المنبر الاعلامي الحر

موسم هجرة الفاسدين .. إلى أين !؟ / بقلم : جميل أنعم

لقريش كانت هجرتان هجرة الشتاء لليمن وهجرة الصيف للشام للتجارة والرزق، والفاسدين باليمن كانت لهم هجرة واحدة فقط وبالعدوان الصهيوني اصبحت هجرتان، والثانية للخارج للعملاء والخونة، أما الأولى هي الهجرة المتعارف عليها داخلية للفاسدين “الأوراق المتسخة” يهاجرون لغسل فسادهم من عهد إلى عهد ومن حزب حاكم هوا إلى حزب صاعد شعبياً لإعتلاء الكراسي أو الحفاظ عليها لنهب خيرات البلاد والعباد .

إنهم الاوراق المتسخة والتي تلطخ عهد وثورة صاعدة يمتصون غضب الشعب مؤقتاً ثم يقتلونه دائماً، إنهم الفاسدين إفساداً وفساد، والفساد هو إستغلال المنصب العام لتحقيق منفعة خاصة “حسب تعريف منظمة الشفافية الدولية”، وحسب قانون مكافحة الفساد رقم 39 لـ 2006م هو إستغلال الوظيفة العامة للحصول على مصالح خاصة سواء كان ذلك بمخالفة القانون أو إستغلاله أو بإستغلال الصلاحيات الممنوحة .

والفساد اليوم لم يعد رشوة أو إختلاس أو سرقة بل خيانة وطنية بتخريب وتدمير المؤسسات الإنتاجية وتدمير الإقتصاد الوطني، وضرب الأمن القومي الغذائي للشعب اليمني، ناهيك عن تمزيق الأوطان وبيعها، وتمزيق الروح الوطنية اليمنية وأسرها في زنازين التخلف والرجعية والإستعمار .

لذلك كانت موسم هجرة الفاسدين الخونة للخارج بالإستقواء بالأجانب أمريكا واسرائيل، وهذه الهجرة تصيب أصحابها بالشتات في الفنادق والملاهي العالمية، وهناك حقيقة ساطعة تفيد بأن حضور الأجانب والأعاجم إلى الوطن العربي وسيطرتهم على السلطة بشكل أو بآخر سبب رئيسي للفساد واضعاف السلطان الديني، فشاع الفساد والرشوة .

وطعام الرشوة هو أقذر الطعام، وبالرشوة يتحول الحق باطل والباطل حق، وتعاليم الدين تُحرِّم الفساد والرشوة، وتُجرِّم الراشي والمرتشي، والتحريم يبقى أوراق، إذا لم تجيبه قوة رادعة ومثله تقارير الأجهزة الرقابية، الجهاز المركزي ومكافحة الفساد تبقى أوراقاً إذا لم تجد إرادة وطنية تحيلها إلى القضاء العادل وكان الفساد والرشوة محاربة، أيام كانت سلطة الدين مهيمنة على الضمير، وسلطة الضمير تؤثر فقط على الأنقياء، وعندما سيطر الأعاجم على السلطة العباسية في النصف الثاني ضَعُفَ سلطان الدين، وشاع الفساد والرشوة، حتى أصبح الحرام “ما تعسر أخذه” .

وحالياً حدث ولا حرج ماذا فعل المال والإعلام السعودي بالأمة العربية والإسلام، بعد سيطرة اليهود والصهاينة والغرب البريطاني ثم الأمريكي على السلطة السعودية والخليج سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واعلامياً .. إلخ

وبسيطرة أمريكا واسرائيل على بني سعود أصبحت خيانة الأوطان، كأس عصير كوكتيل سهل البلع والهضم وبالمال والإعلام والعدوان السعودي الخليجي .

وعندما إنتهت السلطة العباسية المستعجمة، حلَّت محلها السلطة العثمانية التركية المستعجمة فزادت الرشوة إتساعاً واتخذت لها ألقاباً مثل “البخشيش” و “مسح شارب” .

واليمن وقع تحت الإحتلال التركي الذي كرس سياسة البخشيش من الوالي التركي وحكام الولايات تجاه الشعب اليمني، وترتب عليه إبطال الحق واحقاق الباطل بقوة الرشوة .

