المنبر الاعلامي الحر

الحراك الجنوبي يقدم رؤيته لحل جذور القضية الجنوبية (نص الرؤية) مع المرفقات


يمني برس :
قدم الحراك الجنوبي اليوم رؤيته لجذور القضية الجنوبية وذلك أمام فريق القضية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

الرؤية قدمتها رضية شمشير.

رؤية الحراك الجنوبي لجذور القضية الجنوبية

الملخص التنفيذي

فشلت الجمهورية اليمنية لأنها حولت فكرة الوحدة من اتحاد بين دولتين يهدف إلى تنمية البلدين وتحقيق الاستقرار وتحسين حياة الناس كما نظر لها الكثيرون إلى كابوس مرعب فقد تحول هذا الحلم المثالي للوحدة بين الدولتين إلى مجرد ضم والحاق (عودة الفرع للأصل) دفع الجنوبيين للوقوف في وجه هذا المسعى الذي قادته مراكز القوى التقليدية في صنعاء ورجال دين” وبدلا من أن يتم تعزيز الوحدة وجعلها جاذبة للجميع جرى أقصاء واستبعاد الجنوب شعبا ونظاما وهوية و ثقافة وابقوا عليه أرضا مستباحة وهو ما دفع الشعب الجنوبي أن ينتفض ويرفض الاستكانة لهذا المصير الذي أرادته هذه القوى المتخلفة له وليخلع عنه وبصورة مستمرة لا لبس فيها يمننه قسرية لم يكن له أي راي في اختيارها.
البعد التاريخي:

أقل من قرن من الزمان منذ ظهور أول فكرة لليمننة السياسية في منطقة جنوب الجزيرة العربية وذلك بإعلان قيام المملكة اليمنية المتوكلية في عام 1918م. وفي هذا العام تحولت اليمن لأول مرة من جغرافيا إلى هوية ، فاسم اليمن لم يكن قبل هذا التاريخ إلا دلالة على اتجاه جغرافي ولم يكن يمثل هوية او دولة. ارتكزت هذه الهوية على التوسع وضم كافة المناطق التي تقع تحت مسمى اليمن أسموها الفروع وضمها إلى الأصل صنعاء.

وبعد انقلاب سبتمبر 1962م شعر الائتلاف القبلي بموجة التغيير القادمة فركب الموجة واخترقها وحرفها وهو ذاته الواقع الذي أعاد نفسه عند قيام مراكز القوى بركوب واختراق ثورة فبراير 2011م و محاولة احتوائها وحرفها عن مسارها كما احتويت انقلاب سبتمبر وحرفته عن تحقيق أهدافه.

ومع تنصيب صالح رئيسا تم تقسيم السلطة بين ثلاثة مراكز قوى عسكرية وقبلية ودينية. وكان ذلك التقاسم يعني تقاسم الثروة والسلطة، أن كل واحد من الثلاثة له حصته سواء في التعيينات لكبار المسئولين او لصغارهم أو في التجنيد في الجيش او في الموازنة العامة للدولة او القطاعات الاقتصادية أو في غير ذلك ، وبدأ عصر مراكز القوى في تسخير كل مقدرات الوطن لمصالحهم وتم التعبئة للهوية اليمنية وبناء الدولة بهدف الحفاظ على تماسك البلد خدمة لزيادة ثرواتهم، والجنوب كان احد الأطماع الاستراتيجية لمراكز القوى التي تم التخطيط والتنفيذ لها بعناية ودهاء.
البعد القانوني :

إن الشعب في الجنوب المقيم على أرضه منذ الاف السنيين إنما قد دخل الوحدة على أساس اتفاقية شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية وهو في هذه الحالة لم يبيع أرضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لأحد بل كان دافعه للوحدة هو الآخاء اليمني والعربي والإسلامي والقومي ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في 1994م من قبل سلطات صنعاء. 4

أن الوحدة التي قامت بين الدولتين في الشمال والجنوب لم تكن قائمة على أسس وقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية كما أن اتفاقية الوحدة المبرمة لم تكن بين دولتين ذات سيادة وأعضاء في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والعربية ولم تشرك أي من هذه الهيئات وتحديداً منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في التوقيع على هذه الاتفاقية ولو حتى كشهود ولم تنشر تلك الاتفاقية او تودع لدى الهيئات الدولية ولا يعلم الشعب في الجنوب والشمال عن هذه الاتفاقية شيء سوى ما تسرب بانها من صفحة ونصف الصفحة وهي مساحة لا تكفي حتى لعقد تأجير محل.6
البعد السياسي :

باعتماد سلطة الحرب والأساليب العسكرية والأمنية المختلفة لإحكام مراكز القوى في صنعاء سيطرتها على جغرافيا الجنوب والفيد والنهب المستمر على مقدراته وثرواته، مستخدمة مختلف الأساليب والسبل لاستدعاء جراحات وخلافات الماضي بهدف تفكيك البنيه الاجتماعية والسياسية، فاتبعت سياسة التعاقدات الانتقائية لضمان التمثيل الشكلي للجنوب وإفراغه من محتواه كمؤسسات دولة قامت على النظام والقانون.

حرب صيف 1994م أحدثت تصدعات عميقة في جدار الوحدة، ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب و انفراد السلطة في صنعاء بحكم دولة ما بعد 94م، كما أنها لم تقم لحل المشاكل الناجمة عن حرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب و الإقصاء والاستبعاد و التسلط في حين يردد مواطنون من الجنوب أن السلطة الى جانب تسريح عشرات الألاف من المدنيين و العسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994م، قد أطلقت يد الفاسدين و النافذين لنهب أراضي الجنوب و بيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن قرار تسريح آلاف العسكرين و المدنيين هم من أطلقوا شرارة (الحراك الجنوبي).
البعد الاقتصادي :

(أقسم الرئيس علي عبدالله صالح، بتحويل عدن الى قرية) قد تكون من الاقاويل التي يرددها الناس وقد لا يكون القسم حقيقياً لكنه بالتأكيد ما جرى على ارض الواقع فبموجب اتفاق الوحدة اصبحت مدينة صنعاء عاصمة الكيان الجديد. وبسقوط صفة العاصمة السياسية عن عدن، وعدم مصداقية تحويلها الى عاصمة اقتصادية وتجارية عانت مدينة عدن من تدهوراً لكل مقومات الحياة فيها وبشكل خاص في الجانب التجاري والاقتصادي.

وقد اسهمت هذه السياسة في الجنوب في تعطيل مصالح التجار وانتشار الفساد بصورة غير موجودة في مناطق اخرى في اليمن.

وامرت الدولة مكاتب شركات النفط العاملة في اليمن والتي كانت قد اتخذت من مدينة عدن مقراً لها بالانتقال الى صنعاء واغلاق كافة مكاتبها في عدن، كما عملت الدولة بفرض تعريفات مختلفة للخدمات الاساسية ارخص في الشمال عن الجنوب فعلى سبيل المثال فأن مكالمة هاتفية داخل مدينة صنعاء ارخص بـ40% منها في عدن وبـ50% عنها في المكلا كما أن سعر الكيلو وات/ساعه من الكهرباء في الشمال للبيوت السكنية او للأغراض التجارية والصناعية ارخص عنها في الجنوب بفروقات تتجاوز الـ30%.

البعد الثقافي والاجتماعي :

يشير الواقع إلى أن هناك ثقافة مدنية تأسست لعقود في الجنوب أحدثت تحولاً في سلوكيات الجنوبيين، فبات ترسيخ مبدأي النظام والقانون في الاحتكام اليه هما المؤشران الرئيسيان للدولة في الجنوب.

إن هذه النهضة الثقافية الاجتماعية في الجنوب والتي للأسف تم القضاء عليها بعد قيام الوحدة مباشرة في العام 1990م بفعل السياسات الخاطئة والممنهجة لسلطات صنعاء وبشكل سافر بعد حرب صيف 1994م، فبدلاً من تسخير قدرات البلد وثرواته في تطوير التعليم، باعتباره احد اهم ركائز بناء الإنسان و أداة التنمية وهدفها والثروة الحقيقية لأي مجتمع، حدث تراجعاً كبيراً لما تم إنجازه في مرحلة ما قبل الوحدة، حيث عملت عقلية المنتصر بعد حرب صيف 1994م، على صياغة سياسة تعليمية تنسجم ومصالح الفئة الأقل والمسيطرة على مقدرات الجنوب ومستقبل أبنائه، بالإضافة إلى تدمير منظومة القوانين الاجتماعية، التي أسست لقيم إنسانية حضارية وعلاقات متكافئة بين جميع أفراد المجتمع في الجنوب.

لقد تحقق للمرأة الجنوبية المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار من سبعينات القرن الماضي فهي اول قاضية واول نائب وزير واول عميد كلية اقتصاد واول مذيعة تلفزيون واول مذيعه إذاعة واول مالكة ورئيس تحرير لصحيفة على مستوى الجزيرة العربية.

إحياء النعرات والثأرات القبلية واستخدام الدين من قبل السلطات الشمالية كانت اللعبة الخطرة في السياسة اليمنية الداخلية . حيث بدأ السلطة في الشمالي بالإعداد لحرب 1994 بالترويج لفكرة “إن الجنوبيين ما هم إلا شيوعيون كفرة” وان قتلهم ونهبهم وانتهاك أعراضهم حلال وجاءت فتوى الشيخ عبدالوهاب الديلمي عضو مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح سيئة الصيت لتحفر جرح غائر في قلوب الجنوبيين. 6

إن الحصيلة السوداوية لما اسمي بالوحدة كانت كافية لإسقاط مشروع يمننة الجنوب و تراجع المدافعين عنها وخروجها من وعي الجنوبيين والى الأبد.

المدخل:

القضية الجنوبية هي قضية شعب ودولة وهوية، تعبر عن حقوق تاريخية، قانونية، اقتصادية، ثقافية، و اجتماعية لشعب الجنوب. لقد اعلنت الوحدة اليمنية في 22 مايو1990م بين كيانين مستقلين ذوي سياده منفصله إذ تحقق للجنوب استقلاله في 30 نوفمبر1967م كدولة ذات سياده وبشخصية اعتبارية في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وكذا جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية ذات الصلة وينطبق نفس ما ورد اعلاه على الجمهورية العربية اليمنية التي تحققت ثورتها في 26 سبتمبر 1962م.

إن حل القضية الجنوبية يحظى اليوم باهتمام دولي بالغ لما له من تأثير في استعادة الامن والاستقرار والتوازن السياسي في اليمن والاقليم بشكل عام ولما يشكله عدم الحل من خطر داهم ليس على الاقليم فحسب ولكن على الاستقرار العالمي .

إن الوحدة اليمنية التي هرب نحوها النظامين الشموليين في الشمال والجنوب كمخرج لهما اصبحت في واقع الامر مأزقاً دفع بشعب الجنوب نحو الهاوية جراء السياسات والمكائد للسلطات في صنعاء التي دفع الجنوب ثمنها باهضاً من مقدراته وثرواته وحقوق الانسان التي شهدت تدهوراً في الجنوب لم يسبق له مثيلاً في تاريخه.

فنحن أمام بناء سياسي مدمر ابرز سماته حالة ألا دولة من مايو 1990 حيث جرى الغاء الشرعية السياسية للدولتين شمالاً وجنوباً تحت غطاء إعلان الوحدة بينما فشل الإعلان الوحدوي ولم تقم شرعية سياسية بديلة فبدأت الأزمة التي انتهت بحرب ابريل 1994م التي قضت على كل محاولات الابقاء على مشروع الوحدة وتدرجت هذه الازمة القائمة في تشكل حلقاتها عبر فترات زمنية مختلفة منذ ما بعد حرب صيف 1994م وظهور قضية الجنوب وطرفاها الجنوب والشمال، شمال اراد فرض الوحدة بالقوة وجنوب رافض لواقع فرضته القوة والحرب .

