المنبر الاعلامي الحر

قراءة في كتاب ” #ثورة_21_سبتمبر وتأثيراتها على اليمن والمنطقة ” للباحث مهدي المشاط (الحلقة الأولى)

في خضم التحولات العميقة التي تعصف بالمنطقة، تبرز ثورة 21 سبتمبر اليمنية كحدث مفصلي لا يزال يثير الكثير من الجدل والتحليل، لفهم أبعاد هذه الثورة وجذورها، يقدم الباحث مهدي محمد المشاط ( رئيس المجلس السياسي الأعلى) في رسالة الماجستير الموسومة بـ “ثورة 21 سبتمبر وتأثيراتها على الجمهورية اليمنية والمنطقة العربية” وفي الفصل الأول وضع إطاراً مفاهيمياً يفكك مصطلح “الثورة” ويغوص في نشأة حركة “أنصار الله”، مقدماً قراءة تجمع بين الخبرة التاريخية والتحليل السياسي.

يمني برس | خاص

 

ما هي الثورة؟ بين المفهوم النظري والتجربة اليمنية
يستهل الباحث مهدي محمد المشاط في رسالته بالتأكيد على أن مفهوم الثورة ليس مفهوماً جامداً، بل هو زئبقي يتشكل حسب السياقات التاريخية والاجتماعية، يميز الباحث بين “الثورة” التي تهدف إلى تغيير جذري وشامل في بنية المجتمع، و”الانقلاب” الذي يقتصر على تغيير السلطة داخل دائرتها الضيقة.
من هذا المنطلق، يضع ثورة 21 سبتمبر في سياقها الصحيح؛ فهي ليست انقلاباً عسكرياً، بل هي “حركة شعبية اجتماعية” جاءت نتيجة تراكمات من الظلم والفساد والتبعية، وتفجر الغضب الشعبي ضد سياسات الإفقار التي كانت تمارسها السلطة آنذاك، وتشير الرسالة إلى أن هذه الثورة لم تكن وليدة لحظتها، بل هي امتداد طبيعي لثورات الربيع العربي، وتحديداً ثورة 11 فبراير 2011 في اليمن، التي تم احتواؤها والالتفاف عليها عبر “المبادرة الخليجية”.
“أنصار الله”: من هم وما هي نشأتهم؟
تقدم الرسالة تعريفاً دقيقاً لحركة أنصار الله، بعيداً عن الصور النمطية التي يروجها الخصوم، فالحركة، كما يراها الباحث، ليست مجرد “حركة مسلحة ذات أساس عرقي هاشمي” كما تصفها بعض التقارير الدولية، بل هي “مجاميع من المسلمين، تتحرك على أساس التثقيف بثقافة القرآن الكريم واتباع تعاليمه باعتباره منهجاً شاملاً للحياة”.
وتعود الرسالة إلى الجذور الفكرية والتاريخية لنشأة الحركة، التي بدأت كمشروع ثقافي نهضوي على يد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه في مطلع الألفية، كان الهدف الأساسي هو استنهاض الأمة لمواجهة الهجمة الأمريكية والإسرائيلية عبر التمسك بالقرآن الكريم، الشعار الذي رفعه السيد حسين “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام” لم يكن مجرد هتاف، بل كان برنامجاً عملياً لمواجهة الهيمنة.
الحروب الست: صقل التجربة وتوسيع الحاضنة الشعبية
توثق الرسالة كيف أن هذا المشروع السلمي ووجه بقمع شديد من قبل السلطة، مما أدى إلى اندلاع ستة حروب ظالمة بين عامي 2004 و 2010، هذه الحروب، على الرغم من قسوتها، شكلت نقطة تحول في مسار الحركة:
  1. صقل التجربة: حولت الحروب الحركة من مجرد نشاط ثقافي إلى قوة عسكرية وسياسية منظمة ذات خبرة قتالية عالية.
  2. توسيع الحاضنة الشعبية: كشفت هذه الحروب زيف السلطة وأظهرت مظلومية أنصار الله، مما أدى إلى التفاف شعبي وقبلي واسع حولهم، خاصة بعد أن أثبتوا قدرتهم على الصمود في وجه آلة عسكرية تفوقهم عدة وعتاداً.
لقد كانت هذه الحروب، كما توضح الرسالة ، بمثابة “المختبر” الذي أنضج تجربة أنصار الله، وأعدهم لقيادة حراك شعبي أوسع، وهو ما تجلى لاحقاً في ثورة 21 سبتمبر.
خلاصة
 يقدم الفصل الأول من الرسالة أساساً نظرياً وتاريخياً صلباً لفهم ثورة 21 سبتمبر، فالرسالة تؤكد على أنها ثورة شعبية ذات مطالب عادلة، وأنها امتداد طبيعي لنضالات الشعب اليمني، وأن حركة أنصار الله، التي قادت هذه الثورة، ليست حركة طارئة، بل هي نتاج لمسار طويل من العمل الثقافي والسياسي والعسكري، تبلور عبر مواجهة الظلم والعدوان والوصاية الخارجية.

 

يتبع..

 قراءة في الفصل الثاني: “أسباب قيام ثورة 11 فبراير ودور أنصار الله فيها”

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com