عملية رامون تكشف تفوقًا تقنيًا يمنيًا في الطائرات الشبحية
يمني برس | تشكّل العملية العسكرية اليمنية التي استهدفت مطار رامون في جنوب فلسطين المحتلة محطة مفصلية في مسار الصراع المفتوح بين اليمن والكيان الصهيوني، لا سيما وأنها تحوّل إلى رسالة مركّبة تحمل أبعاداً سياسية وعسكرية واستراتيجية بعيدة المدى.
ووجّه هذا الاستهداف إنذاراً استراتيجياً للعدو مفاده أن اليمن قادر على تعطيل ممراته الجوية والبحرية الحيوية، بما يضاعف التكاليف الاقتصادية والأمنية، وهو ما يضع الكيان المؤقت أمام تحديات كبرى وصعبة.
وتتضح أهمية هذه العملية النوعية من خلال الوقوف عند ثلاثة مستويات رئيسية لفهم دلالات العملية: الزاوية العسكرية، الدلالات السياسية، والدلالات الاستراتيجية طويلة المدى.
الدلالات السياسية والعسكرية:
فمن ناحية الدلالات العسكرية فقد فشلت منظومة الدفاع الجوي للعدو الإسرائيلي في التصدي للهجوم اليمني عبر طائرات مسيرة استهدفت مطار رامون وهو ما يثير مجالاً واسعاً للتساؤلات حول فعالية شبكة الدفاع الجوي للكيان المؤقت الذي يمتلك القبة الحديدية ومنظومات رصد ورادارات بعيدة المدى، أثبتت مرة أخرى هشاشتها أمام العمليات اليمنية وطائراتها، بالإضافة إلى أنها تعكس تطورات نوعية حققها اليمن فيما تعرف بالقدرات الشبحية التي قلصت من البصمة الرادارية للمسيرات اليمنية.
يُعد مطار رامون الخيار الاحتياطي للكيان المؤقت بعد تعطّل مطار اللد، المعروف صهيونيًا باسم “بن غوريون”، نتيجة العمليات العسكرية اليمنية الإسنادية لغزة، ومن هنا، فإن استهداف هذا المطار يبعث برسالة استراتيجية مفادها أن اليمن قادر على شلّ الممرات الجوية الحيوية، ليجد العدو الإسرائيلي نفسه أمام معضلة كبرى: فإذا خرج مطارا اللد ورامون عن الخدمة معًا، فإن حركة الطيران المدني والعسكري للعدو ستصاب بالشلل التام، الأمر الذي يضاعف الكلفة الاقتصادية ويكشف زيف أسطورة الأمن التي يروّج لها العدو أمام العالم.
وتحولت اليمن إلى قوة فاعلة عابرة للحدود، في إنجاز وصفه الخبراء بالمذهل، حيث تمكنت القوات المسلحة اليمنية من تحقيق معادلة ردع متوازن في مواجهة العدو الصهيوني والأمريكي، لتتقدم بذلك إلى الصفوف الأولى في معركة الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية.
في جانب الدلالات السياسية فإن العملية اليمنية الأخيرة التي استهدفت مطار رامون حملت رسالة غاية في الأهمية والتي تمثلت في أن أي اعتداء على صهيوني على اليمن سيقابل برد أكبر سيترجم إلى عمليات عسكرية نوعية داخل عمق الكيان
وتقدم اليمن إلى قلب المعركة الكبرى مع العدو الصهيوني التي فجرها طوفان الأقصى وأصبح عمود رئيسًا في المواجهة والمعركة حيت أن استهداف مطار رامون تأكيد أخر على أن اليمنيين باتو في رأس صلب جبهة إقليمية ضد الاحتلال، إلى جانب حركات المقاومة الفلسطينية.
ويشكل اليمن في الوقت الحالي تهديد كبير للعدو الإسرائيلي لا سيما بعد الحصار اليمني المفروض على الملاحة الصهيونية والسفن التابعة لها أو المرتبطة بها ضمن عمليات يمنية اسنادية لغزة في مراحلها التصعيدية المختلفة في البحر والجو.
دخول اليمن بقوة إلى المواجه أربك الحسابات الصهيونية وأجبر الكيان المؤقت على الدخول في معركة لم تتوقها وأمام عدو قوي ومجهول في جبهة بعيدة ومسرح عمليات يستنزف مواردها بشكل كبير
وتضرب العملية اليمنية الأخيرة الصورة التي طالما سوق لها الكيان المؤقت بأنه قوة عسكرية واستخباراتية مطلقة في المنطقة، لتأتي طائرة مسيرة يمنية وتصل إلى هدفها مستهدفة مطار رامون في عمق العدو رغم كل أنظمة الرصد والدفاع المتقدمة وذات التكنلوجيا العالية.
ضربة استراتيجية
ويثبت الهجوم اليمني أن المعادلة الردعية الصهيونية تتآكل تدريجياً فكلما توسعت جبهة المواجهة (غزة، لبنان، اليمن، وربما العراق مستقبلاً)، زادت هشاشة قدرة العدو الإسرائيلي على التحكم والسيطرة.
ويؤكد هذا الهجوم أن اليمن من جديد أصبح لاعباً إقليمياً فاعلاً قادرًا على توسيع دائرة المواجهة واستهداف العمق الاستراتيجي للعدو الصهيوني وأنه صاحب الدور الأبرز والمؤثر ضمن مسار معدلة الصراع العربي -الصهيوني
ويطرح فشل العدو الإسرائيلي في منع الهجوم رغم التنسيق مع الولايات المتحدة أسئلة حول مدى قدرة واشنطن على حماية حلفائها في المنطقة، ويعيد للأذهان إخفاقاتها في العراق وأفغانستان.
وتعكس العملية قدرة اليمن على فرض معادلة ردع جديدة، وإجبار الكيان على إعادة تقييم خططه الأمنية والعسكرية، ومراجعة حسابات حلفائه في المنطقة، بما في ذلك الولايات المتحدة، في ظل محدودية قدرتها على الحماية والتحكم، وعليه الدفع نحو فتح أفقًا لإعادة صياغة موازين القوى في المنطقة بما يجعل كل جبهة مواجهة محتملة عاملاً مؤثرًا في تحديد نتائج الصراع على المدى الطويل.