شهدت حرب 1994م تسخير وتعبئة دينية وقبلية تحت شعار المحافظة على مشروع الوحدة اليمنية بينما الحقيقة لم تكن سوى بهدف نهب مراكز النفوذ لثروات الجنوب حتى وقتنا الحاضر. والصدام المسلح الذي حدث في عام 2011م بين علي عبدالله صالح وال لحمر لم يكن بسبب موالاتهم للثورة بل لرفض ال لحمر توجه علي صالح في توريثه الحكم لابنه والانحراف عن الاتفاق الذي ابرم عند تنصيبه رئيسا أن تكون المرجعية لمراكز القوى … كانت حربا للحفاظ على السلطة وتثبيت مرجعية مراكز القوى الثلاث على حساب مرجعية أسرة على صالح.

إن اخر مشاهد القضية الجنوبية في تعبيراتها السياسية والشعبية تتبلور في المشاهد المليونية الضخمة، وهي تعبير صارخ على ان القضية الجنوبية تتجاوز الرؤى المعزولة والنظرات السياسية الضيقة والزعامات السياسية والوجاهية الى تشكيل موقف الشعب في الجنوب وليس هناك اكثر من هذا الدليل يستطيع أن يؤكد ويثبت القضية الجنوبية بكونها حقيقة حاضرة وماثلة أمام العيان ليس بحاجة لذاكرة ماضوية او خيال مستقبلي إلا في سبيل العبرة من وفي سبيل وضع الحلول التي لم تعد تقبل المراوغة والتحايل فالمسألة أكبر من تفاصيل مصلحه صغيرة وهي اليوم كبيرة بمستوى الشعب الذي يخرج الى الشارع بالمليونيات.

أولا : البعد التاريخي:

نشأة الهوية اليمنية

ظهر اسم اليمن أولا باسم يمنات كمنطقه في اطار كيان يشمل معظم جنوب الجزيرة العربية وليست كدوله. ولم يظهر اسم اليمن كمسمى دوله ،إلا في عهد المملكة اليمنية المتوكليه في عام 1918م التي اعلنها الإمام يحي حميد الدين ،وعلى أراضي الدول القديمة سبأ ومعين وجزءاً من أراضي أوسان وقتبان وكذا أراضي ما كان يعرف بالدولة الإدريسية التي اصبح معظمها ضمن الأراضي السعودية بعد اتفاقية الطائف عام 1934م. ولم تكن عدن والمحميات الغربية من هذه الأراضي .

وفي هذا العام تحولت اليمن لأول مرة من جغرافيا إلى هوية ، فاسم اليمن لم يكن قبل هذا التاريخ إلا دلالة على اتجاه جغرافي ولم يكن يمثل هوية او دولة.

احتواء الهوية الجديدة :الاستغلال السياسي والديني والاقتصادي للهوية اليمنية لمراكز القوى للبسط على ثروات اليمن والجنوب.

قرن من الزمان أو يقل عن ذلك منذ ظهور أول فكرة لليمننة السياسية في منطقة جنوب الجزيرة العربية وذلك بإعلان قيام المملكة اليمنية المتوكليه في عام 1918م. في محاولة للخروج بمشروع الدولة الوطنية بعد إدراك الإمام يحي بن حميد الدين عمق المتغيرات التي طرأت على الساحة الدولية بعد الحرب العالمية الأولى، خصوصاً بعد افول الامبراطورية العثمانية و تقاسم ارثها بين أطراف محلية وأخرى دولية.

في ضوء هذا المعطى الجديد كبرت أحلام الإمام وحلفائه من القبائل وزادت أطماعه في ضم المزيد من الأراضي لزيادة مداخيله من الخراج من مناطق يحلم بضمها إلى مملكته فكان أن اعتبر ان ما هو جنوب الطائف ومكة إلى مضيق يمين الكعبة يدخل ضمن حدود مملكته الطبيعية، ولذلك دخل حروبه المعروفة ضد الأدارسة في إقليم عسير ونجران وضد سلطنات الجنوب ابتداء من بداية القرن الماضي لينتهي به الأمر إلى توقيع اتفاقية الطائف بعد خسارة حربه ووصول القوات السعودية إلى بيت الفقية قرب الحديدة في 1934م واتفاقية اعتراف مع سلطنات الجنوب وبريطانيا في الجنوب ، لينسحب بموجبها من بعض الأطراف التي احتلتها قواته في حدود المناطق الجنوبية ويقر فيها بالحدود القائمة بين الطرفين.

الهوية اليمنية الجديدة شكلتها وغذتها مراكز القوى الثلاثة الرئيسية في صنعاء
وهي ارتكزت – هذه الهوية – على التوسع وضم كافة المناطق التي تقع تحت مسمى (اليمن) اسموها الفروع وضمها إلى الأصل صنعاء. هذا التماسك بين القوى الثلاث تعرض مع المتغيرات المحلية والاقليمية للضعف ، شهدت فيها المراحل اللاحقة الضعف المستمر لأحدى تلك المراكز في مقابل زيادة نفوذ القبائل الاخرى و سلطة صنعاء.

ومع اندلاع ثورة سبتمبر 1962م شعر الائتلاف القبلي بموجة التغيير القادمة فركب الموجة واخترقها ومثلت فيها حاشد القوة الرئيسية المدافعة عن الثورة حتى اعتقد الكثير من أبناء حاشد أن الثورة لم تقم إلا بسبب ما لحق بمشايخ حاشد من قبل الإمام احمد، و كان الكثير من القبائل التي حاربت مع الملكيين تنظر إلى الثورة على أنها ثورة حاشد، وهو ذاته الواقع الذي أعاد نفسه عند قيام نفس القوى بركوب واختراق ثورة فبراير 2011م واحتوائها كما احتوت انقلاب سبتمبر.

ورغم التقاسم بين مراكز القوى الثلاث والذي تم الحفاظ عليه طيلة فترة حكم القاضي عبد الرحمن الأرياني مع تغيير في أسماء شاغلي المواقع، فقد كان واضحا أن هناك هيمنة ومنافسة بين اطراف القبيلة. وفي هذا المنعطف التاريخي بالذات برز شيخ حاشد كصانع للرؤساء. وفي عهد صالح تم تقسيم السلطة بين المراكز الثلاثة. وكان ذلك التقاسم يعني تقاسم الثروة والسلطة، أن كل واحد من الثلاثة له حصته سواء في التعيينات لكبار المسئولين او لصغارهم أو في التجنيد في الجيش او في الموازنة العامة للدولة أو في غير ذلك ، وبدأ عصر القبيلة في تسخير كل مقدرات الوطن لمصالحها وتم التعبئة للهوية اليمنية وبناء الدولة بهدف الحفاظ على تماسك البلد خدمة لمصالحها وتوسيعها.

قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية

استفادت اليمن بعد ثورة سبتمبر من حالة المد القومي التي عمت المنطقة العربية والدعوة إلى توحد الأمة لكي تعيد إحياء مشروع الأئمة في الحاق “اتحاد الجنوب العربي” بما يسمى اليمن ولعبت العناصر اليمنية المهاجرة إلى الجنوب دورا رئيسيا في الترويج للفكر القومي وان الوحدة اليمنية هي الخطوة الأولى لتحقيق هذا الحلم العربي العظيم. وفي اطار هذا التوجه القومي تم تسمية دولة الجنوب بعد الاستقلال جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية رغم أن هذه التسمية لم تكن من الخيارات الأولى المطروحة حينها.

قامت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بتحويل اسم الدولة المستقلة عن الاحتلال البريطاني وهي اتحاد الجنوب العربي في تاريخ 30 نوفمبر 1967 واعترفت 80 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الجديدة بتاريخ 5 ديسمبر 1967م وكان مقعد الامم المتحدة يحمل اسم اتحاد الجنوب العربي كهوية تاريخية نهائية لها ولمواطنيها ولم يطلق اسم اليمن بأي اشتقاق تاريخي على الجنوب سوى منذ 30 نوفمبر 1967.

لقد تم الترويج وبكثافة لمسمى يمنية الجنوب عبر الآلة الاعلامية السياسية في النظام السياسي والقبلي الشمالي بكثافة كمحاولة لطمس استقلالية الهوية الجنوبية حتى قام النظام بتمويل دراسات جامعية وكتب تروج لهذه التزييف للتاريخ .

إن محاولة التزييف المكثفة والمتكررة من قبل النظام في صنعاء كانت احد الاسباب التي دفعت الجنوبيين الى التمسك بشكل متعصب بهويتهم وانتمائهم وبدأت تتجلى اطر هذا التمسك في الكتابات الصحفية التي ارسلت العديد من كتابها الجنوبيون الى غياهب المحاكمات والسجون وكانت الدولة تتمسك دوماً باتهام أولئك الكتاب بتهمة “تهديد الدولة ومحاولة قلب نظام الحكم” وهي اتهامات يعرفها العالم الحر جيداً بانها التهمة المستخدمة من الانظمة الدكتاتورية لقمع اراء معارضيها.

كما أن الحراك الجنوبي السلمي رفض منذ بدايته في 7/7/2007م الهوية اليمنية ولم يعترف بها كهوية وطنية وهي انعكاس لحالة الرفض المطلق في الشارع الجنوبي لمبدأ الضم والالحاق التي اتبعها النظام بل تندر الجنوبيون ورفضوا بشده شعار “عوده الفرع (الجنوب) الى الاصل (الشمال)” التي اطلقها ساسة الشمال.

كما ان هذا الرفض الشعبي في الجنوب للهوية اليمنية كان ايضاً بسبب غياب مفهوم المواطنة المتساوية في الجمهورية اليمنية غياباً تاماً حل محله مفهوم التبعية والرعوية للأنظمة القبلية الحاكمة في الدولة.

وكانت التصريحات العلنية للسياسيين الشماليين ابلغ برهان في تأكيد النية المبيته في الغاء الجنوب هوية وشعباً عندما قال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في يوم 27 ابريل 1994م من ميدان السبعين في صنعاء لدى اعلانه الحرب على الجنوب “حانت لحظه الانتقام” و”هذه الوحدة تعمدت بالدم” وفي مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رحمة الله قال:” نحن رفضنا الوحدة ولكن الرئيس وعدنا بأنه سيقضي على الجنوبيين ويبتلع الجنوب خلال ثلاث سنوات” … اما الدكتور عبدالكريم الأرياني فقال مباشرة بعد الحرب:” لقد ابتلعنا الجنوب ولم يبق إلا هضمه”، وقال الشيخ ناجي الشائف:” لم يعد هناك شيء اسمه الجنوب فقد اخذناه بالسيف”، أما محمد اليدومي، امين عام حزب الاصلاح، فقد قال في حوار متلفز بينه وبين أمين عام الحزب الاشتراكي علي صالح عباد مقبل في العام 1997:” إن من حقهم (الشماليين) أن يزجوا بالملايين الى الجنوب لتغيير الخارطة الديمغرافية”.6

تسعة عشر عاماً من حرب 1994م عاشت اليمن أجواء التمجيد الرسمي اليومي للحرب ونتائجها .. و شعار “الوحدة فريضة دينية” واحد من الأمثلة التي يمكن التدليل بها على الانحراف .. فهذا الشعار لم يكن له وجود قبل حرب 1994م جرى صكه لتسويغ الهروب من المعالجة السياسية السليمة … ان ابرز دلائل تسييس الدين لأغراض تخدم مصالح هذه القوى ما جاء في المسلسل التلفزيوني “همي همك” الذي قال فيه المثل فهد القرني ان اركان الاسلام ستة والركن السادس هو الوحدة وهذا يعيدنا الى التاريخ الذي جرى فيه تحريف الدين الاسلامي عند ادعاء الاسود العنسي بالنبوة في الشمال.