ورَحلَ الأتراك وبقى الأثر السيء للرشوة والتي أصبحت كلمة “حق بن هادي” لمجيئها من حادثة وفد إنجليزي أراد الوصول إلى صنعاء عن طريق الحُديدة ولم تسمح له قبيلة الحواقر بالمرور، فدله أحدهم على رشوة إبن الشيخ هادي، ونجح الإنجليز بذلك بالوصول إلى صنعاء، ورفضَ الإمام مقابلتهم، ومن ذلك الحين أصبح للرشوة لقب “حق إبن هادي”، وظهرت لاحقاً مصطلحات للرشوة مثل “حق القات” و “إيجار المحكمة” و “المواقف” و “الهدايا” .

وظنَّ ثوار 26 سبتمبر 1962م، أن عهد الرشوة قد إنتهى، وتحقق ذلك لسنتين فقط، وبعدها أصبح المرتشي والفاسد ينال ترقية ومناصب في الدولة والحكومة بعد ديباجة الإطلاع على الدستور .

وظنَّ الحالمون والمثاليون بعد وحدة 22 مايو 1990م، بأن عهداً جديداً قد بدأ، عهد بأفضل ما في النظامين، فكان الأسوأ من النظامين، والرشوة والإختلاس والسرقة أصبحت تحت شمس النهار، والفساد قاعدة والنزاهة إستثناء، والمعاملة للمواطن لا تنجز إلا بالرشوة جهاراً نهاراً وبالتجزئة وكل توقيع ينجز برشوة، وكل ختم كذلك، والجميع يشاهد وعلى عينك يا مواطن .

وظنَّ الشباب الثائر المستقل عن الأحزاب فبراير 2011م، خيراً من أجل مستقبل خالي من الفساد والإفساد، وكانت الفاجعة، مؤامرة صهيونية لإقتلاع دولاً ومحو جيوشاً، وبعروض إستعمارية وهمية للإخوان حصان طروادة الصهيونية والغرب .

وماضي الرشوة والإختلاس والسرقة للفاسدين تطور إلى الخيانة الوطنية، بيع كل شيء للخارج الصهيوني الأمريكي مقابل حفنة من الدولارات، واصبحت الخيانة ثورة وتحرير بتدمير وتخريب كل مقدرات اليمن وبكافة المجالات.

وكل هذا بفعل تكرار إستعمال الأوراق المتسخة الفاسدين، والتي تجيد الهجرة من عهد إلى عهد، ومن حزب إلى حزب، ومن ولاء إلى ولاء آخر، إنهم وحوش مهاجرة طفيلية.

بل أن بعض الفاسدين تُعيِّنهم وتفرضهم سفارات الدول الغربية، أو منظمات دولية على الدولة والحكومة وحتى الأحزاب، وبنفوذ هؤلاء الفاسدين يتم نشر وفرض الفساد والمفسدين في كل مرافق ومفاصل الدولة للتخريب والتدمير الشامل .

وبثورة 21 سبتمبر 2014م، وبحضور العدوان الأمريكي السعودي مارس 2015م، هرب الفاسدين الكبار للخارج، ولأول مرة في تاريخ اليمن من سبتمبر 1962م، يحدث فرار جماعي للأوراق المتسخة الفاسدين إلى الخارج وبالمفرق والجملة، ومن كل الأحزاب والجهات والمسئوليات والمجالات .

ويحاول العدوان الصهيوني إعادة تدوير الأوراق الملوثة بفرضها على الداخل بالعدوان العسكري والإقتصادي وبالمفاوضات وغيرها، أساليب مصيرها الفشل الذريع بإعادة الفاسدين من الخارج للداخل تحت أي مسمى.

ولأن الأوراق المتسخة بالخارج لها أنصار من الأوراق المتسخة بالداخل في كل مرافق الدولة ومفاصلها، البعض أصبح مفضوحاً، والآخر ظلَّ بالمنطقة الرمادية، وهؤلاء بدأوا بموسم الهجرة إلى حركة أنصار الله والمؤتمر والشخصيات الوطنية المقاومة للعدوان، كنوع من أنواع غسيل فسادهم المُسطَّر في تقارير الأجهزة الرقابية وبما فيهم الإنتهازي .

