أهم مخرجات مؤتمر التصدي للفتن الطائفية بصنعاء: تجريم التكفير ورفض التدخلات الأمريكية والأجنبية في بلادنا وأدانة قطع الطرقات وعطلة السبت والتهديدات على سوريا
اختتمت في العاصمة صنعاء يومنا هذا فعاليات مؤتمر التصدي للفتن الطائفية الذي نظمته رابطة علماء اليمن تحت شعار انما المؤمنون إخوة .. حيث استمر ليومين عقدت خلالهما العديد من الجلسات شهدت وقدمت العديد من النقاشات والمحاور والاوراق والمراجعات والاقتراحات والتوصيات وجاءت الجلسة الختامية بقرارات وتوصيات عبرت عن ادراك العلماء والمفكرين
لخطورة المرحلة الراهنة وما تواجهه من مؤامرات وتحديات خارجية تستغل التنوع الفكري والثقافي والجغرافي بالمنطقة لزرع الخلاف والفرقة وتفكيك قيم التسامح والتراحم وروابط الأخوة، يأتي “مؤتمر التصدي للفتن الطائفية والمذهبية” الذي دعت إليه ونظمته رابطة علماء اليمن تحت شعار (إنما المؤمنون إخوة)، واستجاب له العلماء من جميع محافظات الجمهورية ومن مختلف المذاهب الإسلامية تلبية لنداء الاعتصام بحبل الله..,
وكانت الجلسة الختامية قد افتتحت صباح يومنا هذا الأحد الموافق 15/9/2013م بجدول أعمال الجلسة الثالثة لمؤتمر التصدي للفتن الطائفية والمذهبية الذي تنظمه رابطة علماء اليمن، برئاسة العلامة شمس الدين شرف الدين رئيس رابطة علماء اليمن، والتي ألقيت فيها عدد من أوراق العمل وبعض الكلمات والمداخلات، وكذا تشكيل لجنة من العلماء لصياغة البيان الختامي.
والقى الشيخ عبدالفتاح اليافعي كلمة تحدث فيها عن التعايش والتسامح في الاسلام، مذكراً بالنصوص القرآنية الكريمة والسنة النبوية الشريفة التي تدعو إلى مبادئ التعايش وقيم التسامح بين أفراد المجتمع المسلم، ومؤكداً بأن تطور ونماء هذا المجتمع لا يقوم إلا بناء على إحياء وامتثال تلك المبادئ والقيم العظيمة.
وتحدث العلامة عبدالله حمود العزيفي في ورقته التي جاءت بعنوان (التسامح المذهبي في اليمن) عن تاريخ المذاهب اليمنية وتحديداً المذهبين الزيدي والشافعي وكيف تعايشا جنباً إلى جنب بكل احترام بعيداً عن التجاذبات والصراعات التي تحكمها العصبية المقيتة، ومستشهداً بما وصل إليه حال المسلمين اليوم في ظل غياب قيم التسامح التي جاءت في نصوص شرعية قطعية من حيث الثبوت ومن حيث الدلالة، مقابل انتشار العصبية الحزبية والطائفية والمذهبية التي عصفت بأبناء الأمة وجعلتهم متفرقين ومستضعفين، داعياً إلى الرجوع إلى قيم ديننا الحنيف وروح الإسلام ومقاصده السمحة.
كما اقترح العلامة العزي في ورقته عدة وسائل لتحقيق الوحدة بين المسلمين ومعالجة النعرات الطائفية والمذهبية، منها: رفض خطاب الشحن الطائفي، وتطوير أطر ومبادرات التلاقي والتفاهم، ومصياغة وثيقة تفاهم بين المذاهب الإسلامية، وتشجيع التواصل العلمي والموضوعي والحوار بين المسلمين، وتنقية مناهج التربية والتعليم من الناصر التي تزرع الكراهية وتبث الفرقة والفتنة بين المسلمين، وأخيراً بناء ثقافة وطنية جديدة تقوم على الوحدة واحترام التعدد والتنوع البناء والهادف.