وكما هو معروف أجهزت الحرب على شراكة الجنوب في اتفاقية مشروع الوحدة وفرضت علية واقعاً جديداً يسميه المنتصر “وحدة معمدة بالدم” بينما تسميه قوى الحراك الجنوبي جهاراً نهاراً بأنه احتلال..

لقد طالت الحرب كل شيء في الجنوب وما ألفه و اعتاد و تعلق به من تاريخ ورمزيات و من حضور حقيقي للدولة و النظام و القانون .. تفسير ذلك أن النظام الذي اعلن الحرب نظام عصبيات مغتصبة للدولة .. مثلما فعل الإمام الهادي مع قبائل “يام” عندما قطع نخيلها وردم آبارها، و مثلما فعل الإمام أحمد عندما استباح مدينة صنعاء عام 1948م .

أما استباحة منازل قادة و مسئولي دولة الجنوب فتندرج في إطار الإمعان في الإهانة و ممارسة الإذلال.

فرضت نخبة الحكم في صنعاء نموذجها على الوحدة و عممت نظام الجمهورية العربية اليمنية كله .. وبدلاً عن وحدة 22مايو الطوعية السلمية أقامت وحدة 7يوليو “المعمدة بالدم” معتقدة أن نظام الجمهورية العربية اليمنية هو النموذج الذي انتصر على صعيد عالمي في الحرب الباردة و يجب أن ينتصر على صعيد محلي. 6

قام مركز دراسات مؤسسة الأهرام المصرية بإجراء بحث ميداني عن حرب صيف 1994 كان ابرز نتائجه “إن الوحدة لم تبن على أساس واقعي متين يقوم على التدرج و الانتقال الطبيعي السليم…إن التسرع في إعلان الوحدة دون إعداد كافٍ ودون وضع خطة عملية تدريجية سوف يكون هو السبب في فشلها لتضاف بدورها إلى مشاريع الوحدة العربية السابقة التي سقطت في زوايا التاريخ”8

ثانيا: البعد القانوني:

إن الشعب في الجنوب المقيم على ارضه منذ الاف السنيين إنما قد دخل الوحدة على اساس اتفاقية شراكة مع شعب الجمهورية العربية اليمنية وهو في هذه الحالة لم يبيع ارضه وثرواته ومؤسساته ولم يرهنها لأحد بل كان دافعه للوحدة هو الآخاء اليمني والعربي والإسلامي والقومي ولكن هذه الوحدة ضربت في الصميم بإعلان الحرب في 1994م من قبل نظام صنعاء. 4

انهت لجنة من صياغة مشروع الدستور عام 1981 اعمالها لكن التوقيع عليه لم يتم إلا في 30 نوفمبر 1989 .. وبين هذين العامين فاصل زمني كبير لم نجد تفسيراً موثقاً له إلا في حديث مطول أدلى به علي عبد الله صالح لنجيب رياض الريس و نشر في كتاب “رياح الجنوب” الصادر عام 1998 أي بعد حرب 1994 بأربع سنوات كان صالح خلالها مهووساً بنشوة النصر معتقداً أنه الصقر السبئي الذي أوقع الجنوب في فخ الوحدة وحوله من شريك بإرادته إلى ملحق بغير إرادته .. قال صالح لرياض الريس ما معناه:”إن قيادة الجنوب جاءت إلى الكويت(1982م) وهي منتشيه بنصرها العسكري و تريد أن تحقق الوحدة معنا من موقع القوي لكن الإخوة في القيادة نصحوني أن لا أتسرع في الذهاب إلى الوحدة حتى نرتب أوضاعنا”.6

كما نصت الاتفاقية على “أن يسود العمل بدستور دولة الوحدة والشرعية الدستورية وعدم اللجوء الى تجاوز الدستور او تعديله” بينما تم تعديل الدستور مباشرة بعد انتهاء حرب 1994م.

أن الوحدة التي قامت بين الدولتين في الشمال والجنوب لم تكن قائمة على اسس وقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية كما ان اتفاقية الوحدة المبرمة كانت بين دولتين ذات سيادة واعضاء في العديد من الهيئات والمنظمات الدولية والعربية ولم تشرك اي من هذه الهيئات وتحديداً منظمة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية في التوقيع على هذه الاتفاقية ولو حتى كشهود ولم تنشر تلك الاتفاقية او تودع لدى الهيئات الدولية ولايعلم الشعب في الجنوب والشعب في الشمال عن هذه الاتفاقية شيء سوى ما تسرب بانها من صفحة ونصف الصفحة وهي مساحة لا تكفي حتى لعقد تأجير محل.6

والملاحظ في نص اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية الاشارة الى الاتفاقية بانها “اتفاق عدن التاريخي” ولم يتم الاشارة من قريب او بعيد الى ان اتفاقية الوحدة هي اتفاقية قانونية او ذات بعد قانوني ويلاحظ ان هذا الوصف استخدم بكثافة من قبل النظام في صنعاء مع تحاشي الاشارة الى أي بعد قانوني في الاتفاق الموقع.

من وجهة نظر القانون الدولي كانت حرب 1994م حرباً داخلية ومن الناحية الفعلية جرت الحرب بين حقائق دولتين تعذر دمجها وقد انقسمت مؤسسات الدولة على اساس شطري ابتداء من مجلس الرئاسة والحكومة مروراً بالبرلمان وانتهاء بالجيش والأعلام، ففي كل المستويات كانت الحرب بين حقائق دولتين.
القتل خارج اطار القانون:

في الفترة الممتدة من العام 1994م الى 18 مارس 2013م تم قتل حوالى 1203 جنوبي من قبل شماليين ولم يتم معاقبة اي شمالي بتهمة قتل جنوبي سواء بالسجن او الاعدام بل ان معظم الجناة تم تهريبهم من السجون الى الشمال او خارج البلاد كي لا تطالهم يد العدالة.12

بل ان الامر تطور الى التصريح لجنود قوات الامن المركزي بالقتل العشوائي وسحل الجنوبيين خصوصاً في الارياف والمناطق النائية وكانت ابشع الممارسات في منطقة ردفان في ابريل من العام 2009 واغلقت وسائل اعلام جنوبية عدة وعلى رأسها صحيفة “الايام” لتغطيتها المصورة لتلك الاحداث التي شارك فيها قوات الحرس الخاص والامن المركزي وتورط ضباط من الامن المركزي في اغتصاب صبيان قاصرين داخل سجون الدولة في لحج على خلفية هذه الاحداث.

ومنذ العام 1994 قامت القوات النظامية باستخدام القوة المفرطة في قمع الاحتجاجات في الجنوب وقتل ما يزيد عن 17 دهساً تحت مجنزرات الدبابات وعجلات المصفحات بينما وعلى سبيل المقارنة قتل 4 فلسطينيين في اسرائيل دهساً من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي.12

اما احد اكثر المشاهد ترويعاً للجنوبيين فهو مذبحة قرية المعجلة وهي إحدى قرى مديرية المحفد بمحافظة أبين، يبلغ تعداد سكانها 374 نسمة حسب الإحصاء الذي أجري عام 2004. تبعد القرية عن عدن مسافة 230 كيلو متر شرقاً .

قتل فيها 68 من السكان المدنيين بينهم 14 من النساء و21 طفلاً ، في قصف مزعوم لمعسكر تدريب لتنظيم القاعدة، حيث قامت بوارج أمريكية بقصفها بصواريخ كروز من نوع توماهوك كروز BGM – 109D أطلقت في الساعة السادسة من صباح يوم الخميس 17 ديسمبر 2009م بناء على معلومات استخبارية خاطئة من نظام صنعاء للجانب الامريكي ولم يقتل في الهجوم اي عنصر من القاعدة بل مدنيين ابرياء.

وقال فيليب لوثر نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية : “إن توجيه ضربة عسكرية من هذا النوع ضد مسلحين مزعومين من دون محاولة اعتقالهم هو على الأقل غير قانوني، كما أن حقيقة أن الكثير من الضحايا كانوا من النساء والأطفال يُعد مؤشراً على أن الهجوم كان في الحقيقة غير مسؤول بتاتاً ولا سيما على ضوء احتمال استخدام الذخائر العنقودية”.

وأشارت المنظمة إلى أن الصور التي حصلت عليها تظهر أجزاء من الصواريخ من نوع توماهوك كروز BGM – 109D، أمريكية الصنع. وأكد إن هذا النوع من الصواريخ أطلقت من سفينة حربية أو غواصات، وهي مصممة لنقل حمولـة من القنابل العنقوديـة (166 قنبلة) وتنشطر الواحدة منها إلى ما يزيد عن 200 شظية حادة وصلبة، ويمكن أن تسبب إصابات على بعد 150متر.

ثالثا : البعد السياسي:

منذ اعلان مشروع الوحدة في العام 1990 مارس الشريك الشمالي عملية اغتيالات سياسية طالت شريكة في الحكم الحزب الاشتراكي على وجه الخصوص حيث قتل 153 قيادياً من الحزب الاشتراكي قبل حرب 1994م.

استخدم الشريك الشمالي علاقاته المتوطدة أصلا بالأطراف الدولية لتشكيل موقف معادي للشريك الجنوبي من المجتمع الدولي بني على معلومات مضلله.

باعتماد سلطة الحرب الأساليب العسكرية والأمنية المختلفة لإحكام سيطرتها على جغرافيا الجنوب والفيد والنهب المستمر على مقدراته وثرواته، فعملت بمختلف الأساليب والسبل لاستدعاء جراحات وخلافات الماضي بهدف تفكيك بنيته الاجتماعية والسياسية، فاتبعت سياسة التعاقدات الانتقائية لضمان التمثيل الشكلي للجنوب وإفراغه من محتواه كمؤسسات دولة قامت على النظام والقانون.

“وبهذا انقسم اليمنيون جغرافياً بين كاره للوحدة جنوباً وخائف عليها شمالاً، ومن ان سبب الكراهية في الحالتين واحد وهو حرب 1994، التي دمرت الوحدة كمشروع سياسي، تتهرب النخب السياسية في الجهتين من الاعتراف بهذه الحقيقة”.6

وكان واقع الضم والإلحاق القسري هو المشهد الذي قوبل بالمقاومة والرفض، ليتحول الى حراك سياسي اجتماعي سلمي اعلن عنه في 7/7/2007م.

لقد قام مشروع الوحدة اليمنية على أساس إفتراض الحفاظ أو الإبقاء على البنية السابقة لكلتا الدولتين خلال الفترة الانتقالية، فهذه الاستراتيجية لم تحدث التكامل المأمول، لذلك واجهت دولة الوحدة، الإخفاق الأول الذي يتمثل في نقل مبدأ التوازن السياسي من المستوى المجتمعي العام إلى قمته و أجهزته التنفيذية الوسيطة و العليا، حيث تعثر استكمال دمج العديد من المؤسسات الحيوية، وبصفة خاصه مؤسستي الجيش و الأمن. الاخفاق الثاني يتمثل في هامشية الأحزاب السياسية. و الإخفاق الثالث وهو خاص بفشل تطبيق أحد أهم المبادئ التي قامت عليها الوحدة وهو مبدأ الأخذ بأفضل ما في تجربة الشطرين في نهج الدولة والمؤسسات والقانون والادارة والعملة وتعميمه، وبالتالي لقد مس هذا الإخفاق عدم التوازن في الأثار الناتجة من الوحدة بين مناطق الشمال و الجنوب، الأمر الذي أثر على نمو الشعور في أوساط الفئات الاجتماعية في المناطق الجنوبية بأنها قدمت تضحيات أكبر في سبيل الوحدة دون عائد مناسب، وأنه لم يكن هناك توازن بين الأعباء و العوائد بين سكان كل شطر سابقاً.

