تركيا الذراع الأمريكية الثانية في المنطقة بعد “إسرائيل”
تركيا الذراع الأمريكية الثانية في المنطقة بعد “إسرائيل”
يمني برس:
يعتقد الكثيرون بأن ما يقوم به النظام التركي بقيادة أردوغان محاولة جادة لاسترجاع حلم الإمبراطورية العثمانية، لكن وقائع العالم المعاصر أثبتت أن أحلام الإمبراطوريات القديمة قد تلاشت واندثرت، وإلا لاستيقظت أحلام الإمبراطوريات التي سادت العالم من قبل ومنها الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية وغيرهما الكثير، ومن ضمن ذلك الإمبراطورية البريطانية التي كانت كما يقال “لا تغيب عنها الشمس”.
في هذا السياق أشار مقال تحليلي نشره مركز الدراسات الإستراتيجية العالمي إلى أن تركيا اليوم باتت الذراع الثانية للولايات المتحدة الأمريكية بعد “إسرائيل” في منطقة الشرق الأوسط، ونفذت دورها بإتقان، وخاصة فيما يتعلق بما يسمى “الفوضى الخلاقة” في المنطقة والتي بشرت بها واشنطن.
وأضاف المقال: دور أنقرة في المنطقة بات مكشوفاً، وهو دور أمريكي تنفذه أنقرة لصالح سيدها.
وجاء في المقال: لم تتوجه أنظار تركيا إلى العالم العربي إلا بعد إدراكها الفشل ولو مؤقتاً في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي يدرك أن تركيا ليست سوى ذراع تحاول من خلالها الولايات المتحدة زعزعة الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد محاولات للانضمام بدأتها منذ العام ١٩٨٧، لافتاً إلى أن حزب “العدالة والتنمية” برئاسة أردوغان، مثل منذ العام ٢٠٠٢ مطامعه الجديدة في العالم العربي والتي عبرت عنها الأجندة الخارجية للرئيس التركي، حيث اعتمدت على تحالفات مع “الإسلام السياسي” وترتيبات مع قطر وجماعة “الإخوان المسلمين”.
ورغم مزاعم أردوغان المتكررة عن أنه “لا يبحث عن زعامات للعالم الإسلامي بقدر ما يبحث عن شراكات”، إلا أن أردوغان هذا مازال يبحث عن الوسائل التي تضمن له موطئ قدم في المنطقة.
وأوضح المقال أن تركيا اعتمدت في محاولات توسعها في العالم العربي على عقد تحالفات مع شريك يتفق معها في طابعها وإيديولوجيتها ليكون حاضنة لمشاريعها في العالم العربي، هذا الشريك هو جماعة “الإخوان المسلمين” التي ترعاها قطر، وتروج لها مع غيرها بقوة منذ العقد الأخير من القرن العشرين.
وبين المقال أن تركيا التي وضعت نفسها في قلب الأزمة الخليجية منذ بدئها منتصف العام ٢٠١٧ وقفت مباشرة إلى جانب حليفها الاستراتيجي قطر التي تبلغ حجم الاستثمارات بينهما أكثر من ٣٥ مليار دولار أمريكي، كما أنهما يشتركان بإيواء ودعم أشخاص ومحطات إعلامية تعمل على مهاجمة الكثير من الدول العربية من الخارج وخصوصاً ممن ينضوون تحت جناح جماعة “الإخوان”.
وأكد المقال أن وجود الآلاف من الجنود الأتراك في قطر اليوم يعد انحيازاً تاماً من أردوغان لمصلحة قطر، على الرغم من أنه يدعي “لعب دور الوساطة” في الأزمة حسب رأي خبراء في شؤون الشرق الأوسط.
هذا وتحاول تركيا الإبقاء على علاقاتها ومصالحها مع أوروبا بطريقة أو بأخرى، مترافقة مع خطابها الذي يروج إلى أن القضايا العربية “هي بمنزلة قضايا داخلية تركية يجب التدخل فيها”، كما أنه وبإيحاء ومباركة أمريكية امتدت تركيا إلى إفريقيا العربية، إذ امتدت مثلاً إلى جزيرة سواكن الواقعة على البحر الأحمر، وأعلنت أنها “ستقوم بتأهيلها وإدارتها لفترة زمنية غير محدودة”، ورداً على ذلك الحدث الذي شكل تحركاً تركياً تجاه الدول العربية الإفريقية، قال منير أديب، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي: لا يمكن عزل الدور التركي في القارة السمراء عن طبيعة الصراع في هذه المنطقة، وتحديداً في منطقة البحر الأحمر، خاصة بعد تسليم مصر جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، حيث يرجح أن تركيا تسعى لإقامة قاعدة عسكرية بجزيرة سواكن، خلافاً للتصريحات التركية “بجعل الجزيرة مركزاً سياحياً”.
وفي الختام، يعد الدور التركي في الأزمة الليبية الحالية الشاهد الحقيقي على دور الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا التي استخدمت ذراع تركيا في تأجيج الأزمة الليبية وخلط الأوراق، إذ لم تعلن الولايات المتحدة أي موقف رسمي تجاه الأزمة الليبية، بعكس الدول المهتمة بهذه الأزمة وخاصة الدول الأوروبية، بل أطلقت العنان لذراعها تركيا بالتحرك العسكري داخل ليبيا.