المنبر الاعلامي الحر

الحوثيون وحملات الشيطنة الإعلامية

الحروب الدعائية والكيد الإعلامي هي أساليب موجودة عبر التاريخ ويستخدمها الكثير من المتخاصمين والمتنازعين لتشويه صورة الطرف الآخر وبالتالي التأثير على معنويات أتباعه ومناصريه وتأليب الآخرين عليه.
ظهر في عالمنا المعاصر مفهوم جديد هو مفهوم “الشيطنة” وهو الذي يصف السياسة الإعلامية التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية –بشكل خاص- في التعامل مع بعض خصومها وخصوصا في عالمنا العربي والإسلامي والتي تعتمد على حملات إعلامية موجهة و تنطوي على كم هائل وضخم من الإشاعات والمغالطات والأكاذيب، وهو ما يرمي في النهاية الى تكوين صورة قبيحة ومقززة “شيطانية” للخصوم أمام الرأي العام و يمهد الطريق لصانع القرار الأمريكي لإتخاذ أي إجراء عسكري أو سياسي يراه مناسبا. ولقد رأينا الكثير من حملات الشيطنة التي إستهدفت (ولا تزال) دولا وجماعات مناوئة للمشاريع الأمريكية والإمبريالية والصهيونية مثل كوبا ، الاتحاد السوفيتي ، إيران ، العراق ، الجماعات الاسلامية المقاومة (حزب الله ، حماس ، ..).
جماعة الحوثيين (كما يسميهم الآخرون وأنصار الله كما يطلقون على أنفسهم) هي إحدى أحدث الجماعات التي تتعرض لحملات شيطنة ممنهجة تقودها جماعات محلية وإقليمية ودول إقليمية -تدور معظمها في الفلك الأمريكي-. هذا الإستهداف يأتي من بسبب عدد من الأبعاد والخلفيات لعل أهمها الخلفية المذهبية الشيعية “الزيدية” لجماعة الحوثيين أو على خلفية الخط الفكري والسياسي الذي تتبناه الجماعة والمناوئ في أدبياته وتوجهاته للمخططات الأمريكية والإسرائيلية التي تتربص بالأمة العربية والإسلامية عموما وبالوطن اليمني بشكل خاص من خلال الأساطيل البحرية الأمريكية والطائرات (بطيار وبدون طيار) والنشاط (الأكثر من دبلوماسي) للسفارة والبعثات الأمريكية.
إن من يمكن لنا أن نسميهم خصوما للحوثيين يشملون تلك الجماعات الدينية الوهابية المختلفة (تاريخيا) مع المذهب الزيدي والتي لا تؤمن بـ (بل وترفض) التعدد المذهبي والطائفي ونراها تتصادم مع مخالفيها (وأحيانا كثيرة فيما بينها) في كل أنحاء العالم الإسلامي. تشمل قائمة خصوم الحوثيين مجموعة من السياسيين والصحفيين والإعلاميين الدائرين في فلك الإعلام السعودي المهووس بكل ما يتعلق بإيران سواءا أكان حقيقيا أم زائفا، وهذه المجموعة في غالبيتها تنتمي الى حزب الإصلاح الديني.
تعتمد السياسة الإعلامية لشيطنة الحوثيين على مقدار ضخم وسلاسل طويلة من الإشاعات والأكاذيب والدعايات وأنصاف الحقائق التي تتناول معتقدات الحوثيين وسلوكياتهم وتعاملاتهم مع محيطهم، ويتم الترويج لهذه الحملات الإعلامية من خلال عدد كبير من منابر وحلقات المساجد الخاضعة للفكر السلفي وكذلك من خلال عدد كبير من الصحف اليومية والأسبوعية والمواقع الإخبارية الإلكترونية وبإسناد من فضائيات عربية إخبارية (قناة العربية) والفضائيات ذات التوجه الطائفي (السلفية). تهدف هذه الحملات أساسا الى تشويه صورة الحوثيين لدى الرأي العام المحلي بشكل أساسي والحد من التأييد الكبير الذي يحظون به بعد إسهاماتهم الكبيرة في الثورة الشبابية الشعبية وبعد الصورة الإيجابية التي عكسوها بسلوكهم في الساحات السلمية وقدرتهم على التأقلم والتعايش والتفاهم مع أطياف الشعب الممثل في الساحات بل وفي المناطق المحيطة لمركزهم في محافظة صعدة.
قد تبدو تلك الحملات للوهلة الأولى سلبية تماما الا أن لها العديد من الجوانب الإيجابية من وجهة نظري إذا ما تعامل الحوثيون معها بالشكل المناسب. فالحركة الحوثية تتمدد أساسا في محيط تعرفه أساسا كون له نفس الخلفية المذهبية الزيدية وهذا المحيط يشمل الجزء الشمالي من اليمن كاملا وبالتالي فأرضية هذا المحيط متجانسة من الناحية المذهبية وحملات التشوية (الدينية) ستفشل على أرض الواقع بسبب هذا التجانس، بل وعلى العكس تماما ستكون في صالح الحوثيين لإنها ستنزع المصداقية من خصومهم (بسبب الأكاذيب) وتعطيها للحوثيين إذا ما تم التعاطي مع تلك الأكاذيب (عدم تجاهلها) وفضحها وتوضيحها للمواطنين في تلك المناطق. أما المناطق التي ليس لها خلفية مذهبية زيدية فإن فضائح النظام وشركائة بالإضافة الى سرعة إفتضاح عنواين هذه الحملات الدينية أو السياسية كفيل بإعطاء الشعب المزيد من الثقة والطمأنينة بإتجاه الحوثيين.
نقطة أخرى إيجابية للحوثيين المستهدفين بحملات الشيطنة، وهي المتعلقة أيضا بمساس تلك الحملات بالمذهب الزيدي مباشرة وبما يمكن أن يؤدي الى مساس مباشر بالهوية الزيدية لإبناء المذهب الزيدي كافة بل وحتى بالاستهداف الجسدي الطائفي للمنتميين للمذهب الزيدي عدا عن الإستهداف الإقتصادي والثقافي والتعليمي الذي كان حاصلا في السابق وكان له تأثير كبير بسبب عدم تكافئ الإمكانيات بين الساعين الى تحطيم الهوية المذهبية الزيدية والمدافعين عنها. هذا الشعور سيفضي بالنهاية الى مزيد من التفاهم والتعاون بين أقطاب المذهب وبالمحصلة سيستفيد الحوثيون من ذلك كونهم الأبرز حاليا في الساحة الزيدية والأكثر تنظيما.

 

بقلم .. محمد العلوي

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com