حرب صيف 1994م أحدثت تصدعات عميقة في مشروع الوحدة، ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب و انفراد السلطة في صنعاء بحكم دولة ما بعد 94م، كما أنها لم تقم بحل المشاكل الناجمة عن حرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب و الإقصاء والاستبعاد و التسلط أن السلطة الى جانب تسريح عشرات الألاف من المدنيين و العسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994م، و أطلقت يد الفاسدين و النافدين لنهب أراضي الجنوب و بيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن قرار تسريح آلاف العسكرين و المدنيين نتج عنه ان أطلقوا شرارة ما يعرف ب(الحراك الجنوبي) فضلاً عن توزيع أراض شاسعه لقادة عسكريين ونافدين من أبناء الشمال و الجنوب.

بدأ شعب الجنوب بعد نهاية حرب 1994م يطالب بالمواطنة المتساوية و بالمشاركة في اقتسام السلطة و الثروة،. كذلك رفضهم قبول العناصر الإدارية المحسوبة على النظام السياسي حيث يرون أن هؤلاء العناصر معظمهم من الشمال و أتوا للإحلال في أماكنهم الوظيفية كما أدى الضعف الاقتصادي و الفشل الإداري و عدم قدرة النظام على تحقيق العدالة و المساواة، إلى ظهور ذلك الانقسام الاجتماعي.

النظام الإداري ما يزال حتى اللحظة يعتبر أهم نقطة ضعف في بناء الدولة في اليمن وما تم من إنجاز، لم يكن الفضل فيه لكفاءة الجهاز الإداري وفعاليته، وإنما يعود الفضل إلى المشاركة الشعبية المتمثلة في الهيئات التعاونية، و بعض رجال الأعمال و إلى المساعدات و الخبرات الخارجية، المبادرات الذاتية للأفراد و ليس للعمل المؤسسي من سلطة الدولة، مازال يعاني الجهاز الإداري من التسيب و الفساد و الضعف نتيجة نظرة الأنظمة السياسية المتتابعة للإدارة كأداة للإرضاء و توزيع المغانم، و ليس إدارة للإنتاج، إضافة إلى ذلك ضعف المستوى الاقتصادي، الذي يجعل من الموظف يتلاعب بالأنظمة و القوانين مقابل مبلغ من المال، أو لدعم مركزه ولم يقتصر الضعف على الجهاز الإداري، و إنما طال المؤسسة القضائية ونالها ما نالها من فساد، لذلك فقد تأثر وضع البناء الإداري في اليمن بنمط السلطة السياسية، فارتكزت الإدارة على المناطقية و الطائفية و القروية والارتجالية و العشوائية، و الأمزجة الشخصية، و لم يتحقق للإدارة أي بناء منهجي يرتكز على الخطط العملية والعلمية.

لقد بلغ حجم الاقصاء والتهميش السياسي، لأبناء الجنوب، في عام 2006م، مقارنة بعام 1990م، حداً كبيراً وما هو موضح ادناه هو عينه لما سيتم نقاشه باستفاضة في الاشهر القادمة:

1. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في رئاسة الجمهورية من 1990م الى 2011م ــ من 40% الى 0 %.

2. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس النواب من 46%، الى 19% فتم تقليص عدد مقاعد المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف 1994م في البرلمان الى 56 مقعداً من اصل 301 مقعد وبالمقارنة فأن محافظة صنعاء وامانة العاصمة وحدها لديها 54 مقعداً في البرلمان.

3. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الشورى من 47%، الى 29%.

4. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس الوزراء من 54%، الى 25%.

5. انخفاض نسبة تمثيل الجنوب في مجلس القضاء الاعلى من 46%، الى 25%.

6. تعيين جميع محافظي المحافظات الجنوبية، من الشمال.

7. تعيين 57 مديراً عاماً للدوائر الاكثر اهميه من الشمال في عدن واحلال كافة الموظفين الحكوميين في المهرة بنسبة 98% من الشمال والنسب تختلف بحسب المحافظة.

8. انخفاض نسبة ابناء الجنوب بين افراد القوات المسلحة والامن، الى 12.3%.

9. انخفاض نسبة ابناء الجنوب بين قيادات المناطق العسكرية الى 20%.

10. اقصاء جميع المشاركين في ترتيبات الوحدة اليمنية في الفترة من 24-27 رمضان، الموافق 19-22 أبريل 1990م، الواردة اسمائهم في الجريدة الرسمية العدد رقم 1

خطاب ادعاء الملكية:

اتباعاً للمبدأ القبلي المعروف في الشمال “ادعي بالشيء وبعدين شارع” فأن الطبقة السياسية الشمالية اغرقت الجنوبيين بادعاءات مثل :

1. اعادة توحيد اليمن:

قام الطرف الشمالي عبر وسائل الاعلام الحكومية والحزبية ببث فكرة ان وحدة 1990م ماهي إلا اعادة لتوحيد اليمن الذي فرقه الاستعمار والإمامة بينما لا يعدو هذا الخطاب سوى وهماً في فكر من ابتدعه.

2. عودة الفرع الى الاصل:

إن هذه الفكرة تحمل في مضمونها رسالتين الأولى هي الحط من مستوى الجنوبيين وكأنهم اتباع او مواطنون من درجة ثالثة او اسوأ والرسالة الثانية هي التبعية المطلقة للشمال.

3. اليمن واحد منذ الازل:

لايوجد اي دليل تاريخي او انساني او قانوني يدعم هذه الفكرة واستخدم الساسة الشماليون هذه الفكرة بكثافة في وسائل الاعلام لتثبيط و تيئيس اي حركة تطالب بفصل اليمنين من جديد فلم يكن اليمن واحداً سوى من العام 1990م.

4. الجنوبيون بقايا هنود وصومال:

احدى اسوأ الرسائل الموجهة من نظام صنعاء حيث قام الرئيس السابق شخصياً ببثها في لقاءاته الخاصة و العامة وحملتها العديد من وسائل اعلام حزب المؤتمر الشعبي العام.

5. الوحدة عمدناها بالدم

التهيئة لأي حرب اهلية قادمة وكانت اخطر الاطروحات هي التي بثتها صحيفة الديار في نهاية يونيو 2009 في مقال للصحفي الشمالي عادل الأحمدي، رئيس تحرير نشوان نيوز، يدعو لإبادة نصف مليون من الجنوبيين الاوغاد حد وصفه لكي يعيش العشرون المليون الشمالي الاخرون بسلام.

6. الوحدة او الموت

شعار صرخة الحرب ضد الجنوبيين من ميدان السبعين في 27 أبريل 1994. وكلما زاد ضغط الجنوب على الشمال رأينا هذا الشعار في ملصقات على الشوارع كتهيئة نفسية مسبقة لحرب جديدة.

رابعاً: بعد المؤسسة العسكرية والأمنية الجنوبية:

أمتلك الجنوب مؤسسة عسكرية وأمنية مؤهلة تأهيلاً عالياً وتدريباً احترافياً بشهادة المراكز الاستراتيجية العسكرية العالمية و كان من افضل جيوش المنطقة حينها حيث كان الاتحاد السوفيتي سابقاً وبلدان حلف وارسو وفي اطار بروتوكولات التعاون العسكري يجري تدريب وتأهيل كل مكونات جيش الجنوب في بلدانها.

هذه المؤسسة التي ساهمت في ميزان معادلة الامن القومي والدولي في المنطقة كانت الهدف الرئيسي والاساسي لنظام مراكز القوى الثلاث حيث تم تصفيتها اثناء وبعد حرب 1994م.

القائمة التالية توضح بعض من قوام المؤسسة العسكرية والامنية في الجنوب:

· تتكون القوات المسلحة بأنواعها وصفوفها من 80,000- 100,000 ضابط وجندي بالإضافة الى 60,000 من القوات الشعبية والاحتياط العام.

· 40 لواء نظامي مشاه وميكانيكي ودبابات ومدفعية صواريخ وقوى جوية ودفاع جوي وبحرية وغيرها .

· 18 دائرة تابعة لرئاسة الاركان العامة بمختلف انواعها وتخصصاتها .

· كليتين عسكريتين.

· كلية شرطة.

· كلية طيران.

· مدرسه بحرية وكل الكليات كانت مجهزة تجهيزاً علمياً.

· 12 مدرسة تخصصية بمختلف صنوف القوات .

قوات برية :-

1. 16 لواء مشاه

2. 4 الوية مشاه ميكانيكا

3. 3 الوية دبابات + اربع كتائب مستقله

4. 3 الوية مدفعية وصواريخ

قوات جوية :-

8 الوية قوى جوية ودفاع جوي

قوات بحرية :-

6 الوية بحرية وصواريخ ومدفعية وانزال وحراسات .

وزارة الداخلية : يتكون القوام البشري لوزارة الداخلية من 20,000 ضابط وصف ضابط وجندي وموظفين مدنيين تقريباً .

وزارة أمن الدولة : القوام البشري لوزارة امن الدولة تتكون من 8 الاف موظف تقريباً .

كما امتلكت القوات البحرية الجنوبية اضخم سفينة انزال في المنطقة لا يوجد مثيل لها سوى 3 اخريات مع القوات البحرية التابعة للاتحاد السوفيتي سابقاً وتم تفكيك معداتها بعد حرب 1994م وتستخدم حالياً من قبل نافذين في اعمال التهريب.

كما امتلك الجيش قاعدة صيانه للصواريخ كانت الوحيدة في المنطقة وموقعها في بير النعامة تقوم بصيانه الصواريخ بكافة انواعها لصالح حلف وارسو وتم نهب هذه القاعدة من قبل متنفذين وحولت معداتها المدنية لشيوخ قبليين بعد اقتحام عدن في 1994م.

وفي 27 أبريل 1994م تم تدمير اللواء الثالث مدرع جنوبي في معركة دارت مع لواء من الفرقة الأولى مدرع وقد سبق هذ الموقف ان تم في 22 ابريل 1994م تدمير اللواء الخامس مدرع الجنوبي في حرف سفيان منطقة عمران.. كما تم مساء 4 مايو 1994م تفجير الموقف في منطقة ذمار حيث يعسكر لواء باصهيب المدرع الجنوبي الذي تم تطويقه بقوات شمالية تفوقه عدة وعتاد وهذه فقط امثلة من واقع ما تعرض له الجيش الجنوبي من ابادة متعمده.

الاسلحة نهبت.. الجنود والضباط سرحوا من العمل

خامساً: البعد الاقتصادي:

((أقسم الرئيس علي عبدالله صالح، بتحويل عدن الى قرية)) قد تكون من الاقاويل التي يرددها الناس وقد لا يكون القسم حقيقياً لكنه بالتأكيد ما جرى على ارض الواقع فبموجب اتفاق مشروع الوحدة اصبحت مدينة صنعاء عاصمة الكيان الجديد. وبسقوط صفة العاصمة السياسية عن عدن، وعدم مصداقية تحويلها الى عاصمة اقتصادية وتجارية عانت مدينة عدن من تدهوراً لكل مقومات الحياة فيها وبشكل خاص في الجانب التجاري والاقتصادي.

فقد اغلقت دواوين الوزارات فيها، اما مكاتب فروع الوزارات فلا تستطيع شراء القلم الرصاص بدون العودة الى المركز في صنعاء.. وقد اسهمت هذه السياسات التمييزية الشديدة في تعطيل مصالح التجار واتشار الفساد بصورة غير موجودة في مناطق اخرى في اليمن.

و قامت الدولة وبشكل حثيث وباستخدام الوزارات ومكتب رئيس الوزراء بتغيير الوكلاء الجنوبيين للعديد من الشركات الى وكلاء شماليين مباشرة بعد حرب 1994م حتى وكلاء توزيع الصحف والمجلات الدولية تم ارسال خطابات رسمية بتحويل وكالاتهم الى الناشرين.

