ثورة 21 سبتمبر.. ميلاد عهد جديد للأمن والسيادة
يمني برس || مقالات رأي:
لم تكن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر مجرد محطة عابرة في مسار التاريخ اليمني، بل مثّلت لحظة مفصلية أعادت صياغة المشهد الوطني برمته.
جاءت الثورة كحاجة ملحّة، وردّة فعل طبيعية، أمام واقع مأساوي كان ينذر بانهيار شامل، بعد أن تحوّل اليمن إلى ساحة مستباحة لمشاريع خارجية عبثت بسيادته وأمنه ونسيجه الاجتماعي.
فقبل الثورة، كان المشهد الأمني في ذروة الانهيار والانفلات.. ثارات قبلية متصاعدة، جرائم تقطع وخطف جعلت التنقل بين المدن مغامرة خطيرة، وغياب شبه تام لدور الأجهزة الأمنية، وانتشار منظم للتنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة فنفذت بدعم أمريكي واضح.
مئات العمليات الإرهابية المنظمة شملت اغتيالات وتفجيرات واقتحامات، وصلت إلى حد السيطرة على مديريات ومدن بكاملها، بتواطؤ سياسي، ودعم خارجي واضح، رافقه تدمير ممنهج لمؤسسات الجيش والأمن.
فما بين عامي 2012 و2014، -أي خلال ثلاثة أعوام فقط- شهد اليمن أكثر من 650 عملية إرهابية، خلّفت آلاف القتلى بينهم قادة سياسيون وعسكريون، وأسقطت عشرات الطائرات العسكرية، في صورة تجسد حجم الانهيار الذي أصاب مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية.
لكن مع انطلاق ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، بدأ اليمنيون مساراً مختلفاً، فدشنوا انطلاقة مشروع وطني جامع، استعاد زمام المبادرة، ووضع استعادة الأمن والسيادة في مقدمة أولوياته.
فوضعت الأجهزة الأمنية حداً لزمن الفوضى، حيث تمكنت وبإسناد شعبي واسع من تحقيق إنجازات نوعية، بدءاً من تفكيك آلاف العبوات الناسفة، كما شنّت عمليات نوعية ضد أوكار القاعدة وداعش، فدمرت معسكراتهم، وأحبطت مخططاتهم، وصولاً إلى القضاء على جرائم الاغتيال والتقطع، وكشف شبكات التجسس المرتبطة بدول العدوان.
المفارقة أن هذه النجاحات تحققت رغم الاستهداف المباشر للأجهزة الأمنية، حيث دمر العدوان مئات المنشآت التابعة لوزارة الداخلية، وتجاوزت الخسائر المادية مئات المليارات. ومع ذلك، لم يتوقف مسار البناء والتطوير، بل ازداد زخماً بإعادة تأهيل الكوادر، وتحديث الوسائل والتجهيزات، وتكريس مبدأ أن الأمن مسؤولية ينهض بها الجميع.
هكذا، شكلت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ اليمن، وها هو اليوم وبعد أحد عشر عاماً يقف أكثر قوة، وأكثر ثباتاً، وأكثر وضوحاً في خياراته، من زمن الفوضى والانفلات، إلى عهد الأمن والسيادة. لتبقى دماء الشهداء وإنجازات رجال القوات المسلحة والأمن صورة ناصعة تعكس أهداف الثورة ومبادئها.
عهد تُرسم فيه ملامح يمن مختلف؛ يمن السيادة والقرار المستقل، يمن يواجه التحديات بثقة، ويصوغ مستقبله بإرادة شعبه.
بقلم / نجيب محمد العنسي*