وألقى العديد من العلماء المشاركين ببعض الكلمات والمداخلات التعقيبية على أوراق العمل في هذه الجلسة، والتي تضمنت العديد من المقترحات والحلول للمشاكل التي تعترض الأمة الإسلامية وفي مقدمتها الفتنة الطائفية والمذهبية،
ثم قدم العلامة الدكتور إسماعيل بن إبراهيم الوزير الى المؤتمرين مشروع البيان الختامي، والذي تضمن الاتي :
– عدم تجويز تكفير المسلمين واستخدامه كوسيلة للتناحر والقتل،
– الدعوة لتضمين الدستور الجديد والقوانين ذات العلاقة نصوصاً تجرم وتعاقب على فتاوى التكفير باعتبار أن تكفير أي مسلم لا يجوز التصدي له إلا بحكم قضائي بات صادر وفقاً لإجراءات المحاكمة العادلة،
– أدانة انتهاك السيادة الوطنية والتدخلات الأمريكية بالطائرات بدون طيار التي تقتل اليمنيين خارج الشرع والقانون،
– رفض التهديدات الأمريكية بالاعتداء على الدول العربية والإسلامية ومنها مؤخراً الجمهورية السورية.
وكانت رابطة علماء اليمن قد افتتحت صباح يوم أمس السبت 14 سبتمبر 2013م “مؤتمر التصدي للفتن الطائفية والمذهبية”، تحت شعار (إنما المؤمنون أخوة)، في صالة نادي ضباط الشرطة بصنعاء، والذي شارك فيه جمع غفير من العلماء ومشائخ الدين وأساتذة الجامعات وخطباء المساجد من مختلف المذاهب الإسلامية في محافظات الجمهورية ومنها: عدن وحضرموت وتعز والحديدة وذمار وحجة وصعدة وصنعاء وغيرها.
حيث وزعت الدعوات لأكثر من ثلاثمائة شخصية علمية ومشائخية وأكاديمية من جميع محافظات الجمهورية دون استثناء، غير أن مشائخ السلفية والأخوان المسلمين في حزب التجمع اليمني للإصلاح وحزب الرشاد لم يتمكنوا من الحضور لأسباب لا نعلمها حتى كتابة هذا التقرير وفي مقدمتهم الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني.
وفي حفل الافتتاح الذي بدء بآي من الذكر الحكيم تلاها فضيلة الشيخ المقرئ يحيى أحمد الحليلي ألقى أمين عام رابطة علماء اليمن العلامة عبدالسلام عباس الوجيه كلمة ترحيبية بالضيوف الحاضرين والمشاركين في المؤتمر ثم قرأ رسالة قيمة وجهها للمؤتمرين السيد العلامة محمد بن محمد المطاع أكد فيها أن الخلاف في وجهات النظر علاجه في نقاشه في دائرة العلماء، كما أكد على ضرورة عدم السكوت عن استباحة سماء اليمن وارضه وبحاره وعلى القتال والتوترات وسفك الدماء، وأكد أن الفتاوى الفردية من هنا وهناك تشكل إرباكاَ في المجتمع، وضرورة أن يشكل العلماء مجلساً للإفتاء من كل المحافظات وينتخبون لهم رائيساً ونائباً، ووجوب ألا يغض العلماء الطرف عما يجري في لجنة الحوار الوطني.
كما شارك العلامة الشيخ الحبيب عمر بن حفيظ في هذا المؤتمر بكلمة ألقاها نيابة عنه ولده الشيخ سالم بن عمر بن حفيظ، وتطرق فيها إلى ضرورة التعايش والتسامح بين أبناء الأمة الواحدة، ومحذراً من خطورة الفتن الطائفية وآثارها على النسيج الاجتماعي للأمة الإسلامية.
