المنبر الاعلامي الحر

الطفل “نائل”.. يختزل جانبا من مأساة غزة بين أنقاض الحرب وأنين الألم

يمني برس | في خيمةٍ مهترئة لا تقي حرًّا ولا بردًا، يرقد الطفل نائل أبو شلبي (4 أعوام) طريح الفراش، فاقدًا السمع والنطق والبصر والحركة، بعد أن حوّلت شظايا قصفٍ صهيوني حياته إلى مأساة متواصلة منذ الخامس والعشرين من مايو الماضي.

 

 

كان نائل قد نزح مع أسرته من مدينة رفح إلى دير البلح العام الماضي، هربًا من الموت الذي يلاحق الغزيين في كل زاوية.

 

 

وبينما حاول والده هاني أن يمنح طفليه لحظات فرح بسيطة على شاطئ البحر، باغت القصف الصهيوني خيمةً للنازحين قربهم، فاستُشهد شقيقه الأصغر أمير (3 أعوام) على الفور، وأصيب نائل بجراحٍ خطيرة غيّرت مجرى حياته إلى الأبد.

 

 

يقول والده بصوتٍ متهدّج لـ صحيفة (فلسطين): “استقرت شظية في دماغ نائل، أفقدته سمعه ونطقه وبصره. قال لي الأطباء إن صِغر سنّه يمنحه فرصة للتعافي… لكنّ المجاعة والمرض سرقا تلك الفرصة.”

 

 

فمع تفاقم المجاعة في قطاع غزة، أُصيب نائل بسوء تغذية حادّ، قبل أن تنهش جسده عدوى التهاب السحايا وسط انهيار المنظومة الصحية. قضى شهرًا كاملًا في العناية المركزة بمستشفى شهداء الأقصى، خرج بعدها بجسدٍ منهك، يعاني من تشنجات متواصلة وشلل في الجانب الأيمن.

 

 

يضيف والده: “قبل إصابته بالتهاب السحايا، كان على الأقل يأكل ويستجيب قليلًا للعلاج الطبيعي، أما الآن فهو لا يتحرك ولا يتكلم، يتغذّى بأنبوبٍ في رقبته ويعيش على أجهزة التنفس.”

 

 

ورغم معاناته، لا يجد الأب ما يخفف عن ابنه سوى صبرٍ ممزوجٍ بالعجز، إذ يقول: “فقدتُ عملي بعد النزوح، والأدوية التي يحتاجها نائل لتنشيط الدماغ غير متوفرة. أطرق أبواب المستشفيات والصيدليات بلا جدوى، وأعتمد فقط على مساعدات أهل الخير.”

 

 

اليوم، يعيش نائل بين الأجهزة الطبية وأنين الألم، فيما يعلّق والده آماله على تحويلةٍ طبية حصل عليها مؤخرًا، أملاً بالسفر للعلاج خارج غزة، بعد أن عجز الأطباء المحليون عن التعامل مع حالته المعقدة.

 

 

يقول والده: “أتابع حالة طفلٍ شبيهة بنائل تم نقلها إلى إيطاليا، وتحسّنت كثيرًا… أتمنى أن يُنقل ابني قبل فوات الأوان.”

 

 

قصة نائل ليست استثناءً في غزة التي تحوّلت إلى مستشفىٍ كبير للألم. لكنها تظلّ مرآةً صغيرة لمأساةٍ كبرى يعيشها آلاف الأطفال الذين سرقت الحرب منهم السمع والبصر… وحتى الحلم بالحياة

Comments are closed.