استهداف العدو الإسرائيلي لوفد “حماس” بالدوحة: قراءة في الأبعاد والمآلات
استهداف العدو الإسرائيلي لوفد “حماس” بالدوحة: قراءة في الأبعاد والمآلات
يمني برس |
يشكل استهداف العدو الإسرائيلي لوفد حركة “حماس” المفاوض في الدوحة، اليوم الثلاثاء، نقطة تحول خطيرة في مسار المفاوضات وملف الأسرى الفلسطينيين، محولاً الطاولة السياسية إلى ميدان مواجهة مفتوح.
ووفقا لمحللين سياسيين فلسطينيين؛ فإن ما جرى في الدوحة لا يمثل مجرد حادث أمني، بل حدث قد يسجَّل كنقطة انعطاف كبرى في مسار العدو الصهيوني على غزة، وربما في أمن المنطقة بأسرها ، كما أن وقوع الهجوم في الدولة الوسيطة المحورية ـ يشكل تحديًا مباشرًا لسيادتها وتهديد مباشر لها .
بلا قواعد
وبحسب القراءات الأولية للعملية الصهيونية نقل موقع “فلسطين اونلاين” عن الباحث إياد القرا توضيحه “أن العملية تمثل “مقامرة إسرائيلية خطيرة” قد تدفع قطر إلى التصعيد الدبلوماسي أو مراجعة دورها كوسيط، وربما تحريك الملف دوليًا لإثبات انتهاك سيادتها، فيما قد تنقل حماس ملف الأسرى إلى كتائب القسام للتعامل معه ميدانيًا.
واستحضر القرا تجربة محاولة اغتيال خالد مشعل عام 1996، التي انتهت بإجبار إسرائيل على إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين تحت ضغط قطر، مشددًا على أن تل أبيب باتت اليوم تعمل بلا قواعد، تضرب في الدوحة كما ضربت سابقًا في طهران وبيروت
غطاء للاغتيال
من جانبه، اعتبر المحلل أحمد الطناني في منشور على صفحته بمنصة” فسبوك” أن العملية تكشف غياب نية جدية للمفاوضات من قبل واشنطن والكيان الصهيوني، محولاً أي نقاش سياسي إلى “غطاء للاغتيال”.
ويري أن النتيجة المباشرة لهذه العملية هي سقوط آخر ما تبقى من المصداقية التفاوضية، حيث لم يعد على الطاولة سوى “فض مجالس” ومزيد من الشرعنة للعدوان والإبادة.
العربدة الصهيونية
بدوره، حذر المحلل السياسي، رامي أبو زبيدة، من أن العدوان الإسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمراء، مؤكداً أن الدوحة اليوم قد تتبعها عواصم عربية أخرى ما لم تتحرك الأمة لوضع حد لـ”العربدة الصهيونية”.
ويشير إلى أن التجربة التاريخية مع “حماس” تثبت أن الحركة لم تتوقف عند خسارة قادتها، بل كانت دماؤهم وقودًا يمد المقاومة بصلابة جديدة.
لكن الخطر الحقيقي، برأيه، يكمن في غياب رد عربي بحجم الحدث، وهو ما يفتح الباب لانتهاكات أوسع وأخطر.
أمن المنطقة
فيما خلص الصحفي والباحث، وسام عفيفة، إلى أن الهجوم في قلب العاصمة القطرية يعكس تحول الدوحة من منصة وساطة إلى جبهة مفتوحة، ما يهدد مستقبل المفاوضات وأمن المنطقة برمّتها.
ويرى عفيفة أن استهداف وفد “حماس” خلال مناقشته للمبادرة الأميركية ينسف أي أفق تفاوضي جدي، ويؤكد أن العدو يفضل إدارة الصراع عبر العنف والتصفية الجسدية بدل البحث عن حلول سياسية أو تسويات.
