المنبر الاعلامي الحر

شهيد الكرامة عبدالكريم الخيواني.. صوتٌ لم يُكسر وقضية لا تموت “سنواصل”

لم يكن الشهيد عبدالكريم الخيواني مجرد صحفي جريء، ولا مجرد معارض سياسي، ولا حتى مجرد مناضل ضد سلطة ظالمة، كان روحاً متكاملة لمشروع إنساني ووطني؛ رجلاً حمل قلمه كما يحمل الثائر بندقيته، وواجه بجرأته ما عجزت عنه الأحزاب والكتل والصفوف، لم يكن الشهادة نهاية طريقه، بل تتويجاً لمسيرته، ولذلك لم يُعرف فقط بالمناضل أو الثائر أو الحقوقي، بل حمل لقباً اختصر جوهره: “شهيد الكرامة”. 

يمني برس | تقرير

 

في زمن السقوط، كان واقفاً، وفي زمن التدجين، كان عصيّاً، وفي زمن الصمت، كان الصرخة، هكذا بقي في وجدان الشعب، لا كمجرد رجل اغتيل، بل كمدرسة وراية ووصية مفتوحة على المستقبل.

 

الخيواني كحقوقي ومناضل ضد القمع

لم يولد الشهيد عبدالكريم الخيواني في بيئة صدامية، لكنه اختار ـ بوعي كامل ـ أن يقف ضد منظومة القمع، لا كمراقب أو محلل، بل كطرف مقاوم داخل المعركة، دافع عن الحقوق وهو يدرك أن الدفاع عنها لا يُكافأ بالزينة بل بالرصاص، حين كان غيره يكتب من وراء الجدران، كتب الخيواني من قلب الملاحقة، من بين قاعات المحاكم، من زنازين السجون، ومن أنفاس المواطنين الذين كانوا بحاجة إلى من يترجم وجعهم إلى كلمة.

 

لم يكن دفاعه عن الحقوق دفاعاً قانونياً بارداً، ولا نضالاً من داخل مكاتب المنظمات، بل كانت كلماته اشتباكاً مباشراً مع المستبد، قامته مرفوعة، وإيمانه بالشعب أكبر من خوفه على نفسه، ولذلك لم يكن الصحفي الشجاع فقط، بل كان الضمير الذي رفض أن يبيع صمته.. والحق الذي لم يقبل أن يُصنّف “قابلاً للتفاوض”.

 

الخيواني كصاحب مشروع وطني وخصم لمشروع التوريث

لم يكن الشهيد عبدالكريم الخيواني معارضاً عبثياً، بل صاحب رؤية متكاملة لوطن حر، وخصماً شرساً لكل مشروع يريد تحويل الدولة إلى مزرعة عائلية. لم يقف ضد التوريث لأنه يكره أشخاصاً، بل لأنه يدرك أن التوريث ـ أي توريث ـ هو بداية موت الدولة، وسقوط الكرامة، وذبح الجمهورية على يد الامتياز العائلي.

 

واجه مشروع التوريث حين كان الحديث عنه تهمة؛ حين كان مجرد التشكيك به جريمة؛ حين كان كبار السياسيين يهمسون بينما كان هو يكتب باسمه الصريح، وبوجه مكشوف، لم يرفع شعاراً فارغاً، بل رفع موقفاً كلّفه المحاكمات، والسجن، والأسوار، ثم انتهى بأن دفع حياته ثمناً لموقفه.،لم يكن ضد شخص، بل ضد منطق، وضد حقبة كانت تريد أن تعيد اليمن إلى حكم الإقطاع بثياب جمهورية.

 

الخيواني كنموذج للثائر الذي دفع حياته ثمناً لقلمه

هناك من يكتب ليُقرأ، وهناك من يكتب ليُغيّر، وهناك من يكتب وهو يعلم أن كلمته قد تفتح له باب المقصلة، كان الخيواني من النوع الثالث، كان يعلم منذ اللحظة الأولى أن معركته ليست مع مقال أو محكمة أو حملة تشويه، بل مع منظومة تريد تحويل الحقيقة إلى جريمة، ومع ذلك، لم يبدّل ولم يساوم.