واهملت الغرفة التجارية في عدن وهي اول غرفة تجارية في الجزيرة العربية انشأت قبل اكثر من 100 سنه واصبحت اليوم اثراً بعد عين.

كما تم اهمل أحواض السفن في ميناء عدن بشكل متعمد افضى الى تدميرها وهي اول احواض سفن جافة في الجزيرة انشأت في العام 1983م.

وامرت الدولة مكاتب شركات النفط العاملة في اليمن والتي كانت قد اتخذت من مدينة عدن مقراً لها بالانتقال الى صنعاء واغلاق كافة مكاتبها في عدن، كما عملت الدولة على التمييز بشكل عنصري في تقديم خدماتها بفرض تعريفات مختلفة للخدمات الاساسية ارخص في الشمال عن الجنوب فعلى سبيل المثال مكالمة هاتفية داخل مدينة صنعاء ارخص بـ40% منها في عدن وبـ50% عنها في المكلا كما أن سعر الكيلو وات/ساعه من الكهرباء في الشمال للبيوت السكنية او للأغراض التجارية والصناعية ارخص عنها في الجنوب بفروقات تتجاوز الـ30%.

ان ارتفاع نسبة البطالة، والاحالة الى العمالة الفائضة والتقاعد المبكر في محافظات الجنوب. كانت بسبب فقدان عدن لعاصميتها، والغاء دواوين الوزارات فيها واقصاء العمالة الحرة الوافدة من الشمال لنظيرتها من ابناء الجنوب بالمنافسة الاقتصادية و التمييز العنصري ضد الجنوبيين في التوظيف الحكومي الجديد لأبناء محافظات الجنوب، الى اقل من عدد الموظفين الجنوبيين المتوفين والى اقل من ثلث عدد المتقاعدين قانونيا ــ الحديث هنا عن المتقاعدين رسميا وليس المتقاعدين قسرا .

الملاحظ ان العوامل السياسية، والفساد، واختلاف ثقافة العمل، كانت اهم الاسباب الرئيسة للإقصاء والتهميش الاقتصادي لتجار الجملة والتجزئة، والمقاولين، والمستثمرين الجنوبيين. فحجم الاقصاء والتهميش الاقتصادي والتجاري لأبناء الجنوب من اصحاب الوكالات التجارية وتجار جملة وتجزئة، ومقاولين، وشباب عاطلين عن العمل، ومستثمرين، وعمالة حرة، وموظفين، وقياديين، ومتقاعدين، وسلاطين وشيوخ وعقال، وغيرهم بلغ كما يلي:

1. اقصاء 367,974 عامل وموظف حكومي وقيادي جنوبي، من اعمالهم.

2. ارتفاع نسبة البطالة بين الذكور في المحافظات الجنوبية والشرقية الى 22%، بالمقارنة مع 10% في المحافظات الشمالية (وفقا للأرقام الرسمية).

3. تربع محافظة عدن في المرتبة الاعلى في نسبة البطالة بين الذكور بـ 31% تليها محافظة لحج بـ 27% تليها محافظتي شبوة والمهرة بـ 26% تليهما محافظة حضرموت بـ 18 % أي ان الخمس المراتب الاعلى للبطالة بين الذكور هي في المحافظات الجنوبية اما ابين فلاتوجد اية بيانات بسبب الدمار الحاصل فيها.

4. حرمان التجار في الجنوب من معظم الوكالات التجارية وجميع الوكالات الملاحية.

5. انخفاض نسبة التجار الجنوبيين في تجارة الجملة الى 14%.

6. انخفاض نسبة المقاولين الجنوبيين الى 14%. وتركزهم في الفئات دون الثانية.

7. تعرض تجار التجزئة في الجنوب الى منافسة غير عادلة من قبل اصحاب الفرشات والباعة المتجولين وجميعهم من الشمال ويقومون بتصريف بضائع الموردين الشماليين في الجنوب مع تمتعهم بميزة عدم دفعهم الضرائب والواجبات، والايجارات وتكاليف الكهرباء والماء والصرف الصحي.

8. تعرض المستثمرين من ابناء الجنوب؛ للنهب والاستيلاء غير المشروع على الاراضي التي تم صرفها لهم قبل حرب صيف 1994م؛ وتعرضهم للتمييز السلبي في المعاملات الادارية.

وتعرضت منشآت القطاع العام والتعاوني الى النهب والتخريب حيث تم :

1. نهب وتخريب 255 مرفق حكومي، كان يعمل فيها 25341 موظف.

2. نهب وتخريب 333 مؤسسة قطاع عام لها 859 فرع، تمتلك 1,192 منشأة منها 1,088 منشأة كانت عاملة في ديسمبر 1994م، وكان يعمل فيها 37,279 عامل.

3. نهب وتخريب 266 تعاونية لها 501 فرع، تمتلك 767 منشأة. كان عدد المنشآت العاملة منها في ديسمبر 1994م، 709 منشاة، يعمل فيها 3,839 عامل.

كما تعرضت الاراضي الخاصة بأبناء الجنوب للبسط والاستيلاء عليها من قبل المتنفذين وشيوخ القبائل وكبار المسئولين في السلطة، وذلك على نطاق واسع. ويقدر العدد الاجمالي للمتضررين بحوالي 221 الف اسرة من سكان الجنوب كما لعبت مصلحة اراضي وعقارات الدولة دوراً في التغيير لوثائق الملكية للأراضي والسجلات في الجنوب ومثالاً على ذلك فأن المصلحة قامت في محافظة لحج بالتزوير لغرض النهب والتلاعب بوثائق ملكيات هذه الاراضي التابعة لأبناء محافظة لحج.. كما ان حفر الابار الارتوازية في الاراضي الزراعية وتحويل البعض منها الى معامل للطابوق (البردين) وكسارات كما حدث في بستان الحسيني الاثري كل ذلك لهدف تدمير الاراضي الزراعية والتي تظهر عمليات التدمير المنظمة لها قيام الدولة بالتعمد في الضرر للمزارعين.

1. تم الاستيلاء على 4.5 مليون متر مربع من الاراضي المصروفة للمستثمرين، واعادة صرفها لشيوخ قبائل، ولتجار متنفذين، ولوزراء، ولكبار القادة العسكريين.

2. استولت الهيئة العامة للمنطقة الحرة على 232 مليون متر مربع، صرفت نسبة عالية منها لمستثمرين وهميين ومتنفذين لم ينفذوا المشاريع التي تقدموا بها بل عملوا على الاتجار بالأراضي.

3. استولت المؤسسة الاقتصادية العسكرية على 10.3 مليون متر مربع من الاراضي الخاصة بالمرافق الحكومية وتوزيعها على متنفذين شماليين.

4. منع المحاكم من قبول أي قضايا حقوقية تخص الارض، وعدم تنفيذ الاحكام الباتة فيها، منذ عام 1994م وحتى الان.

5. منع السجل العقاري من تثبيت أي حقوق للجنوبيين تخص الارض حتى وان كان صدر فيها حكم قضائي نهائي، منذ عام 1996م.

6. تعطيل تنفيذ الحلول التي اقرتها اللجان الحكومية المتعاقبة لحل مشكلات الارض.

7. استخدام القوات المسلحة والامن للاستيلاء على الاراضي، وتسهيل استحواذ المتنفذين عليها وامتلاكها او البناء عليها او بيعها.

في الجبال التي تقع معظمها في المحافظات الشمالية، تم انشاء 1146 سد وحاجز مائي تم بناء معظمها بصورة عشوائية وبدون دراسة لجدواها الاقتصادية. ويمثل ذلك تبديدا مزدوجا للثروات الطبيعية. فتساهم السدود والحواجز في زيادة تبخر المياة وانخفاض ما يصل منها الى الوديان. والجنوب هو المتضرر الاكبر من ذلك بالشكل التالي:

1. الانخفاض الكبير في مستوى تدفق السيول في وادي بنا.

2. الانخفاض الكبير في مستوى تدفق السيول في وادي تبن.

3. الانقطاع النهائي لوصول مياه السيول الى الاراضي الزراعية في محافظة عدن منذ عام 1992م وحتى الآن. اي لفترة اكثر من 20عام متتالية، وهو ما لم يحصل طوال التاريخ الموثق.

وفي مجال الثروة السمكية فأن حجم التبديد والعبث بلغ حد السماح للشركات الدولية المتعاقدة مع نافذين شماليين لاستخدام طريق التجريف السمكي في عملية الاصطياد وهي عملية محرمة في العديد من الدول لأثارها المدمرة على مصايد الاسماك وقد تجلى اثرها المدمر على الصيادين الفقراء الذين يضطرون الى الاصطياد اليوم على اعماق اكبر بكثير وساهم ذلك في رفع اسعار المنتجات البحرية في المدن الجنوبية الساحلية الى مستويات لم تشهدها في تاريخها واصبحت اغلى من اللحوم الحمراء.

ولعل الدلائل الواردة في تقرير لجنة الزراعة والاسماك والموارد المائية الصادر بتاريخ 10 رجب 1424هـ الموافق 7 سبتمبر 2003م. المقدم الى مجلس النواب كفيل باعطائكم صورة واضحة لحجم العبث بهذه الثروة والوضع الكارثي لها وأن تلك الاعمال تتم في وجود القائمين على مهمة الرقابة والتفتيش البحري وهذا يؤكد تواطؤهم مع الشركات التجارية، ولعدم وجود سياسة واضحة لاستغلال هذه الثروة الهامة وبطريقة سليمة ومستدامة”.

اما النفط فأن النهب والتبديد والاستحواذ غير المشروع على الثروة خلال الفترة 1990م، وحتى نهاية اكتوبر 2012م على النحو التالي:

1. بلغت كمية انتاج النفط من الجنوب 1.759 مليار برميل. أي ما نسبته 65% من اجمالي كمية انتاج النفط الخام في الجمهورية اليمنية التي بلغت 2.703 مليار برميل.

2. تناقص انتاج النفط من قطاع مأرب ــ الجوف سنة بعد اخرى وازدياد الاهمية النسبية لما يتم انتاجه من قطاعات النفط في الجنوب. من نسبة 5% عام 1991م، الى 89% مع نهاية اكتوبر من عام 2012م.

3. بلغت قيمة النفط الخام المستخرج من الجنوب 76.801 مليار دولار. بما نسبته 75% من القيمة الاجمالية لإنتاج النفط في الجمهورية اليمنية البالغة 102.482 مليار دولار.

4. وجود قرائن كثيرة على وجود فساد كبير في مجال النفط. تؤكده الحقائق أدناه:ــ

· الفارق الكبير بين اجمالي الانتاج النفطي اليمني القليل والكمية الكبيرة المباعة في الاسواق العالمية.

· وجود بعض القطاعات التي لا تدفع الاتاوة.

· انخفاض الاتاوة في بعض القطاعات.

· وجود شركات محلية مشبوهة تحصل على جزء من نفط التقاسم.

· وجود مقاولون بالباطن لشركات مملوكه لمسؤولين في الدولة.

· ارتفاع كلفة انتاج النفط في بعض القطاعات بصورة تثير الشكوك.

· ارتفاع الكمية المستخدمة في العملية الانتاجية في بعض القطاعات.

· وجود شركات ثبت انها دفعت رشاوي كبيرة لرؤساء دول افريقية.

· وجود فساد كبير في العديد من القطاعات نفطية منها قطاع S1 في جنه ، قطاع رقم 14 المسيلة، وقطاع رقم 51 شرق حجر، وقطاع رقم 10 شرق شبوة.

