الشهداء سراج الأمة ونبضها المتجدد.. ذكرى الوفاء التي تصنع الأجيال
الشهداء سراج الأمة ونبضها المتجدد.. ذكرى الوفاء التي تصنع الأجيال
يمني برس | تقارير
في زمنٍ تزدحم فيه التحديات وتتسارع فيه الأحداث، تظل ذكرى الشهيد محطةً سنويةً خالدة، تنبعث منها أنوار الإيمان والعزّة والصمود، وتستحضر الأمة من خلالها معاني الفداء والإيثار والكرامة التي خطّها الشهداء بدمائهم الزكية.
ليست هذه المناسبة مجرد احتفال رمزي أو تذكّر عابر، بل هي عهدٌ متجدد مع الله ومع الشهداء بأن تبقى الأمة على طريقهم، حاملةً لرايتهم، متمسكةً بالقيم التي ضحّوا من أجلها، وماضيةً بثقةٍ نحو النصر الذي وعد الله به عباده المجاهدين.
الشهادة.. قمّة الإيمان وسرّ الخلود
منذ أن نزل الوحي الإلهي، كانت الشهادة في سبيل الله أرفع مراتب الإيمان، وأعظم درجات الكرامة التي ينالها المؤمنون الصادقون.. فالله سبحانه وتعالى لم يعتبر الشهداء موتى، بل وصفهم بالحياة الحقيقية في قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران: 169).
إنها حياة الخلود في ضيافة الله، حياةٌ تفيض بالكرامة والعطاء، لا تعرف الألم ولا الفناء.
فالشهادة ليست فناءً في سبيل فكرة، بل خلودٌ في سبيل مبدأ، وسيرٌ واعٍ نحو الله، يرتقي فيه المؤمن إلى مرتبة الصفوة الذين باعوا أنفسهم لله واشتروا الجنة بدمائهم.
ولهذا كانت الشهادة أعلى مراتب التربية الإيمانية، إذ تُطهِّر النفس من الخوف، وتُحرِّر الإنسان من قيود الطاغوت والجبروت، ليصبح حرًّا بإيمانه، عزيزًا بكرامته، شامخًا في مواقفه، لا يهاب الموت في سبيل الحق.
ذكرى الشهيد.. محطة تجديد العهد واستنهاض الهمم
تحلّ الذكرى السنوية للشهيد كل عام كـيوم وطني إيماني تتجدد فيه العزائم وتُشحذ فيه الإرادات.
إنها مناسبةٌ تُعيد للأمة توازنها الروحي وسط عالمٍ تمزّقه الماديات، وتذكّرها بأن الأمم لا تُبنى إلّا على دماء المضحّين، وأن الحرية والعزة لا تُنال إلّا بتضحيات الشهداء.
وفي هذا اليوم، يقف الشعب اليمني والأمة جمعاء أمام تضحيات الأبطال الذين سقوا شجرة الحرية بدمائهم، ليجددوا العهد بالسير على نهجهم، والوفاء لقضيتهم، وحمل رايتهم في مواجهة قوى العدوان والاستكبار.
إن ذكرى الشهيد في اليمن ليست مجرد مناسبة محلية، بل هي رسالة كونية تعبّر عن روح ثورةٍ مؤمنةٍ تتصل بتاريخ الأنبياء والمجاهدين عبر العصور.
فهي تستحضر في الوجدان الجمعي روح الإمام الحسين عليه السلام، وتذكّر الأمة بأن الدم المظلوم ينتصر دائمًا على سيف الطاغوت، وأن الأمة التي تكرم شهداءها أمةٌ لا تموت.
✦ الشهادة.. درع الأمة في مواجهة الطغيان
لم تكن الشهادة يومًا خيار الضعفاء، بل سلاح الأقوياء في وجه الظلم.
فالشهداء هم درع الأمة الذي يحميها من الاستعباد، وهم الجدار الذي يصونها من الانهيار.
