المنبر الاعلامي الحر

بحصاره للمشتقات النفطية .. العدوان يقتل اليمنيين بمفصلة الامم المتحدة

بحصاره للمشتقات النفطية .. العدوان يقتل اليمنيين بمفصلة الامم المتحدة

يمني برس – تقرير / محمد الصلوي

 

لم تستطيع السعودية حفظ ولو النذر القليل من ماء وجهها المراق امام العالم جراء الصفعات التي تلقتها في الايام الاخيرة ” استهداف ارامكو .. وعملية نصر من الله ” اغلقت في وجهها كل الابواب الدبلوماسية وتلاشت كل الخيارات العسكرية فلجئت كعادتها لزيادة الحصار و التضيق الخناق على اليمنيين عن طريق منع وصول السفن المحملة بالمشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة ، وكأنها حينما تشاهد اليمنيون يتضورون جوعا ويموتون بالتقسيط قد يشعر بنصر ضئيل وسط كل هذه الهزائم ،لهذا فمنذ اسابيع يقوم تحالف العدوان بإحتجاز السفن عرض البحر ، الأمر الذي فاقم الوضع الانساني المتدهور اصلا في البلاد ، وفاقم معاناة اليمنين على كافة الاصعدة .

 

مرضى المستشفيات … الموت البطيء
قبل ايام شاهدت رجل لم استطيع تقدير عمره فهنا يشيخ الانشان وهو في زهو الشباب ، شاهدته امام مستشفى الجمهوري بالعاصمة صنعاء ، يحمل بيده اليسرى ” كيس ” أدوية ويقف مشدوها تفاصيل وجهه تشبه تفاصيل هذا البلد المنهك ، يقف منحني الظهر وكأن الفضاء سقط على صدره دفعة واحدة ، يتلفت يمينا ويسارا لعل أحد يأتي من بعيد يبشره بأن مادة الديزل اصبحت متوفرة ، وبستطاعته اجراء جلسة الغسيل الكلوي المقررة له اسبوعيا ، كانت عيناه المثقلتين بالهم تتمنى ذلك ،يداه المرتعشتان تحلم بذلك ، كيف لا وقد تمنحه الجلسة الواحدة اسبوع في عمره وحياته ، لكن ذلك لم يتحقق ، فحينما شعر بأن الخذلان حاط به من كل جانب ، تمت بصوته مبحوح مبتهلا ” لله ” رافعا راسه للسماء ” يارب انظر لحالنا يالله ” بعدها خطى بضعة خطوات قبل ان يمسك بيديه ابنه الشاب الذي بالنظر إليه تدرك ان ملامح روحه تشبه ملامح وجه ابيه رغم صغر سنه ، لكن ان تشاهد والدك يتقطع من الالم وجل ما يحلم به جلسة غسيل واحدة وانت ولا تستطيع ان تفعل شيء فكفيل بأن تخسرك عشرة اعوام من عمرك حتى لو كنت في مقتبل العمر ، ذهبا معا وهم منكسرين عدا من أمل بالله .

 

هذا الرجل حالة واحدة من الالاف الحالات لمرضى يمنيين يعيشون اواضاعا صعبة للغاية ، جراء انعدام مادة الديزل ، فهناك الكثير ممن يعيشون الموت البطيء ، ففي الوقت الذي يعاني فيه القطاع الصحي لتدهور جراء حرب والحصار ، الذي بسببه مات المئات بسبب انعدام الادوية او تدمير المستشفيات او عدم توفر الاجهزة الازمة ، بحسب تقارير من منضمات دولية ، اقدمت قوى العدوان لمنع دخول المشتقات النفطية ، لتعميق ماساة هولاء المرضى ، لتحول احلامهم بالحصول على علاج إلى كابوس يجثم على صدورهم وقد يقربهم للموت او يجعلهم يتمنوه جراء ما عانوه من الم وأنين .

 

المرضى اليمنيين والقطاع الصحي أكثر المتضررين من انعدام المشتقات النفطية ، فتتضاعف معاناة المرضى ، فالوضع الذي تشاهدة لهولاء المرضى في المستشفيات التي تنضال من أجل توفير العلاج لهم وضع يجعلك تشعر وكأن مسامير تعبر شرايينك ، تشاهد وتسمع قصص ملئية بالحزن الكبير ، الحزن والالم الذي يشعرك وكأن احد تمسك بعمودك الفقري وهزه هزا .

 

خلال خمس سنوات الحرب دمرت قوى العدوان القطاع الصحي ،وفرضت عليه حصار جوي وبحري وبري، وفرضت حصار على مطار صنعاء ، الأمر الذي جعل الحصول على علاجك المقرر لك ” نصر” يستحق الاحتفاء فكيف لو حصلت على جهاز طبي يشخص لك المرض او جلسة غسيل للكلى فهو أمر يحستق أكثر من الاحتفاء واطلاق التهاليل ،أما اذا استطاع احدهم السفر من مطار صنعاء ، فهذا قد يجعل المريض يفارق الحياة فرحا ، هذا ببساطة كان وضع المرضى والقطاع الصحي في البلاد خلال سنوات الحرب ، وكانت صنعاء دائما تطلق مناشدات أخرها قبل ايام عن طريق وزارة الصحة التي أطلقت نداء استغاثة وتحذير من توقف 120 مستشفى و 3 آلاف مركز صحي في البلاد بسبب انعدام المشتقات النفطية .

