المنبر الاعلامي الحر

“الحرب الاقتصادية” تحذيرات من مخاطر صحية بسبب انتشار أغذية مستوردة رديئة

يمني برس | كشف الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي عن أرقام صادمة تتعلق بفاتورة استيراد اليمن للمنتجات الغذائية الخفيفة، مبينًا أن قيمتها السنوية تجاوزت ملياري وسبعمئة مليون دولار، وهو ما يشكل نزيفًا مستمرًا للاقتصاد اليمني ويعادل في بعض السنوات نصف الموازنة العامة للدولة.

وأوضح الجعدبي في حديث لقناة  المسيرة  الفضائية  أن هذا المبلغ يمثل استنزافًا مباشرًا لموارد العملة الصعبة، لافتًا إلى أن سوق الأغذية الخفيفة يخضع لاختيارات سعرية على حساب الجودة، في ظل تدفق منتجات أجنبية منخفضة النوعية.

وأضاف أن هذه الفاتورة الضخمة تشكل جزءًا مهمًا من إجمالي فاتورة الاستيراد السنوية البالغة عشرة مليارات دولار، أي ما يتجاوز خمسة تريليونات ريال يمني، محذرًا من استمرار هذا الوضع في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

وبين أن الصناعات الغذائية التحويلية لا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة، ويمكن إنتاجها محليًا عبر مشاريع صغيرة ومتوسطة توفّر آلاف فرص العمل وتخفف من فاتورة الاستيراد المتصاعدة.

وأشار الجعدبي إلى أن اليمن يستورد سنويًا كميات كبيرة من العصائر والمشروبات الغازية ومشتقات الألبان والتونة والصلصات، بقيم تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، مؤكدًا أن محاصيل محلية كـالطماطم والمانجو تُترك دون استغلال صناعي.

وأكد أن العديد من هذه المنتجات المستوردة تفتقر إلى الجودة، إذ لا تتجاوز نسبة الفاكهة في العصائر 10% مقابل 90% من السكريات والمواد الحافظة، محذرًا من أثر ذلك على صحة المواطنين.

ولفت الخبير الجعدبي إلى أن المشكلة لا تقتصر على الجانب المالي فحسب، بل تمتد إلى أبعاد صحية واجتماعية وأمنية، معتبرًا أن الاعتماد على الشركات الأجنبية في السلع الغذائية يشكل نوعًا من الحرب الاقتصادية الممنهجة ضد اليمن.

وشدد على ضرورة تبني سياسة وطنية لتوطين الصناعات الغذائية، من خلال تشجيع الاستثمار المحلي وتقديم التسهيلات للمستثمرين، مشيرًا إلى أن قانون الاستثمار الجديد يوفر إعفاءات وحوافز مهمة لإقامة مصانع وطنية.

كما دعا إلى إعادة توجيه المستوردين نحو الإنتاج المحلي، وتقديم أراضٍ صناعية وتسهيلات مالية تمكنهم من إنشاء مصانع وطنية بدلًا من الاعتماد على الواردات.

وأكد الجعدبي أهمية تفعيل قرارات المقاطعة ومنع دخول منتجات دول العدوان، وخصوصًا القادمة من السعودية والإمارات، لافتًا إلى أن بعضها يعود لشركات مرتبطة بكيانات صهيونية تستهدف الاقتصاد اليمني عبر إغراق الأسواق بمنتجات رديئة.

كما أوضح أن قانون إدراج الكيانات المعادية يتيح للحكومة اتخاذ إجراءات صارمة بحق الشركات الأجنبية الضالعة في إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني.

وأشار إلى أن الجهات الرسمية تواجه تحديات في ضبط الواردات، لكنه دعا إلى تنسيق الجهود بين وزارة الصناعة والتجارة والهيئة العامة للزكاة والمؤسسات التمويلية لتبني برامج تمكين اقتصادي تستهدف الأسر المنتجة وأسر الشهداء والجرحى، عبر إنشاء مشاريع صغيرة لتحويل المنتجات الزراعية إلى سلع غذائية محلية.

وأكد الجعدبي أن اليمن يمتلك جميع المقومات لبناء صناعة غذائية وطنية، بفضل موارده الزراعية وتنوع أراضيه الخصبة، مشيرًا إلى أن التحول من بلد مستورد إلى منتج ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية والدعم المؤسسي.

واعتبر أن تخصيص 30% فقط من فاتورة الاستيراد لمشاريع إنتاجية محلية يمكن أن يوفر مرتبات لغالبية أبناء الشعب، ويخلق فرص عمل واسعة، ويسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وانتقد السياسات الاقتصادية السابقة التي حولت اليمن إلى بلدٍ مستهلك بعد تدمير المصانع الوطنية، مؤكدًا أن الحل يبدأ بالتحرر من التبعية الاقتصادية وبناء شراكة حقيقية بين الدولة والمواطن والتاجر الوطني ضمن “الشراكة الثلاثية” التي نص عليها الإمام علي عليه السلام.

واختتم الجعدبي بدعوة الجهات المعنية إلى التعامل مع ملف الأغذية الخفيفة بوصفه جزءًا من الأمن القومي، محذرًا من استمرار استيراد سلع من دول العدوان لما تسببه من مخاطر اقتصادية وصحية، داعيًا المستهلكين إلى دعم المنتج المحلي لصناعة اقتصاد مستقل ومستدام.

 

Comments are closed.