رئيس رابطة علماء اليمن العلامة شمس الدين شرف الدين ألقى كلمة في حفل الافتتاح شدد فيها على ضرورة توحيد الصف وجمع الكلمة والموقف، مشيراً إلى أن فكرة إنشاء الرابطة جاءت لتكرس التوحد لا الانقسام ولتكون همزة وصل بين جميع علماء اليمن، ومؤكداً بأن اليمن أهل لتحمل المسؤولية وأهلها مقدرون لحجم الأخطار والمؤامرات التي تحاك ضد بلدهم خاصة والأمة العربية والإسلامية عامة، مستشهداً بما يمر به العراق وسوريا من قتل وسفك للدماء وتربص بالسيارات المفخخة والأحزمة والعبوات الناسفة التي تستهدف الأبرياء وحتى المصلين في دور العبادة.
ودعا شرف الدين العلماء وولاة الأمر أن يسعوا جميعاً إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ خطاب العنف والعداء فيما بينهم وتوجيه بوصلة العداء نحو عدوهم الحقيقي المتجذرة عداوته في عمق التاريخ والمستمرة حتى الآن.
وكان المشاركون بالمؤتمر استهلوا -بعد فترة الاستراحة- جدول عمل الجلسة الأولى التي تضمنت إلقاء عدد من أوراق العمل المعدة من قبل العلماء المتخصصين الذين قاموا بقراءة خلاصات أوراقهم على القاعة وطرحها للنقاش، حيث اختتمت الجلسة الأولى بعدد من المداخلات والنقاشات التي أكدت على ضرورة توحيد صف اليمنيين ونبذ الفرقة وعدم الانجرار وراء الدعوات الطائفية الهادفة إلى تمزيق الأمة.
وكان أبرز ما طرح في الجلسة الأولى دعوة الشيخ العلامة سهل بن عقيل إلى ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وكذا المقترح المقدم من العلامة حسن عجلان النعمي في ورقته التي تحمل عنوان (الطائفية والحلول)، والذي دعا فيه إلى تشكيل لجنة دائمة للتفاهم بين المذاهب الاسلامية في اليمن، تخضع لعدد من المعايير والأسس المتفق عليها بحسب ما جاء في ورقته.
وبعد رفع أعمال الجلسة الأولى برئاسة العلامة الدكتور إسماعيل بن إبراهيم الوزير، انطلق المشاركون إلى قاعة الأقمار –شمال العاصمة صنعاء- لأداء الصلاة وتناول طعام الغداء، وفي تمام الساعة الرابعة من مساء يوم أمس السبت بدأت الجلسة الثانية في قاعة الأقمار برئاسة العلامة القاضي أحمد عبدالله عقبات، حيث ألقيت عدد من أوراق العمل والكلمات والمداخلات.
ففي كلمته أقترح العلامة يحيى الخطيب قيام المؤتمر بإدانة التدخلات الأجنبية في البلاد وتأييد كل من يعمل على مقاومتها ورفضها، مؤكداً بأن على العلماء القيام بدورهم في إرشاد الأمة وإخراجها من دائرة الاستهداف والتآمر الخارجي.
وفي كلمته أكد الشيخ عبدالعزيز السقاف على حرمة دم المسلم وتجريم الاقتتال والعنف بين المسلمين، مشيراً إلى أن مبادئ الحرية والعدالة جاء بها رسول الله (ص) وأن الدول الغربية استفادت من قيم الاسلام إلا أنها أعادت صياغتها وحولتها لنظريات خاصة أعادت تسويقها وتقديمها للمسلمين الذين وصمتهم بالإرهاب..
