المنبر الاعلامي الحر

إقـليمــان جـنوبـيان.. خــطوة شمــالية عـلى طـريق الإنفصال..

يمني برس _ أقلام حرة :
بقلم: هاشم شرف الدين

الكاتب والإعلامي هاشم شرف الدين
الكاتب والإعلامي هاشم شرف الدين

يقدم الاصلاح والمؤتمر ـ شريكا حرب 1994م على الجنوب ـ نفسيهما أكثر المكونات السياسية وحدويةً، من خلال رؤيتهما المشتركة ليمنٍ بستة أقاليم، اثنان في الجنوب، وأربعة في الشمال، ويتهمان المكونات السياسية الأخرى بأنها دونهما وحدويةً، أو أنها تعمل على تكريس الانفصال.
وتحت شعار “الحفاظ على الوحدة” جاءت رؤية الاصلاح والمؤتمر المشتركة ـ حول الأقاليم ـ لترفض فكرة الإقليم الجنوبي الواحد، كونها ترى أنه سيكون مقدمةً لانفصال الجنوب، فعمدت إلى أن ينقسم الجنوب إلى إقليمين، وهنا يبرز سؤال مهم: هل يحقق هذا التقسيم غاية تلك الرؤية؟..
يعرف اليمنيون أن المحافظات الجنوبية كانت سبع محافظات، أصبحت ثمان بتسمية سوقطرى محافظة مؤخراً، وأن تلك المحافظات تشكل ـ منذ بداية الوحدة وحتى الآن ـ جغرافية الجنوب..
وجاءت رؤية الاصلاح والمؤتمر لتستبدل المحافظات ذاتها بإقليمين، لم يضم أيٌ منهما حتى محافظةً شمالية واحدة !!..
وهذا يعني أننا أمام عملية تغيير في المسمى لا الجغرافيا، فمِن محافظاتٍ جنوبية خالصة إلى إقليمين جنوبيين خالصين، كما يعني أن الرؤية المشتركة تلك ليست وحدوية كما يروج لها، بل هي تكريس للهوية الجنوبية الواحدة، إذ كان يمكن للرؤية أن تكون وحدوية بحق لو أنها عمدت إلى مداخلة محافظات شمالية بجنوبية والعكس بين أقاليم الجنوب والشمال.
قد يقول قائل إن الحزبين عمدا إلى ذلك طلباً لقبول الجنوبيين برؤيتهما التي تقسم الجنوب لإقليمين مع ابقائها على وحدته الجغرافية كما هي دون أي تغيير جوهري، وإنهما بذلك قد قدّما تضحيةً من أجل استبعاد مشروع انفصال الجنوب، لكن الواقع هو أن الرؤية المشتركة لهما لم تهدف إلى ذلك بقدر ما هدفت إلى تفكيك الشارع الجنوبي الذي يريانه يلتف ـ يوماً بعد يوم ـ خلف قيادة سياسية جامعة له، تطالب ـ في أدنى ما تطالب به ـ بدولة فيدرالية بين إقليمين فقط “شمال وجنوب”..
يظن الاصلاح والمؤتمر أن وجود إقليمين في الجنوب، سوف يوجد قيادتين سياسيتين في الجنوب، سينشدّان تلقائياً إلى تقاسم النفوذ الجغرافي فقط وليس السياسي في الإقليمين، فعلي سالم البيض “الحضرمي” لن يكون له موقعاً في إقليم عدن مثلاً، كما سيتم استحضار كل إقليم لجراحات الماضي التي فرَّقت الجنوبيين جغرافيا وسياسياً، ومن شأن ذلك أن يسهل استمالة واحدة منها لصالح الحزبين، وسيسهل من مناورات شراء الولاءات، أو الوقيعة بين القيادتين، وبالتالي انتفاء امكانية التفاف الشارع الجنوبي حول قيادة جنوبية واحدة مستقبلاً تستمر في المطالبة بالانفصال.
إنه دأب الاصلاح والمؤتمر المعتاد في تفريخ المكونات والقوى السياسية، يلجأن للأساليب غير النزيهة دوماً في الصراعات السياسية التي يخوضانها، فبعد أن كان الجنوبيون قد رموا نزاعاتهم الداخلية خلف ظهورهم في مؤتمر التصالح والتسامح، سعى الحزبان لتفريخ مكون الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار، وما رؤية تقسيم الجنوب لإقليمين إلا خطوة على طريق تلك الأساليب ذاتها.
على الاصلاح والمؤتمر بأن يدركا أنهما إن واصلا نهج سياسة الفهلوة المستغبية لأبناء الجنوب ظنَّاً بنجاعتها في استمرار بقاء الوحدة اليمنية، فإن الانفصال آتٍ لا محالة، ولنا في تعاظم الحراك الجنوبي، وتزايد شعور الجنوبيين بضرورة الفكاك من هذه الوحدة التي يتلاعب بها نافذوا الشمال خير برهان..
عليهما أن يكفَّا عن تقديم نفسيهما قوى وحدوية ذات رؤى حكيمة تضمن وحدة اليمن، وعن التغرير على الشعب اليمني واستغبائه، متناسيين أنهما المكونان الوحيدان في اليمن اللذين أساءا للوحدة، وأنهما ـ بالحرب والممارسات الإقصائية والفاسدة في الجنوب، وبالتعامل مع الوحدة بعقلية الفيد والنهب ـ قد سبَّبا رغبة الجنوبيين بالانفصال.
فإن مراجعة بسيطة لسياسات الحزبين تؤكد لنا أن سياساتهما هي من تسير بالشعب نحو تكريس الانفصال، بدءاً بوحدة اندماجية مستعجلة 1990م، ثم حرب على الجنوب 1994م، مروراً بالقبول بدولة فيدرالية أبريل 2013م، ثم المناداة بدولة فيدرالية بخمسة أقاليم يوليو 2013م، وصولاً إلى طرح فكرة الأقاليم الستة خلال ديسمبر الجاري، مما يعكس فشلاً مشتركاً بين الحزبين في التوصل إلى رؤية مكتملة وناجعة، ناتج عن انعدام المصداقية في حل القضية الجنوبية.
ومع كل تلك السياسات الخاطئة أتسائل أنا “كشمالي”: ماذا بعد؟ وكيف لي أن أقتنع بأن هذا المنحنى من التفكير “الإصلاحي المؤتمري” لا يقود إلى الانفصال؟

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com