سادساً ً: البعد الثقافي والاجتماعي:

إن حقائق الأمور تتطلب النظر الى طبيعة التطور الثقافي والاجتماعي للجنوب في تاريخه الحديث والمعاصر فمجمل التطور التاريخي أوجد ثقافة مجتمعية مختلفة عنها في شمال اليمن ولاشك أن النظر الى التطورات الثقافية والاجتماعية لايتم إلا ضمن سياق اجتماعي تاريخي معين باعتبار الثقافة جزاً من كل لمجمل التطور الاجتماعي، تفتضيه شروط التطور الاقتصادي والاجتماعي، وتتم مؤازرته بمنظومة متكاملة سياسية وحقوقية.

يشير الواقع إلى ان هناك ثقافة مدنية تأسست في الجنوب لعقود احدثت تحولاً في سلوكيات الجنوبيين، فبات ترسيخ مبدأي النظام والقانون في الاحتكام اليه هما المؤشران الرئيسيان للدولة في الجنوب ولقد كان من سوء حظ حكام الجمهورية العربية اليمنية ان سيطرتهم على عدن في 1994م جاءت بعد مايزيد على ربع قرن من قيام حكم وطني في الجنوب، نشأت فيه اجيال صبغتها هوية وطنية واحدة تتمتع بكافة الحقوق المدنية والمساواة أمام القانون. وحين سيطر الشمال على الجنوب حمل معه ثقافة الحكم القبلي، وكان من النتائج المباشرة لسيطرة ثقافة الحكم هذه تحويل الجنوب إلى ميدان واسع للفيد والنهب والسلب لصالح القوى المنتصرة في الحرب وتجاهل وتهميش مصالح سكان الجنوب الذين باتوا في ظل النظام الجديد يفتقدون الغطاء القانوني لحماية مصالحهم الخاصة والعامة.

كما سادت حملات التوعية السياسية والمشاركة الشعبية المجتمعية في مناقشات القوانين وربط الكثير من الفئات الاجتماعية بالعمل والانتاج والنشاط الزراعي وهي السياسات المتبعة لهذه المشاركات المختلفة. بالإضافة الى ما أحدثته التعليم من ثورة على الموروث الاجتماعي وبشكل خاص في مجال تعليم الفتاة والى اعلى المستويات داخلياً وخارجياً، وربط ذلك بحقها بالمشاركة في العمل حيث تؤكد الدلائل ان المرأة الجنوبية حظيت بمكانه اجتماعية كشريك فاعل في عملية التنمية ولا ادل على ذلك من التوقيع والمصادقة على الاتفاقية الدولية لازالة كافة اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في مايو 1984م كما أن حملات محو الامية وتعليم الكبار احدثت طفرة ملموسه في رفع الوعي المجتمعي بين اوساط واسعة من المجتمع وكان لنتائج هذه الحملات تحديداً بين اوساط النساء أن منح الاتحاد العام لنساء اليمن ميدالية كروبسكايا من قبل منظمة اليونسكو عام 1984م لإنجازاته في تصفية الامية من بين اوساط النساء بينما راهناً تعاني المرأة في الجنوب من نسبة امية مرتفعة بلغت حوالى 65%.

وشهدت عدن نشوء اول حركة نسائية في الجزيرة العربية منذ اواخر أربعينيات القرن الماضي وكانت اول تظاهرة للنساء في الجزيرة العربية في عدن في العام 1951 ضد العنف المنزلي وهو ما تحاول المنظمات النسوية في صنعاء تزويره وقلب هذه الحقائق بادعائها نشوء الحركة النسائية في صنعاء.

لقد تحقق للمرأة الجنوبية المساواة وتكافؤ الفرص في مواقع صنع واتخاذ القرار من سبعينات القرن الماضي فهي اول قاضية واول نائب وزير واول عميد كلية اقتصاد واول مذيعة تلفزيون واول مذيعه إذاعة واول مالكة ورئيس تحرير لصحيفة واول طيار واول سائقة تاكسي واول مظلية على مستوى الجزيرة العربية.

إن المرأة الجنوبية التي بلغ عددها 38 قاضية في مختلف درجات القضاء والنيابة تأكيد على ان الفوارق التمييزية في النوع الاجتماعي لم يعرفها الجنوب بل ان المشاركة السياسية كانت واضحة المعالم في مجال انتخابات مجالس الشعب المحلية في الجنوب في اول دورة في 1976م وكذا انتخابات مجلس الشعب الاعلى في دورته الثانية في عام 1987م اذ بلغ عدد مقاعد النساء 10 عضوات من اجمالي 101 عضواً بنسبة 10% من اجمالي الاعضاء الذكور كما لعب صدور قانون الاسرة في 1 يناير 1974م باعتباره احد قوانين الاحوال الشخصية في الوطن العربية دوراً هاماً في الحياة الاسرية في الجنوب اذ ساهم كثيراً في تعميق علاقات الاحترام والتكافؤ بين المرأة والرجل في تحمل اعباء الحياة الاسرية.

كما تأسست منظومة متكاملة للمنظمات الجماهيرية ممثلة بالاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية واتحاد الشباب واتحاد الطلبة و اتحاد الفلاحين وجرى بعد حرب صيف 1994م تفيد كل المباني التابعة لهذه المنظمات وهناك محاولات مستميته راهناً لإعطاء مقر النقابات في عدن لاحد المتنفذين والذي يعتبر احد اهم انجازات الحركة العمالية في الجنوب منذ اواخر خمسينات القرن الماضي والذي عرف بالمؤتمر العمالي والنقابات الست فيما بعد.

كما ساد الجنوب ثقافة مجتمعية تستند على انظمة مؤسساتية فكان انشاء البنى التحتية الأساسية المطلوبة من المدارس ورياض الاطفال والمراكز الثقافية و جامعة عدن وفروعها ومعهد الفنون الجميلة والمسرح الوطني والمكتبة الوطنية والمجمعات الصحية حيث منحت الدولة شهادة القضاء على مرض السل من قبل منظمة الصحة العالمية في العام 1983م.

اما مراكز رعاية الأمومة والطفولة والتي قدمت خدماتها للأم الحامل والطفل فقد انجزت حملة مكافحة الامراض السته الفتاكة بالطفولة كمشروع متكامل بدعم من منظمة اليونيسف في عامي 1982م و 1983م.

وجاء التوقيع على اتفاقية حماية حقوق الطفل الدولية في 13 فبراير 1990م تأكيد على الضمانات في الحماية والرعاية للنشئ.

كل هذه المعطيات وفرت الأليات لحراك اجتماعي ثقافي لعب دوراً تنموياً تطويرياً ويمكن القول أنها احدثت نهضة اجتماعية ثقافية في الجنوب لا ندعي كمالها، ولكنها كانت تتجه بخطى ثابته صوب مجتمع مدني متطور يضمن الرفاه الاجتماعي للإنسان في الجنوب.

إن هذه النهضة الثقافية الاجتماعية في الجنوب والتي للأسف تم القضاء عليها بعد قيام الوحدة مباشرة في العام 1990م بفعل السياسات الخاطئة والممنهجة لنظام صنعاء وبشكل سافر بعد حرب صيف 1994م، فبدلاً من تسخير قدرات البلد وثرواته في تطوير التعليم، باعتباره احد اهم ركائز بناء الانسان و اداة التنمية وهدفها والثروة الحقيقية لأي مجتمع، حدث تراجعاً كبيراً، لما تم إنجازه في مرحلة ما قبل الوحدة، حيث عملت عقلية المنتصر بعد حرب صيف 1994م، على صياغة سياسة تعليمية تنسجم ومصالح الفئة الاقل والمسيطرة على مقدرات الجنوب ومستقبل أبنائه، بالإضافة الى تدمير منظومة القوانين الاجتماعية، التي أسست لقيم انسانية حضارية وعلاقات متكافئة بين جميع افراد المجتمع.

ان التدمير الممنهج للقيم المدنية والثقافية التي تراكمت عبر عقود في الجنوب، لهي واحدةً من مظاهر سياسات القوة التي اتبعها النظام في الشمال ، فالخطوات المتبعة للتدمير المتعمد للمتنفسات والشواطئ والجبال ، والبناء العشوائي في كل مدن الجنوب ، وتدمير اكثر من 39 متنزه للأطفال في مدن الجنوب بصرفها كأراضي للمتنفذين.

وتعززت سياسة الفيد والغنائم المتبعة منذ ما بعد حرب صيف 1994م حيث عمدت إلى التغيير لهوية مختلف مدن الجنوب فتم تغيير اسماء المدارس والشوارع بطريقة سياسة عنصرية حذفت اسماء ابطال وشهداء واعيان الجنوب من تلك المسميات واستبدلتها باسماء شمالية.

إن تهديم مسجد ابان في مدينة كريتر في عدن واحدة من اكبر الدلالات على طمس هوية مدينة عدن ، بكل معالمها الأثرية والتاريخية وهي تجري ولا تزال إلى يومنا هذا على قدم وساق مثل صرف المعبد اليهودي في كريتر لاحد المتنفذين ومحاولة صرف مقابر البهرة والاسماعيليين ومقبرة اليهود حيث يجري المحافظة في الشمال على كل حجرة وشجرة اثرية ولا ننسى النهب الكارثي لمتاحف عدن بعد دخول القوات الشمالية اليها في حرب صيف 1994م.

ولايزال هذا العبث الممنهج مستمراً حتى اليوم فجزيرة سقطرى اليوم مهددة بالإزالة من قائمة منظمة اليونسكو للـ”الإرث الإنساني” بسبب عدم دفع الرسوم من قبل الحكومة اليمنية وبسبب العبث بالسواحل التي تم تمليكها لنافذ واحد من النظام السابق وعبث بالأراضي فيها بشكل لا يصدقه عقل بينما مدينه زبيد الشمالية تحضا بكل دعم حكومي ودفعت رسوم بقائها في “قائمة الإرث الانساني”.

ناهيكم عن سياسات الإقصاء والتهميش والتسريح القسري للمدنيين والعسكريين والأمنيين والذين بلغ عددهم فقط بعد اغسطس 1994م 90 ألف موظف مدني وعسكري بل عمدت السلطة إلى تعميق الشرخ في النسيج المجتمعي، محددة ملامح تاريخية جديدة للجنوب اسست له تاريخاً اطلق عليه 7 يوليو 1994م يوم النصر .

ادى كل ذلك إلى بروز مؤشرات خطيرة يعيشها الجنوب تكمن في الآتي : –

1- اللجوء إلى التحكيم القبلي وسلطة الأعراف ادى إلى انتعاش عمليات الاقتتال والثأرات القبلية بعد أن عمل الجنوب على التخلص من ظاهرة الثأر والاحتكام إلى سلطة القانون. فقامت الدولة بفرض هيئة شؤون القبائل في الجنوب وبدأت بتعيين شيوخ قبليين يحملون بطاقات تعريفية رسمية بانهم شيوخ لمناطقهم وعينت شيخين او اكثر في معظم المناطق الريفية لإشعال خلافات بين اتباع كل شيخ ودعمت اطراف عدة بالمال والسلاح لإذكاء هذه الصراعات الجديدة على الجنوب.

2- عدم ترسخ مبدأ النظام والقانون والاحتكام إليه .

3- ظاهرة الفساد المستشري في كل مفاصل الحياة الخاصة والعامة .

4- عدم استيعاب الخريجين من الجامعات والمعاهد العليا ، حيث بلغت نسبة البطالة بين اوساط الخريجين في محافظة عدن 31% ، بينما في الوقت الذي تمنح فيه الوظائف للخريجين القادمين من الشمال ، بالوساطة .

5- انتشار ظاهرة الفقر في اوساط الأسر في الجنوب .

6- التعطيل والإلغاء المتعمد للقوانين .

7- واخرما قام به النظام ترحيل وثائق المكتبة الوطنية والتي تحتوي على السجلات المدنية والبلدية إلى صنعاء ، وسبق ذلك بأعوام السطو وفي منتصف الليل على أرشيف تلفزيون وإذاعة عدن ، ونقل كل المحتويات إلى تلفزيون صنعاء ، في مسعى لطمس الثقافة والموروث الغنائي والمسرحي للجنوب، والذي هو الأساس للأغنية الخليجية واليمنية .