العلامة الدكتور إسماعيل إبراهيم الوزير ألقى ورقة بعنوان (الاختلاف.. الأسباب والآثار والمعالجات) تطرق فيها إلى أسباب الاختلاف بين المسلمين معتبراً أن التعدد والتنوع بين المسلمين هو أحد أهم مصادر القوة لديهم، ومحدداً مشكلة الأمة في أمرين هما: استبداد الرؤساء بالحكم واستعلاء اليهود في الارض، مؤكداً على أن الأرضية التي يعمل فيها المستبدون واليهود هي أرضية الجهل، ومشيراً إلى أن الإسلام هو دين التراحم والمحبة والأخوة والتكافل والترابط، وأن الفتن هي أدوات وأساليب سياسية يختلقها المستبدون بالإنسانية [حكاما ويهودا] للاستئثار بالمال والسلطة.
الشيخ جميل الربيدي ألقى كلمة عن الوسيطة والاعتدال، قال فيها بأن أول خطوة للإئتلاف هو تفهم الاختلاف، وأن اختلاف العلماء هو اختلاف أفهام وعقول وليس اختلاف قلوب، مشيراً إلى أن منهج الوسطية والاعتدال هو منهج القرآن والنبي والآل والأصحاب، وأن هذا المنهج يقتضي المحافظة والموازنة فيما بين محبة أهل البيت وفضل الصحابة رضوان الله عليهم، واختتم كلمته بقوله: “كيف نفسد حاضرنا بما حصل في ماضينا”.
وفي كلمته حول التطرف والإرهاب أكد الشيخ مختار الضالعي على ضرورة الوسطية والاعتدال، مستدركاً بأن ليس من الوسطية والاعتدال التهاون والصمت تجاه أعمال المتطرفين والتكفيريين الذين يحركهم الأعداء والكفار، قائلاً بأن “البدء بالتكفير ينتهي إلى التفجير”، مشيراً إلى أن مواجهة التطرف والتكفير هو من مهام العلماء والدولة، وليس من مهام الخارج الذي ينتهك سيادة اليمن، وقال بأن العلماء المسلمين أحرص على شباب الأمة الإسلامية في الشرق والغرب من أمريكا وبريطانيا ومن أولئك الذين يستغلونهم في مشروع التطرف والإرهاب وأعمال التكفير والتفجير.
هذا وقد تليت بعض الرسائل الموجهة للمؤتمر من بعض كبار العلماء والمشائخ الذين عجزوا عن الحضور والمشاركة، عبروا فيها عن مباركتهم ودعمهم لأعمال هذا المؤتمر، واعتذروا عن الحضور والمشاركة لأسباب صحية.
وكان العلماء المجتمعون في نهاية الجلسة الختامية ظهر اليوم قد صوتوا على إقرار البيان الختامي بالإجماع، والذي أعدته لجنة الصياغة المتخبة من اعضاء المؤتمر وتلاه العلامة الدكتور إسماعيل الوزير، وفيما يلي نص البيان:
“بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) والقائل: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) والقائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) والصلاة والسلام على من جمع الله به الكلمة، وأصلح به أمر الأمة، وكشف به الغمة المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه الغر الميامين.
