معلومات تكشف : لماذا ينزعج العدو الصهيوني وحلفاءه من دول التطبيع من إحياء اليمنيين للمولد النبوي الشريف؟
يمني برس |
مأزوم، تتسارع فيه وتيرة التطبيع مع العدو الصهيوني، وتُشوَّه فيه الرموز الدينية وتُفرغ من مضامينها الثورية، يخرج اليمن من بين ركام الحرب والحصار، ليقدّم مشهدًا استثنائيًا في ارتباطه برسول الله محمد صلوات الله عليه وآله، من خلال إحياء سنوي حاشد لمناسبة المولد النبوي الشريف.
هذا الإحياء لم يعد مجرّد احتفال شعبي أو طقس ديني، بل تحوّل إلى حدثٍ وطني جامع، يحمل في طيّاته رسائل سياسية وعقائدية وأخلاقية، يقرأها الأصدقاء والخصوم على السواء.
يمني برس / تقرير / طارق الحمامي
تأتي هذه الاحتفالات في وقتٍ بالغ الحساسية، حيث تسعى قوى الهيمنة العالمية، بقيادة الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي، إلى إعادة تشكيل وعي الأمة الإسلامية، وتفريغ مناسباتها الدينية من مضمونها المقاوم، بينما تسارع بعض الأنظمة العربية المطبّعة إلى تقديم الولاء السياسي والثقافي للعدو، في مقابل تنازلات مخزية عن قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
من هنا، تتجاوز أهمية التقرير حدود الشأن اليمني لتطال معركة الوعي على امتداد الأمة، حيث يحاول أن يُجيب عن سؤال محوري، لماذا يُزعج إحياء المولد النبوي الشريف في اليمن العدو الصهيوني وحلفاءه من الدول المُطبِّعة؟
ويستعرض التقرير الأبعاد المختلفة لهذا الإحياء، من إعادة الاعتبار لشخصية الرسول صلوات الله عليه وآله كرمز مقاوم وموحّد للأمة، وإلى رسائل الرفض الصريح للتطبيع والهيمنة الغربية، ثم إلى الزخم الشعبي الهائل الذي يعكس صمود اليمنيين وقدرتهم على التعبئة، وصولًا إلى التهديد الرمزي الذي يمثله هذا المشهد في وجه المشاريع الصهيونية الرامية لإخضاع المنطقة ثقافيًا وسياسيًا.
البُعد الديني .. استعادة مركزية الرسول صلوات الله عليه وآله، في الوعي الجمعي
في زمن يعمل فيه الإعلام الصهيوني والغربي ومعه بعض الأدوات الإقليمية على تشويه صورة الإسلام وتجريده من رموزه، يأتي إحياء المولد النبوي في اليمن ليعيد الاعتبار لشخصية النبي الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله ، بوصفه قائدًا ومعلّمًا ومحرّكًا للأمة، وهذا يُعتبر خطرًا من وجهة نظر العدو، لأنه يُعيد تفعيل وعي الأمة وهويتها الرسالية، وهو ما يتناقض تمامًا مع مشاريع التطبيع والعلمنة والانبطاح الثقافي.
اليمن كنموذج مقاوم .. حين يتحوّل الاحتفال إلى رسالة مواجهة
اليمن اليوم، في ظل العدوان والحرب، ما يزال متمسكًا بثقافة الجهاد والتحرر، ويرفع شعار “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام” ، في كل ساحات المولد النبوي الشريف، وهو ما يُعد تحديًا مباشرًا للهيمنة الأمريكية والصهيونية.
العدو يدرك أن هذا النوع من الاحتفال ليس مجرد طقس ديني، بل فعل مقاومة معنوي يُرهبهم لأنه ينمّ عن صلابة شعب لا تنكسر إرادته، بل يزداد إيمانًا كلما اشتدّ الحصار عليه.
الرسالة السياسية .. رفض التطبيع من منصة دينية
بينما تُهرول بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، يخرج اليمن من وسط المعاناة ليؤكد، عبر مناسبة دينية، أن فلسطين لا تزال قضيته المركزية، وأنه لا مكان للعدو في وجدان الأمة.
إحياء المولد في اليمن يتضمّن دائمًا شعارات دعم للمقاومة الفلسطينية، ومواقف سياسية تعبّر عن رفض التطبيع، وهو ما يُعتبر إحراجًا كبيرًا للدول المُطبعة، التي تحاول تصوير التطبيع كخيار “واقعي وسلمي”.
الحشود المليونية .. صدمة بصرية وإعلامية للعدو وأعوانه
الصور التي تبثها وسائل الإعلام اليمنية، لملايين اليمنيين وهم يحتفلون وسط زينة خضراء وأناشيد ومدائح نبوية، تشكل صدمة للعدو، إذ تُظهر أن اليمن، رغم الحرب، متماسك وقادر على التعبئة الجماهيرية.