 

دفع حياته ثمناً لكلمته، لكنه لم يجرّ القلم إلى منطقة الخوف، بل جرّ الخوف إلى قفص الإدانة، اغتيل الجسد، لكن لم تُغتل الفكرة، رحل الرجل، لكن بقي القلم الذي صار رمزاً، صار الشهيد، لكن بقي المثال، ولذلك لا يُذكر الخيواني ليُرثى، بل ليُستعاد، ليُستكمل، ليُواصل.

 

الخيواني في ذاكرة الحركة الثورية والوطنية (مدرسة، رمز، قدوة)

لا يحتل الشهيد عبدالكريم الخيواني مكانه في التاريخ كفرد، بل كـ”سيرة قابلة للاقتداء”، هو ليس مجرد صفحة تُقرأ، بل منهاج نضالي مفتوح للأجيال، في ذاكرة الحركة الثورية، هو ليس حدث اغتيال بل حالة وعي؛ ليس ضحية بل أيقونة تعبئة؛ ليس نهاية، بل بداية لكل من يبحث عن معنى الشجاعة حين تصبح الشجاعة مكلفة.

 

تحوّل الخيواني إلى مدرسة، لا تُدرس في الجامعات، بل في ضمائر الأحرار، شبكة قيمه لا تقوم على تنظير فكري فقط، بل على برهان عملي: لا معنى للثورة إذا لم تُحمِ الكرامة، ولا معنى للصحافة إذا لم تكن جزءاً من معركة الحرية. ولذلك بقي محمولاً في وعي الناس لا كنص مكتوب، بل كموقف مُتجدد.

 

الخيواني من زاوية الاغتيال السياسي وسياقه التاريخي

لم يكن اغتيال الشهيد عبدالكريم الخيواني حادثة معزولة، بل امتداداً لنهج طويل من التصفية السياسية في اليمن، حيث ظل النظام القديم يحاول إسكات الفكرة بإسكات صاحبها، لكن اغتياله لم يُسقطه من الذاكرة، بل رسّخه في التاريخ. لقد اغتيل لأنه كان شاهداً على مرحلة، وكاشفاً لخطيئة، ومهدداً لبنية سلطة لا تعيش إلا بغياب الوعي.

 

اغتيل لأنه كان يقف في النقطة الأخطر: بين الشعب والسلطة، بين الحقيقة والكذب، بين المستقبل وسلاسل الماضي. اغتياله لم يكن تخلّصاً من شخص، بل محاولة لهدم خط الدفاع الأول عن حرية الإنسان، لكن التاريخ – كما أثبت دوماً – لا يرحم القتلة، بل يخلّد الشهداء.

 

سنواصل… إرث لم يُغلق

ترك الشهيد عبدالكريم الخيواني جملة واحدة صارت اليوم شيفرة الاستمرار: “سنواصل”، لم يقلها لتكون شعاراً بل وصية. قالها وهو يعرف أن الفكرة لا تموت باغتيال صاحبها، وأن الطريق لا يُغلق برحيل سالكه، وأن معركة الكرامة لا تنتهي بتوقيع رصاصة، بل تبدأ من لحظة سقوط الجسد وقيام الفكرة.

سنواصل… ليست عبارة، بل عهد.. ليست نهاية، بل بداية مفتوحة.. سنواصل معركته ضد القمع.. سنواصل وقوفه مع المظلوم.. سنواصل لأن الشهيد لا يريد الحزن، بل الامتداد.. لأن دمه لم يُكتب لختام، بل لعنوان جديد.

 

سنواصل… لأنها ليست كلمته وحده، بل كلمة كل من بقي حراً.

 

السيرة الذاتية للشهيد الثائر الكاتب الصحفي عبد الكريم محمد الخيواني

 

ـ هو كاتب و ناشط حقوقي و صحافي وسياسي يمني ولد في عام 1965م في مدينة تعز،

ـ عضو مؤتمر الحوار الوطني عن مكون أنصار الله

ـ سفير النوايا الحسنة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان في اليمن.