وبعد:
فانطلاقاً من وحي القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين واستشعاراً لروح المسئولية، وطمعاً في ثواب ما وعد الله المتقين، وخوفاً من وعيده وعقابه، ونظراً لما تَمُرُّ به الأمة الإسلامية عامة واليمن خاصة من مِحَنٍ وفِتَن ومخاطر أهمها إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية بقصد تمزيق الأمة وضرب بعضها ببعض – خصوصاً مع استفحال الجهل والأمية – وتعكير صفو حياتها وبَثّ الرعب والقلق في قلوب أبنائها، وإيجاد الاختلالات الأمنية، والتدخلات الخارجية وانتهاك سيادة اليمن جواً وبراً وبحراً من قِبَل مَنْ نهانا الله عن موالاتهم والركون إليهم، وظهور ظاهرة الاغتيالات، والقتل خارج الشرع والقانون؛ وعملاً بقوله تعالى: ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) وقوله عزّ وجل: ((لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)) وحرصاً على جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم تجاه المخاطر المُحْدِقة بهم؛ وقياماً بالواجب الذي كلّف الله به عباده المؤمنين لا سيما العلماء منهم فقد اجتمع الجمّ الغفير من العلماء من كُلِّ جهات اليمن في مؤتمر دَعَتْ إليه رابطة علماء اليمن للتصدي للمشاريع المدمرة والهدامة وحيث أوجب الله على العلماء البيان للأمة بقوله تعالى ((لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ)) ولقوله تعالى ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)) فقد ناقش المؤتمر كثيراً من المسائل الهامة وقضايا الساعة، وتَوَصّل المؤتمرون إلى إقرار النتائج التوصيات الآتية:
1- السعي إلى الوحدة الإسلامية، وحدة القلوب والجهود وحدة الحاضر والمصير، وبث روح التسامح والتراحم بين الناس، والتزام الأمن والسلم الاجتماعي لأفراد الأمة والاعتداد به مطلباً دينياً وواجباً شرعياً، ولا يجوز تجاوز هذه المعاني ولا التفريط فيها، بل يجب التمسك بها والحفاظ عليها عقيدة وسلوكا ومنهج حياة؛ لقوله تعالى: ((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
2- كُلّ من شهد الشهادتين، ولم يظهر منه ما يخرم هذا العهد والميثاق، خرقاً ظاهراً لا يقبل التأويل فهو مسلم ، سواء كان من السنة أو من الشيعة، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته). وما وراء ذلك فهو اختلاف يمكن تجاوزه، وليعذر المسلمون بعضهم بعضا فيه، امتثالا لنداء الوحدة الإسلامية، ومراعاة للأخوّة الدينية، وانسجاما مع ضرورات التعايش السلمي.
3- لا يجوز لأحد أن يطلق كلمة الكفر على أحد من المسلمين إلا بموجب حكم قضائي عادل؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما)؛ ولما يترتب على ذلك من استباحة الدماء والأموال والأعراض ؛ ولذلك يوصي المؤتمرون السلطة بتضمين الدستور نصوصاً تجرم التكفير.
4- دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرامٌ عليهم فلا يجوز قتل الإنسان عمداً وعدواناً، ولا هتك عرضه، ولا استباحة ماله، ولا التحريض على ذلك فضلاً عن المسلم ولو بشقِّ كلمة، لقوله تعالى: ((أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)) ولقوله: ((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)) ، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.. ألا هل بلغت”، ولقوله صلى الله عليه واله وسلم: “من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة بعث يوم القيامة مكتوبا بين عينيه: آيس من رحمة الله”.
5- التأكيد على حرمة المساجد وروّادها، فلا يجوز الاعتداء عليها، ولا على من ارتادها بأي بشكل من الأشكال، ولا يجوز اتخاذها منطلقاً لدعوات التفرقة والتعصب، ويؤكد المشاركون على وجوب تجديد وتطوير الخطاب الإسلامي أسلوباً ومنهجاً بما يخدم مشروع الأمة وقضاياها الكبرى ومستقبلها الحضاري، ويمثل وسطية الإسلام كما أراده الله، ويتصدّى للحملات العدوانية المتكررة على الإسلام وأهله.
6- يدين المؤتمرون ويحذرون من العبث بدماء وأرواح الأبرياء والقتل خارج إطار الشرع عبر التفجيرات بالسيارات المفخّخة والأحزمة والعبوات الناسفة وغيرها.
7- التأكيد على ترسيخ مفهوم الاحترام المتبادل بين علماء المذاهب الإسلامية المختلفة وأتباعها، والتأكيد على أن الجرائم التي ترتكب نتيجة الاختلاف المذهبي أو الطائفي من أنواع الفساد في الأرض الذي نهى الله عنه في قوله تعالى ((وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ))، وقوله عزّ وجل: ((وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ))، ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)).