سابقاً كانوا في الناصري والإشتراكي ثم المؤتمر ثم الإصلاح وحالياً الهجرة نحو المجلس السياسي الأعلى بطريقة أو بأخرى لغسيل الفساد وطلباً للحماية، بل أن بعضهم يطمح بكراسي دوارة أكبر من الكراسي السابقة، إنتهازية وتذاكي لا تنطلي على الشرفاء، بل أن بعضهم يتبع أساليب المكر، مكر الثعالب بالتمسكن للتمكن لاحقاً، واساليب ذرف دموع التماسيح مستغلين بذلك إنشغال الدولة بمواجهة العدوان العسكري والإقتصادي، إنتهازية الأوراق المتسخة لن تدوم وستنتهي حتماً إلى إحالة هؤلاء إلى القضاء بفسادهم العفن والمتعفن .

وهل تظن هذه الاوراق المتسخة والتي تتبع سياسة قًدَمْ في الرياض و قًدَمْ في صنعاء بأن ذلك سيعطيها سبيلاً لإعادة تموضعها وتحكمها بالبلاد والعباد من جديد، وها هي تسعى للحصول على قرار سياسي يمنحها منصب أعلى وبأدنى تقدير الحفاظ على مواقعها، ذلك عشم إبليس في الجنة .

وقريباً جداً نبشركم أيها الإنتهازيون ومن كل الأحزاب والأنواع والأصناف بأنه سيتم تفعيل اللجان الرقابية في المؤسسات الإنتاجية والإيرادية وبصلاحيات واسعة لفتح ملفات الفاسدين واحالتها للنيابة وبفريق قانوني لإسترداد الأموال والممتلكات المنهوبة للشعب والدولة، وتلك هي مطالب الشعب الصامد العظيم الذي يتطلع ليوم يرى فيه الفاسدين “الأوراق المتسخة” في قفص الإتهام والإدانة، فهو شريك أساسي في العدوان على مقدرات الشعب .

ومخطئ من ظن من الأوراق المتسخة وبلصق شعار الصرخة أو الحصان أو أعلام الجمهورية اليمنية أو صوراً لقادة مناضلين بسيارته أو الهاتف أو بالتواصل مع قيادات المجلس السياسي الأعلى، سيعطيهم حصانة أو حماية وحتى قرار .. وتذكروا حال ذلك المسئول الذي كان لديه مرافقين من أنصار الله وذلك المسئول من أنصار الله والذين أصبحوا متهمين بقضايا فساد واصبحوا في خبر كان، وهذه الأوراق المتسخة كذلك في أخوات كان .

وفي الأخير أقول ومن باب تصويب المواقف بالفعل والقول، لو عملتم بالوحدة الوطنية لا المناطقية والعنصرية، لا إسلوب عمل العصابات في الفترة الماضية، لكان الوضع مختلف نوعاً ما، وأسلوب قلوبنا مع علي وسيوفنا مع معاوية لن تفعل فعلها هذه المرة، نعرفكم بالتاريخ والسلوك والفعل، كنتم قوميين ثم مؤتمريين ثم إصلاحيين ثم مع خونة الرياض أو رماديين متموهين فساد في فساد، وموسم الهجرة إلى المجلس السياسي الأعلى لن يُكتب له النجاح، وحبل الكذب والتذاكي قصير وسنقطعه حتماً لخدمة هذا الشعب ودماء الشهداء لن نخونها ما دام في القلم حبراً يكتب، وصوت يرتفع، ومجاهد مرابط في كافة ميادين الشرف والبطولة .

الماضي كان لكم وحتى الحاضر المنظور والحاضر ما بعد المنظور والمستقبل لشرفاء هذا الوطن، وفقط ما فقط نختمها بالقول، إن خلفنا مسيرة قرآنية إنطلقت بالحق وبالحق ولن نقبل أوراق متسخة بالفساد والإفساد والتعصب المناطقي وغيرها، والصرخة ضد المستكبرين لن تتوقف ما دام في القلب نبضات .. وأخيراً وللشرفاء من أبناء الوطنية اليمنية الكاملة مطلوب التحري عن الإنتهازيين، والوقاية خيرٌ من العلاج، والله المستعان .

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com