صفعة جديدة
وفي هذا الإطار، قال الخبير العسكري والاستراتيجي المتقاعد، نضال أبو زيد لوكالة “شهاب” الفلسطينية إن محاولة الاغتيال تؤكد أن نتنياهو لا يسعى للسلام أو التفاوض، وأن العملية تمثل انتهاكًا واضحًا لسيادة قطر، التي تعد وسيطًا دبلوماسيًا، كما تعكس وقاحة سياسية وعسكرية إسرائيلية بلغت ذروتها، مضيفا أن فشل العملية يشكل صفعة جديدة على نتنياهو ويزيد من أزماته في الضفة وغزة.
وأشار أبو زيد إلى أن أي نجاح للعملية كان سيؤدي إلى فصل المسار الدبلوماسي عن العسكري، ما يضع الكيان في مواجهة مباشرة مع المقاومة بغزة، مؤكدًا أن المقاومة غير مرتبطة مباشرة بالمفاوضات وإن تصريحات إسرائيل حول استقلالية العملية تهدف إلى تجنب الإحراج أمام واشنطن وبعض الدول، وأن نجاة القيادات يزيد من فشل نتنياهو المتراكم.
تضييق الخناق
وفي تصريح للوكالة ذاتها، اعتبر السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، أن محاولة الكيان اغتيال قادة حركة “حماس” تمثل انتهاكًا لأمن قطر ولأمن دول مجلس التعاون بأكمله، مضيفا أن الهدف من العملية هو القضاء على “حماس” لتوسيع السيطرة الإسرائيلية على غزة وتضييق الخناق على قياداتها بالضفة الغربية تمهيدًا لعملية الضم.
وأشار هريدي إلى أن العدو الاسرائيلي لم يعد يكترث بالمفاوضات ويفضل الحسم العسكري، مؤكدًا أن أخطر ما في العملية هو موافقة الإدارة الأمريكية على الهجوم فوق الأراضي القطرية، ما يعكس تجاهل واشنطن للسيادة الخليجية رغم الدعم المالي الكبير لدول المنطقة.
الوجه الحقيقي
المركز الفلسطيني للإعلام قال في تقرير إنه “على الرغم من احتضان الدوحة لفريق الصهاينة التفاوضي وقادتهم الأمنيين ومن قبلهم وفود أمريكا ووزراء خارجيتها كوسيطٍ لم يكن نزيها ولا محايدا يوما، ومع ذلك اخترقت دولة الاحتلال الصهيوني كعادتها كل المحرمات الدولية والدبلوماسية وأدارت ظهرها لكل ما سبق، وانتهكت كل الحرمات والأعراف الدولية واستهدفت وفد حركة “حماس” المفاوض في الدوحة”.
واعتبر ذلك “رسالة دموية ليست مستغربة على قادة الإجرام الصهيوني لتكشف وبلا مواربة الوجه الحقيقي لطريقتها في التفاوض عبر العنف وسفك الدم وانتهاك المحرمات وأيًا يكن “الوسيط”.
ونقل المركز عن الكاتب والمحلل السياسي زياد ابحيص، إنّ استهداف الاحتلال الصهيوني لقيادات المقاومة في العاصمة القطرية الدوحة، يُعدّ دليلاً جديداً على أن قيادة المقاومة ليست بعيدة عن الاستهداف، وأنها “تشرب من الكأس نفسه” التي يشرب منها شعبها.
ويرى ابحيص أن الحديث المتكرر عن “فنادق قطر” و”بُعد القيادة عن الشعب” قد سقط إلى غير رجعة، مشيراً إلى أن هذه القيادة “اختارت طريقها، وتدفع ثمنه، بغض النظر عن مكان وجودها”، وهو ما تثبته تجارب طويلة.
غطاء أمريكي
فيما قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة: خلاصة مهمّة عن محاولة الاغتيال في الدوحة.. ترامب منح الصهاينة الغطاء، وأيّ كلام آخر هو ضرب من الهُراء.
وأضاف الزعاترة في تدوينة له على منصة إكس “أنّ أيّ كلام دبلوماسي سيُقال من قادة “الكيان” ليس له قيمة. عملية بهذا المستوى لا يمكن أن تتم من دون غطاء أمريكي. أطلقوا عليها “قمّة النار”، وللتسمية دلالاتها التوراتية طبعا”.