لقد أدرك القرآن الكريم هذه الحقيقة حين قال: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ} (النساء: 74).
ومن هنا كانت الشهادة موقفًا مناهضًا للطغيان الأمريكي والصهيوني وأدواتهما، ومعركة وعيٍ قبل أن تكون معركة سلاح.
وحين يتربى الجيل على حب الشهادة، تتحطم قيود الخوف، ويصبح المجتمع عصيًّا على الترويض والاستسلام.
فالأمة التي تؤمن بأن موت الشهيد حياة، لن تُهزم مهما اشتد العدوان.
من اليمن إلى فلسطين.. نموذج الشهداء يصنع النصر
لقد أثبتت التجارب الميدانية في فلسطين ولبنان واليمن وإيران أن مفهوم الشهادة حين يُقدَّم بالشكل القرآني الصحيح، فإنه يصنع الانتصارات ويغيّر معادلات القوة.
في فلسطين، كانت دماء الشهداء وقود المقاومة التي كسرت جبروت الكيان الصهيوني، وفي لبنان سطّر الشهداء أروع ملاحم العزّة حتى اندحر الاحتلال في عامي 2000 و2006،
وفي اليمن، قدّم الشهداء دماءهم الطاهرة في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي، فصنعوا ملحمة الصمود الأسطوري، وبنوا على تضحياتهم مشروع الدولة الوطنية الحرة، دولة الإيمان والسيادة والكرامة.
هؤلاء الشهداء لم يرحلوا، بل زرعوا في كل بيتٍ روح المقاومة، وفي كل طفلٍ بذرة العزة، وفي كل جبهةٍ وهج النصر.
واجب الأمة تجاه الشهداء
إن الوفاء للشهداء لا يكتمل إلا برعاية أسرهم، والوفاء لعهدهم، والاستمرار في طريقهم.
فأسر الشهداء تستحق كل دعمٍ ورعايةٍ مادية ومعنوية، فهم الذين قدّموا أعزّ ما يملكون في سبيل الله.
كما أن على الأمة أن تُحيي في أجيالها روح التضحية والفداء، وأن تُربي أبناءها على ثقافة الشهادة لا ثقافة الخنوع، وأن تجعل من دماء الشهداء منارةً تهدي المسيرة نحو المستقبل.
الشهداء.. حياة الأمة ومجدها المتجدد
لقد علّمنا الشهداء أن الحياة الحقيقية هي في ميدان العزة، وأن من مات واقفًا على ثغور الكرامة، فقد أحيا أمته بألف حياة.
دماؤهم هي التي تُزهر بها أرض الوطن حريةً وعدلاً، وهي التي تُسقط جبابرة الأرض وتُبقي راية الحق خفّاقة.
وكل ذكرى شهيدٍ هي تجديدٌ للعهد، وإحياءٌ للروح، ودليلٌ على أن الأمة ما زالت تنبض، وأن طريق التحرر ما زال مفتوحًا أمام الأجيال التي تسير على دربهم.
الشهادة نبض الحياة وسراج الأمة
في ذكرى الشهيد، نقف إجلالًا وإكبارًا أمام من قدّموا أرواحهم فداءً لله والوطن، وأمام من جسّدوا في حياتهم أسمى معاني العطاء والإيمان.
لقد علّمونا أن الشهادة ليست نهاية، بل بداية لمسيرةٍ لا تنتهي، وأن دماء الشهداء لا تجفّ، بل تتحول إلى أنهارٍ من العزم والإيمان تسقي جذور الأمة وتمنحها الخلود.
فكما قال السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي: «دماء الشهداء هي التي تحمي الأمة وتصنع مستقبلها، وهي أغلى ما نملك في معركة التحرر والاستقلال».
وهكذا تبقى الشهادة نبض الحياة، وسراج الأمة في ظلمات التحديات، وبها نحيا، وبها ننتصر.
نقلا عن موقع 21 سبتمبر
Comments are closed.