8- تعظيم واحترام علماء الأمة لما لهم من ريادة متسمة بالخير والرحمة والاعتدال بعيداً عن التعصب المقيت والتقليد الأعمى، والتأكيد على دورهم في إشاعة تعاليم الإسلام من خلال تفعيل دور المساجد لهداية الأمة، وعقد حلقات العلم النافع لتدريس العلوم الشرعية، وإشاعة ثقافة الألفة والمحبة والنصح بعيداً عن ثقافة البغضاء والكراهية والأحكام المسبقة.
9- الصلح بين أبناء هذه الأمة والجنوح إلى الحوار والسلم في ما ينشأ بينهم من اختلافات خيرٌ وأحبُّ إلى الله تعالى، القائل: ((وَالصُّلْحُ خَيْرٌ))، والقائل عز من قائل: ((لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً))، و يدعو علماء اليمن جميع فئات الشعب إلى التصالح والتسامح وتغليب صوت العقل والرحمة والسداد والمصلحة العامة على ما سواها، وإلى الجلوس إلى طاولة الحوار لحل مسائل الخلاف صوناً للدماء والأموال والأعراض.
10- يدعو المؤتمرون الحكومة إلى سرعة إعادة بناء ما دمّرته الحروب وتعويض كافة الأضرار والمتضررين جراء ذلك في جميع أنحاء اليمن.
11- يدعو المؤتمرون إلى الحفاظ على أمن الوطن واستقراره والحفاظ على منجزاته ومقدراته وخيراته وثرواته، ورد ظلامة المظلومين وإعطاء كل ذي حقٍّ حقّه، بما يحقق العدل ويزيل جميع المظالم.
12- التأكيد على الدور الإيجابي للوسائل الإعلامية المختلفة الحكومية منها والأهلية والتحذير من الأدوار المشبوهة التي تدعو إلى الفتنة وتُؤسِّس للقتل والوحشية؛ ولهذا يدعو المؤتمرون السلطة إلى مراجعة أداء الوسائل الإعلامية في هذا الصدد، سواء تلك الوسائل المملوكة لها أو التي في نطاق سلطتها، كما يُؤكِّد العلماء على دور الأسرة وكل المؤسسات التربوية ومنابر الوعظ والإرشاد والكتَّاب والشعراء والأدباء في ترسيخ قيم المحبة والأخوة والتعايش السلمي بين جميع أفراد الأمة، وخدمة قضايا الأمة والحفاظ على هويتها والتحلي بالجدية والواقعية والمصداقية.
13- التنبيه إلى أنّ أعداء الأمة الإسلامية عمدوا إلى تغذية واستثمار الخلافات الإسلامية الإسلامية في اتخاذها مادة للشقاق والنزاع بين المسلمين وتضخيمها وإنتاجها إعلاميا وسياسيا في غير صورتها المتسامح فيها لإدخال المسلمين في صراعات جانبية إلهاءً لهم عن قضاياهم الأساسية، وفي مقدمتها “قضية فلسطين” وتحرير كامل الأرض العربية والإسلامية المغتصبة، واسترداد حقوقهم؛ ولهذا يدعو العلماء كافة المسلمين في بلاد الإسلام عموماً وفي اليمن خصوصا إلى نبذ الفرقة والشتات وجمع الصف ورأب الصدع للقيام بواجبهم نحو قضاياهم الأساسية وترك العداء فيما بينهم وتوجيه جهودهم وطاقاتهم نحو مواجهة عدوهم الحقيقي المتربص بهم، والذي لا ينفك عن سفك الدم الفلسطيني والانتهاك المستمر للمقدسات الإسلامية وتهويدها.
14- يدين المؤتمرون كل التدخلات السافرة في شؤون اليمن، كما يدينون انتهاك سيادته أرضاً وجواً وبحراً، ويدينون عمليات القتل الممنهج لأبناء اليمن عبر الطائرات الأمريكية خارج إطار الشرع والقانون، ويدعون القيادة السياسية والحكومة إلى الحفاظ على سيادته وكرامته واستقلاله.