 

تعليمه:

 

تلقى تعليمة الاعدادي والثانوي في محافظة تعز ثم اكمل دراسته الجامعية في العاصمة صنعاء في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة صنعاء.

 

الوظائف:

 

ـ عمل رئيساً للدائرة السياسية في حزب الحق ورئيسا لتحرير صحيفة الأمة الصادرة عن الحزب.

ثم رئيس تحرير صحيفة “الشورى” الاسبوعية وموقع “الشورى نت” الإلكتروني الإخباري.

ـ اشتهر بكتاباته الصحافية الجريئة في نقد النظام الحاكم في اليمن وسياساته.

 

ـ في مايو 2014م منحته منظمة بعثة السلام والعلاقات الدبلوماسية للمجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية و الاستراتيجية تعييناً فخرياً بصفته سفير للنوايا الحسنة والعلاقات الدبلوماسية ، تقديراً لجهوده وإسهاماتها في المجالات الإنسانية وهو اول يمني يمنح هذا المنصب.

 

الجوائز:

 

وهو في السجن منحته منظمة العفو الدولية الجائزة الخاصة بالصحفيين المعرضين للخطر عام 2008م وهي الجائزة الخاصة بصحافة حقوق الإنسان المعرضة للخطر.

 

اعتقاله:

 

ـ عقب توليه رئاسة تحرير صحيفة “الشورى” مطلع 2004م نشر ملفات شديدة الحساسية بالنسبة للحكومة اليمنية، أسهمت في رفع سقف الحرية للصحافة الناقدة، وأشهر تلك الملفات ملف توريث الحكم والمناصب الوظيفية في الدولة، والفساد في القطاع النفطي، وجمع المسئولين الحكوميين بين مناصبهم وبين ممارسة التجارة، إضافة إلى تغطيته لأحداث الحرب في صعدة التي اندلعت منتصف مارس 2004م، وهي تغطية انتقدت الحرب وكشفت الكثير من حقائقها.

 

ـ بسب كل ذلك تعرض للقمع وأنواع من المضايقات من قبل الحكومة، حيث سجن أواخر 2004 واستمر اعتقاله لمدة عام إثر صدور حكم قضائي بحقه على خلفية تهم عديدة بينها إهانة رئيس الجمهورية آنذاك .

 

ـ تفاعلت مع قضية اعتقاله المنظمات المحلية والعربية والدولية المعنية بالحقوق والحريات وفي مقدمتها الحريات الصحافية، كما تفاعلت معها دوائر سياسية دولية حكومية وغير حكومية، وأدرجت قضيته في عديد تقارير دولية بينها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الحريات[3]، وتقارير لمنظمة العفو الدولية وغيرها.

 

ـ بعد كل تلك الضغوطات أطلق سراحه أواخر 2005م بموجب عفو رئاسي .. وأثناء سجنه أوقفت صحيفة الشورى عن الصدور بموجب نفس الحكم الذي قضى بسجنه، وبعد إطلاق سراحه استأنف إصدار الصحيفة لكنها ما لبثت أن تعرضت للمصادرة حيث اقتحم مقرها من قبل مجموعة مسلحة مدعومة من قوى أمنية، وسمحت وزارة الإعلام للعصابة بإصدار الصحيفة وتبنت طباعتها ونشرها مؤسسة الثورة الحكومية، وما زال استنساخ الصحيفة وإصدارها بهذه الطريقة مستمرا حتى الآن.

 

ـ أطلق موقع “الشورى نت” الإلكتروني بعد مصادرة الصحيفة، لكن الموقع ما لبث أن تعرض للمضايقات التي انتهت بحجبه عن المتصفحين في اليمن .

 

ـ منع من السفر إلى خارج البلاد، وتعرض لتهديدات عديدة بالتصفية الجسدية.

 

 

Comments are closed.