يجب أن يكون منهج تحرك عملي، وليس نصا تعبديا فقط، بحيث تتحرك وتجاهد حسب توجيهاته، كما تحرك وجاهد الرسول الأعظم، محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ففيه أسوة حسنة وقدوة مثلى، لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.
إن الارتباط الحقيقي بالرسول الأعظم، محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يعني السير على نهج الهداية المحمدي، في صفائه ونقائه وقداسته، الذي قدمه لنا قولا وفعلا، وحمله إلينا من بعده، أئمة الحق وأعلام الهدى، ورثة الكتاب والحكمة، من عترته الأطهار، أهل بيته المنتجبين الأخيار، فهم الثقل الأصغر الحامل للثقل الأكبر، وهم قرناء القرآن وأهله، ولا يمكن معرفة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله، المعرفة الحقيقية، إلا من خلالهم، كما أنه لا يمكن دخول المدينة إلا من بابها، ولن يعرف الله سبحانه وتعالى، من تسور مدينة العلم واليقين، أو استهان بمقامها، وتجاهل تعليماتها عمدا، ولا من أنكر حق النبي الأكرم عليه، وتجرأ على النيل من ذوي قرابته.
لذلك وغيره، يجب أن يكون الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة، من باب التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، بأداء ما أوجبه علينا، من تعظيم وتوقير وإجلال، خير خلقه وأحبهم إليه، وأن نحيي ذكره ونجدد ارتباطنا به، اعتقادا وقولا وفعلا، وأن ننبذ – في حضرته – كل الخلافات والاختلافات، وأن نلتقي على مائدة حبه، ونتسابق في مضمار طاعته واتباعه، لكن ما يؤسف له، أن العكس من ذلك، هو الحاصل في واقع الأمة الإسلامية اليوم، التي انقسمت إلى قسمين، إزاء من يحتفلون بهذه المناسبة/ الطاعة المفروضة؛ أولهما انتهج التكفير والتبديع، وأباح دم وعرض المحتفلين بها مطلقا، بحجة أنها بدعة وأنها ضلالة، وذلك أما عن جهل بعضهم بحقيقة الأمر، وأما عن جحود البعض الآخر بما علموه حقا، واستيقنته أنفسهم سلفا، وكلاهما يخدم مشروع الانحراف والضلال، ويقدم للناس إسلاما مشوها فاسدا، أفقد المشروع الإسلامي النهضوي الحضاري، قيمته وفاعليته ومرتكزاته، وأساء إلى الإسلام وامتهن كرامة المسلمين، أكثر مما فعله الأعداء من اليهود والنصارى.
وثانيهما رأوا فيها مناسبة عنصرية، تعلي من شأن خصومهم، وتقلل من دورهم وحضورهم، وفي مقدمتهم العفافيش، الذين سعوا إلى إيجاد مناسبة تخصهم، يضاهئون بها مناسبة المولد النبوي الشريف، فلم يجدوا أمامهم سوى “زعيم الفتنة والخيانة”، فقدموه مناسبة خاصة بهم، بدافع من الحمق والنكاية بالخصوم، وشتان ما بين الاحتفاء بسيد الأولين والأخرين، وسيء الذكر رأس الفتنة وزعيم الخيانة “عفاش”، لكنهم لم يتحرجوا من الاحتفاء بمولده تارة، وباغتصابه السلطة أخرى، وسرقته المؤتمر الشعبي العام ثالثة، ومجازره بحق أبناء الشعب اليمني رابعة، وذكرى إعلانه بيان خيانته، وليس آخرها إحياء ذكرى مصرعه، حيث أصبح “علي عبدالله عفاش”، عجلهم الذي أشربوا حبه زعيما مقدسا، متعدد المناسبات لا نهائي المنجزات، التي لا يذكرونها ولا يحتفلون بها، إلا قبيل مناسبة المولد النبوي الشريف، أو بالتزامن معها، جاعلين الاحتفال بذكرى “عفاش”، شماعة لإثارة النعرات الحزبية والطائفية، وبابا لإذكاء نار الأحقاد، ومنبرا لإشعال حروب الثارات والانتقامات الوحشية، بهدف إقلاق الأمن والسكينة المجتمعية، وإشغال الشعب اليمني وجيشه، عن إسناد غزة ومواجهة العدوان، بمعارك داخلية طاحنة، وفك الحصار البحري والعسكري، الذي فرضه الجيش اليمني، على الكيان الإسرائيلي الغاصب، إلى أن يتم إيقاف مجازر العدوان ورفع الحصار، عن إخواننا المستضعفين في قطاع غزة، ولا فرق في ذلك بين عفافيش الداخل وعفافيش الخارج، فموقفهم وتوجههم واحد، وهو ما أشاد به قادة الكيان الصهيوني، وأعلنوا اعتمادهم عليهم لتنفيذ الخطة ب، كونهم يتماهون مع المشروع الصهيوني نصا وروحا.