المنبر الاعلامي الحر

تجربة المقاتل اليمني..مدرسة عسكرية غيرت فلسفة وعلوم الحروب وأنماطها الحديثة

تجربة المقاتل اليمني..مدرسة عسكرية غيرت فلسفة وعلوم الحروب وأنماطها الحديثة

 

 

زين العابدين عثمان

 

ما تزال التجربة القتالية التي صنعها المقاتل اليمني خلال مواجهته تحالف 20 دولة من اقوى واغنى دول العالم تمثل نقطة تحول استثنائية مذهلة في علم الحرب ومفاهيمها العسكرية والاستراتيجية المتعارف عليها ،فالتكتيكات والاساليب والتنظيمات والفنون القتالية المتميزة التي اكتسبها وابتكرها المقاتل اليمني تجعل من تجربته هذه احد اعقد التجارب العسكرية واكثرها جدلية عند ذوي الاختصاصات والمدارس الدولية للعلوم الحربية الحديثة ، فهي لحد الان ماتزال غير قابلة للتصنيف او التوصيف ضمن قائمة انماط واشكال الحروب  المتعارف عليها خصوصا  التي صنفها خبراء واساتذة حرب المدارس الكلاسيكية الغربية.

 

ولذلك سنستعرض هنا بعض انماط الحروب المعروفه والمشهورة قديما وحديثا بمختلف تفاصيلها ومفاهيما وهي :-

 

*الحرب النظامية( الكلاسيكية ) وتعرف بانها الحرب التي تخاض فيها معارك بين الجيوش النظامية المتصارعه على ارضية اهداف اما لدوافع استعمارية او لفرض توازنات قوى ،حيث يستخدم فيها شتى انواع الاسلحة البرية والجوية والبحرية واستراتيجات استخدام القوة المفرطة كنموذج الحرب العالمية الاولى والثانية وغيرها .

 

*الحرب غير النظامية (حرب العصابات) وهي صنف اخر من نمط الحروب  الاكثر شهرةمن بين جميع الانماط وذلك   لما لها من فاعلية ونتائج ميدانية مذهلة جيواستراتيجيا،حيث ترتكز على مبادئ اساسية مغايرة عن مبادئ الحرب النظامية حيث يستخدم خلالها مجموعات او فرق صغيرة منظمة من المقاتلين كبديل عن الجيش  النظامي وتنظيماته مع اعتماد تكتيكات واساليب وخطط عملياتية واستراتيجية قائمة على عوامل المواجهة الاستنزافية طويلة الامد ضد الجيش النظامي وارهاق هذا الجيش بهجمات استباقية مكثفة ومتواصلة،،وعادة ما تخوض هذه الحروب المقاومات الشعبية ضد التدخلات والنازيات الخارجية ومن نماذجها حرب العصابات الكوبية والفيتناميةوالمقاومة العراقية ضد الغزو الامريكي بعد اجتياح عام 2003 .

 

*حرب التنظيمات الارهابية وحرب المافيا وحرب الجماعات الاجرامية و هي انماط حديثة لها فلسفتها في علم الحروب التي قد  تشبه حرب العصابات الى حد ما في اساليبها  العسكرية ولكن هناك نقاط اختلاف جوهرية ومنها حجم الكم البشري والوسائل العسكرية وطبيعة الاهداف العملياتية المرسومة فحرب التنظيمات الارهابية قليلة جدا عدة وعديد مقارنة بحرب العصابات كما ان التكتيكات التي تعتمدها حرب هذه التنظيمات والجماعات مركتزة على عوامل ارهاب وارباك العدو بعمليات هجومية مصغرة تلحق خسائر بقواته مع مرور الوقت وفي طبيعة اهدافها فهي ذات ابعاد صغيرة لا تحوي اهدافا استراتيجية كبيرة كامتلاك القوة وفرض توازنات ردع مع قوات وامكانات الخصم.

 

بالتالي فالمقاتل اليمني او بالاحرى قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية مع انماط هذه الحروب المختلفة فهي تشكيلة لاتنتمي الى اي واحدة منها فالتكتيكات والمنهجية والمهارات والعقيدة القتالية وطبيعة اهدافها الاستراتيجية جميعها ذات طابع استثنائي فقد دمجت بين جميع انماط تكتيكات الحروب المختلفه وانتجت توليفة جديدة من التكتيكات والاستراتيجيات المثالية الاكثر فاعلية وتعقدا على ساحات المواجهه والحرب ،فقد ٲخذت تكتيكات الجيوش النظامية و اخذت تكتيكات (حرب العصابات ) وحرب المجموعات الصغيرة في الوقت نفسه.

 

لهذا فقوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية التي تواجه لاربعة اعوام تحالف السعودية والامارات مع تحالف اقليمي ودولي لايمكن لحد الان ان تصنف لاي مدرسة عسكرية سوى انها قوة جديدة لها مدرستها الخاصة التي استطاعت رفدها بتوليفة مبتكرة من العلوم العسكرية الحديثة والكلاسيكية ذات الابعاد والاهداف الاستراتيجية الكبيرة التي من ضمنها الحفاظ على الارض والدفاع عنها والعمل على صنع وتطوير الامكانات المتوفرة للوصول الى  القوة المطلوبة للردع والحسم وفرض توازنات ارغامية مع العدو تدفعه لاعلان الهزيمة والانسحاب.

 

لذا فنحن نرى حاليا ان قوات الجيش واللجان تخوض حربا ليست من اي نمط يمكن تعريفه وبالنظر لبنيتها الهيكلية واستراتيجياتها سنجد انها تخوض حربا تحررية قبل ان تكون حربا لمجرد الاستنزاف او الاقتصار على الدفاع بل تعتمد في اساليبها على مبادئ وتكتيكات راسخة وجامعه تشمل بنود من اساليب الحرب النظامية والحرب الغير النظامية في وقت واحد اي انها تتصدى  وتستنزف العدو كما تفعله العصابات وتدافع وتهاجم وتحرر الارض التي احتلها العدو وتضرب العمق الاستراتيجي والحيوي للعدو في عقر داره  عبر عوامل قوة رادعه ابتكرتها تدريجيا كالصواريخ الباليستية او هجمات جوية وبحرية كما تفعله الجيوش النظامية.

 

في الاخير  يبقى التسائل حول ماهي المدرسة التي تنتمي اليها القوات اليمنية التي استطاعت كسر حربا كونية قوامها  20 دولة  ، غير قادر للوصول الى اجابات شافية ومقنعه ولكن نستطيع ان نقدم توصيفا تقريبيا وهو ان هذه المدرسة تعتبر” مدرسة شاملة للعلوم والفنون العسكرية التقليدية وغير التقليدية تتخللها فنونا واساليب جديدة من براءة اختراع المقاتل اليمني الذي طورها خلال الحروب الوجودية التي خاضها على مر التاريخ و الى اليوم

 

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com