 

هذا الوضع الذي أصبحت جميع المنظمات الدولية تتحدث عنه وتصفه بالكارثي لكنها لم تفعل شيء حياله ولم تضغط على العدوان للتخفيف على اقل تقدير من معاناة هولاء ، ففي الوقت الذي تتحدث تلك المنظمات على الوضع الانساني المخيف في اليمن ، يقدم العدوان على منع سفن النفط من الوصول ، في خطوة لا هدف لها عدا تعميق جراح اليمنيين الغائرة وقتل اليمنيين بشكل جماعي .

 

 

المواطن البسيط … حياة الجحيم .
ليس فقط القطاع الصحى والمرضى من تفاقمت معاناتهم جراء حصار العدوان لسفن النفط ،لكن كل جوانب الحياة تضررت ، فالمواطن البسيط الذي فقد عمله خلال الحرب ، واتجه للعمل بوسائل المواصلات ، تحولت حياتهم إلى جحيم مظلم ، فمثلا يجلس هذا الرجل الثلاثيني القرفصاء محاذاة ” دراجته النارية ” أمام احدى المحطات في العاصمة صنعاء وقبله سرب طويل ينتظر بفارغ الصبر متى يتناقص هذا الطابور ويأتي دوره ليعبئ دراجته وينطلق للعمل ، كان يتحدث لأطفاله بأنه سيعود في المساء ومعه عشاء اليلة ولن يتأخر مثل البارحة وتركهم ينامون جياعا ، لم يكن يدرك اطفاله وهم يسمعون صوته الجهوري بأن قوى العدوان هيا من منعت عنهم عشاء البارحة وجعلت والدهم يتأخر منتظرا متى سيأتي دوره ليحضى بخمسة لتر بنزين .

 

امام هذه المحطة في منطقة مذبح ، يقف المئات من اصحاب الدراجة النارية في طابور طويل ، ولكل واحد منهم قصة وحكاية ، لا تخلوا من الالم والمعاناة ، فهولاء أغلبهم خسروا أعمالهم اثناء الحرب وبحسب الامم المتحدة يقدروا بـ 3مليون بالاضافة دمرت قوى العدوان المؤسسات الحكومية والمصانع وفرضت حرب اقتصادية ، جعلت المواطن اليمني يلتجئ لأي عمل يوفر له قوت يومه ، من ضمنهم هولاء الذي اصبحوا سائقي دراجات نارية ، لم تتوقف هنا السعودية لتعمق الماساة لكنها الان منعت المشتقات النفطية ، ليجد هولاء انفسهم امام جحيم حقيقي لايعرفون متى سينتهي ولم يشتكون ، فو كان هناك عالم انساني ما قامت الحرب من الاساس ، في المقابل هناك في محطة أخرى ينتظر سائق باص متى سيأتي دوره ليعبئ باصه ، ينتظر وعلى كاهله كوكب من الالم ، كيف لا وهو يقاتل بشكل مستميت من أجل الاستمرار بالحياة وسط كل هذا الاجرام التي ترتكبه قوى العدوان التي جعلت الحصول على مبلغ بسيط نهاية اليوم عمل جبار بنسبة له ، اما الان فاصبحت حياتهم أكثر سوداوية وقتامه وبؤس .

 

ليس هولاء العاملين من تعطلت اعمالهم وتأثرت حياتهم ، بل كا جاونب الحياة في العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى تأثرت فيها جميع الجوانب ، واصبح الوضع مرشحا أكثر لتفاقم خصوصا مع بدأ نفاذ مخزن الديزل لمكتب التحسين والنظافة ، وبدأت القمامة بالتكدس في بعض شوارع العاصمة ما ينذر بإنتشار الاوبئة والأمراض المليئة فيها البلاد اصلا منذ بداية الحرب ، الامر الذي جعل منظمة انقذوا الطفولة الدولية تطلق تحذير بأن مئات الأطفال والعائلات سيتضررا نتيجة لانعدام المشتقات النفطية وقالت بأن هناك خطراً متزايداً من حدوث انتشار واسع في الكوليرا وغيرها من الأمراض التي تنقلها المياه ، لأن أنظمة فلترة المياه غير قادرة على العمل والشاحنات التي تحمل مياه آمنة تنتظر الوقود، وتحذيرات أخرى من منظمات دولة ، لكنها تظل مجرد تحذيرات لا تلقى اذان صاغية عند الامم المتحدة وقوى العدوان

 

الامم المتحدة .. الموقف العاجز والصمت المريب .
امام هذا الواقع المخيف والصادم الذي يعيشه الشعب اليمني ، اقف الأمم المتحدة كسيحة وعاجزة عن القيام بأي فعل حقيقي ، خصوصا وما يقوم به العدوان خرق لإتفاق السويد الموقع برعاية الامم المتحدة وينص على عدم احتجاز السفن القادمة إلى ميناء الحديدة ، ومع ذلك صمتت الامم المتحدة ووقفت موقف المتفرج لشعب كامل يموت كل يوم ، الامر الذي مصداقية الامم المتحدة و المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية على المحك لتلافي كارثة حقيقة جراء احتجاز العدوان سفن المشتقات النفطية، وكأن جرائم القتل والحصار المفروض على اليمن منذ قرابة الخمس سنوات لم يكن كافياً لخلق أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة نفسها بأنها الأسوأ في العالم.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com