المنبر الاعلامي الحر

تنازُلات ثورية لتمديد المرحلة ” الكلفوتية ” .

يمني برس _ أقلام حرة :

بقلم / علي البخيتي :
البخيتي
تحدثت مع صحفي أجنبي قبل سنوات عن حجم الفساد الذي تمارسه سلطة الرئيس السابق صالح, و عند وصولي الى الفساد الذ ي يُمارس في المؤسسة العسكرية لم يستوعب الصحفي بعض ما قلته عن نوع وكمية الفساد في تلك المؤسسة, لم يكن كلامي صعباً ولا يوجد خلل في الترجمة, المشكلة أنه لم يصدق أو حتى يتخيل أن الرئيس كان يمنح رتباً عسكرية لبعض النافذين وأبناء المشايخ وبعضهم لم يتجاوز عمره الثانية عشرة, واحياناً كان يمنح الشيخ الفلاني عشر رتب دون أن يحدد الأسماء تاركاً المهمة للمستفيد ليختار من يشاء.
قلت للصحفي لا تستغرب من ذلك فرئيسنا قام بتحويل بعض الجبال والتباب لنافذين, بل وحول بعض السواحل لمسؤولين قاموا بإنشاء موانئ خاصة بهم “ميني ميناء” لإفراغ حمولة بعض القوارب بما عليها من ما قل وزنه وغلى ثمنه, وضربت له مثلاً بالميناء التابع للفندم ع م “المستشار حالياً”, وقلت له أن رئيسنا لجأ الى تحويل آلاف من أكياس مادة ” الإسمنت ” من مصنع عمران لنافذين بعد ان نشرت الصحف حوالاته المالية في التسعينات.
اليمن بلد العجائب فعلاً, فما حصل ويحصل فيها  من جرائم وفساد لا يمكن تصوره أو استيعابه, وآخر ذلك ما يحصل منذ فبراير 2011م, فقد اسمينا تحركنا ثورة, وطالبنا بإسقاط النظام, فهربت رؤوس النظام الفاسدة والملطخة بالدماء الى ساحات الثورة, وانتزعت قيادتها بسبب امكاناتها المالية والاعلامية, تصدر المشترك العملية السياسية متزعماً الخطاب الثوري, تُرك المجال في حينة للحزب الاشتراكي لصياغة ادبيات وشعارات الثورة, وتفرغ حمران العيون من الاخوان وغيرهم لتجهيز أنفسهم لاستلام السلطة.
فور وصولهم الى السلطة غير الإخوان من لهجتهم, “المدنية” أضافوا لها عبارة “وفقاً لضوابط الشريعة الاسلامية”, “الحقوق والحريات” اضيف لها “بما لا يتعارض مع النظام والقانون”, ” حقوق المرأة ” اضيف لها “وقرن في بيوتكن”, “المساواة ” اضيف لها “الرجال قوامون على النساء”, ” منع زواج القاصرات” اضيف لها “زوج بنت الثمان وعليا الضمان”, وهكذا تم افراغ الشعارات والرؤى التي رفعت في ساحات الثورة من محتوها عبر تأويلهم وفهمهم المغلوط للإسلام.
أعطيت الحصانة باسم الثورة, وقعت مبادرة المحاصصة باسم الثورة, استمر رئيس مخابرات صالح لعقود “غالب القمش” في عمله الى اليوم, رُقي علي محسن الى مستشار بصلاحيات رئيس, تقاسموا المناصب والغنائم ومارسوا فساداً في حكومة الوفاق لم يمارس خلال عقد كامل من حكم النظام الذي أشيع أنه سقط, كل ذلك باسم الثورة.
دخلنا في حوار وطني لنبني اليمن الجديد, فاذا بنا نُشَرع للمؤسسات القديمة, ويتمسك البعض بمجلس النواب والشورى, وكأن الهدف من مؤتمر الحوار هو ادخال المجلسين في ” موسوعة جينيتس ” للأرقام القياسية.
اليمن بلد العجائب فعلاً, اليسار في مؤتمر الحوار يتبنى رؤى يمينية, و بعض القوى اليمينية تتبنى رؤى مدنية, بعض النساء “الإخوانيات” في فريق الحقوق والحريات يعترضن على تجريم ضرب الرجل لزوجته ويدافعن بقوة عن زواج القاصرات, فيرد عليهن البعض قائلاً ” لا مشكلة سنستثني نساء الاصلاح من القانون “.
اتفقوا على مرحلة انتقالية من سنتين باسم الثورة, عجزوا خلالها عن القاء القبض حتى على ” كلفوت” ويريدون من مؤتمر الحوار التمديد لهذه المرحلة ” الكلفوتية ” المأساوية ولمجلس النواب وللرئيس هادي بكل السلطات, لكي تتعطل كل السلطات لسنتين قادمتين من جديد, تحت عنوان التوافق و لعدم وجود جهات رقابية جديدة تشارك فيها القوى المدنية التي يمكن ان تراقب وتضمن سير العملية السياسية بشفافية.
أصبحنا نخجل من كلمة ” ثورة “, وتحول أغلب “الثوار” الى “أثوار” تحرث عليهم مراكز القوة والنفوذ وتعطيهم مقابل ذلك الفتات.
قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com