المنبر الاعلامي الحر

الجهاد في سبيل الله هو الحل لتجاوز النكبة

يمني برس | إبراهيم محمد الهمداني 

 

لم تكن نكبة عام 1948م، بحق الشعب الفلسطيني أرضاً وانساناً، مجرد فاجعة أليمة، ارتبطت فيها طبيعة الفعل الإجرامي، براهنيته الزمنية آنذاك، التي أصبحت من مخلفات الماضي، بما من شأنه الجزم منطقيا، بأن الفعل قد وقع/ حدث وانتهى، ولم يتبق من تلك النكبة الأليمة، سوى ما احتفظت به كتب التاريخ، من مضمون الجريمة العام، الذي تجتمع حوله التفاصيل، وتجمع عليه السرديات التاريخية، عند صياغة وتشكيل الوعي الجمعي، بحيث يصبح الماضي/ذكرى النكبة، أساساً لبناء الحاضر، ويبقى الانتصار على تبعيات ذكرى النكبة، إحدى مرتكزات صياغة المستقبل، ليتم بذلك الانتصار على ذكرى النكبة، وتجاوز أثارها وتداعياتها، التي تتلاشى بالتوازي مع مرور الزمن.

ربما كانت الثلاثه أو أربعة عقود، كفيلة بتجاوز سلبيات الضعف والانكسار، الناتجة عن فعل النكبة، لتصبح ذكرى النكبة دافعاً قوياً للأجيال، نحو امتلاك أسباب القوة، الكفيلة بمنع تكرار حدوث تلك النكبة مرة ثانية، والحيلولة دون تعرض المجتمع، لمأساة مماثلة مستقبلاً، ولعل ذلك ما يفسر سر تحول معظم المجتمعات والشعوب، التي تعرضت لنكبات في ماضيها، من مرحلة الاستضعاف والاستلاب، إلى مرحلة النهوض والتقدم والقوة، وتلك سنة إلهية حتمية في الحياة، عبر الأزمنة المتعاقبة، ولكن لماذا شذت الحالة الفلسطينية عن هذه القاعدة؟.

ما الذي جعل نكبة 1948م، سجناً دائماً من الضعف والهزيمة، تسير بالشعب الفلسطيني والعربي، نحو مزيد من الانكسار والاستسلام؟، ألم تكن زهاء ثمانية عقود من عمر النكبة الفلسطينية، كافية لإحداث التحول المطلوب؟.

 

مما لا شك فيه أن النكبات في طبيعتها العامة، تحمل طابع السلبية، المشحونة بمشاعر الخوف والفقد والألم الكبير، لكن الألطاف الإلهية، تجعل في كل محنة منحة، ومن هذا المنظور، يمكن القول إن نكبة 1948م، امتازت بطبيعتها القائمة على ثلاثة مرتكزات، منحتها القوة من أقصى درجات ضعفها، وتمثلت طبيعتها المميزة، في انتمائها الفلسطيني وقوميتها العربية وهويتها الإسلامية، وهي ثلاثة مرتكزات صنعت قوتها الجامعة، من عمق ضعفها وتشظيها، لكنها رغم ذلك، عجزت عن استغلال نقاط القوة لديها، وتجاوز ضعفها واستلابها، على مدى 77 عاماً، رغم المحاولات المستمرة من النضال إلى الدبلوماسية، إلى تدويل القضية، ولمعرفة السبب الكامل وراء ذلك، يجب الاعتراف بان نكبة الوعي الجمعي، كانت أخطر من نكبة الأرض، حيث تعمد العدو الإسرائيلي المحتل، اغتيال الوعي الجمعي الفلسطيني ثم العربي، وتكريس المفاهيم التي تعطل العقل وتشل الفعل، ومنها استبدال مفهوم جهاد المحتل، بمفهوم النضال والمقاومة، وتقديم مفهوم النكبة، في صورة ذكرى ماضوية، منقطعة الفعل والأثر، والاحتفال بها بوصفها جزءا من تاريخ المأساة الفلسطينية، بينما هي في حقيقتها، فعلاً إجرامياً توحشياً متصلاً بالفعل المتكرر والزمن المستمر، وأحداث وتداعيات النكبة، التي لم تتوقف يوما واحدا، لكي تصبح من عالم الذكرى، بل استمرت حتى بلغت مرحلة الاعتياد،

وأصبحت عمليات القتل والإبادة، والتهجير القسري والتدمير الممنهج، جزءا من الروتين اليومي، شاهداً على نكبة متصاعدة، على مدار 77 عاماً، الأمر الذي يؤكد أن التعاطي معها، بوصفها ذكرى أمراً يجانب الصواب والحقيقة، ويكرس نكبة الوعي، نظرا لكونها فعلا إجرامياً تصاعدياً متصلاً، من الماضي إلى الحاضر، وحدثاً وحشياً تدميرياً مستمراً بوتيرة تصاعدية، يجب الحد من تغوله وقطع أسباب قوته وتمكنه، وامتلاك عوامل الصمود والمواجهة، وفق مفهوم الجهاد في سبيل الله، من أجل سلب فعل النكبة فاعليته، وقطع تداعيات وممكنات استمراره، وصولا إلى الانتصار على ألم الذكرى، بمشاعر امتلاك القوة، وفرصة تحقيق الريادة والنهوض الحضاري مستقبلا.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com