حرب بلا دخان.. الهجمة الأمريكية – الإسرائيلية على اليمن بتمويل سعودي إماراتي ومعركة إسقاط الوعي
حين وقف اليمن مع غزة، لم يكن ذلك مجرد موقف سياسي عابر، بل كان صفعة مدوية أوجعت تل أبيب، وأربكت حسابات واشنطن، واستفزت حلفاءها في المنطقة كالرياض وأبو ظبيK هذا الموقف المبدئي، الذي رفع رأس اليمن في زمن الانحناء، حوّله إلى هدف مباشر لمؤامرة أوسع وأكثر تعقيدًا.
يمني برس | صنعاء
بعد أن فشلت المواجهات العسكرية في الميدان وفي البحر في كسر إرادة صنعاء، قرر الخصوم فتح جبهة جديدة، جبهة لا تُستخدم فيها الصواريخ والطائرات بالضرورة، بل تستهدف العقول والقلوب، إنها حرب ناعمة، “حرب بلا دخان”، تهدف إلى عقاب صنعاء على موقفها وإخضاع اليمن عبر إسقاطه من الداخل.
قصف الوعي: الشائعة قبل الرصاصة
قبل أن تُطلق الرصاصة، تُطلق الشائعة.. هذا هو المبدأ الذي تقوم عليه الحرب الجديدة ضد اليمن، الهدف لم يعد قصف صنعاء بالصواريخ، بل قصف وعي المواطن اليمني وتفكيك ثقته بقيادته ومؤسساته، تسعى هذه الحرب إلى تكسير الثقة الداخلية من خلال إشعال الخلافات، وزرع بذور الإحباط واليأس، وتحويل الانتباه عن المعركة الحقيقية ضد العدوان الخارجي إلى صراعات داخلية.
تبدأ هذه الحرب من شاشة كل هاتف، عبر جيوش إلكترونية وحسابات مزيفة تتقن فن التضليل، وتعمل على خلق بيئة رقمية مشوهة تزرع الشك في كل موقف وطني، إنها أخطر أنواع الحروب، لأنها بلا دخان وبلا أصوات انفجارات، لكنها تستهدف النسيج الداخلي للمجتمع، وتبحث عن أصحاب النفوس الضعيفة لتدفع لهم وتدربهم على أعمال الخيانة، بهدف تفجير المجتمع من الداخل وإشغال الناس ببعضهم البعض.
الحصار الاقتصادي: حرب لا تقل ضراوة
لم تعد الحرب تقتصر على الطائرات والصواريخ، فكل لتر وقود يُحتجز هو رصاصة في جسد الاقتصاد اليمني، وكل تحويلة مالية تُعاقب أو تُعطل هي طعنة في شريان حياة المواطنين، العقوبات الاقتصادية التي تفرضها أمريكا وأدواتها في المنطقة لا تستهدف الكيانات السياسية فحسب، بل تهدف إلى إسقاط المواطن قبل الوطن، هذه الإجراءات، التي تشمل تقييد التحويلات المالية التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين، تهدف إلى خلق أزمات معيشية خانقة، وزيادة معاناة الناس، ودفعهم نحو حالة من السخط واليأس تجعلهم أكثر قابلية للتأثر بالحرب النفسية.
صناعة العملاء وتلميعهم: أدوات الحرب الداخلية
في الوقت الذي يتم فيه خنق اليمن اقتصاديًا، يجري العمل على صناعة قيادات من ورق، يتم تلميعها عبر الفضائيات ووسائل الإعلام الممولة من الخارج، يتم تقديم شخصيات مثل طارق عفاش، الذي تحركه الإمارات، وكيانات أخرى، كبدائل سياسية، رغم الصراعات الحادة والمستمرة بينها على النفوذ والمصالح، هذه الأطراف، التي تتلقى دعمًا ماليًا وعسكريًا من السعودية والإمارات، تُستخدم كأدوات لتنفيذ أجندات خارجية تهدف إلى إبقاء اليمن ضعيفًا ومنقسمًا.
تاريخيًا، تظهر المصادر صفقات وتسويات بين هذه الأطراف برعاية خارجية، مما يؤكد أنها لا تعمل وفق أجندة وطنية، بل كجزء من مخطط أكبر يهدف إلى إضعاف صنعاء.
الوعي الشعبي: حائط الصد الأول
لكن اليمن ليس ساحة سهلة، فرغم كل محاولات الاختراق، أظهر الشعب اليمني وعيًا استثنائيًا وصمودًا أفشل الكثير من الشائعات وأسقط المؤامرات، الوقفات الشعبية والالتفاف الجماهيري حول القيادة في مواجهة التحديات يؤكدان أن محاولات ضرب الجبهة الداخلية باتت مكشوفة ومصيرها الفشل، هذا الوعي حوّل كل أزمة إلى سلاح صمود، وأثبت أن من وقف بثبات مع غزة، لن يترنح في الدفاع عن سيادة وكرامة اليمن.
لقد أدرك اليمنيون أن الحرب الإعلامية والاقتصادية هي الوجه الآخر للعدوان العسكري، وأن الهدف النهائي هو كسر إرادتهم وسلبهم قرارهم المستقل، هذا الإدراك هو السلاح الأقوى الذي حوّل كل محاولات التضليل إلى فشل، وأبقى شعلة الصمود متقدة.
Comments are closed.