15- يدين المؤتمرون ظاهرة قطع الطُّرُق وتخويف وقتل المسافرين الآمنين، وعمليات الاختطاف وتفجير أنابيب النفط والغاز، وإتلاف أبراج وأسلاك الكهرباء، والاغتيالات شبه اليومية ويدعون رئاسة الدولة والحكومة للقيام بواجبهم للعمل على منع حدوث ذلك مُجَدّداً والسعي إلى توفير الأمن والاستقرار، ومعاقبة كل من يسعى لزعزعة أمْن البلد واستقراره، واستهداف مقدراته، وتقديم الجناة للمحاكمة.
16- يؤكد المؤتمرون على رفضهم تهديدات الإدارة الأمريكية وحلفائها بضرب سوريا والتدخل العسكري في شؤونها، ويعتبرون ما جرى من استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين الأبرياء في سوريا جريمة نكراء، ويدعون جميع أطراف الشعب السوري إلى الجلوس إلى طاولة الحوار وتغليب مصلحة سوريا وتجنيبها المزيد من الخراب والدمار وإزهاق الأرواح، كما يرفضون أي تدخل خارجي في شؤون المسلمين.
17- العمل على تفعيل برامج التقريب بين المذاهب الإسلامية على النحو الذي يحفظ لكلٍّ خصوصياته وقناعاته، ويُؤسِّس لشراكة حضارية إسلامية واقعية، ويرسخ ثقافة التعايش السلمي والأخوة بتغليب الرابطة الإسلامية على الروابط الأخرى، ويدعون إلى الابتعاد عن أجواء الخلافات السياسية المقيتة وأثرها السيء على العلاقات الأخوية والاجتماعية والدينية بين المسلمين وعلمائهم جميعا.
18- يهيب المشاركون في المؤتمر بالحكومة ضرورة إعادة النظر والتراجع عن قرارها بخصوص استبدال عطلة يوم الخميس بيوم السبت لما في ذلك من التشبه باليهود واتباعهم، وقد أُمرنا بمخالفتهم وإن كان ولا بد من التعطيل يوم السبت على أنه لا مبرر لذلك فليتم حصر ذلك بالمصارف والبنوك التجارية لارتباط أعمالها بالبنوك العالمية.
19- يدعو المؤتمرون الحكومة إلى العمل على مراجعة المناهج الدراسية وتنقيتها وتهذيبها من لغة التكفير والتفسيق والتضليل أو ما يوحي بها بأي شكل من الأشكال، ووجوب تضمينها لأرآء المذاهب المعروفة في اليمن، وعدم حصرها في رأي مذهب معين أو اتجاه ديني معين كما هو حاصل في المناهج الحالية، وكذا إشاعة روح التسامح واحترام الآخر وثقافة التنوع والتعدد في تلك المناهج.
20- يدعو المؤتمرون إلى تشكيل لجنة مصالحة وطنية لحل القضايا والاشكاليات التي يمكن أن تنشأ بين الأطراف المتعددة في اليمن ومن هذا المنطلق يؤكد المؤتمرون على أهمية مؤتمر الحوار الوطني ويدعون إلى أن يكون أكثر شفافية ومصداقية لحل قضايا المواطنين بما يعود عليهم بالخير والأمن ورفع مستوى معيشتهم.
وختاماً؛ يتوجه المؤتمرون بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لرابطة علماء اليمن على جهودها ويدعونها إلى الاستمرار في إقامة مثل هذه الفعاليات التي تعالج شؤون المجتمع.
وفّق الله المسلمين لما فيه الخير والصلاح والرفعة في الدنيا والآخرة وجمع كلمتهم ووحد صفهم ونصرهم على من عاداهم ووفقهم إلى كل خير، وسدّدهم للموقف القوي الحكيم، وللقول الفصل الكريم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
صادر عن مؤتمر التصدي للفتن الطائفية والمذهبية – رابطة علماء اليمن بصنعاء
بتاريخ 9 ذي القعدة الحرام 1434هـ، الموافق 15/9/ 2013م”.