العدو يخشى من قدرة هذه الحشود على أن تتحول إلى حاضنة لأي مشروع تحرري أو مقاوم في المستقبل، لا سيما إذا ما قادته قيادات تتمتع بالشعبية والشرعية الدينية، وهو ما تم فعلاً بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي ، الذي أعاد ليمن الأنصار مكانته وحافظ على هويته الإيمانية وقاده ليتصدر مشهد القيادة رافعاً لواء الجهاد في سبيل الله ونصرة المستضعفين .
الأبعاد الاستراتيجية للاحتفال بالمولد .. تهديد صريح يرعب العدو الإسرائيلي
الاحتفال بالمولد النبوي في اليمن لا يتوقف عند حدوده الدينية أو السياسية فقط، بل يتجاوز ذلك إلى بُعد استراتيجي بالغ الأهمية، يُنظر إليه في كيان العدو الإسرائيلي على أنه تهديد صريح طويل الأمد، يرتبط بإعادة صياغة وعي الأمة وبناء جبهة مقاومة متماسكة عقائديًا وشعبيًا.
العدو الإسرائيلي يدرك أن اليمن، من خلال هذا النوع من الإحياء، لا يُحيي ذكرى تاريخية فحسب، بل يؤسّس لنهج ثقافي وفكري وعقائدي يُعيد ربط الأمة برسولها كمصدر للقوة والتحرر والتغيير.
وهذا الربط يُعد خطرًا استراتيجيًا، لأنه يُهيئ الأرضية لأجيال قادمة مؤمنة بأن مقاومة الظلم ليست خيارًا، بل واجبًا دينيًا مستمدًا من سيرة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله.
بينما تسعى الدول المُطبّعة لتكريس السلام مع إسرائيل كواقع لا رجعة فيه، يُعيد اليمن عبر هذا الإحياء التذكير بأن العداء مع الكيان الصهيوني جزء من العقيدة، وليس مجرد موقف سياسي قابل للتبديل.
هذا يتعارض كليًا مع الإستراتيجية الإسرائيلية القائمة على تذويب العداء في الذاكرة الجمعية للشعوب، لذلك فإن بقاء هذا الموقف حيًا في وجدان اليمنيين هو كابوس استراتيجي بالنسبة للعدو.
الزخم الجماهيري الهائل والتنظيم المحكم، والرسائل الواضحة التي تصدر من ساحات المولد في صنعاء وصعدة والحديدة وكل المحافظات الحرة، ليست مجرد مظاهر شعبية، بل تُعد عرضًا لقوة ناعمة منضبطة وواعية، قادرة على تشكيل حاضنة مقاومة ليست في اليمن فحسب، بل في الإقليم بأكمله.
وهذه القوة هي ما يخشاها الكيان، لأنها تعني أن اليمن صار قاعدة صلبة لمشروع تحرري إقليمي.
من أبرز ما يُقلق العدو الصهيوني أن يكون المولد النبوي الشريف مناسبة يُعاد فيها التأكيد على مركزية القدس وفلسطين في وجدان الأمة، لا كشعار عاطفي، بل كقضية عملية تُربَط بالدين والجهاد والموقف السياسي.
كلما هتف اليمنيون لفلسطين في ساحات الاحتفال بالمولد، كان ذلك بمثابة تذكير مرعب للعدو أن محاولاته لطمس القضية أو تحييدها باءت بالفشل، وأن هناك من لا يزال يربط بين الدين والتحرير.
استنهاض الأمة .. ما يزعجهم ليس اليمن فقط بل ما يمكن أن يُلهمه
إحياء المولد النبوي في اليمن قد يُلهم شعوبًا أخرى في العالم الإسلامي إلى إعادة الربط بين المناسبات الدينية والمواقف السياسية التحررية.
وهذا من أخطر ما يُقلق العدو، لأن استنهاض الوعي الجمعي الإسلامي حول النبي محمد صلوات الله عليه وآله ، كرأس مشروع تحرري، يعني نهايات محتملة للهيمنة الغربية الصهيونية في المنطقة.
إن إحياء المولد النبوي الشريف في اليمن ليس مجرد مناسبة روحية، بل فعل حضاري يتقاطع فيه الدين بالسياسة بالمقاومة، وهو بهذا المعنى يشكّل مصدر إزعاج حقيقي للعدو الصهيوني وللدول المطبعة التي تريد طمس الهوية التحررية للإسلام.
وفي وقتٍ تُغيَّب فيه فلسطين عن أجندات الكثير من الأنظمة، يُثبت اليمن أن الاحتفال برسول الله صلوات الله عليه وآله، هو أيضًا احتفال بقيمه ومبادئه في مواجهة الطغيان والاحتلال
نقلا عن يمانيون