8- انتشار بيع المخدرات نهاراً جهاراً في المدن الجنوبية ويتم ذلك بحماية جنود تابعين للأمن المركزي هدفها تدمير الشباب الجنوبي.

تدهور مستوى الخدمات الحكومية في مجالي التعليم والصحة، يدل على واقع مفزع حيث انخفضت نسبة الملتحقين حاليا في التعليم من اجمالي السكان. فمن بين 21 محافظة في اليمن جاءت محافظة حضرموت في المرتبة رقم 16، واحتلت محافظات عدن ، ابين، شبوة، لحج المراتب 13، 12، 11، 10 على التوالي. وجاءت محافظة المهره في المرتبة 6. وجود نسبة 22.6% من السكان في سن التعليم خارج المدرسة في محافظة عدن. وارتفاع نسبة التسرب من الصف الأول حتى الصف التاسع الى 17.6% لكلا الجنسين، 23% للإناث، 12.6% للذكور.

وامتدت السياسات التمييزية والعنصرية في الابتعاث الخارجي للدراسة حتى يومنا هذا فعلى سبيل المثال في شهر ابريل الجاري تم اعلان اسماء المبتعثين للدراسة، وفي محافظة المهرة تم ابتعاث سته واحد منهم جنوبي والبقية شماليين.

لقد اسهمت السياسات الحكومية المنظمة في تدمير المنظومة التعليمية في الجنوب الى ارتفاع معدل الامية الى اكثر من 49% بعد ان كان قاب قوسين او أدنى من القضاء على الامية تماماً في العام 1990م.
ظاهرة التمييز الديني:

إن شعار “الوحدة فريضة دينية” بات ملمحاً من ملامح الحياة اليومية، والخارج عنه “كافر ملحد” بل الحديث ولو همساً عن معطيات ودلائل تؤكد بما لايدع مجالاً للشك ان سياسة المنتصر فرضت واقعاً جديداً تحت مسمى “الوحدة المعمدة بالدم” وهذا ما حصل ويحصل على ارض الواقع في الجنوب، “حيث بالحرب تحولت الوحدة الى دماء وجراح اشاعت الكراهية ونقلت براميل الشطريه من الجغرافيا الى النفوس” 6.

على الرغم من ادعاء الساسة الشماليين عند دفاعهم عن الوحدة المقدسة بان الشعب يدين بدين واحد إلا أنه وعملاً على الارض استخدم الدين للتمييز ضد الجنوبيين.

واستخدام الدين من قبل الساسة الشماليين كانت اللعبة الخطرة في السياسة اليمنية الداخلية فقد بدأ النظام الشمالي بالإعداد لحرب 1994 بالترويج عبر معسكرات وزارتي الدفاع والداخلية وباستخدام رموز دينية شمالية تابعه لحزب الاصلاح بفكرة أن الجنوبيين ما هم إلا شيوعيون كفرة وان قتلهم ونهبهم وانتهاك اعراضهم حلال وجاءت فتوى الشيخ محمد الديلمي عضو مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح سيئة الصيت لتحفر جرح غائر في قلوب الجنوبيين. 6

وبلغت الحملة الدينية قمة السقوط عبر نفس رجال الدين بنشر فكرة إن رجال الجنوبيين (**) ونسائهم (**) وزرعوا هذه الفكرة في رؤوس الشباب وافراد القوات المسلحة والامن في الشمال لحملهم على التمييز عنصرياً ضد الجنوبيين حال نقلهم هناك.(** تشير الى لفظ بذيء يستخدم للحط من قيمة الانسان اجتماعياً)

إن التعامل الديني مع الجنوبيين على انهم كفرة ملحدون لم يتوقف بنهاية حرب 1994 بل توسع الأمر بشكل أكبر ليتم بعد الحرب استخدام الدين وتحديداً المذهب الزيدي لفرض التوظيف في المناصب العليا للدولة في الجنوب خاصة في المناصب المتحكمة في ايرادات الدولة.

رواية الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في مذكراته حيث قال: ” طلب الرئيس منا بالذات مجموعة الاتجاه الإسلامي و أنا معهم أن نكون حزباً يكون رديفاً للمؤتمر و نحن و أياكم لن نفترق و سنكون كتلة واحدة ولن نختلف عليكم و سندعمكم مثلما المؤتمر .. إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية التي تمت بيني و بين الحزب الاشتراكي و هم يمثلون الحزب الإشتراكي و الدولة التي كانت في الجنوب و أنا أمثل المؤتمر الشعبي و الدولة التي في الشمال و بيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضه ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي و هي غير صائبة ونعرقل تنفيذها .. و على هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح”.6

أما الشيخ الزنداني و من معه من رجال الدين فليس بمقدورهم –وهم أحياء- أن ينكروا بأنهم كانوا أصحاب العطاء الأكبر في فن استثمار التراث التاريخي للصراع بين الشطرين .. لقد رفعوا شعار ” نريد الوحدة و نفرط بالإسلام : نعم للوحدة لا للدستور ” و اعتبروا قبول الدستور تفريطاً بالإسلام و أن المعركة بين كفر و إيمان و حق وباطل .. بل قالوا في بيان وقع عليه أكثر من 400 من رجال الدين أن مشروع الدستور أشتمل على ما يلي :-

1. أغفل هوية اليمن العربية الإسلامية.

2. الإشراك بالله في الحكم.

3. إلغاء الدفاع عن الدين و الوطن

4. إلغاء فريضة الزكاة.

5. إلغاء القصاص.

6. الغاء الفوارق الشرعية بين المسلم و الكافر و الرجل و المرأه

7. إلغاء شروط الإسلام فيمن يتولى ولايه عامة

8. إلغاء مقومات الأسرة

9. إلغاء الضمان بحفظ الأموال و الدماء و الأعراض.

وقالوا : أن المادة (33) ترد جميع النصوص الواردة في الكتاب و السنة: وتسخر من الحديد و القصاص عندما تصفها بالبشاعة، فهي تتهم شرع الله وتطعن مباشرة في ذات الله عز وجل .. والمعروف أن المادة(33) كانت تنص على”لا يجوز استعمال وسائل بشعة غير إنسانية في تنفيذ العقوبات ولا يجوز سن قوانين تبيح ذلك”

وعلى سبيل المثال في الاعوام اللاحقة للحرب تم نقل واحدة من اسوأ مظاهر الحكم في الشمال الى الجنوب عبر مصلحة الواجبات التي تستند في تحصيلها للزكاة من المواطنين بالقوة الى المذهب الزيدي خلافاً لتعاليم المذهب الشافعي السائد في الجنوب والذي يدفع فيه اتباعه الزكاة طواعية بأنفسهم ويصرفوها على الفقراء وجرى اغلاق المحال التجارية في شارع العيدروس في عدن على سبيل المثال بالقوة العسكرية اذ رفض ملاكها تسليم الزكاة الى مندوب المصلحة ويرى المواطنون في الجنوب مصلحة الواجبات كجهة سلب ونهب مباشر من المواطنين كما يدفع الموظفين الزكاة مباشرة من رواتبهم.

وقد تعرضت محافظة ابين خاصرة الجنوب ولاتزال تتعرض لحرب ابادة متعمده مورس تجاهها سياسة الارض المحروقة فهي اليوم رهينة المحبسين بين القاعدة وانصار الشريعة.

لقد تحولت بفعل السياسات التدميرية الى محافظة فاقده لمعالم تواجد الانسان والمكان فيها فهي تتعرض للتمييز العنصري البشع وبفعل الفتاوى الدينية والارهاب الفكري الممارس تدفع ثمنا باهضاً… وقد كان تواجد القاعدة في هذه المحافظة بتسهيل وتواطؤ من قبل النظام السابق الذي فتح المعسكرات لتقوم عناصر القاعدة بنهب السلاح ولدينا معلومات موثقة بخصوص فتح مصنع “7 اكتوبر” للذخائر في جعار لنهبه من قبل الارهابيين قبل ان يغادروا المكان ويروح ضحية انفجار المصنع اكثر من 150 من الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ13 …بل ان علماء اليمن وهم الضلع الديني في النظام السابق رفضوا مراراً وتكراراً اصدار اي بيانات تدين اعمال القاعدة في ابين عند بدء حملة اللجان الشعبية لطردها من المحافظة.

سابعاً : البعد الجغرافي:

يعتبر الجنوب منطقة استراتيجية هامة للأمن الإقليمي والعالمي حيث مساحته الإجمالية 360،133 كيلومتر مربع يحده من الشرق سلطنة عمان ومن الشمال المملكة العربية السعودية واليمن الشمالي ومن الجنوب خليج عدن والبحر العربي ويتحكم في مضيق باب المندب الحيوي لحركة الملاحة الدولية الاقتصادية والعسكرية وكذا العديد من الجزر الواقعة في البحر الاحمر غرب الحدود مع اليمن الشمالي وارخبيل سقطرى المطل على المحيط الهندي، فهو يمثل موقعاً استراتيجياً لتصدير نفط وغاز دول مجلس التعاون الخليجي وثروات بحرية ونفطية وغازية ومعدنية هائلة تجعله عامل جذب لذوي المصالح الضيقة التي لاترى فيه إلا غنيمة يجب عدم التفريط بها تحت اي ثمن حتى وإن كان ابادة شعب الجنوب.9

كما يمتلك الجنوب ميناء عدن الاستراتيجي وهو ميناء طبيعي عميق محمي بسلسلة جبلية تجعله أمناً على مدار العام ويبعد 4 أميال بحرية من خط الملاحة الدولي و حولته الإمبراطورية البريطانية على مدى 139 عاماً إلى ثاني اهم ميناء في العالم تؤمه اربعون11 سفينة يومياً.

الحدود الحالية للجنوب تتطابق الى حد ما فقط مع الحدود القديمة فتم استقطاع مساحات شاسعه من محافظتي حضرموت وشبوة وضمها الى محافظتي مأرب والجوف و محافظة البيضاء حالياً كان في نطاق حدود الجنوب والجزء الشمالي من محافظة الضالع حالياً كان يقع ضمن الجمهورية العربية اليمنية اما اكبر تعديل ادخله النظام فهو اقتطاع باب المندب من محافظة عدن الجنوبية وإدخاله ضمن محافظة تعز الشمالية وكذا جميع الجزر التابعة للجنوب والواقعة في البحر الأحمر.

الخاتمة:

إن التاريخ الحديث يؤكد ان هناك 93 تجربة وحده واتحاد تمت بين الاقطار العربية وقد فشلت في القرن الماضي منذ مطلعه حتى العقد العاشر اي تسعينات القرن الماضي” 10.

ثلاثة وعشرون عاماً من الصبر والمعاناة والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان في مختلف مجالات الحياة العامة سياسياً ، اقتصادياً، تربوياً، ثقافياً، واجتماعياً وامنياً، وعسكرياً دمرت كل مقومات دولة الجنوب. وفرضت القضية الجنوبية نفسها كقضية سياسية بأمتياز وباتت تمثل العنوان الابرز في مواجهة النظام الذي بسببها بات يواجه تحديات عديده بسبب حالات الاختلال في التوازن، هذا ادى بدوره الى تسارع وتصاعد وتيرة نضال الحراك السلمي الجنوبي الذي عبر وبصوت مسموع ان الوحدة كانت مجرد الحاق للجنوب بالشمال للاستحواذ عليه.

