المنبر الاعلامي الحر

أنت رئيسي وأنا شيخك….

اسماعيل المحاقري

وكأن هذا الاتفاق هو من سير شؤون البلاد والعباد منذ أن تولى الرئيس علي عبدالله صالح زمام الحكم في اليمن وحتى وقتنا الحاضر.
وربما هو الشرط الذي اشترطه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر على الرئيس صالح لدعمه، والوقوف إلى جانبه كي يكون رئيسا فعليا لليمن..في الوقت الذي كانت فيه الساحة اليمنية تعج بالصراعات الداخلية والمماحكة السياسية.
حيث كان يتوجب على علي عبدالله صالح كي يكون رئيسا أن يستقطب لصفه وجهاء القبائل ومشائخها، وقد كان الشيخ عبدالله الأحمر من كبار المشائخ في اليمن ..لا بل كان شيخا لمشائخ اليمن قاطبة، والقاسم المشترك بينه وبين الرئيس هو انتمائهما لقبيلة حاشد أهم قبيلة في اليمن.
تعتبر القبيلة في اليمن الوجه الآخر لأي سلطة باعتبار المجتمع اليمني مجتمعا قبليا تحكمه الأسلاف والأعراف، ودائما ما يكون ولائه للقبيلة التي ينتمي لها أو الشيخ الذي يمثله ويتزعمه، وتولى صالح حكم اليمن بدعم من الشيخ الأحمر والذي يبدو أنه أوصاه أو اشترط عليه بأن يظل على علم أنه لولاه لما كان رئيسا، وعليه أن يعي أنه وان كان رئيسا للشيخ الأحمر الذي سيظل بدوره شيخا على الرئيس.
عموما فإن منزلة الشيخ آنذاك كان لها دور حقيقي في الحل والربط والتدخل في شؤون البلاد من قريب أو من بعيد، ما بالك بشيخ مشائخ اليمن، فمن البديهي أن تكون سلطته أعلى من سلطة الرئيس نفسه ،خاصة بعدما واجهه المشائخ من محاربه وإقصاء من الرئيس الحمدي الذي كان يؤمن بدولة مدنية حديثة وعمل بكل جهده على تقليص وإلغاء دور القبيلة وتدخلها في الشؤون السياسية تماما.
اختزل حكم اليمن مابين الشين والراء واتفقا على تسيير شؤون الدولة، وظلا متفقين عشرات من السنين، يتقاسما الغلول والواجبات، ويصدرا الأوامر بالأمر والنهي ، والتعيين والإقالة دون أن يشاركهما أحد، وما إن توسعت مملكتهما، وشبوا أولاد الشيخ الذين عاثوا في الأرض فسادا، ما بين قتل ونهب وكبر وخيلاء دون وازع أو رادع.
في المقابل فالرئيس كثر أقاربه وإخوانه وأصدقائه وكل يبني مملكته من أموال الشعب الذي أصبح بين نارين حمراوين (أحمر سنحان، أحمر حاشد)،أهلكت حرثه ونسله، سلبت عقله وماله .
اشتدت المنافسة فيما بينهم!! وتسابقوا في من يحقق الأرباح ،ويجني الأموال.

عملوا في صمت دون أن يعترض أحدهما الآخر واتجه كل نفر منهم لتحقيق إقطاعيته الخاصة، فشربوا ماء هذا الشعب، وأحرقوا نفطه وغازه وباعوا أرضه وممتلكاته فالحدود رسمت والثمن أخذوه، والكبر والعناد وحب المال، هي من رسمت مستقبل هؤلاء، ويعتبر أحد أولاد الشيخ ،أهم من رسم ذلك، بعدما أنشأ لنفسه ملكا لا ينبغي لأحد من قبله أو من بعده خاصة في اليمن.. بالرغم من تخفيه تحت مظلة الاستثمار حيث فتحت له الموانئ على مصراعيها، لاستيراد الممنوع والمرغوب وفتحت له كل المظاريف المؤدية إلى ميزانية الدولة، إلا أن ذلك لم يشبع غريزته في حب المال والجاه.
الأمر الذي أدى في الأخير لنبش الأوراق وإيجاد المبررات لنقض العهد الذي كان بين والده والرئيس، فقاعدة أنت رئيسي وأنا شيخك انتهى مفعولها حتى من قبل موت الشيخ عبدالله الذي كان يردد بأن الرئيس لم يعد يسمع لأحد، فكانت أحداث 2011م التي عصفت، وما زالت ببعض الدول العربية منها اليمن، والمطالبة بإسقاط أنظمتها، إضافة إلى المقدمات التي سبقت هذه الأحداث بين حميد الأحمر والرئيس صالح وأقاربه من مهاترات إعلاميه وشتم هنا وتحد هناك الفرصة في تحقيق مآربهم الشخصية.
وما إن خرج الشباب إلى ساحات الاعتصام بقصد الإطاحة بالنظام في اليمن ، ما كان من حميد الأحمر إلا أن يحشد كل قوته الحزبية والقبلية وحتى العسكرية، حيث انظم إليهم اللواء علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع الذي حقق لهم نوعا من التوازن العسكري خاصة وأن الرئيس يحتفظ بمعظم القيادات العسكرية للإجهاز على النظام لأسباب شخصية، ومصالح دنيوية وحزبية.
والحقيقة أن خروج أولاد الأحمر وحلفائهم داعمين لشباب الثورة وحارسين لهم هي كذبه كشفت عنها الوقائع والأحداث التي مرت باليمن طيلة الأشهر السابقة، فخروجهم في الأساس أجهض الثورة لأنهم يعتبرون شركاء النظام في كل شيء، وكانوا أحد ركائزه التي يرتكز عليها لأن قاعدتهم (المصلحة أبقى من كل شيء).
ورغم ذلك فقد أشعلوا الحرب في معظم أحياء العاصمة وحلت اللعنة على كل من كان يجاورهم، وقدموا القرابين من شباب اليمن من حاشد أو غيرها ، وأيقضوا نار الفتنة، وأهلكوا اليمن وأهلة، وما إن أحسوا أنهم حققوا مبتغاهم، وتقاسموا السلطة تركوا الشعب على ناره التي أشعلوها هم.
والحق يقال أن الأحمرين هم سبب تعاسة اليمنيين وهم البلاء الذي أصاب اليمن منذ سنوات، وصدق من قال أن هؤلاء القوم لا يهمهم سوى مصالحهم الدنيوية فإن اتفقوا نهبوا خيراتنا، وأن اختلفوا قتلوا أبنائنا وأهلكوا حرثنا ونسلنا.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com