المنبر الاعلامي الحر

العرب.. ظاهرة صوتية!

العرب.. ظاهرة صوتية!

يمني برس – بقلم – أحمد يحيى الديلمي
وأنا أتابع تصريحات البعض ممن لا يزالون يعتبرون أنفسهم قوميين، بينما في الحقيقة أصبحوا مجرد هياكل هُلامية تسجد في محراب أمريكا، والأقل خطراً يسجد في محراب السعودية والإمارات، هؤلاء للأسف احتجوا كثيراً لأن المؤتمر القومي العربي بدأ أعماله بسماع كلمة لقائد المقاومة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله”، فأكدوا بموقفهم هذا ما أكده القصيمي قبل عقود في كتابه “العرب ظاهرة صوتية” والذي قوبل في ذلك الزمان بالاحتجاج والنقد اللاذع، وها هو يتحقق اليوم في أرض الواقع عن طريق من ظلوا يزايدون باسم الديمقراطية والقومية يعتبرون أنفسهم رعاة للقومية.
قال السياسي العربي المعروف حمدين صباحي أن هذا الكيان تشكل نتيجة انهزام الأنظمة الرسمية وخنوعها وتبعيتها المباشرة لأمريكا والكيان الصهيوني، فكان لا بد من صوت يُعبر باسم الجماهير عن الصوت العربي الحقيقي الملتزم بمبدأ القومية العربية فتم تشكيل المؤتمر القومي العربي من كبار المثقفين العرب، وظل يعمل رغم الظروف القاسية وحالة شظف العيش عند الكثير من أعضائه، إلا أن بعض المفكرين العرب مثل الأستاذ معن بشور وأمثاله من المثقفين الملتزمين والمؤمنين بقضية العرب الأولى، ظلوا ولا زالوا يُنعشون هذا المؤتمر بالاجتماعات السنوية كي يظل الصوت المعارض المتمسك بقدسية قضية العرب الأولى ” قضية فلسطين” مرفوعاً.
قال حمدين صباحي في مقابلة له معلقاً على الاحتجاجات الزائفة التي صدرت من البعض، ممن كانوا يتشدقون بالقضية الفلسطينية ويعتبرون فلسطين قبلتهم الأولى، واليوم يُنادون بتجاهل القضية ونقلها إلى خانة العدم، لا لشيء إلا أنهم يريدون إرضاء أمريكا، ويتفقون مع الأنظمة الخليجية المنغمسة في العمالة والخيانة، والتي استطاعت أن تسيطر على الجامعة العربية، وأن تُدخل على الاسم حروف قلبتها من عربية إلى عبرية.
كما قال حمدين صباحي: السيد الحوثي استحق هذه المكانة لما قدمه من تضحيات مع الشعب اليمني وقواته المسلحة دفاعاً عن قضية العرب الأولى وعن المجاهدين الأبطال في غزة، الذين لا يزالون يتحملون النكبات والمصائب من العرب في الدرجة الأولى… انتهى كلام حمدين صباحي، وهو فعلاً كلام في الصميم، فأي متابع بسيط عندما يستمع إلى قناة العبرية أو العربية كما يسمونها وربيبتها الحدث، أو القنوات الخليجية الأخرى يجد أنها تخطب ود الصهاينة أكثر مما تُدافع حتى عن نفسها، فلقد أصبحت عبرية النشأة والميلاد والهوية، فهي لا تتحدث إلا عن سلاح حزب الله وسلاح حماس والأساليب التي يُمكن أن تُجردهم من هذه الأسلحة، وهي لا تتحدث باسمها ولكن باسم الدول التي تمولها وفي المقدمة السعودية، التي أصبحت بالفعل لا تقبل حتى مجرد بندقية كلاشنكوف أو آربيجي، تعتقد أنه سيؤذي الصهاينة، بعد أن آمنت بل وأصبحت تعمل بخبث وخلفية صهيونية مُركبة لصالح الكيان المحتل لأرض فلسطين، وتتفاخر بهذا الدور طالما أنه سُيرضي أمريكا وبريطانيا ومن على شاكلتهم الدول التي تتآمر على كل ما هو عربي وإسلامي، وكأن الأمر أصبح معيار لمن تقبله أمريكا ومن ترفضه، وهي الحاكمة بأمرها في هذا الزمن بعد أن فرضت مبدأ هيمنة القطب الواحد، وأصبح الترامب يُصدر فرمانات من البيت الأبيض على كل الدول شاءت أم أبت، وهذا ما يُضاعف الأعباء على الدول أو الكيانات التي تتمرد على هذا النهج أو تُعارض مبدأ السير في ركابه وتتخلى عن هويتها الذاتية.
الأمور تسير من سيئ إلى أسوء من يوم إلى أخر، والكيان الصهيوني يزداد عجرفة وعدوان وتنكيل بالشعب الفلسطيني، أو في أغلب الحالات اللبناني، وكل ذلك بقصد الضغط على حزب الله وحركة حماس والجهاد الإسلامي ليسلموا السلاح بحسب خطة ترامب، التي يعلم العرب جميعاً والمسلمين أنه لم يُنفذ منها إلا الشق المتعلق بالتنازلات الفلسطينية، أما دولة الكيان الصهيوني فهي لم تتوقف عن العدوان، بل وتذهب إلى أشياء أكثر خطورة على الفلسطينيين وعلى العرب والمسلمين أيضاً، وكلهم يقفون موقف المتفرج إن لم يكن المتآمر، مع ذلك تُسمع أصوات نشاز منغمسة في الخيانة والعمالة لكل ما هو أمريكي وصهيوني نسمعها ترفع الصوت وتُعلن بكل وقاحة الانسحاب من المؤتمر القومي العربي، لا لشيء إلا لأنهم رأوا قائد الثورة وقائد حركة النضال القومي الصحيح في شاشات التلفزيون يتحدث أمام الدورة الحالية للمؤتمر القومي العربي، غير مُدركين أن هذا المؤتمر أساساً لم يتم تشكيله إلا لنصرة القضية الفلسطينية، وأصبح الصوت الذي يرتفع عالياً ينادي بدعم القضية ويُشجع كل من يحمل البندقية من أجل إسناد الشعب الفلسطيني، وإذا تخلى أمثال هؤلاء الذين دخلوا إلى المؤتمر فقط لإثبات وجودهم الذاتي، بعيداً عن أهدافه الحقيقة فسيكون الشرف لمن صمدوا واستمروا كأعضاء فيه، باعتباره نافذة من نوافذ التحدي والرفض المطلق لكل ما هو أمريكي وصهيوني وبريطاني، وسيظل الفضل الأكبر لأصحاب السواعد الفولاذية والعقول النظيفة للقوات المسلحة اليمنية الذين لبوا نداء القائد وبادروا إلى إسناد الشعب الفلسطيني بشكل عملي من خلال ما جرى في البحر الأحمر أو الصواريخ التي وصلت إلى أرض فلسطين المحتلة.
فالشكر كل الشكر لهؤلاء جميعاً ولقائد الثورة، ولا عزاء ولا شكر ولا تحية لأولئك العملاء والمرتزقة والخونة، الذين أصبحوا مجرد نعال في أقدام المحتل الأمريكي والبريطاني، والذين سيلفظهم الزمن قريباً ويرمي بهم إلى مزابل التاريخ إن شاء الله، وسيكون النصر للمقاومين الأبطال في اليمن وغزة ولبنان والعراق وإيران وكل عربي لا يزال يؤمن بعدالة قضيته، والله من وراء القصد..

Comments are closed.