الجنوب يمتلك ارضاً شاسعة وموقعاً استراتيجياً ومخزوناً هائلاً من الثروات الطبيعية فأصبح غنيمة وفيد جرى ويجري النهب المنظم لموارده وثرواته وليس ادل على ان حرب 1994م الظالمة كلفت النظام 11 مليار دولار وعشرة الاف قتيل حفاظاً على الوحدة … تناول التقرير المقدم بعض من ابعاد القضية الجنوبية ملامساً الحقائق وليس كلها إذ في المحتوى الذي سيتم مناقشته في الاشهر القادمة سيتم التطرق بكل شفافية الى التفاصيل الدقيقة لما جرى ويجري في الجنوب.

إن مليونيات الحراك الجنوبي السلمي والتي خرج شعب الجنوب معبراً عنها بمناسبة 14 اكتوبر و 30 نوفمبر والتصالح والتسامح وجاءت مليونية 27 ابريل 2013م لتؤكد حقائق على الأرض بأن القضية الجنوبية هي قضية سياسية بامتياز وان المجتمع الاقليمي والدولي يرى بها الخطوات الأولى لاستقرار المنطقة وهناك اصوات تتعالى تصغر من شأنها في الوقت الذي ارتفع سقف هذه القضية ليعلن شعب الجنوب للعالم انه يريد تقرير مصيره بنفسه.

ان هذه المليونيات التي احتشد فيها الشعب الجنوبي بسلام وبدون اي حوادث امنية او غيرها هي خير دليل على مدنية و سلمية الحراك الجنوبي وتنفي عنه كل ما يحاول البعض الصاقه به كيدياً من عنف وسلاح وارهاب.

نؤكد مجدداً ان القضية الجنوبية مرجعيتها شعب الجنوب الذي يريد استعادة دولته وتقرير مصيره بإرادته الحرة و مانحن اعضاء الحراك في مؤتمر الحوار سوى همزة وصل لشعب الجنوب فنحن في النهاية من هذا الشعب واليه.

المصادر:

1- نقطة الانهيار؟ قضية اليمن الجنوبي تقرير الشرق الاوسط رقم 114- صادر بتاريخ 20 تشرين الاول / 20 اكتوبر.

2- دراسات وبحوث صادرة عن مركز مؤسسة الايام 1998م – 2009م.

3- قضية شعب الجنوب وحلها الشرعي . د. محمد حيدرة علي مسدوس. صادرة عن دار عبادي للدراسات والنشر – الطبعة الثانية 2012م

4- الحرية السياسية واثرها على التحول الديمقراطي في اليمن 1990م – 2011م. بحث مقدم من قبل الطالب الخضر علي محمد القفيش لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية جامعة النيلين السودان.

5- مجموعة اوراق بحثية مقدمة الى عدد من الندوات والحلقات النقاشية حول القضية الجنوبية.

6- القضية الجنوبية بين الرواية والدراية أ.طاهر شمسان – كتاب تحت الطبع.

7- حل القضية الجنوبية :استعادة الدولة في الجنوب مع نشر الديمقراطية باتريك كريجر – معهد العلاقات الدولية – برمنجهام – المملكة المتحدة – 24/4/2011م.

8- “مركز دراسات مؤسسة الأهرام المصرية” بحث عن الحرب الاهلية في اليمن 1994 نشر في 1994م.

9- مقال عادل الحمادي في صحيفة الديار في يونيو 2009م.

10- “بمناسبة الذكرى الخامسة للوحدة اليمنية: جناية الفوريين الاندماجيين على التقدم والديمقراطية والوحدة”- سلسلة مقالات من 1الى 9- بقلم الدكتور ابوبكر السقاف- صحيفة الأيام -12 يوليو 1995م.

11- صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية- تقرير للكاتب بيتر سالزبوري 8/3/2013م.

12- “اليمن: القتل خارج نطاق القانون ضد أبناء الجنوب” دراسة اعدها عوض علي حيدره وسليمان عوض حيدرة 2013.

13- رويترز و وكالة الانباء الفرنسية.

14- منضمة العفو الدولية.

15- منضمة مراقبة حقوق الانسان.

الملاحق:

1. خارطة اليمن الديمقراطية .

2. خارطة الجمهورية اليمنية.

3. وثيقة استقلال الجنوب العربي.

4. اتفاقية اعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية

محلق رقم 1

خريطة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية

ملحق رقم 1

محلق رقم 2

خريطة الجمهورية العربية اليمنية

ملحق رقم 2

محلق رقم 3

اتفاقية جنيف لاستقلال الجنوب العربي

فيما يلي اتفاقيه جنيف الموقعة في ظهيرة 29نوفمبر 1967م وتضمنت الموضوعات التي اتفق عليها وفد المملكة المتحدة ووفد الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل, وفيما يلي نصوصها:

1. يحصل الجنوب العربي على الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م ويُشار إلى هذا اليوم فيما يلي بيوم الاستقلال.

2. تنشأ في يوم الاستقلال دولة مستقله ذات سيادة تعرف بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وذلك بإدارة رسمية من قبل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن بصفتها ممثله لشعب منطقة الجمهورية وتقام حكومة للجمهورية.

3. تقوم حكومة صاحبة الجلالة بالخطوات اللازمة لإنهاء سيادة أو حماية أو سلطات حكومة صاحبة الجلالة وحقها في الحكم و التشريع – أياً كان الحال – في منطق جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

4. سوف تعترف حكومة صاحبة الجلالة بجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية إبتداءً من يوم الاستقلال, وسيقوم بين حكومة صاحبة الجلال وجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية تبدل دبلوماسي كامل ابتداء من يوم الاستقلال وتقوم الحكومتان بتعيين سفراء بأسرع ما يمكن بينما بعثات دبلوماسية ابتداء من يوم الاستقلال حتى يتم تعيين السفراء وحتى تنضم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية إلى ميثاق جنيف عام 1961م, وتخضع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين للقانون الدولي التقليدي وتطبيقاته العملية وبعد ذلك تخضع العلاقات الدبلوماسية للميثاق رهناً بأية احتياجات أو تحفظات يتفق عليها الطرفان.

5. تترك لحكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية حرية طلب الانضمام لعضوية الأمم المتحدة, وسوف يسر حكومة صاحبة الجلالة أن تتبنى أي طلب للعضوية يُقدَّم إلى الأمم المتحدة إذا رغبت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في ذلك.

6. لن تتحمل المملكة ابتداء من يوم الاستقلال وفيما بعده أية مسؤولية دولية عن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ومنطقتها, وسوف تكون الجمهورية مسؤولة دولياً مسؤولية كاملة عن منطقتها و عن الحقوق والالتزامات الدولية المتعلقة بالجمهورية ومنطقتها.

7. كل المعاهدات و الوثائق التي تتضمن التزامات دولية سوف تشتمل في إعلان تصدره حكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية, كما سيلزمها توجيه خطاب إلى السكرتير العام للأمم المتحدة يوضح آراءها حيال تسلمها الالتزامات الدولية.

8. سوف ينتهي مفعول أية معاهدات و اتفاقيات و امتيازات ممنوحة (كامتياز ملاحة أو تنقيب … إلخ و أية ترتيبات أخرى قائمة حتى يوم الاستقلال بين التاج أو ممثلية من جهة وبين حكومات أخرى أو حكام أو سلطات أخرى في مختلف أجزاء منطقة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية من جهة خرى أخرى وذلك بدءا من يوم الاستقلال.

9. تحصل جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ابتداء من يوم الاستقلال على كافة الحقوق الإقليمية المسندة إلى التاج أو ممثلية أو التي يدّعيها التاج أو ممثلية أو يدّعيها حكام أو حكومات أو أية سلطات أخرى في مختلف أنحاء منطقة الجمهورية.

10. كل النصوص القانونية السارية المفعول في منطقة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أو في أي جزء من تلك المنطقة قبل يوم الاستقلال مباشرة تظل سارية المفعول ما لم تتناقض مع قيام الجمهورية أو أي تصرف تقوم به سلطة مؤهله من سلطات الجمهورية في يوم الاستقلال أو فيما بعد ذلك اليوم حيال منطقة الجمهورية.

11. ستقوم حكومة صاحبة الجلالة باتخاذ اللازم قبل يوم الاستقلال بالإلغاء الأوامر الصادرة عن المجلس الملكي التي تكون لها صبغة دستورية و التي تكون سارية المفعول في منطقة الجمهورية أو أي جزءٍ منها بفعل أمر صادر عن المجلس الملكي مع الاحتياطات اللازمة لضمان صيانة القانون العام.

12. كل حقوق ومطلوبات و التزامات التاج أو ممثلية أو أية حكومة أخرى في المنطقة ظلت قائمة في منطقة الجمهورية حتى يوم الاستقلال تصبح في يوم الاستقلال حقوقاً ومطلوبات و التزامات تخص الجمهورية و ذلك دون المساس بحق حكومة الجمهورية – الذي لا سبيل إلى إنكاره – في إعادة النظر في المستقبل في تلك الأمور و اتخاذ ما تراه مناسباً إزاءها.

13. كل المصالح المتعلقة بالأراضي و الممتلكات و الموجودات الأخرى في منطقة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية تكون في حوزة التاج أو من ينوب عنة يوم الاستقلال مباشرة لأغراض حكومية المناطق التي ستكون جزءاً من الجمهورية, أو كما يكون الحال لأغراض مباشرة سلطة صاحبة الجلالة في المناطق المذكورة, وأي مصالح تتعلق بالأراضي في تلك المناطق تكون في حوزة التاج قبل يوم الاستقلال مباشرة, أو في حوزة من ينوب عنة لأغراض خاصة بالقوات المسلحة للمملكة المتحدة, كل تلك المصالح آنفة الذكر يجب ابتداء من يوم الاستقلال أن تؤول إلى الجمهورية كما تؤول إليها كل الحقوق والالتزامات و المطلوبات المتعلقة تلك المصالح, وذلك دون المساس بإعادة النظر فيها و ما يترتب على ذلك من تصرفات تقوم بها حكومة الجمهورية حيال أية ترتيبات سبقت يوم الاستقلال, مع احترام مدة حيازة الأراضي المستخدمة لأغراض دبلوماسية أو قنصلية أو أغراض أخرى.

14. ستتشاور كل من حكومة صاحبة الجلالة وحكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية معاً بصدد مسائل الجنسية الناشئة عن استقلال الجمهورية قبل أن تتخذ حكومة صاحبة الجلالة خطوة لتجريد المواطنين في المملكة المتحدة أو المستعمرات من مواطنة المملكة المتحدة أو المستعمرات بحكم صلتهم بمنطقة الجمهورية.

15. ستسلم حكومة صاحبة الجلالة إلى حكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أيه وثائق وتقارير ودراسات وخرائط تتصل بمنطقة الجمهورية تستطيع حكومة صاحبة الجلالة تسليمها, وسوف تجرى المشاورات التي من شأنها أن تؤدي إلى أنسب الوسائل لإنجاز هذه المهمة بين الحكومتين, وسوف تزود حكومة صاحبة الجلالة حكومة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بكل ما يتوفر لديها و لم يسبق حوزته لدى حكومة الجمهورية مما يتعلق بالبت في الحقائق المتصلة بحدود الجمهورية.

16. نظراً لضيق الوقت تجري المباحثات الخاصة بالخدمة العامة و المعاشات في تاريخ مبكر بعد الاستقلال.

17. نظراً لضيق الوقت تؤجل المباحثات الخاصة بالديون المستحقة لحكومة صاحبة الجلالة و الديون العامة المستحقة على مناطق الجمهورية و الباقية حتى يوم الاستقلال, وتنظر في مفاوضات مستقلة في تاريخ مبكر بعد الاستقلال.

وقع عن الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل :

قحطان محمد الشعبي

وقع عن المملكة المتحدة :

لورد / أو.بي. شاكلتون – وزير بلا وزارة

هارولد بيلي – عضو الوفد

محلق رقم 4

اتفاقية اعلان الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية
ملحق رقم 4

ملحق 4

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com